حكم قص الشعر في عشر ذي الحجة

حكم قص الشعر في عشر ذي الحجة

حكم قص الشعر في عشر ذي الحجة سؤال هام يبحث عن اجابته الشخص الذي ينوي التضحية في عيد الأضحى المبارك، وقد أعدّ العدة ليوم النحر، هذا اليوم الذي يتقرب فيه لله عز وجل، وعليه أن يعرف الشروط والأحكام الشرعية المرتبطة بهذا الأمر، ويعرف ما يجوز له أن يفعل، وما يجب أن يمتنع عنه خلال هذه الأيام حتى يأخذ كامل الأجر والثواب.

حكم قص الشعر في عشر ذي الحجة

فيما يلي تفصيل لحكم قص الشعر في عشر ذي الحجة للشخص الذي يرغب بأن يضحي:

  • رأي علماء الحنفية: يرى العلماء الأحناف أنه يجوز للمضحي أن يأخذ من شعره وأظافره خلال الأيام العشر الأولى من ذي الحجة.
  • رأى علماء الشافعية والمالكية: يرى هؤلاء العلماء أنه من المستحب ألا يأخذ المسلم المضحي شيئًا من شعره وأظافره خلال هذه الأيام.
  • رأي علماء الحنابلة: يرى الحنابلة أنه يُحرم على المسلم المضحي أخذ أي شيء من شعره و أظافره في هذه الأيام.
  • رأى جمهور العلماء: اتفق العلماء أنه من المستحب – ليس من الواجب – على المسلم الذي ينوي التضحية أو من علم أنه سيضحى عنه في يوم النحر ألا يأخذ شيئًا من الشعر والأظافر أو شيئٍا من بشرته، وذلك بداية من اليوم الأول من شهر ذي الحجة وحتى يوم النحر.
  • يرى العلماء:  أن الالتزام بعدم قص الشعر واللحية والجلد والأظافر يبدأ من رؤية هلال ذي الحجة حتى يفرغ المسلم من الأضحية تمامًا، وأن هذه الأمور ليس محرمة ولكنها مكروهة كراهة تنزيه، ويؤكد الفقهاء أن مخالفة ذلك لا يبطل الأضحية، وأن من لم يلتزم بهذا الأمر فلا إثم عليه وأن أضحيته صحيحة وليس عليه كفارة.

شاهد أيضًا: حكم صيام العشر من ذي الحجة 

سبب عدم قص الشعر في عشر ذي الحجة

  • يرى العلماء أن القول بعدم قص الشعر والأظافر واللحية في عشر ذي الحجة هو أمر مستحب وهو سُنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد روت أم سلمة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:” مَنْ كَانَ عِنْدَهُ ذِبْحٌ يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَهُ فَرَأَى هِلالَ ذِي الْحِجَّةِ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلا مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ”.
  • يرى العلماء أن السبب في ذلك هو مشاركة حجاج بيت الله في مناسك الحج والتشبه بهم فيما يفعلون من طقوس وخطوات.
  • قال في هذا الشأن الإمام النووي أن السبب وراء النهي عن الأخذ من الشعر والأظافر في العشر من ذي الحجة هو الحرص على بقاء جميع أجزاء جسم المسلم المضحي كاملة ليعتق الله كامل بدنه من النار.
  • يرى الإمام التوربيشي أن السبب وراء ذلك هو أن المضحي يقرر جعل أضحيته كفداء عن كامل جسمه من العذاب، ليكون كل جزء منها فداء عن كل جزء في بدنه.

شاهد أيضًا: شروط الاضحيه والمضحي وأهم الأحكام المتعلقة بذلك

حكم حلق الشعر للمضحي

تعدّدت آراء الفقهاء في حكم حلق الشّعر لمن أراد الأضحية تبعاً لتعدّد أفهامهم للروايات الصحيحة الواردة من هدي النبي عليه الصلاة والسلام في المسألة؛ ومنها قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا رأيتم هلالَ ذي الحجةِ، وأراد أحدكم أن يُضحِّي، فليُمسك عن شعرِهِ وأظفارِهِ”، حيث نتج عدّة ارآءٍ فقهيةٍ، ويمكن إجمال أقوال العلماء على النحو الآتي:[1]

  • الرأي الأول: ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب الإمساك عن أخذ شيءٍ من شعر من أراد الأضحية في العشر الأولى من شهر ذي الحجّة حتى يُضحّي، ونقل الإمام السيوطي عن جمهور أهل العلم أنّ النهي الوارد في الحديث إنّما هو نهي تنزيهٍ، لا نهي تحريمٍ، والحكمة التّشريعية من هذا الفعل المأخوذ على وجه الاستحباب أن تبقى كامل أجزاء المضحّي عُرضةً للعتق من النار، وقيل في الحكمة منه استحباب تشبّه المضحّي بحال المحرمين في الحجّ، وبناءً على هذا الفهم؛ فلو قصّ المضحي شعره أو حلَقَه قبل أنّ يضحّي فلا حرج عليه وتصحّ أضحيته، وينالها القبول بإذن الله تعالى.
  • الرأي الثاني: ترى طائفةٌ من أهل العلم، ومنهم الإمام ابن باز أنّ من أراد أن يضحي فلا يجوز له أنْ يأخذ من شعره شيئاً، لا من شعر رأسه، ولا من إبطه، ولا من عانته، ولا من شاربه، حتّى يضحي، فإذا دخل شهر ذي الحجّة، وهلّ هلاله حرُم على المضحّي، رجلاً أو امرأةً أخذ شيءٍ من الشعر من سائر البدن، أمّا إن كان المضحيّ قد وكّل أحدهم بالذّبح، وأخذ الوكيل من شعره فلا حرج عليه، لأنّه ليس مضحٍّ، ويجري الحكم بمنع الأخذ من الشعر على من وكّله، وهو المضحي الحقيقي، وذهب الشيخ ابن عثيمين، وهو -من أنصار هذا الرأي- إلى عدم الحرج بقصّ الشعر لمن احتاج إلى أخذ شيءٍ منه، كأن يكون أصابه جرحٌ، فاحتاج إلى قصّ الشعر عن موضع الإصابة.

شاهد أيضًا: فضل كل يوم من عشر ذي الحجة

هل يجوز قص الأظافر في العشر الاوائل من ذي الحجة

في هذه المسألة خلاف معروف بين الأئمة، والأحوط بلا شك لمن أراد التضحية أن يجتنب الأخذ من شعره وأظفاره عملا بحديث السيدة أم سلمة، وخروجًا من خلاف الأئمة، مع جواز تقليد أحد المذاهب في هذه المسألة، والله أعلم. وقد بين الإمام النووي الخلاف عندما قال أن مذهب الشافعية هو أن إزالة الشعر ومثله الظفر خلال العشر الأوائل من ذي الحجة لمن أراد أن يضحي مكروه كراهة تنزيهية إلى أن يضحي، وبين أن الإمامين مالك وأبو حنيفة لم يكرها ذلك، أما سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود فقد قالوا بالحرمة، ووفي قول عن مالك أنه مكروه، وقد احتج القائلون بالتحريم بحديث أم سلمة أما الشافعي والأصحاب فقد احتجو على الحنابلة بحديث أم المؤمنين السيدة عائشة، فقد روي عنها أنها قالت: “كنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيَدَيَّ، ثُمَّ يَبْعَثُ بهَا وَما يُمْسِكُ عن شيءٍ، ممَّا يُمْسِكُ عنْه المُحْرِمُ، حتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ.[2]

شاهد أيضًا: دعاء يوم عشر ذي الحجة

الحِكمة من عدم قصّ المُضحّي لأظافره

نبّه بعض أهل العلم إلى الحكمة من نهي المضحّي عن أخذ شيءٍ من شعره أو أظافره، فقد قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم: إنّ الحكمة في النهي عن ذلك تظهر في بقاء كامل أجزاء جسم الإنسان لتُعتق من النار، وقال التوربيشي: إنّ المضحّي يجعل أُضحيته فداءً لنفسه من العذاب، فكأنّه يرى نفسه مستوجبةً للعقاب بالقتل، والقتل غير مأذونٍ فيه، ففدا نفسه بالأُضحية، حيث صار كُلّ جزءٍ منها فداءً لكُلّ جزءٍ منه، ولذا فهو منهيٌّ عن الأخذ من الشعر والبشر حتى لا يفقد بذلك جزءاً عند تنزّل الرحمة وفيضان النور الربانيّ الذي تُتمّ له به الفضائل ويُنزّه به عن الرذائل.[3]

الخلاصة أن حكم قص الشعر في عشر ذي الحجة مكروه ولكنه ليس مُحرم، وانه بإجماع جمهور العلماء أنه يفضل الإبقاء على الشعر والأظافر حتى ينتهي المسلم من أضحيته، لكنه إذا لم يفعل ذلك فلا جناح عليه ولا كفارة وأضحيته صحيحة ومقبولة وثوباها كاملاً بإذن الله.