يحد فلسطين من الغرب

يحد فلسطين من الغرب

يحد فلسطين من الغرب ، هذه الدولة التي تتوسّط البلاد العربيّة ، وهي بمثابة الجسر البرّي والوحيد الذي يربط بين قارات العالم القديم. وهي مهد الديانات السماويّة الثلاثة ، كما أنّها مهد الحضارات التي انطلقت معظمها منها إلى باقي أنحاء دول العالم.

يحد فلسطين من الغرب

يحد فلسطين من الغرب البحر الأبيض المتوسّط ، وبساحلٍ يبلغ طوله حوالي 240 كيلو متراً. ومن الجهة الشماليّة الجمهوريّة اللبنانيّة ، ويحدّها من الجهة الشماليّة الشرقيّة كلّ من الجمهوريّة العربّية السوريّة، وبحيرة طبريّا المشتركة بينهما. ومن الشرق تحدّها المملكة الأردنيّة الهاشميّة ، والبحر الميّت المشترك بينهما. أمّا من الجهة الجنوبيّة والجنوبيّة الشرقيّة ، فيحدّها خليج العقبة ، الواقع على البحر الأحمر ، وصحراء سيناء في جمهوريّة مصر العربيّة. وتقع فلسطين غربي القارة الأسيوية، بين خط طول 15 – 34 درجة و40 – 35 درجة إلى الشرق من خط غرينيتش. وبين دائرتي عرض 30 – 29 درجة و15 – 33 درجة إلى الشمال من خطّ الاستواء. وهي تشكّل الشطر الجنوبي الغربي في وحدة جغرافية كُبرى في المشرق العربي، وهي بلاد الشام.

مدن فلسطين من الغرب

تقع فلسطين من الغرب على ساحل البحر الأبيض المتوسّط ، وفيها العديد من المدن الهامّة والعريقة. والتي شهدت قيام العديد من الحضارات عبر التاريخ ، وشكّلت أيضاً أهمّ المفاصل الاقتصادية والسياحية والصناعية. حيث نشطت في كثير منها حركة الملاحة ، وهذه المدن هي: عكا، حيفا، الخضيرة، نتانيا، تل أبيب، يافا، عسقلان، غزة.

تسمية فلسطين

حملت فلسطين التي يحدها من الغرب البحر الأبيض المتوسّط، عبر العصور عدّة أسماء، وفيما يلي نذكرها بحسب الأقدميّة:

  • يرجح الدارسون أنّ اسم فلسطين ورد ذكره أول مرّة في السجلات المصريّة، التي تعود إلى العهد البرونزي المتأخر. في فترة حكم رعمسيس الثّالث، حوالي عام 1220 – 1200 ق.م (بلست pelest) المدون بالهيروغليفيّة على جدار معبد الكرنك.
  • كما ورد لاحقاً في العهد القديم، وفي السجلات الآشوريّة (فلستيبا). حيث ذكر أحد الملوك الآشوريون سنة 800 ق.م ، أن قوّاته أخضعت (فلستو) . وأجبرت أهلها على دفع الضرائب.
  • أمّا هيرودوتس فقد بنى تسميته (بالستين) على أسس آراميّة. ويقصد به الأرض الساحليّة في الجزء الجنوبي من سوريا، الممتدّة حتّى سيناء جنوباً، وغور الأردن شرقاً.
  • وفي العهد الروماني أطلقوا اسم فلسطين على كامل الأرض المقدّسة.
  • بينما في العهد الإسلامي؛ فقد كانت فلسطين جزءاً من بلاد الشام. ويقول ياقوت الحموي في (معجم البلدان): “إنّ فلسطين هي آخر كور الشام من ناحية مصر، قصبتها بيت المقدس. ومن أشهر مدنها عسقلان، والرملة، وغزة، وقيسارية، ونابلس، وبيت جبرين. وقد عرفت فلسطين باسم “جند فلسطين” أثناء التقسيمات الإداريّة للدولة الإسلاميّة. ومنذ تلك الفترة وفلسطين تحمل هذا الاسم.

الفلسطينيون عرب أقحاح أم مهاجرون؟

في بحثنا هذا، وبالعودة إلى عنوان يحد فلسطين من الغرب البحر المتوسط ، سنتعرّف إلى أصول الفلسطينيّين. فقد أطلق مؤرّخو الشرق الأدنى القديم ، على العناصر التي قطنت فلسطين ولبنان وسورية، منذ أقدم العصور تسمية كنعان وكنعانيين. وكانت هذه كتسمية تقليديّة عامة لمنطقة فلسطين والساحل الفينيقي (أرض كنعان). وظهرت التأثيرات الكنعانيّة – الفينيقيّة المحليّة – على آثار الفلسطينيين من خلال أسماء آلهتهم، أمثال داجون وعشتروت. كما أن العمارة في المباني العامة والمنازلَ ، مستمدّة من التقليد المعماري للعصرين البرونزيين الوسيط والأخير. والحياة الدينية عند سكان الساحل الفلسطيني كنعانية – فينيقية الأصل. وكذلك المباني الدينية كسلسلة المعابد في تل القصيلة التي أنشئت على غرار المعابد الكنعانية/ الفينيقية. بالإضافة إلى ما يظهر عليها من تأثيرات مصرية وإيجية.

دراسة عن أصول الفلسطينيين

في دراسة جديدة نشرتها دورية “ساينس أدفانسيز” (Science Advances) ، أشارت إلى أنَّ أصول الفلسطينيين القدامى ترجع إلى جنوب أوروبا، وتحديداً من قبرص وكريت واليونان وجزيرة سردينيا الإيطالية ، إلى منطقة الشرق الأوسط، قبل أكثر من 3 آلاف عام (1379 ق.م – 1126 ق.م)، عبر هجرات جرت إلى مدينة “عسقلان”، والتي تعد إحدى أكبر مدن فلسطين التاريخيّة وأقدمها ، وتقع اليوم في اللّواء الجنوبي على بعد 65 كم غرب القدس المحتلة. ويعود تاريخ إنشائها إلى العصر البرونزي ، وقد تَعاقَبَ على حكمها الكنعانيون و”الفلسطينيون القدماء” والبابليون والفينيقيون والرومان والصليبيون. ووفق الدراسة المثيرة للجدل، فقد اكتشف فريق من علماء الآثار لغز أصل سكان منطقة فلسطين القدماء الذين عُرفوا تاريخيّاً بـ”الفلستينيين”. وقدموا للمرة الأولى دليلاً على أن هؤلاء السكان القدماء يرجعون إلى أصول أوروبية. بعدما حللوا عظاماً قديمة ، وجدوها في مدينة “عسقلان” قبل عدة سنوات ، في معهد ماكس بلانك بألمانيا.  واعتمدت الدراسة على تحليل الحمض النووي لرفات هياكل عظمية تعود إلى العصور البرونزية والحديدية. منها رفات لأطفال كانوا مدفونين تحت منازل للفلسطينيين القدماء ، في مدينة عسقلان ، وهي إحدى المدن الفلسطينية القديمة الخمس.

هوية فلسطين العربية

يرد أحمد الدبش الباحث الفلسطيني والمتخصص في التاريخ القديم على الكلام المذكور أعلاه: “إنّ الدراسة الحديثة تؤكد أنّ الفلسطينيين القدماء من أبناء عسقلان هم من الكنعانيين، وليسوا من شعوب البحر. وهم والعرب الحاليون من سلف مشترك، أي من رجل واحد عاش قبل 10000 عام ، اسمه العلمي j1- Z2331. وإذا كانت هناك هجرات جاءت بالفعل ، فهذا لا يعني أنّه لم يكن هناك وجود لأصحاب الأرض الحقيقيين (العرب والكنعانيين) قبل مجيء هذه الهجرات. وهو ما يتناقض مع ما تسعى الدراسة للترويج له، من أن أصحاب الأرض أنفسهم ليسوا منها ، وإنما كانوا مهاجرين من أوروبا”. وبذلك يبقى أصل الفلسطينيين، الذين يسكنون فلسطين – التي يحدها من الغرب البحر الأبيض المتوسّط – مثار جدل حتى الآن.

أهمية فلسطين الاستراتيجية

تتميز أرض فلسطين التي يحدها من الغرب البحر الأبيض المتوسّط ، بأنها كانت جزءاً من الوطن الأصلي للإنسان الأول. ومهبطاً للديانات السماوية ، ومكاناً لنشوء الحضارات القديمة ، ومعبراً للحركات التجاريّة ، والغزوات العسكريّة عبر العصور التاريخيّة المختلفة. وقد أتاح لها موقعها الاتراتيجي بالنسبة للعالم ، أن تكون عامل وصل بين قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا. ممّا سهّل الانتقال منها إلى ما حولها من مناطق مجاورة ، لذا أصبحت جسر عبورٍ للجماعات البشرية منذ القدم. وكان هذا الموقع محطَّ أنظار الطامعين للسيطرة عليه والاستفادة من مزاياه.

تجارة فلسطين مع الغرب

كانت فلسطين عبر التاريخ تمثل إحدى الطرق التجاريّة التي تربط بين مواطن الحضارات، في وادي النيل وجنوب الجزيرة العربية من جهة. ومواطن الحضارات في بلاد الشام الشماليّة، وفي العراق من جهة ثانية، كما أنّها كانت معبراً للقوافل التجاريّة قبل الاسلام وبعده. حيث تسير إليها القوافل العربية صيفاً من الجزيرة العربية. كجزء من رحلة الشتاء والصيف التي ورد ذكرها في القرآن الكريم. كذلك عبرتها قوافل هجرات القبائل العربية، التي قدمت من الجزيرة العربية في طريقها لبلاد الشام أو شمالي أفريقيا ، وخلال ذلك استقر بعضها في فلسطين ، في حين استقر بعضها الآخر في المناطق المجاورة.

أهمية موقع فلسطين التجاري

ازدادت أهميّة الموقع التجاري لفلسطين في عهد المماليك، عندما كانت البلاد ممراً للقوافل التجاريّة، وخاصةً تلك التي تنقل البضائع المتجهة من الشرق الأقصى لأوروبا وبالعكس. وفي الوقت الحاضر لا زالت فلسطين تحتفظ بأهميّة موقعها التجاري، وذلك لأنّها تمثّل حلقة وصل بين البيئتين المدارية منها والموسمية، في جنوبي آسيا والشرق الأدنى من جهة ، وبين البحر المتوسط ، وأوروبا الوسطى ، والغربية من جهة أخرى. وممّا لا شكَّ فيه أنّ الحركة التجاريّة تزدهر بين البيئات المتفاوتة في إنتاجها. وقد استطاعت فلسطين بموقعها أن تربط بين الحضارة الشرقية الزراعيّة، وحضارة الغرب الصناعيّة.

بذلك نكون قد تعرفنا معاً من خلال هذه المقالة التي تحمل عنوان يحد فلسطين من الغرب ، والذي هو البحر الأبيض المتوسط. كما تعرّفنا أيضاً إلى تسميتها وأصول سكانها وأهمية موقعها الاستراتيجي ، بالإضافة لأهميتها التاريخيّة والدينية عبر العصور.

المراجع

  1. ^ info.wafa.ps , الموقع , 16/3/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *