سيرة الأديب نجيب محفوظ .. الرجل الذي رسم بالكلمات
جدول المحتويات
نجيب محفوظ أديب نوبل الذي فاقت شهرته العالم العربي لتصل للعالم بأكمله، فرواياته ترجمت للعديد من اللغات، بل وتم تحويلها لأعمال فنية باللغة العربية وغيرها من اللغات. وعبر العديد من مراحل عمره الذي بلغ 85 عام تبلورت سيرة الأديب نجيب محفوظ لتكوّن أعماله المميزة واحدًا تلو الأخر، حيث يحمل كل عمل جزءًا ولمحة من حياته وفلسفته في الحياة.
الحارة المصرية جزء من تكوين محفوظ
الحارة المصرية لها مكانة خاصّة في كتابات نجيب محفوظ، فهي من أكثر الأيقونات التي اشتهر بها، والتي أشاد النقاد العرب والأجانب ببراعة نقلها بالكلمات في أعماله.
لم يكن هذا ناتج عن فراغ، بل هو نتاج لتواجد نجيب محفوظ طوال فترة طفولته وشبابه في أروقة هذه الحارة وفي حي شديد المصريّة ويزخر بعبق التاريخ وهو حي الحسين.
حي الحسين، حي شعبي مصري من أقدم أحياء القاهرة، هناك ولد نجيب محفوظ عام 1911م ونشأ مع أسرته المنتمية للطبقة المتوسطة، فوالده موظف وهو ذاته عاش ومات وهو موظف في وظيفة حكومية.
ولذلك فإن رواياته لم تكن أبدًا بعيدة عن نشأته حيث استطاع أن يصهر كل ما رآه وعاشه في الحارة المصرية وبين أبناء الطبقة المتوسطة لتخرج كتاباته مفعمة بروح الحقيقة وحيوية الإنسانية.
دراسة الفلسفة أثقلته
اختار نجيب محفوظ دراسة الفلسفة في المرحلة الجامعية، ليستكمل دراساته العليا في كلية الآداب في الفلسفة الإسلامية، وقد أثرت دراسة الفلسفة -أيضًا- على كتابات محفوظ التي تتغلغل في عمق الشخصيات التي يرسمها في أعماله.
نجيب محفوظ لم يترك عنصرًا من عناصر الحياة من حوله إلا واستغله بإبداع في رواياته، فتأثره وهو طفل بثورة 1919 ومحاضرات صديقه وأستاذه سلامة موسى عن مصر القديمة وغيرها من العناصر التي تبلورت سويًا لتخرج أعمالًا منوعة ومميزة.
نجيب محفوظ الأديب عاشق للروتين
عندما ننظر في سيرة الأديب نجيب محفوظ، نجد تناقض حاد بين اشتعال أعماله بالتجدد والاختلاف والثورية على الموروث، وبين حياته شديدة الهدوء والتي يعشق فيها الروتين والنظام الذي لا يتغير.
فنجد أن نجيب محفوظ حافظ منذ بداية عمله حتى وصوله إلى سن المعاش على الوظيفة الحكومية الثابتة حتى لو تغيرت من وزارة الأوقاف إلى وزارة الثقافة. وحافظ على روتين الكتابة في ساعات محددة يوميًا بنظام يسير كالساعة لا يتغير، حتى لقاء أصدقاءه في المقهى مساء كل خميس، ظل عادة لديه لا تتغير ولا يتخلف عنها لعشرات السنوات.
وعندما سُئل نجيب محفوظ عن التناقض بين روتينيّة ونظام عملية الكتابة وبين ثوريّة الأفكار، كانت إجابته أنهما عمليتان منفصلتان، فالأفكار الخاصة بأعماله وطريقة كتابتها ووضع الشخصيات كلها أمور تتم في ذهنه لتأخذ حقها ووقتها حتى تصبح نسيجًا متكاملًا، ثم يأتي وقت صف الكلمات والسطور وكتابة العمل التي وصفها بكونها عملًا يجب أن يتم بنظام وروتين.
أديب نوبل الذي بهر الجميع
فوجئ نجيب محفوظ بأنه قد حصل بالفعل على جائزة نوبل عام 1988م، ليكون أول أديب عربي يحظى بهذه الجائزة التي تعتبر هي تاج الجوائز الأدبية.
ومن أطرف ما فعل أنه رغم الصحافة المحلية والعالمية التي تتلهف للقاءات معه، ومكالمات الرؤساء والمسئولين لتهنئته واحتفاء العالم العربي بأكمله به، إلا أنه لم يفوّت لقاء الخميس مع أصدقائه في المقهى، فقد أصر على أن يقوم به كمعتاد بما أن اليوم هو الخميس، إذن حتى جائزة نوبل لم تستطع أن تكسر نظام محفوظ وتجعله يتغيب عن أصدقائه.
غروب شمس حياة نجيب محفوظ لم يعني غروب أدبه
قبل سنوات من وفاة نجيب محفوظ وفي عام 1994م تعرض لمحاولة اغتيال، من شخص متطرّف دينيًا ولكنه قد نجا من المحاولة، وإن تسببت في تغير الكثير من نظامه المعتاد بعد ذلك ليخلق لذاته نظامًا جديدًا.
بعد هذا الحادث بـ12 عام في عام 2006م توفي أديب نوبل الموهوب ليترك فراغًا كبير في حياة محبّيه وأصدقائه، ولكن ظلت أعماله إلى اليوم تشرق على العالم الأدب لتضيء القلوب والعقول.
أهم أعمال نجيب محفوظ
من الصعوبة بمكان أن نكتب كل أعمال أديب نوبل الشهير في المساحة المخصّصة، ولكن لا يمكننا إلا أن نذكر عددًا من أشهر أعماله التي كانت علامة فارقة في مشواره الأدبي؛ ومنها:
- الثلاثية (بين القصرين وقصر الشوق والسكرية).
- بداية ونهاية.
- زقاق المدق.
- الحرافيش.
- السمان والخريف.
- ميرامار.
- أولاد حارتنا.
- عبث الأقدار وكفاح طيبة ورادوبيس وهي فترة من حياته تميزت بالكتابة عن مصر القديمة.
- مجموعة كبيرة من المجموعات القصصية منها همس وخمّارة القط الأسود، وبيت سيئ السمعة، وكان أخر ما كتب أحلام فترة النقاهة التي نشرت في جزأين أحدهما نُشر بعد وفاته.
إن سيرة الأديب نجيب محفوظ من الصعب حصرها في مقال واحد، ولكن يمكننا فقط أن نُلقي الضوء على هذا الأديب الذي أبدع ورسم بالحروف والكلمات حكايات وحيوات لا تنسى.