صفات المؤمنين في سورة المؤمنون

ما هي صفات المؤمنين في سورة المؤمنون ؟ فهذه الصفات هي مجموعة من الخصال الحميدة التي يحصل بها السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، وهي تجمع بين حقوق الله تعالى على عباده، وحقوق العباد بعضهم على بعض، كما ذكر فيها أعمال تخصّ القلوب وأعمال تخصّ الجوارح، وسنذكر الصفات بالتفصيل في هذا المقال.[1]

سورة المؤمنون

قبل الحديث عن صفات المؤمنين التي ذكرت في سورة المؤمنون ، من الجيد أن نتحدث قليلًا عن سورة المؤمنون، فهي من السّور المكيّة، وعدد آياتها مئة وثماني عشر آية، وترتيبها الثالث والعشرون في سور القرآن الكريم، أمّا ترتيبها من حيث النزول على رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- فهي السورة السادسة والسبعون، وقد نزلت قبل سورة تبارك وبعد سورة الطور، وسميت بسورة المؤمنون لأنّ الله تعالى افتتحها بذكر صفات المؤمنين وفلاحهم، وقد تحدثت في كثير من المحاور كوحدانيّة الله تعالى، ونبذ الشرك، كما بيّنت فلاح المؤمنين وذكرت صفاتهم التي أدت بهم إلى الفلاح، كما ذكرت السورة دلائل الإيمان بالله تعالى في البشر وفي الكون.[2]

صفات المؤمنين في سورة المؤمنون

افتتحت السورة الكريمة بمدح المؤمنين وأثنت عليهم، وقد بيّن الله تعالى أنّ هؤلاء المؤمنين هم من فاز ونجح وسعد في الدنيا والآخرة، ثم ذكر السور صفاتهم التي أصلتهم للنجاح والسعادة والفلاح، وفي ذلك دعوة للاقتداء بهم والتخلّق بأخلاقهم من أجل نيل الجنة والنجاة من نار جهنم، وفيما يأتي أبرز صفات المؤمنين في سورة المؤمنون:[1]

• الخشوع في الصلاة: وهي الصفة الأولى للمؤمنين التي نالوا بها فلاح الدنيا والفوز بالفردوس في الآخرة، وكان ذلك في قوله تعالى: “الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ “[3]، فالصلاة هي من أعظم العبادات التي تصل العبد بربّه، وأساسها الخشوع وهو الخوف الذي يؤدي إلى تعظيم الله تعالى.
•  الإعراض عن الباطل: ويكون هذا الإعراض عن الباطل سواء كان قولًا أو فعلًا، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: ” وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ”[4].

• إيتاء الزكاة: وذلك لتزكية النفس والمال فالزكاة في معناها اللغوي هي التطهير، فالنفس الإنسانيّة تمتلأ بالعيوب والنقائص، وعلى الإنسان أن يصلحها ويقوّم اعوجاجها، والفلاح لمن استطاع ذلك، وكان ذلك في قوله تعالى: “وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ”[5].
• حفظ الفروج: وهو حفظ الفروج عن الحرام، فالرغبة الجنسيّة فطرة بشريّة وطبيعة في الإنسان البالغ ولا بدّ من صاحبها أن يخرجها ويصرفها، وقد جعل الله تعالى لذلك طريقًا صالحًا نافعًا نظيفًا وهو الزواج، وهو سبب السعادة والعفّة والذريّة الصالحة وتعارف الناس وصلاح الحياة، وقد قال الله تعالى في ذلك: “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ”[6].
• أداء الأمانة: فالأمانة هي حقّ على الإنسان حفظه، فعبادة الله تعالى هي أمانة، كما أنّ الحكم أمانة والحقوق الزوجيّة أمانة وتربية الأطفال أمانة، والعمل أمانة، والتجارة أمانة، والأسرار أمانة، كل شيء في الحياة يتطلب الأمانة للحفاظ عليه، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: “وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ”[7].

• المحافظة على الصلاة: والمحافظة تعني الاستمرار عليها، والمداومة على إقامتها في أوقاتها المحددة وبشروطها وأركانها وواجباتها على أمّ وجه، فللصلاة في الإسلام منزلة عالية، وقد جاء ذلك في قوله تعلى: “وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ”[8].

جزاء المؤمنين يوم القيامة

بعد ذكر صفات المؤمنين في سورة المؤمنون ، من الجيد أن نتعرّف جزاءهم في الآخرة، وقد بيّن الله تعالى ذلك في الكثير من السور الكريمة، فقد قال تعالى في سورة الأنفال: “أُولـئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حَقًّا لَهُم دَرَجاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ”[9]، ومن جزاء المؤمنين هو مدحهم بأنّ الله تعالى وصفهم بالإيمان، كما أنّ لهم الدرجات العليا عند الله تعلى وتتفاوت هذه الدرجات بحسب تفاوتهم في الإيمان وخشوع قلوبهم، وتلاوتهم للقرآن الكريم، ومن جزائهم معفرة الله تعالى لذنوبهم والعفوة عن زلاتهم والتجاوز عن سيئاتهم وتغمدهم بالرحمة، ورزقهم الرزق الكريم.[10]

وهكذا نكون قد عرفّنا بسورة المؤمنين، وبيّنا صفات المؤمنين التي ذكر في السورة، كخشوعهم في الصلاة وإيتائهم للزكاة، وحفظهم لفروجهم وإعراضهم عن لغو الحديث، كما ذكرنا جزاء المؤمنين في يوم القيامة.