حكم لبس المخيط للمحرم

حكم لبس المخيط للمحرم

حكم لبس المخيط للمحرم من أهم الأمور التي ينبغي على المسلم الذي نوى الحجّ والعمرةَ أن يعلم تفصيلاتِها والحكمةَ منها، إذ إنها شرطٌ من شروطٍ متعددة يجبُ على المُحرمِ أن يستوفيَها، ومجموعها ألا يُغطّي رأسهُ، وألا يلبس المخيط، وأن يمتنع عن التطيّب وتقليم الأظافر وتغطية الرأس وعن الجِماع ومقدّماته وعن عقد النكاحِ وعن قتل الصيد[1]، وسيتحدث هذا المقال عن حكم لبس المخيط في حالة الإحرام بالنسبة للحاجّ أو المعتمر.

معنى المخيط

إن المخيط في اللغة العربية اسم مشتقّ من الفعل خاطَ، و”مخيط” هو اسم المفعول من هذا الفعل، فالمخيط من الثياب هو ما صُنعَ وتمّ تفصيلُهُ على حسب هيئة جسم الإنسان، ثم تمَّ ضمُّ أجزاء قماشِهِ على بعضها بواسطة الخيوط أو ما شابه ذلك لجمعها مع بعضها البعض.[2]

حكم لبس المخيط للمحرم

قد يستغربُ المرءُ من تحريم لبس الثياب التي جُمعَتْ أجزاؤها بالإبرة والخيط أثناء الإحرام، ولكن السؤال الذي يطرح نفسهُ: هل هناكَ اختلافٌ بين حكم ارتدائه بالنسبة للرجل وبين ارتدائه بالنسبة للمرأة؟ وعلى غرار العديد من الأحكام في الإسلام يوجد فرقٌ كبيرٌ بين أحكامِ كلٍّ منهما، لما يجبُ أن يقتضيهِ حال المرأةِ من السّتر والتغطية، ولما يراعيهِ الدينُ استنادًا إلى طبيعة المرأة ومصلحتها الخاصّة وما تعكسُه على المصلحة العامة. وهنا يمكن تفصيل حكم لبس المخيط إلى قسمين، يتبيّن فيهما الحكم بالنسبة للرجال، ثم يتبين الحكم بالنسبة للنساء، والعلة التي تستدعي ذلك.

حكم لبس المخيط للرجال

إن لبس المخيط بالنسبة للمحرم هو أمر محظورٌ يجب ألا يقربَ منه، ويشمل المخيط القميص والجبة والسروال، وكل ما تتخلله الخياطة، والمحرم أثناء الإحرام هو ارتداؤه، أما إن وضعَهُ المحرمُ على بطنهِ مثلًا خشيةَ البرد، أو على جزء من أجزاء البدن خشيةَ ضررٍ يلحق به فلا بأس في ذلك، ويلحق بهذا الحكم لبس الخفِّ الذي يغطي أصابع القدمين والعقبين[3]، لما جاء في الحديث الشريف عن النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم أنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ فَقالَ: “لا يَلْبَسُ القَمِيصَ، ولَا العِمَامَةَ، ولَا السَّرَاوِيلَ، ولَا البُرْنُسَ، ولَا ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أوِ الزَّعْفَرَانُ، فإنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما حتَّى يَكونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ”.[4]

شاهد أيضًا: حكم زيارة القبور للرجال

حكم لبس المخيط للنساء

لا يحرم على المرأة ارتداء المخيط في الإحرام لضرورة الستر وتعذّرهِ بغير المخيط من الثياب، ولكن يجب عليها عدم ارتداء النقاب الساتر لأجزاء من الوجه  وعدم ارتداء القفازين الساترين لليدين، وذلك بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تَتَنَقَّبِ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ”.[5] ويُستحبُّ للمرأة المحرمة أن تُسدِل سِترًا على وجهها تجنُّبَ رؤيةَ الرجالِ لها، وذلك بدليل قول السيّدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “كان الركبانُ يمرُّون بنا ونحن مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم محرماتٌ، فإذا حاذوْا بنا سدَلَتْ إحدانا جلبابَها من رأسِها على وجهِها فإذا جاوزُونا كشفناه”.[6]

وقد اختلف العلماء في حكم ملامسة السّاتر لوجه المرأة المحرمة، فمنهم من أجاز ملامسته للوجه، ومنهم من اشترط عدم ملامسته لصحة الإحرام، فقد ذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة إلى ضرورة وضع ما يفصل الساتر عن وجه المرأة ويبعده بقصد عدم الملامسة، وأجاز المالكية ذلك إلا أنهم اشترطوا إسدال الساتر دون خياطة ولا ربط وغرز بإبرةٍ ونحوه.[7]

كفارة لبس المخيط أثناء الإحرام

قد يخالفُ المسلمُ شرطًا من شروط الإحرام، فإذا وقع منه لبس المخيط في أثناء الإحرام يجب عليه أن يختار  واحدًا من أمورٍ ثلاثة لكي يكفّر عن ذلك الخطأ الذي وقع منه، وأولها إخراجُ ثلاثةٍ أصوُعٍ من التمر أو الأرز أو الحنطة وتوزيعها على ستّة مساكين، لكل مسكين نصف صاعٍ، وثانيها صيامُ ثلاثةٍ أيّام، وثالثها ذبحُ شاةٍ جذعٍ وهي ذاتُ السنة، أو ثني معز وهي ذاتُ السنتين. ولا بد من الانتباهِ إلى التخيير بين هذه الأمور الثلاثة، فيُمكن للمسلم الذي اختلّ إحرامُه بلبس المخيط أن يختارَ واحدًا من الأمور الثلاثة التي تقدّمتْ ليكفّر بها عن إخلالهِ بالإحرام.[8]

شاهد أيضًا: كفارة الإفطار العمدي في رمضان

الحكمة من عدم لبْس الْمخيط

تتلخص الحكمة من عدم  لبس المخيط للمحرم أثناء إحرامهِ في ضرورةِ شعورهِ بالذلّ والافتقار بين يدي الله سبحانه وتعالى في ظاهره وباطنه، فتكتمل الصورةُ التي أراد الله تعالى أن يرى العبد بها في الإحرام، وهي الالتجاءُ إلى الله بالكُليّةِ والخضوعِ بين يديهِ دون الاتصافِ بما يزين المرءَ من زخارف الدنيا ومقوّمات عزّها الفاني، وذلك الافتقار إلى الله تعالى هو ما يسمو بالعبد في الحج والعمرةِ إلى المقصدِ الذي ينالُ به رضا الله عز وجل.

ومن ناحيةٍ أخرى أيضًا فإنّ حكم لبس المخيط للمحرم حين يشترك فيه عدد من المسلمين في مكانٍ واحد وفي زمنٍ واحد يعيد ترتيب الوحدة بين المسلمين في الظاهر والباطن، فهم يقومون بعبادةٍ واحدة حيث يطوفون ببناءٍ واحد، ويبيتون في مكانٍ واحد، ويتوجّهونَ إلى الله بزيٍّ واحد يشتركُ فيه الفقيرُ مع الغنيّ والعزيز مع الذليل، ولا يرفعُ شيءٌ من قدرٍ واحدٍ منهم إلا وقوفهُ بين يدي الله تعالى.

ولا بد أن يدرك المسلم أن الحكمة العظمى من حكم عدم لبس المخيط للمحرم هو التذكير بأنّ الثياب مهما بلغتْ في هذه الحياة الدنيا فإن الإنسان لن يخرجَ بها إلى الآخرة، بل سيخرجُ بثيابٍ مثل هذه في البساطة، ألا وهي الكفن، وعبادة الحج والعمرة تضعُ المسلم في زاوية التأمل والتفكر في زوالِ النعيم مهما طال، وضرورة العمل للآخرة التي ستكون خالدةً بلا شك.[9]

شاهد أيضًا: الحكمة من قلب الرداء في صلاة الاستسقاء

إلى هنا وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي تحدثنا فيه عن معنى المخيط وحكم لبس المخيط للمحرم الرجل، وحكم لبس المخيط للنساء، وكفارة لبس المخيط أثناء الإحرام، وأخيرًا الحكمة من عدم لبس المخيط في الإحرام.

المراجع

  1. ^ aliftaa.jo , محظورات الإحرام , 5/5/2021
  2. ^ maajim.com , معنى خاط في معاجم اللغة العربية , 5/5/2021
  3. ^ aliftaa.jo , محظورات الإحرام , 5/5/2021
  4. ^ صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عمر، 134، صحيح.
  5. ^ صحيح البخاري , البخاري، عبدالله بن عمر،838، صحيح.
  6. ^ ضعيف أبي داود , أبو داود، عائشة أم المؤمنين، 1833، ضعيف.
  7. ^ aliftaa.jo , محظورات الإحرام , 5/5/2021
  8. ^ aliftaa.jo , محظورات الإحرام , 5/5/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *