ما هي كفارة اليمين
ما هي كفارة اليمين ؟ هو أحد الأسئلة المهمّة التي لا بدّ من الإجابة عنها، واليمين في اللغة لها العديد من المعاني، فمن معانيها القوة النافذة، كما وتأتي بمعنى اليد اليمنى، واليمين في الشرع تأكيد الفعل أو الترك أو الإخبار بذكر الشيء المعظم في النفس الذي يشعر الحالف نحوه بالتعظيم والخشية والخوف إن خالف ما حلف عليه، ولا يجوز الحلف إلّا بالله تعالى أو صفة من صفاته، لأن الحلف يكون بمثابة التعظيم المطلق وهذا لا يكون إلّا له سبحانه.
ما هي كفارة اليمين
اليمين التي تجب فيها الكفارة هي اليمين المنعقدة وكفارتها تأتي على وجوه عدّة فإما إطعامُ عشرةِ مساكين، أو كسوتهم، أو تحريرُ رقبةٍ، أمّا من لم يجد مالاً كافياً للقيام بذلك فعليه أن يصومَ ثلاثة أيام، وقد ورد ذلك في قوله تعالى في القرآن الكريم: “لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ”[1]، ويُستفادُ من الآية أن اليمين التي تجبُ فيها الكفارةُ هي اليمين المنعقدة دونَ يمينِ اللّغو، ويمينُ الّلغو: هي اليمينُ التي لا يقصدها صاحِبُها، والله أعلم.[2]
شاهد أيضًا: من أمثلة الحنث في اليمين قول الشخص
أنواع اليمين
إنّ اليمين هو الحلف بالله تعالى، والقسم لأمرٍ ما، كأنْ يقسم الإنسان إنّه لم يفعل كذا وكذا، وهناك أنواع لليمين في الإسلام، كلُّ يمين له حكم خاص به، وهذه الأنواع هي:[3]
- اليمين اللغو: وهي الحلف من غير قصد اليمين، أو هو اليمين التي تجري على اللسان بغير قصد، وهذه اليمين لا كفارة عليها في الإسلام، لقولِ الله تعالى: “لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ”[4]، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: “أنزلت هذه الآية: “لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم”، في قول الرجل لا والله وبلى والله”.
- اليمين المنعقدة: وهي اليمين التي يقصدها الحالف ويصمم عليها، وتكون اليمين المنعقدة في أن يحلف الإنسان أن يفعل أمرًا ولا يفعله، وهذه اليمين تجبُ فيها الكفارة عند الحنث، أيْ عند الحلف بفعل كذا وعدم فعل هذا الشيء، وقد وردَ عن ابن قدامة قولُهُ: “ومن حلف أن يفعل شيئًا، فلم يفعلهُ، أو لا يفعل شيئًا، ففعله، فعليهِ الكفارة”، ومن الجديرِ بالذكر أنّه لا خلافَ في الكفّارة في هذا اليمين عند الفقهاء عامة.
- الحلف على شيء ماضٍ كذبًا وبهتانًا: كأنْ يحلف أنّه لم يفعلْ كذا وكذا وهو فعل، وتعدُّ هذه اليمين من كبائر الذنوب، ولا كفارة لها على من ارتكبها عند جمهور العلماء، لأنّ هذه اليمين أكبر من أن يتم التكفير عنها.
شاهد أيضًا: صحة حديث من حلف بالله فصدقوه
ما هي كفارة اليمين بالطّلاق
بعد ما وردَ من ما هي كفارة اليمين، وما وردَ سابقًا في السنة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ عليه الصّلاة والسّلام قال: “…فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت”[5]، فإنّه يندرج حكم الحلف بالطلاق تحت حكم الحلف بغير الله، ولكنْ إذا كان الحالف بالطلاق يقصد بذلك أنه إذا تم المحلوف عليه فإنَّ زوجتَهُ طالقٌ، فإنَّ الطَّلاق يقعُ بحصول المحلوف عليهِ، لأنَّه علَّقَ الطَّلاق على أمرٍ فحصل، أمَّا إذا كان لا يقصد الطلاقَ، وإنَّما يقصدُ النَّهي والزَّجر عنِ المحلوف عليه، فقدِ اختلفَ أهلُ العلمِ في ذلك فجمهورهم على وقوع الطلاق إذا حصل المحلوف عليه، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومن معه إلى أنه إذا لم يقصد الطلاق فإن هذا بمنزلة اليمين، فإذا حصل المحلوفُ كان فيه كفارةُ يمين، أما إذا لم يحصل المحلوف عليه فلا يقع طلاقٌ ولا يمين وهو محل اتفاق بين العلماء.[6]
شاهد أيضًا: كم عدد مرات القسم الذي أقسمه الله عز وجل بنفسه
متى تجب كفارة اليمين
يَشترِطُ الفقهاءُ لِصحَةِ اليمينِ شروطاً عدّة، فإن تجتمع هذه الشّروط وحنث الحالفُ عن اليمين وجبت عليه الكفارة، وهذه الشروط هي:[7]
- أن يكونَ الحالف مُسلماً: فالإسلامُ هو الشّرطُ الأول لصحةِ كُلِّ العبادات، إذ لا تصحُ يمينُ غير المسلم لأنّه ليس أهلاً لها، إلّا أن من الفقهاء من أجازَ كفّارة غير المسلم عن يمينه لِما رواه ابن عمر رضي الله عنه: “من أنّ أباه أنَّ عُمَرَ، قَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي نَذَرْتُ في الجَاهِلِيَّةِ أنْ أعْتَكِفَ لَيْلَةً في المَسْجِدِ الحَرَامِ، قَالَ: أوْفِ بنَذْرِكَ”[8]، والنّذرُ فَرعٌ عن اليمين وفيه كفّارته على أن طبيعته تختلفُ بعضَ الشّيءِ، فالنّذرُ: إلزامُ المسلم نفسه بشيءٍ لم يلزمهُ به الشّرعُ، كأن يقول: نذراً علي إن شفا الله تعالى والدي أن أًطعِمَ خمسينَ مسكيناً، وهو مكروهٌ، ولكن تَجِبُ فيه كفارةُ اليمينِ عند الحنثِ به.
- أن يكون الحالفُ بالغاً عاقلاً: إذ لا تصحُّ يمينُ الصّغير كما لا تصحُ يمينُ المجنونِ؛ لأنّ كليهما غير مُكلّفين بأداء العبادات.
- أن يكونَ الحالفُ قاصداً الحلفَ بالله تعالى: والقصد شرطٌ أساسيٌ في اعتبار اليمين ووجوب الكفارة، ويكون هنا التَفريقُ بين اليمين المنعقدة واليمينُ الّلغو، فيمينُ اللغو لا تنعقدُ ولا يترتّبُ على الحنثِ بها كفارة، على عكسِ اليمين المنعقدة التي قصدها الحالف، ومِن أشكالِ اللغو قوله: “لا والله، وبلى والله”، وغيرها في سياقِ الحديث.
- أن يكونَ الحالفُ مُريداً للحلفِ مُختاراً غير مُكرَه: وذلكَ لأن أفعالَ المُكرَهِ غيرُ مؤاخذٍ بها شَرعاً فلا تنعقدُ يمينُ المُكرَه، لقوله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ وضَعَ عن أمَّتي الخطَأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليهِ”.[9]
- أن تنعَقِدَ اليمين: يضافُ إلى ما سبق لانعقاد اليمينِ أن يتوجّهَ بها الحالفُ على أمرٍ في المستقبلِ لا في الماضي؛ كأن يقول والله لا أدخل دار محمد، أو والله لا أشرب عصيراً.
- أن يحنثُ الحالف بيمينه: إذا توفرت الشّروطُ السابقةُ في الحالفِ كانَ أمامَ خيارينِ؛ إمّا أن يَبرّ ويفي بيمينه، وإمّا أن يحنث بها، فإذا حنثَ بِها وجبت عليهِ الكفارة وإلّا فلا، كما يَشترِطُ الحنفيةُ لتمامِ ذلكَ أن يكونَ المحلوفُ عليه مُتَصَوَّرُ الوجودِ، أي أن لا يكونَ مُستحيلاً، فاليمينِ على مُستحيلٍ لا ينعقد.
وهكذا نكون قد أجبنا على السؤال ما هي كفارة اليمين، كما تعرفنا على اقسام اليمين، وذكرنا حكم يمين الطلاق وكفارته، وأخيرًا ذكرنا التي يجب توافرها حتى تكون كفارة اليمين واجبة.