من بنى مدينة الفسطاط

من بنى مدينة الفسطاط

من بنى مدينة الفسطاط التي شكلت عاصمةً لإقليم مصر الإسلامي بعد فتحه على يد العرب المسلمين في العام 21 للهجرة إثر سيطرتهم على مدينة الإسكندرية عاصمة الإمبراطورية الرومانية في مصر، حيث سيتناول المقال التالي موضوع من بنى مدينة الفسطاط مع الإضاءة على أبرز المحطات التاريخية التي غيرت وجه المدينة منذ لحظة بنائها 641 م، وحتى تحولت إلى وجهةٍ أثريةٍ بارزةٍ في العاصمة المصرية القاهرة.

مدينة الفسطاط

تقع مدينة الفسطاط الأثرية في جمهورية مصر العربية على ساحل نهر النيل في الجزء الشمالي الشرقي منه بالقرب من موضع تفرع النيل إلى فرعي الرشيد ودمياط، وتبعد عن القاهرة مسافة ميلين تقريبًا، وتعرف حاليًا في مصر باسم “حي مصر القديمة” الذي يعتبر واحدًا من أعرق أحياء القاهرة وأكثرها توغلًا في التاريخ، إذ يضم العديد من الأماكن الأثرية الشامخة التي تروي قصص الحضارات المتوالية التي مرت على المدينة.

وتعتبر مدينة الفسطاط العاصمة الإسلامية الأولى لجمهورية مصر العربية، بعد أن كانت مدينة الإسكندرية عاصمةً للبلاد في عهد البطالمة والرومان، حيث بناها المسلمون وجعلوا منها عاصمةً لهم في إقليم مصر الإسلامي لما يزيد عن 110 أعوامٍ، وقد استفادت مدينة الفسطاط من موقعها على النيل حيث استطاع سكان المدينة الحصول على الماء اللازم لهم ولمواشيهم ولزراعتهم، كما مكنها موقعها الاستراتيجي من التحكم بطرق المواصلات الداخلية والخارجية بين إقليم ومصر وبلاد الشام من جهةٍ، وبين إقليم مصر وبلاد الحجاز من جهةٍ أخرى، أما مناخ المدينة فهو مناخ شبه صحراويٍ مع حرارةٍ مرتفعةٍ خلال ساعات النهار، ومنخفضةٍ في الليل، وأمطارٍ تكاد تكون نادرةً، ويمكن معرفة المزيد من المعلومات حول مدينة الفسطاط الأثرية من خلال زيارة الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار المصرية “من هنا“.

شاهد أيضًا: ما هو الاسم الحالي لمدينة الفسطاط

من بنى مدينة الفسطاط

فتح العرب المسلمون إقليم مصر بقيادة القائد الإسلامي المحنك “عمرو بن العاص” في العام 20 هـ، الموافق 641 م، بعد معاركٍ عنيفةٍ شهدتها أسوار مدينة الإسكندرية، وحصارٍ استمر لما يزيد عن شهرٍ حتى سلم أهل مصر وقبلوا بالصلح، وبعد رفض الخليفة عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” تحويل مدينة الإسكندرية من عاصمةٍ للرومان إلى عاصمةٍ للمسلمين، توجه القائد عمرو بن العاص إلى مكانٍ بالقرب من تفرع نهر النيل إلى فرعيه حيث كان ينصب خيمته قبل فتح الإسكندرية، وكان الموقع خاليًا من البناء والعمارة إلا من حصنٍ رومانيٍ قديمٍ يعرف باسم “قصر الشمع” بالقرب من مدينة “منف” الفرعونية، ثم أشار إلى أصحابه ببناء مدينةٍ جديدةٍ في هذا الموضع لتكون أول وأقدم العواصم الإسلامية في إقليم مصر، وعليه فإن من بنى مدينة الفسطاط هو القائد الإسلامي عمرو بن العاص في سنة 20 هـ، 641 م.[1]

وقد أطلق القائد المسلم عمرو ابن العاص اسم “الفسطاط” على المدينة والتي تعني “خيمة” لأنها أنشئت في المكان الذي نصب فيه المسلمون خيامهم أثناء توجههم لفتح الإسكندرية، وبدأت عمارة الفسطاط ببناء جامع “عمرو بن العاص” الذي أطلق عليه فيما بعد اسم “الجامع العتيق”.

شاهد أيضًا: بنى المسلمون المدن لأغراض متعددة مثل

تاريخ مدينة الفسطاط

أراد القائد الإسلامي عمرو بن العاص اتخاذ مدينة الإسكندرية عاصمةً لإقليم مصر الإسلامية بعد فتحها بتاريخ 21 هـ، الموافق 641 م، فأوفد إلى الخليفة عمرو بن الخطاب “رضي الله عنه” يستأذنه في ذلك، غير أن الخليفة عمر (ر.ض) سأل رسول عمرو بن العاص “هل يحول بيني وبين المسلمين ماء؟” فأجاب الرسول “نعم”، فكتب الخليفة عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” إلى ابن العاص أن يرحل عن هذا المكان إلى مكانٍ آخر لا يحول بينه وبين المسلمين ماء لا في الصيف ولا في الشتاء. الأمر الذي دفع القائد عمرو بن العاص إلى التوجه إلى موضع فسطاطه القديم وكان مضروبًا في موضع دار تعرف باسم “دار الحصى” ثم تزاحم الصحابة في نصب خيامهم حول خيمته، فقام عمرو بن العاص بعد ذلك بخط موضعٍ لجامعٍ عرف باسم جامع “عمرو بن العاص”، وفيما بعد “جامع العتيق” وقد أشرك القائد الإسلامي ثمانين صحابيًا جليلًا في وضع قبلة المسجد.

وهناك بنى المسلمون مدينة الفسطاط، وبدأ القبائل العربية بالتوافد إليها سريعًا، ولم تلبث أن اتخذت شكل المدينة بجامعها الكبير وأسواقها التجارية ودور السكن التي بدأت بالارتفاع مع مرور الزمن، وقد بقيت مدينة الفسطاط دارًا للإمارة الإسلامية حتى سقوط الدولة الأموية.

شاهد أيضًا: من الأمثلة على أهم المدن التي بناها المسلمون

اشهر معالم مدينة الفسطاط

تضم مدينة الفسطاط عددًا من المعالم الأثرية موغلة القدم في التاريخ بعضها يعود للعصر الروماني، وبعضها يرتبط بالعصر الإسلامي، ومن اشهر معالم مدينة الفسطاط

جامع عمرو بن العاص

يعتبر جامع عمرو بن العاص أول جامعٍ أقيم في مصر ويعرف باسم الجامع العتيق، وقد بناه من بنى مدينة الفسطاط في موضع بيت قيسبة بن كلثوم التجيبي الذي تصدق به على المسلمين بعد أن سأله عمرو بن العاص بذلك، وكان ذلك بعد فتح المسلمين لمدينة الإسكندرية عام 21 هـ، وقد شكل المسجد بعد بنائه جامعةً إسلاميةً ذاع صيتها في الآفاق ووجهةً قصدها طلاب العلم من الأقطار المختلفة.

حصن بابليون

بُني حصن بابليون في عهد الإمبراطور الروماني تراجان أثناء سيطرة الرومان على مصر في القرن الثاني الميلادي، ثم أعيد ترميمه وتوسيعه في عهد الإمبراطور الروماني أركاديوس في القرن الرابع الميلادي بعد أن وجد الرومان فيه موقعًا استراتيجيًا مهمًا للدفاع عن ثغور الإمبراطورية الشرقية.

الكنيسة المعلقة

تعتبر الكنيسة المعلقة من أقدم الكنائس التي لا تزال موجودةً في مصر حتى اليوم، وقد بنيت في عهد الإمبراطور الروماني تراجان في القرن الثاني الميلادي، وسميت بالكنيسة المعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة التي تعود للحصن الرومان “حصن بابليون”.

شاهد أيضًا: ما هي اكبر مدينة افريقية

وبهذا يختم المقال الذي تناول موضوع من بنى مدينة الفسطاط مرورًا بعرض أبرز المحطات التاريخية في تاريخ المدينة منذ بنائها على يد المسلمين بعد فتحهم لمدينة الإسكندرية في العام 21 هـ، الموافق 641 م، وحتى تحولها إلى معلمٍ أثريٍ من معالم مدينة القاهرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *