شروط الخلع بدون عوض وهل يصح؟

شروط الخلع بدون عوض

شروط الخلع بدون عوض للمختلعة ومدى صحته في الإسلام، موضوع من المواضيع المهمة بالنسبة لجميع المسلمين، خاصة مع انتشار الخُلع في المجتمعات العربية والإسلامية على وجه التحديد، ولأنَّ الشريعة الإسلامية تدخل في كافة تفاصيل حياة المسلم، فإن الشرع الإسلامي فصل في كافة ما يتعلق بالخُلع من أحكام، وفي هذا المقال سوف نعرف الخلع وسنتحدث عن شروطه وحكمه وبعض الأحكام الشرعية المتعلقة به.

ما هو الخُلع لغة واصطلاحًا

يُمكن تعري الخُلع في اللغة الاصطلاح على النحو الآتي:[1]

  • الخُلع في اللغة: إنَّ الخُلع في اللغة هو المفارقة والمباعدة، وخلع الشخص الشيء أي باعده عن جسده وأزاله عنه.
  • الخُلع في الاصطلاح: هو أن تقوم الزوجة بطلب الانفكاك عن زوجها والطلاق منه مقابلَ شيء تدفعه الزوجة للزوج، ويكون الخُلع بأن يقول الزوج لزوجته بعد أن تطلب ذلك منه: “أنت طالق مقابل أن تعطيني كذا وكذا” ويكون برد الزوجة التي طلبت الخُلع في الأساس: “قبلت أن أعطيك”، ويتمُّ الخلع إذا منحت الزوجة الزوجَ المقابل الذي تمَّ الاتفاق عليه.

شروط الخلع بدون عوض

يتم الخلع بدون عوض بشروط معينة يجب مراعاتها بشكل دقيق، وهذه الشروط هي:

  • أن يكون الزوج مريض صحيًا حتَّى أنه لا يستطيع أن يقيمَ العلاقة الزوجية مع الزوجة، في هذه الحالة يحق لها أن تطلب الخلع دون عوض.
  • إذا كان الزوج يكره زوجته كُرهًا يدفعها فيه إلى طلب الخلع وفسخ عقد النكاح، ففي هذه الحالة يكون الخلع بدون عوض.
  • أن تتعرض الزوجة لإهانة جسدية بالضرب أو الحبس أو التعذيب، فهذا ما يؤدي إلى ضرورة فسخ العقد دون عوض.
  • إذا كان الزوج متبعًا لطرق الضلال، فيشرب الخمور ويتعاطى المواد المخدرة التي تعود بالضرر عليه وعلى زوجته بالدرجة الأولى، ففي هذه الحالة يحق للزوجة أن تطلب الطلاق والخُلع دون عوض.

شاهد أيضًا: الفرق بين الخلع وفسخ العقد

شروط صحة الخلع في الإسلام

توجد مجموعة من الشروط المهمة التي يجب أن تتوفر حتَّى يكون الخُلع صحيحًا في الإسلام، وهذه الشروط هي:

  • يجب أن يكون الخُلع مقرونًا برضى الزوج.
  • يجب أن يكون الزوج بالغًا عاقلًا راشدًا.
  • يجب أن يكون عقد النكاح صحيحًا أي أنَّ يكون قد تمَّ بحضور الشيخ والشهود وبموافقة ولي أمر الزوجة، ولا فرق إن كان الزوج قد دخل بزوجته أم لم يدخل بها.
  • يجب أن تكون الزوجة بالغة عاقلة راشدة وأن حرة لا أمة.
  • يجب أن يكون البدل أو العوض عن الخلع ذا قيمة مادية.
  • يجب أن يكون الخلع برضى المرأة ورضى الزوج.

ما هو حكم الخلع في الإسلام

يختلف حكم الخُلع في الإسلام باختلاف الحالة التي تطلب فيها المرأة الخُلع، فيكون مُباحًا في حالات معينة ومُحرمًا في حالات معينة، ويمكن التفصيل في هذا الاختلاف في حكمه على النحو الآتي:

إباحة الخُلع

يُباح طلب الخُلع للمرأة إذا كرهت زوجها بسبب سوء عشرته أو بسبب قلَّة دينه أو بسبب أنَّه كبير في السن أو أنَّه لا سيئ الخُلق، ففي هذه الحالة يجوز لها أن تطلب الخُلع، والدليل قول الله تعالى في سورة البقرة: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُون}[2] وقال ابن قدامة رحمه الله: “إنَّ المرأة إذا كرهت زوجها لخُلقه أو خَلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك، وخشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها”، وقال ابن كثير: “إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل، وأبغضته، ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها له، ولا حرج عليه في قبول ذلك منها”.[3]

تحريم الخُلع

قد يكون الخُلع مُحرمًا في الإسلام، ويكون مُحرمًا إذا طلبت المرأة الخُلع بدون عذر أو سبب وبدون أيَّة حاجة تدفعها إلى الخُلع أو الطلاق، ففي هذه الحالة يُحرَّم على المرأة أن تطلب الخُلع، واستدلَّ أهل العلم في هذا الحكم بقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “أيُّما امرأةٍ سألَت زوجَها الطَّلاقَ من غيرِ بأسٍ فحرامٌ عليْها رائحةُ الجنَّةِ”[4]والله تعالى أعلم.

شاهد أيضاً: شروط الخلع في السعودية … حكم القضاء بالخلع للزوجة

هل يصح الخلع بدون عوض

يرى أغلب أهل العلم أنَّه إذا حدث الخُلع بين الرجل والمرأة دون عوض يأخذ الرجل فهذا لا يصح، وهذا قول الغالبية من الفقهاء، وجاء في مذهب الإمام مالك أنَّه يصحُّ والأشهر أنَّه لا يصح، وفيما يأتي سوف نضع أقوال أهل العلم في مسألة حكم الخُلع بدون عوض يأخذه الزوج من الزوجة:

أقوال العلماء في الخلع بدون عوض

كثيرة هي أقوال العلماء في مسألة الخُلع بدون عوض، وفيما يأتي نذكر أشهر هذه الأقوال:[5]

  • قال ابن تيمية رحمه الله: “وقد اختلف العلماء في صحة الخلع بغير عوض على قولين، هما روايتان عن أحمد، أحدهما: كقول أبي حنيفة والشافعي وهي اختيار أكثر أصحابه – يعني: لا يصح، والثاني: يصح كالمشهور في مذهب مالك وهي اختيار الخرقي، وعلى هذا القول فلا بد أن ينوي بلفظ الخلع الطلاق ويقع به طلاق بائن لا يكون فسخًا على الروايتين نص على ذلك أحمد”.
  • ورد في كتاب المستدرك على مجموع الفتاوى ما يأتي: “ويصح الخلع بغير عوض، وتقع به البينونة إما طلاقًا وإما فسخًا على إحدى القولين، وهذا مذهب مالك المشهور عنه في رواية ابن القاسم، وهو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد، اختارها الخرقي، وهذا القول له مأخذان، أحدهما: أن الرجعة حق للزوجين، فإذا تراضيا على إسقاطها سقطت، والثاني: أن ذلك فرقة بعوض؛ لأنها رضيت بترك النفقة والسكن ورضي هو بترك استرجاعها، وكما أن له أن يجعل العوض إسقاط ما كان ثابتًا لها من الحقوق كالدين، فله أن يجعله إسقاط ما ثبت لها بالطلاق، كما لو خالفها على نفقة الولد، وهذا قول قوي وهو داخل في النفقة من غيره”
  • قال السعدي رحمه الله: ” أما الخلع، فكما قالوا: لا بدَّ أن يكون بعوض؛ لأنَّه ركنه الذي ينبني عليه، وإذا خلا منه، فليس بخلع، بل يكون طلاقًا رجعيًّا إذا نوى به الطلاق”.
  • قال ابن القيم مفصلًا في هذه المسألة: “فإن قيل: فكيف يجوز الخلع بغير عوض في أحد القولين في مذهب مالك وأحمد، وهل هذا إلا اتفاق من الزوجين على فسخ النكاح بغير عوض؟ قيل: إنما يجوز أحمد في إحدى الروايتين الخلع بلا عوض إذا كان طلاقًا، فأما إذا كان فسخًا فلا يجوز بالاتفاق، قاله شيخنا رحمه الله، قال: ولو جاز هذا لجاز أن يتفقا على أن يبينها مرة بعد مرة من غير أن ينقص عدد الطلاق، ويكون الأمر إليهما إذا أرادا أن يجعلا الفرقة بين الثلاث جعلاها وإن أرادا لم يجعلاها من الثلاث، ويلزم من هذا إذا قالت فادني بلا طلاق أن يبينها بلا طلاق، ويكون مخيرًا إذا سألته إن شاء أن يجعله رجعيًّا وإن شاء أن يجعله بائنًا، وهذا ممتنع، فإنَّ مضمونه أنه يخير إن شاء أن يحرمها بعد المرة الثالثة”.

مقدار العوض في الخلع

يرى أهل العلم أنَّ مقدار العوض في الخُلع هو ما يتفق عليه الزوجان، فيجوز أن يأخذ الزوج مقدار مهر المرأة، ويجوز له أن يأخذ ما يتفقان عليه، فإذا قالت له اخلعني بألفين جاز له أن يأخذ ألفين منها، والأولى ألَّا يطمع الرجل في زوجته ولا يأخذ ما يزيد عن طاقتها فهذا ما يجرح مروءة الرجل، وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: “جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بنِ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما أنْقِمُ علَى ثَابِتٍ في دِينٍ ولَا خُلُقٍ، إلَّا أنِّي أخَافُ الكُفْرَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ فَقالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عليه، وأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا”[6] والله أعلم.[7]

كم تبلغ عدة المختلعة

لقد أجمع غالبية جمهور أهل العلم على أنَّ عدَّة المختلعة مثل عدة المطلقة تمامًا وهي ثلاثة قروء كاملة، وهذا قول أتباع المذهب الشافعي وبهذا القول حكى الإمام أحمد رحمه الله، ويرى بعض أهل العلم أنَّ عدتها حيضة واحدة فقط، ولكنَّ الراجح أنَّ عدَّدتها ثلاثة قروء أي ثلاث حيضات، وإذا كانت المختلعة حاملًا، فعدتها حتَّى تضع حملها ولو وضعتها بعد خُلعها بيوم واحد، وقد استدلَّ أهل العلم في قولهم إنَّ عدَّة المختلفة كعدة المطلقة بقول الله تعالى في سورة البقرة: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[8] والله تعالى أعلم.[9]

بهذه المعلومات نصل إلى نهاية هذا المقال الذي تحدَّثنا فيه عن شروط الخلع بدون عوض بعد أن عرفنا الخُلع في لعة واصطلاحًا، وتحدَّثنا فيه عن حكم الخُلع وعن حكمه دون عوض وعن مقدار العوض في الخلع وعن شروط صحة الخلع في الإسلام أيضًا.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com , خلع , 27/07/2021
  2. ^ سورة البقرة , الآية 229.
  3. ^ islamweb.net , متى يحق للمرأة طلب الخلع , 27/07/2021
  4. ^ غاية المرام , الألباني، ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، 263، صحيح.
  5. ^ islamqa.info , خالعها بدون عوض ولا شهود ، فهل يصح الخلع ؟ , 27/07/2021
  6. ^ صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عباس، 5276، صحيح.
  7. ^ al-eman.com , موسوعة الفقه الإسلامي , 27/07/2021
  8. ^ سورة البقرة , الآية 228.
  9. ^ alukah.net , بيان عدة المختلعة , 27/07/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *