من هو مؤلف رواية البؤساء

من هو مؤلف رواية البؤساء

من هو مؤلف رواية البؤساء هذه القصّة التي صنّفت كعلامة فارقة في تاريخ الأدب الروائيّ، فأبكت كلّ مَن قرأها أو شاهدها على شاشة التلفاز وتفاعل مع شخصيّاتها، إنّه بلا شكّ عبقريّ الرواية العالميّة التي خطفت القلوب والأبصار، فالألقاب كلها لا تكفيه، وكلّ الجوائز والتكريمات لا تفيه حقّه لما قدّمه من إبداعات متميّزة.

من هو مؤلف رواية البؤساء

مؤلف رواية البؤساء هو فيكتور ماري هوغو، الرّوائي والقاص والشّاعر والرسام والكاتب المسرحيّ الفذّ، وأحد أبرز رواد الرومنسيّة الأدبيّة الفرنسية. ولد في 26 شباط/ فبراير عام 1802 في مدينة بيزانسون في فرنسا، ذاع صيته واشتُهر عالميّاً بعد نجاح روايتيه أحدب نوتردام (1831)، والبؤساء (1862). [1] [4]

نشأة فيكتور هوغو

فيكتور هوغو هو أصغر إخوته الثلاث، فوالدته هي صوفي تريبوشيه، وأبوه جوزيف ليوبولد سيجيسبرت هوغو الذي كان جنرالاً في جيش نابليون، وبسبب سفر والده المستمرّ مع الجيش الإمبراطوري، وبسبب الاختلاف في الآراء السياسيّة، نشبت الخلافات العائليّة التي سُرعان ما أدّت إلى انفصالهما. كانت هذه الفترة من طفولته فوضويّة، عانى فيها من عدم الاستقرار الأسريّ، حيث تنقّل كثيراً من باريس إلى إلبا أو نابولي أو مدريد، ليعود من جديد مع والدته إلى باريس التي اهتمت بتعليمه وإخوته. تبنّى فيكتور آراء والدته السياسيّة المؤيّدة للنظام الملكيّ في فرنسا، ولكنه سرعان ما انتفض على الملكيّة، وأيّد قيام النظام الجمهوري وقاوم في صفه، ونفي إلى بروكسل إثر قيام الثورة الفرنسيّة عام 1848، بالرغم من أن ميله سابقاً إلى الحكم الملكيّ قد أكسبه معاشاً تقاعديّاً من الملك الفرنسي لويس الثّامن عشر. [1]

بداية فيكتور هوغو الأدبية

تخرّج فيكتور هوغو من كليّة الحقوق في باريس عام 1816، إلاّ أنّه امتلك طموحات أُخرى غير دراسة القانون، فلم يُمارس المحاماة أبداً، وبدأ في الكتابة فكان يملأ الدفاتر بالكتابات والترجمات حيث كتب بدايةً مأساتان، ومسرحية، ومجموعة مرثيّات، وبتشجيع من والدته أسّس (جريدة المحافظون الأدبيّة)، ونشر فيها مقالاته الخاصّة وأعماله الشعريّة، كما نشر لأصدقائه من الشعراء مثل ألفونس دي لامارتين وأندريه دي شينييه. توفيت والدته عام 1821، وبعدها تزوّج فيكتور من صديقة الطفولة (أديل فوشيه)، وأنجب منها خمسة أبناء. وفي نفس العام نشر كتابه الشعريّ الأوّل Odes et poésies diverses. في عام 1823 نشر روايته الأُولى Han d’Islande، والتي تُرجمت عام 1825 إلى اللّغة الإنكليزيّة، وهكذا توالت أعماله الأدبيّة ليكتب رائعته الشّهيرة رواية (أحدب نوتر دام) التي أسّست لنجوميّته الأدبيّة، وفيها انتقد تصرّفات المجتمع المُسيئة والمُهينة بحق كوازيمودو الأحدب. [1]

المناصب التي شغلها فيكتور هوغو

اشتُهر فيكتور هوغو بإنتاجاته الأدبيّة الغزيرة، وسرعان ما أصبح من أبرز رجالات الفكر والأدب في فرنسا، وقد جرى انتخابه ليكون عضواً في الأكاديميّة الأدبيّة الفرنسيّة عام 1841، كما جرى ترشيحه ليكون أحد أعضاء مجلس النبلاء في باريس عام 1845، وكان ناشطاً اجتماعيّاً في الدفاع عن حقوق الإنسان، ودعا لإلغاء حكم الإعدام. [1]

فيكتور هوغو ورواية البؤساء

تعرّض فيكتور هوغو لصدمة كبيرة إثر وفاة ابنته ليوبولدين مدلَّلته ذات التسعة عشرة عاماً، التي غرقت هي وزوجها الذي كان يحاول إنقاذها في نهر السين، فكتب لها مرثيّات عديدة، لتتوالى عليه الأحداث المُحزنة كوفاة زوجته، واثنين من أبنائه بعدها، وليخرج من دائرة الحزن الذي عصف به، لجأ إلى الكتابة التي وجد فيها ملاذه في الهروب من صور الذكريات الأليمة في نفسه، وبدأ بكتابة رواية جديدة لتكون هي رواية البؤساء Les Misérables ذائعة صيت، والتي نشرها عام 1862، وفيها تناول شخصيّة جان فالجان الرجل البائس الذي حوكم بالسجن مدة 19 سنة لأنّه سرق رغيف خبز، والصراعات التي واجهها نتيجة ظلم المجتمع له. لاقت هذه الرواية نجاحاً مدويّاً في كافّة الدول الأوربيّة وكذلك في أمريكا، فقد جرى تمثيلها في فيلمٍ سينمائيّ، وكذلك أُخرجت في مسرحيّة موسيقيّة مغنّاة، وأصبحت رواية البؤساء واحدة من أشهر الروايات الأدبيّة في القرن التاسع عشر. [2]

حقائق غريبة عن هوغو والبؤساء

رغم الشهرة الواسعة التي حقّقتها رواية البؤساء إلّا أنّه لا بد من ذكر بعد الحقائق المتعلّقة بهذه بالرواية، وهي:

  • قوبلت رواية البؤساء في بداية نشرها بانتقادات واسعة لاذعة واستهجان من قِبَل النقاد.
  • تُعتبر رواية البؤساء أشهر الروايات التي تهافت الجنود الأمريكيّون على قراءتها أثناء الحرب الأهليّة.
  • كان فيكتور هوغو يمتلك طقوس غريبة يلجأ إليها أثناء مروره في مرحلة النضوب الإبداعيّ، ففي تأليفه لهذه الرواية تجرّد من كلّ ملابسه واعتكف في غرفة منعزلة في بيته برفقة قلمٍ وورقة فقط، ليحثّ مخيّلته على الكتابة واقفاً.
  • يعرف عن فيكتور هوسه بالأقدام.
  • اشتُهر فيكتور لدى الفرنسيين كشاعر بينما في الدول الناطقة بالإنكليزيّة فاشتهر كروائيّ. [2]

وفاة فيكتور هوغو

توفيّ الأديب فيكتور هوغو بعد سنوات طوال قضاها في البؤس والحزن في مدينة باريس في 22 أيار/ مايو عام 1885، عن عمر ناهز الثّالثة والثمانين عاماً، إثر إصابته بمرض ذات الرئة، وقد جرى تشييعه في مواكب مهيبة حيث حضر جنازته الملايين من النّاس، ودفن لمدة من الوقت تحت قوس النصر في باريس، ونقل رفاته لاحقاً ليُدفن في مقبرة العظماء. [1]

تكريم فيكتور هوغو

كُرّم فيكتور هوغو في حياته، وبعد مماته، وأهمّ هذه التكريمات:

  • نال نيشان جوقة الشرف برتبة ضابط عام 1837 وجائزة المنافسة العامة.
  • في عيد ميلاده الثمانين أُطلق اسمه على الشّارع الذي يقطن فيه وهو Avenue Victor Hugo.
  • بعد مماته أُطلق اسم فيكتور هوغو على شوارع غالبيّة مُدن وقُرى فرنسا.
  • كما طُبعت صورته على الفرنك الفرنسيّ.
  • حوّل بيته في ساحة فوج في باريس إلى متحفٍ يحمل اسمه.
  • تُرجمت أعماله إلى كلّ لغات العالم. [1]

مؤلفات فيكتور هوغو

لقد أبدع فيكتور هوغو في مختلف صنوف الأدب، وترك إرثاً عظيماً للمكتبة الأدبيّة، من أهمّ هذه الكتب: [4]

  • مسرحية كرومويل – 1819.
  • قصائد متنوّعة – 1822.
  • هانز الأيسلندي –
  • آخر يوم لمحكومة عليه بالإعدام – 1829.
  • مسرحية إيرناني – 1830.
  • أحدب نورتردام – 1831.
  • أوراق شجر الخريف – 1831.
  • الملك يلهو – 1823.
  • لوكريسيا بورجيا – 1833.
  • ماري تيودور – 1833.
  • خليط الأدب والفلسفة – 1834.
  • كلود جو – 1834.
  • أنجيلو، طاغية بادوا – 1835.
  • أغاني الشفق – 1835.
  • الأصوات الداخلية – 1837.
  • ريوبلاس – 1838.
  • الأشعة والظلال – 1840.
  • نهر الراين – 1842.
  • نابليون الصغير – 1852.
  • العقوبات – 1853.
  • أسطورة العصور – 1859.
  • البؤساء 1862.
  • وليم شكسبير – 1864.
  • أغاني الشارع والخشب – 1865.
  • عمال البحر – 1866.
  • الرجل الضاحك – 1869.
  • العام الرهيب – 1872.
  • ثلاثة وتسعون – 1874.
  • أبنائي – 1874.
  • أفعال وأقوال قبل النفي – 1875.
  • أفعال وأقوال بعد النفي – 1876.
  • البابا – 1878.
  • الأديان والدين – 1880.
  • الحمار – 1880.
  • الاتجاهات الأربع للروح – 1881.
  • توركيمادا – 1882.
  • أسطورة العصور – 1883.
  • أرخبيل المانش – 1883.

أقوال عن فيكتور هوغو

لقد أثنى على شخصيّة فيكتور هوغو وأعماله الرّائعة كبار الصحفيين والكتّاب في العالم:

  • جان مارك هوفاس الأستاذ في جامعة السوربون والمتخصص في مؤلفات فيكتور هوغو وكاتب سيرته الذاتية: “كان الطموح السياسيّ والاجتماعيّ الذي عبّر عنه فيكتور هوغو في كتاب البؤساء لافتاً. هو يرتكز على إرساء الديموقراطيّة مع شعب يُجيد القراءة. كان فيكتور هوغو يطمح إلى تنشئة قرّائه، مثلما يُربّي المعلّمون تلاميذهم. أراد أن يُنشئ الشّعب في الجمهوريّة الكُبرى التي يحلم بها في فرنسا وأوروبا والعالم. عمل على توسيع قاعدة قرّائه وأراد أن يشعر بأثره القوي ومنفعته في العالم أجمع. من المُدهش أن نُلاحظ إلى أيّ حدّ نجح في تحقيق أهدافه لأن روايته أصبحت بكلّ وضوح أشهر رواية فرنسية في العالم.
  • آرثر رامبو: “إنه شاعر في الأساس. سنكتشف جميع جوانب شخصيّة هوغو، فنتعرّف عليه قبل نفيه من بلده وخلال سنوات النفي. أكدت زوجته على قوّة الرّابط بينه وبين شخصيّة “ماريوس” في كتابه البؤساء، وهي علاقة واضحة عند الاطلاع على سيرته. حتى هوغو شخصيّاً يقول في تصريح له: هذه الأحداث تحمل جزءاً من ذكرياتي”.
  • قال فيه الشاعر حافظ إبراهيم:

“أعجميٌّ كاد يعلو نجمه

في سماء الشّعر نجم العربي

صافح العلياء منها والتقى

بالمعرّي فوق هام الشّهبِ”.

أقوال فيكتور هوغو

إنّ أقوال فيكتور هوغو ليست أقوالاً أدبيّة إبداعيّة فقط، بل هي رؤية فلسفيّة للحياة:

  • “لا قوّة كقوّة الضمير، ولا مجد كمجد الذكاء”.
  • “على الرغم من كون الحياة قصيرة، إلّا أنّنا نجعلها أقصر بتضييع الأوقات دون أدنى مبالاة”.
  • “ليس هناك جيش أقوى من فكرةٍ حان وقتها”.
  • “أعظم سعادة في الدنيا أن نكون محبين”.
  • “الشرق عالم ساحر مشرق وهو جنة الدنيا، وهو الربيع الدائم مغموراً بوروده، وهو الجنة الضاحكة، وأن الله وهب أرضه زهوراً أكثر من سواها، وملأ سماءه نجوماً أغزر، وبث في بحاره لآلئ أوفر”. [3]
  • “قد يكتب الرجل عن الحب كتاباً… ومع ذلك لا يستطيع أن يعبّر عنه، ولكن كلمة عن الحب من المرأة تكفي لذلك كله”.
  • “إذا صغر العالم كله؛ فالأم تبقى كبيرة”.
  • “الحبّ هو أجمل سوء تقدير بين الرجل والمرأة”.
  • “حين تعيق مجرى الدم في الشريان تكون السكتة، وحين تعيق مجرى الماء في النهر يكون الفيضان، وحين تعيق مستقبل شعب تكون الثورة”. [3]
  • “أعظم أعمال الإنسان تظهر في الصراعات الصغيرة، الحياة، العزلة، الفقر، الهجر والبلاء؛ فكلّها ميادين معارك لها أبطالها وهم أبطال مغمورون، ولكنهم في بعض الأحيان يكونون أعظم من الأبطال المشاهير”.
  • “الرجل هو البحر والمرأة هي البحيرة؛ فالبحر تزيّنه اللآلئ والبحيرة تزيّنها مناظرها الشاعريّة الجميلة، الرجل نسر يطير في الجوّ ويحكم كل ما تحته، أمّا المرأة فهي بلبل تغرد، وعندما تغرد هذه المرأة تحكم القلوب، الرجل له مصباح هو الضمير، والمرأة لها نجم هو الأمل، الرجل ملتصق بالأرض، والمرأة دائماً بالسماء”. [3]
  • “بعد الاعتراف الأوّل، لا تعود كلمة أحبّك تعني شيئاً، لذا دافع كبار العشّاق، عن شرف الكلمات البكر التي خُلقت لتُلفظ مرّة واحدة؛ فبالنسبة لهؤلاء كلمة أحبك حدث لغويّ جلل”. [3]

وإذا سُئلت من هو مؤلف رواية البؤساء، سأُجيب بأنّه لا بدّ من قراءة هذا المقال، الذي أوجزت فيه بالتأكيد رحلة عطاء فيكتور هوغو أحد عظماء الأدب وأمير الرواية العالميّة بلا منازع.

المراجع

  1. ^ britannica.com , Victor Hugo French writer , 30/ 1/ 2021
  2. ^ salon-litteraire.linternaute.com , Les Misérables, de Victor Hugo : Résumé , 30/ 1/ 2021
  3. ^ citations.ouest-france.fr , Toutes les citations de Victor Hugo, ses meilleures pensées , 30/ 1/ 2021
  4. ^ amazon.com , Victor Hugo , 30/ 1/ 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *