هل الوعثاء والعناء شيئان محسوسان

هل الوعثاء والعناء شيئان محسوسان
هل الوعثاء والعناء شيئان محسوسان

هل الوعثاء والعناء شيئان محسوسان ؟ سؤال من الأسئلة البلاغية في اللغة العربية، فقد كانت اللغة العربية وما زالت على مرّ العصور بحرًا من البلاغة والفصاحة والبيان، وقد اشتهرت بكثرة الألفاظ والمرادفات والتراكيب المجازية فيها والتي تجذب من يقرأها وتشّده للمتابعة، فأصبحت بما تحويه من ألفاظ وتراكيب موطنًا من مواطن الجمال بين لغات العالم، وفي هذا المقال سنبيّن أحد التراكيب المجازية في اللغة العربية ونشرح القاعدة التي اعتمدت عليها.

هل الوعثاء والعناء شيئان محسوسان

الوعثاء والعناء هما لفظان يُشيران إلى شيء معنوي لا حسي، وفي قول أحد الكتّاب: “ليلقوا عن كواهلهم وعثاء السفر أو عناء التعب” تشبيه للعناء والوعثاء بأنّهما شيئان محسوسان يمكن للإنسان أن يحملهما بيديه ويُلقيهما أيضًا، على الرغم من استحالة تحقق ذلك فالعناء أو الوعثاء هما لفظان يدلّان على التعب والمشقة والتعب أمر معنوي لا يمكن لمسحه أو حمله أو التعامل معه بشكل ملموس، فإنّ الكاتب فيما سبق استعار شيئًا من صفات الأشياء الحسية ووضع هذه الصفة بكلمتي العناء والوعثاء وهما أشياء معنوية، وقد نستدل على ذلك بأنّ العناء والوعثاء لا يُحملان وبالتالي هي نوع من أنواع الاستعارة في اللغة العربية، وهي استعارة مكنية.

معنى الوعثاء والعناء

يُستدل على معنى الوعثاء والعناء من معاجم اللغة العربية، والتي تبيّن جذور الكلمات في اللغة العربية، ومعانيها ومرادفاته، وقد ورد معنى الوعثاء والعناء في معجم المعاني كالتالي:

  • الوعثاء: الفعل من كلمة الوعثاء هو وَعَثَ، والمقصود به إي سلك الطريق المليء بالمشقة والتعب، والوعثاء هي كل خصلة مذمومة وهي التعب والمشقة، ووعثاء السفر أي مشقّته وتعبه، وركب الوعثاء أي ارتكب ذنبًا كبيرًا، ووعثت يده أب انكسرت، وتوعذث بأمر أي تعسّر وصًعُب، وتوعث لسلن المرء أي عجز عن الكلام والنطق.[1]
  • العناء: الفعل من كلمة العناء هو عانى، وعانى من أمر ما أي كدّ واجتهد وتعب حتى ناله، وعانى من السفر أي أخذ منه المشقة والتعب والجهد، والعناء هو الإرهاق والضنك والجهد والتعب والمعاناة والمُقاساة، وعناء السفر هو مشقّته وتعبه ومعاناته، وعكس العناء هو الانشراح والارتياح والهناء والانفراج والرضا.[2]

شاهد أيضًا: الفرق بين خائف ومذعور

الاستعارة في اللغة العربية

إنّ الاستعارة هي تشبيه بليغ حُذف أحد طرفيه، ففي التشبيه يجب وجود المشبّه والمشبّه به، أمّا في الاستعارة فيُحذف أحد الطرفين، وللاستعارة في اللغة العربية نوعان هما:[3]

  • استعارة تصريحية: وهي التشبيه الذي حُذف منه الركن الأول أي المُشبه، ومثال ذلك: رأيت ملاكًا يُعالج المرضى، والأصل أن يُشبه الطبيب بالملاك الذي يُعالج المرضى، فقد حُذف المُشبه وهو الطبيب وبقي المشبه به وهو الملاك، وهي استعارة تصريحية.
  • استعارة مكنية: وهي التشبيه الذي حُذف منه الركن الثاني وهو المشبه به، ومثال ذلك: حدّثني التاريخ عن عظمة الأمة الإسلامية، والأصل هو أن التاريخ لا يتكلّم ويُحدّث، إنمّا شبه التاريخ بالغنسان الذي يتحدث، فحذف المشبه به وهو الإنسان، وابقى شيئًا من لوازمه وهو الكلام، وهي استعارة مكنية، وذلك ينطبق على المثال السابق في قول الكاتب: “ليلقوا عن كواهلهم وعثاء التعب أو عناء السفر”، فقد حُذف المشبه به وهو الشيء المحسوس الذي يُحمل، وابقى شيئًا من لوازمه.

شاهد أيضًا: العلم الذي يهتم بالسجع والجناس هو

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال الذي بيّن هل الوعثاء والعناء شيئان محسوسان، كما بيّن معنى كل من الوعثاء والعناء في معجم المعاني، ووضّح أحد قواعد اللغة العربية وهي الاستعارة.