مؤلف كتاب المغني في الأدوية المفردة

مؤلف كتاب المغني في الأدوية المفردة

مؤلف كتاب المغني في الأدوية المفردة أحد أهمّ الصيادلة والعشّابين في العالم العربيّ، ويعود إليه الفضل في البحوث والتجارب والتطبيق على الأعشاب والنباتات، فاستحقّ بجدارةٍ لقب الطّالب الذي تفوّق على أستاذه، حتّى أنّه سبق عشّابي زمانه.

مؤلف كتاب المغني في الأدوية المفردة

مؤلف كتاب المغني في الأدوية المفردة هو ابن البيطار ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد المالقي، وهو عالمٌ نباتيٌّ وصيدليٌّ موسوعيٌّ، ولد عام 593 هـ/ 1197 م في الأندلس بمدينة مالقة التي يُنسب إليها، أمّا لقبه ابن البيطار فنسبةً إلى مهنة والده الذي كان يعمل بيطريّاً حاذقاً. تعلّم في إشبيليّة على أيدي أشهر علماء العصر آنذاك، مثل النباتيّ ابن الروميّة، وأبي العبّاس، وعبد الله بن صالح الكتامي، وغيرهم. وقد كان يقضي جلّ أوقاته في الغابة القريبة لقريته، فترسّخ لديه حبّ النباتات والطبيعة، وتُعتبر الغابة بالنسبة له أوّلى مدارسه. وافته المنيّة في دمشق عام 646 هـ/ 1248 م، عن عمر يناهز 51 عاماً، إثر تعرّضه للسمّ أثناء تجاربه على النباتات، حيث تسرّب السمّ إلى جسده من نبتةٍ حاول أن يصنع الدواء منها. [2]

رحلات ابن البيطار

لمّا بلغ ابن البيطار العشرين من العمر ارتحل إلى عدّة بلدان بصفته باحث في علم النبات، فزار كلّ من المغرب وتونس والجزائر، ثمّ اتّجه نحو الشّام والحجاز والقدس وبيروت ومصر التي اجتمع فيها بالملك الكامل، فاعتمد الملك الأيوبي على خبرته فيما يتعلّق بالأدوية والنباتات، وعيّنه رئيساً للعشّابين في البلاد، وبعد وفاة الملك بقي مع ابنه الملك الصالح، وكانت له المكانة و الحظوة  الرفيعة لديه. عاد إلى مدينة دمشق، وتفرّغ فيها لأبحاثه العلمية حول النباتات السوريّة ووثّق نتائج أبحاثه. جدّد الترحال قاصداً آسيا الصُغرى، وأنطاكية، واتّجه فيما بعد إلى اليونان وباقي البلاد الأوروبيّة، والتي كانت تُعرف باسم بلاد الروم، حيث كان يطّلع ويدرس النباتات بشكلٍ ميدانيّ، فيتحقّق منها، إضافة إلى دراسته لمعظم مؤلّفات الذين سبقوه في موضوعات الأعشاب والصيدلة، كديقوريدس والإدريسي وجالينوس، حتّى استقّر به المطاف أخيراً في دمشق، وانكبّ فيها على تأليف كتبه القيّمة، فأصبح من كبار العلماء في مجاله. [2]

معلومات عن كتاب المغني في الأدوية المفردة

يُعدّ كتاب المغني في الأدوية المفردة واحداً من أشهر الكتب الطبيّة، وهو ثاني كتابٍ من حيث الأهميّة بعد كتابه (الجامع لمفردات الأدوية والأغذية)، وهو بمثابة معجم في صنوف الأدوية، إذ بحث فيه عن آثار الأدوية في جسم الإنسان، متّبعاً طريقة الشرح المختصر وبأسلوبٍ سلِسٍ جذّاب، حيث وصف كلّ عضو في الجسم ونوع العلاج المناسب له، كالعين والأذن والمعدة… وشرح فيه الأدوية المضادّة للحمّى وأيضاً المضادّة للسمّ. وقد قسّم الكتاب إلى عشرين فصلاً، وذكر فيه الأدوية التي لا يستغني عنها الطبيب، وضمّ 1400 عقارٍ نباتيّ ومعدنيّ وحيوانيّ، كان من بينها 300 عقارٍ من صنع يديه. [1]

مؤلفات ابن البيطار

لابن البيطار مؤلّفات عديدة في الصيدلة والأعشاب، أشهرها:

  • الجامع لمفردات الأدوية والأغذية.
  • المغني في الأدوية المفردة.
  • كتاب الإبانة والإعلام بما في المنهاج من الخلل والأوهام، وهو محفوظ اليوم بنسخة فريدة كمخطوط في مكتبة الحرم المكيّ الشريف.
  • كتاب في الطب.
  • تفسير كتاب ديسقوريدوس.
  • الأفعال الغريبة والخواص العجيبة.
  • ميزان الطبيب، وهو محفوظ بنسخة وحيدة بشكل مخطوط في جامعة أبسالا في السويد.
  • رسالة في التداوي بالسموم، وهو محفوظ بنسخة وحيدة في دار الكتب المصريّة بالقاهرة.
  • مقالة في اللّيمون.
  • الأقرباذين.

أقوال ابن البيطار

  • “إنّ أعمال القدماء غير كافية وغامضة من أجل تقديمها للطلاب، لذلك يجب أن تصحّح وتكمّل حتى يستفيدوا منها أكثر ما يمكن.”
  • ذكر في كتابه (الجامع): “سميته الجامع لكونه بين الدواء والغذاء، واحتوى على الغرض المقصود مع الإيجاز والاستقصاء… عنيت بذكر ماهيات هذه الأدوية وقوامها ومنافعها ومضارها وإصلاح ضررها والمقدار المستعلم في جرمها أو عصارتها أو طبيخها والبدل منها عند عدمها. استوعبت فيه جميع ما في الخمس المقالات من كتاب الأفضل ديسقوريدس بنصه، وكذا فعلت أيضاً بجمع ما أورده جالينوس في الست مقالات من مفرداته بنصه، ثم ألحقت بقولهما من أقوال المحدثين، وفي الأدوية النباتيّة والمعدنيّة والحيوانيّة ما لم يذكراه، ووضعت فيه عن ثقات المحدثين وعلماء النباتيّين ما لم يصفه، وأسندت في جميع ذلك الأقوال إلى قائلها، وعرفت طريق النقل فيها بذكر ناقلها، فما صحَّ عندي بالمشاهدة والنظر، وثبت لدي بالمخبر لا بالخبر أخذت به، وما كان مخالفاً في القِوى والكيفيّة والمشاهدة الحسيّة والماهية للصواب نبذته ظاهرياً، ولم أحاب في ذلك قديماً لسبقه ولا محدثاً اعتمد على صدقه”. [3]

أقوال في ابن البيطار

لقد تناول سيرة حياة وأعمال ابن البيطار عدد كبير من الكتّاب والمؤرشفين الشهيرين في عصره مثل:

  • ابن أُصيبعة: “إنّه أوحد زمانه وعلاّمة وقته في معرفة النباتات الطبيّة، إلى جانب حسن عشرته وكمال مروءته وكرم نفسه ما يفوق الوصف، وشاهدت معه في ظاهر دمشق كثيراً من النباتات في مواضعها، ووجدت عنده من الذكاء والفطنة والدراية في النبات وفي الكتب المؤلّفة في هذا العلم ما يُثير التعجّب لذاكرته المتوقّدة النادرة، فكان يذكر كل دواء في أي كتاب ذكر وفي أي مقالة من هذا الكتاب وفي أي عدد هو من جملة الأدوية المذكورة في تلك المقالة، هو أوحد زمانه وعلاّمة عصره في معرفة النبات وتحقيقه واختياره ومواضع نبته ونعت أسمائه على اختلافها وتنوعها”.
  • لوكلرك: “إن ابن البيطار زار الحجاز، حيث جمع نبات الحدق، وفي مدينة القدس وحرمها الشريف وجد نبات الأمذريان أو دمع أبوب، وشاهد الكاكنج في الرها، والبابونج في الموصل، والمرّير في ديار بكر.”
  • راملاندو: “إسهام ابن البيطار في مجال علم النبات يفوق إنتاج السابقين من ديسقوريدس إلى القرن العاشر الهجري”.
  • الدومييلي: “ابن البيطار كان مشهوراً بأنّه أعظم النباتييّن والصيادلة في الإسلام، مع العلم أنّ مؤلَّفاته تعتمد على كتب السابقين له، فقد سجَّلت في جملتها تقدُّماً بعيد المدى”.
  • زيجريد هونكه: “إن ابن البيطار من أعظم عباقرة العرب في علم النبات؛ فقد حوى كتابه (الجامع) كل علوم عصره، وكان تحفة رائعة تنمُّ عن عقل علميٍّ حيٍّ؛ إذ لم يكتفِ بتمحيص ودَرْس وتدقيق 150 مرجعاً من سالفيه -الذين اعتمد عليهم في بحوثه- بل انطلق يجوب العالم بحثاً عن النباتات الطبيّة؛ فيراها بنفسه ويتيقَّن منها، ويُجْرِي تجارِبه عليها، إلى أن وصل به الأمر ليبتكر300 دواء جديد من أصل 1400 دواء التي تضمَّنها كتابه، مع ذكر أسمائها، وطرق استعمالها، وما قد ينوب عنها؛ كل هذا عبارة عن شواهد تُعَرِّفُنا تماماً كيف كان يعمل رأس هذا الرجل العبقري”.
  • ماكس مايرهوف: “إنّه أعظم كاتب عربي خُلِّد في علم النبات”.
  • جورج سارتون: “إنّه خير ما أُلِّف في هذا الموضوع في القرون الوسطى، بل إنّه لأضخم نتاج من نوعه منذ ديسقوريدس حتّى منتصف القرن السادس عشر”.
  • عبد الرزاق نوفل: “ضياء الدين هو أوّل عالم اهتمّ بدراسة الحشائش التي تنبت في الحقل وتضرّ بالمحاصيل، وكوّن لذلك مجموعات في الأنواع المختلفة والأصناف العديدة التي تختص بكلّ محصول، ومازالت فكرة تكوين مجموعات الحشائش هي الأساس الذي يلجأ إليه علماء النبات في أبحاثهم حتّى الوقت الحاضر”.

يُعدّ ابن البيطار مؤلّف كتاب المغني في الأدوية المفردة من أعظم علماء العصور الوسطى، إذ ساهم في ترسيخ المصطلح الطبّي العربيّ، ولاقت أبحاثه نجاحاً كبيراً وانتشرت في الشّرق والغرب، وفي عهد الملك البريطاني جيمس الأوّل، اعتُمد كتاب (الجامع) مرجعاً رئيسياً في تأسيس أوّل صيدليّة أعدّتها كليّة الطبّ في بريطانيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *