لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم

لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم

لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم من قبل المؤرخين هو ما يبحث عنه الكثير من الناس خاصة أن العصر الجاهلي قد سبق عصرًا مهمًا كان سببًا في تغيير مسار الأمة بأكملها وهو العصر الإسلامي، وقد كان للعصر الجاهلي ميزات عديدة لم تتوفر في غيره جعلت منه قاعدة مناسبة لانطلاق الإسلام؛ لذلك فإن هذا المقال سيقف مع دقائق مهمة من العصر الجاهلي والتعريف فيه على وجه الدقة.

العصر الجاهلي

قبل الإجابة عن لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم لا بدّ من الكلام عن العصر الجاهلي، إذ هو العصر الذي سبق العصر الإسلامي فكانت الأقوام لا تعبد فيه الله الأحد، وقد امتاز العصر الجاهلي بالعديد من الملامح المتناقضة بين بعضها البعض، فيجد المرء الرجل منهم عالي الهمة والأخلاق ولكنه متعصبًا لأفكار جاهلية لا أصل لها من الصحة، على أن لذلك العصر فضل عظيم في إثراء المادة الأدبية في العصر الحاضر، وما زالت الكتب حتى الآن تتناقل أخبار سوق عكاظ الذي يتبارى به الأدباء والشعراء.[1]

شاهد أيضًا: هل عنترة بن شداد من شعراء الجاهلية

لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم

لقد سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم بسبب جهل القوم بالقراءة والكتابة وابتعادهم عن العلوم المختلفة، فكان الجاهليون يتصرفون في كل الأمور على سجيتهم لا يحكمهم قانون ولا يحتكمون إلى قاض فالقوي هو الذي يأكل الضعيف، وقد كان القوم يعبدون الأصنام في كل مكان لا يقرؤون ولا يكتبون همهم ملء بطونهم وجيوبهم، حتى جاء الإسلام وأخرج أولئك القوم من الظلمات إلى النور، وقد قال في ذلك عنرو بن كلصوم تصديقًا لما سبق قوله:[2]
أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا
فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا

شاهد أيضًا: ما هي أجمل القصائد وأبيات الشعر العربي في التاريخ الأدبي

متى بدأ العصر الجاهلي ومتى انتهى

بعد الكلام عن لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم لا بدّ من تحديد تاريخه، إذ قد بدأ العصر الجاهلي منذ فترة قديمة جدًا فهو بعيد الامتداد لم يقف الدارسون على بداية له، ولكن ما أجمع العلماء عليه والمؤرخون أن العصر الجاهلي قد انتهى بمجيء الإسلام؛ أي كان الإسلام نقطة الفضل ما بين العصرين، إذ في مجيئه اندثرت كافة الأعراف والتقاليد التي كان قد تسمى العصر بجاهلي بسببها، وبدأ مع مجيء الرسالة السماوية عهد الحضارة والعصر الإسلامي المحمود.[3]

إيجابيات العصر الجاهلي

لقد كان العصر الجاهلي مثل أي عصر آخر يمتلك ما يمتلكه من الإيجابيات والسلبيات، ولكن من أبر ما امتاز به ذلك العصر:[1]

  • شدة الفصاحة والذكاء فكان العربي هو الأصح لسانًا في تلك الفترة فهو يقول الشعر وينظمه دون علم ببحوره وإنما هي الفطرة العربية السليمة التي امتاز بها العربي عن غيره.
  • الكرم العظيم والسخاء هو ما شاع عن العرب في تلك الآونة، وتلك هي من الصفات التي كان يتباهى فيها الرجل على أخيه، ولا يخفى على أحد كرم حاتم الطائي حتى صار أشبه بالقصص الخيالية.
  • الشجاعة هي ما تميز الفارس العربي عن غيره فهو لا يأخذ أحدًا بغدر ولا بحيلة، وأكثر ما يعيبه الواحد منهم على أخيه الخيانة فكان الرجل قد يبيح دمه للأعداء ولا يخون من استأمنه.
  • صيانة القرابة من أن تنتهك كانت من أبرز ما امتار به العصر الجاهلي، فيبقى ابن الأخ يقول عن كبير العائلة عمي مهما دنا، وهذا من عظم صلة الرحم وحفظ الود فط تلك الآونة.

الأخلاق في العصر الجاهلي

لقد كانت الأخلاق هي الفيصل الأول في تمييز العربي عن غيره، فهو لا يفشي سر من استأمنه وأبعد ما يكون عن قول الزور أو الخيانة، حتى أن الرجل ليقتل في سبيل حفظ سر غيره ولا يتلفظ بما ائتمن عليه، وكان الجار يأتمن جاره على أهله وعياله كأنه حاضر بينهم فيغيب عنهم ولا يبرح الأخير قائمًا على خدمتهم عادًا إياهم من أهل بيته وداره، وقد جاء الإسلام ممجدًا بتلك الأخلاق مبقيًا عليها مهذبًا حتى أن الله تعالى لما أراد أن يمتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم امتدحه بالخلق العظيم.[1]

شاهد أيضًا: من هو حاتم الطائي

الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي

لقد كانت الحياة في العصر الجاهلي بمثابة الطبقات المقسّمة بين بعضها البعض، فهناك طبقة النبلاء وهؤلاء القوم الذين يملكون المال والذهب ويُنفقون على أنفسهم نفقة عظيمة، وطبقة الأناس المتوسطين وهم يعيشون في الخيام ويربون الماشية ويجدون قوت يوم يكفيهم، وأمّا الطبقة الأدنى فهي طبقة العبيد والتي كانت ممتهنة أشد الامتهان ويُعانون من ألوان العذاب الجسدي والنفسي، وفي ذلك تمام الكلام عن لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم وما هي ملامح الحياة الاجتماعية فيه.[1]

الشعر الجاهلي

بعد الإجابة عن لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم  لا بدّ من الكلام عن الأدب الجاهلي، فقد كان الشعر الجاهلي بمثابة القاعدة العظيمة التي كلّما شاء الشعراء تطوير ألفاظهم انطلقوا منها وعادوا إليها، وقد برزت مجموعة من الشعراء كان لهم نقطة الفصل في الشعر العربي، ومن أبرزهم:

عمرو بن كلثوم

هو من أبرز الشعراء الجاهليين، وقد برزت له قصيدة ألا من مبلغ عمرو بن هند التي قال فيها:[4]

أَلا مَن مُبلِغٌ عَمرَو بنَ هِندٍ
فَما رُعِيَت ذَمامَةُ مَن رَعَيتا

أَتَغصِبُ مالِكاً بِذُنوبِ تَيمٍ
لَقَد جِئتَ المَحارِمَ وَاِعتَدَيتا

فَلَولا نِعمَةٌ لِأَبيكَ فين
لَقَد فُضَّت قَناتُكَ أَو ثَوَيتا

أَتَنسى رِفدَنا بِعُوَيرِضاتٍ
غَداةَ الخَيلُ تَخفِرُ ما حَوَيتا

وَكُنّا طَوعَ كَفِّكَ يا اِبنَ هِندٍ
بِنا تَرمي مَحارِمَ مَن رَمَيتا

سَتَعلَمُ حينَ تَختَلِفُ العَوالي
مَنَ الحامونَ ثَغرَكَ إِن هَوَيتا

وَمَن يَغشى الحُروبَ بِمُلهِباتٍ
تُهَدِّمُ كُلَّ بُنيانٍ بَنَيتا

إِذا جاءَت لَهُم تِسعونَ أَلف
عَوابِسُهُنَّ وَرداً أَو كُمَيتا

حاتم الظائي

وأمّا حاتم الطائي الذي كان كرمه أسطورة من أساطير العرب فقد سطّر مجموعة من الأشعار ما زلت مدرسة لطلاب الأدب حتى الآن، ومنها:

أَلا أَرِقَت عَيني فَبِتُّ أُديرُه
حِذارَ غَدٍ أَحجى بِأَن لا يَضيرُها

إِذا النَجمُ أَضحى مَغرِبَ الشَمسِ مائِل
وَلَم يَكُ بِالآفاقِ بَونٌ يُنيرُها

إِذا ما السَماءُ لَم تَكُن غَيرَ حَلبَةٍ
كَجِدَّةِ بَيتِ العَنكَبوتِ يُنيرُها

فَقَد عَلِمَت غَوثٌ بِأَنّا سَراتُه
إِذا أُعلِمَت بَعدَ السِرارِ أُمورُها

إِذا الريحُ جاءَت مِن أَمامِ أَخائِفٍ
وَأَلوَت بِأَطنابِ البُيوتِ صُدورُها

وَإِنّا نُهينُ المالَ في غَيرِ ظِنَّةٍ
وَما يَشتَكينا في السِنينَ ضَريرُها

إِذا ما بَخيلُ الناسِ هَرَّت كِلابُهُ
وَشَقَّ عَلى الضَيفِ الضَعيفِ عَقورُها

فَإِنّي جَبانُ الكَلبِ بَيتي مُوَطِّ
أَجودُ إِذا ما النَفسُ شَحَّ ضَميرُها

وَإِنَّ كِلابي قَد أُهِرَّت وَعُوِّدَت
قَليلٌ عَلى مَن يَعتَريني هَريرُها

وَما تَشتَكي قِدري إِذا الناسُ أَمحَلَت
أُؤَثِّفُها طَوراً وَطَوراً أُميرُها

وبذلك نكون قد أنهينا كلامنا وأجبنا عن لماذا سمي العصر الجاهلي بهذا الاسم وما هي أبرز السمات التي امتاز بها العصر الجاهلي عن غيره من العصور، وكيف يُمكن للإنسان الاستفادة من القاعدة الشعرية التي خلفها شعراء العصور الجاهلي من أجل النهوض بالأدب الحديث.