ما هو البال

ما هو البال
ما هو البال

ما هو البال تعتبر كلمة البال من الكلمات الأكثر نطاقًا ودورانًا على الألسنة، يستخدمها العوام والخواص، تجري على اللسان سهلة رائعة معناها، يوصي بها الأهل أبناءهم، والأحبة محبيهم، تتغير ما حولها وما قبلها من الكلمات من بلد لبلد ومن لهجة لأخرى، وتبقى كلمة البال على شكلها وفحواها، لها نفس الحروف، وتحتوي على نفس المشاعر، فما هو البال؟ وما معناه؟ وهل هو عضو في الإنسان؟ وكيف تتحقق راحته؟ هذا كله وأكثر سوف نتناوله في هذا المقال.

ما هو البال

البال هو الفكر والخاطر الذي يخطر على القلب والعقل، وهو شعور وإحساس ينطبع في القلب، وينعكس على الوجه والأعضاء إيجابًا إن كان البال مرتاحًا، وسلبًا وكآبةً إن كان البال منغصًا، كثيرًا ما نسمع وصية على شاكلة طوّل بالك، أو دعاءً نحو الله يصلح بالك، أو تحذيرًا مثل: خلّي بالك، أو ديِّر بالك على حالك، وغير ذلك مما تعرفه الألسنة، وكلمة البال كلمة عربية فصيحة وليست عامية، ووردت في كتب المعاجم والقواميس العربية قديمها وحديثها على أن البال هو ما يدور بالقلب والعقل من الخواطر.

شاهد أيضًا: ما هو التسامح الفكري وأهميته وأنواع التسامح ومظاهره

ما هو البال في جسم الانسان

يظن البعض أن البال عضو وجارحة في الإنسان، والحقيقة أنه ليس عضوًا، ولكنها معنى وإلهام يطرأ على القلب والعقل، فليس البال جزءً من أجزاء الإنسان ولا عضوًا بداخل جسم الإنسان، ولكن لا يمكن الاستغناء عنه وعن العمل على راحته بشتى الطرق؛ لأنه إن تعكر وتنكر وفسد، فالويل لصاحبه من وخزة ألمه.

ما هو البال في القرآن

صلاح البال في القرآن الكريم جاء في سورة واحدة فقط من سور القرآن الكريم، وهي سورة محمد، وذلك من خلال موضعين من مواضع السورة، وهما:

قوله -تبارك وتعالى-: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ, وَهُوَ الحَقٌّ مِن رَبِّهِم كَفَّرَ عَنهُم سَيِّئَاتِهِم وَأَصلَحَ بَالَهُم” [محمد: 2]، وهي من الآيات العظيمة – والقرآن كله عظيم- حيث ذكر القرآن معايير راحة البال التي تتمثل في الإيمان بالله وما نزل على رسول الله محمد –صلى الله عليه وسلم- والعمل الصالح والتوكل على الله من خلال الاعتقاد بأن ما جاء به محمد هو الحق من ربهم، ومعنى كلمة البال في القرآن الكريم توحي بالهدوء والسكينة وراحة القلب.

وقوله –سبحانه وتعالى-: “سَيَهدِيهِم وَيُصلِحُ بَالَهُم” [محمد: 5]، وفي الآية تبشير لأهل الصلاح والتقوى والمجاهدين في سبيل الله بالهداية وصلاح البال ودخول الجنة، وصلاح البال نعمة كبرى تقع بعد نعمة الإيمان في القيمة والأثر، ومعنى البال في القرآن يلقي ظلال الطمأنينة والراحة والثقة والرضى والسلام، ومتى صلح البال، استقام الشعور والتفكير، واطمأن القلب والضمير، وارتاحت المشاعر والأعصاب، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام.

شاهد أيضًا: الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتي في العفو والتسامح

شروط إصلاح البال

لقد وضح لنا القرآن الكريم شروط صلاح البال وحددها في قوله –تعالى-: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ” ويمكن الوقوف بدقة على تلك الشروط من خلال ما يلي:

  • الإيمان بالله: وهو أعظم شعور يمكن أن يشعر به الإنسان، عندما يتملك الإيمان بالله من القلب، وتظهر آثار ذلك الإيمان العميق على القلب والجوارح، ويتبلور إلى راحة قلب وضمير فينام المؤمن حيث لا ينام غيره، ويطمئن حيث لا يطمئن سواه من البشر.
  • عمل الصالحات: وهو مكمل للإيمان بالله تعالى، فلا قيمة للادعاء بأن الإنسان مؤمن بالله، وهو مقيم على المعاصي والسيئات يتقلب فيها ليله ونهاره، ولا قيمة لمن يدعي الصلاح والقيام بأعمال صالحة، مع أنه قاسي القلب كأن قلبه قُدَّ من حجارة.
  • العمل بتعاليم ما نُزِّلَ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ: وهو الشرط الثالث المكمل الشرطين السابقين، ومعناه الانصياع الكامل لكل ما أتى به رسول الإسلام وخاتم الأنبياء والمرسلين وما أنزل عليه من ربه والعمل به.

شاهد أيضًا: الرسول قدوتي في العفو والتسامح .. مطويات عن الرسول قدوتي في العفو والتسامح

صلاح البال في السنة النبوية

وردت كلمة صلاح البال في السنة النبوية الشريفة، وقد ارتبطت الكلمة، بالدعاء بالهداية بعد العطس، كما ورد في حديث أَبِي هُرَيرَةَ – رضي الله عنه – عَن النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: ((إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُم فَليَقُل الحَمدُ لِلَّهِ وَليَقُل لَهُ أَخُوهُ أَو صَاحِبُهُ يَرحَمُكَ اللَّهُ. فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرحَمُكَ اللَّهُ. فَليَقُل يَهدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصلِحُ بَالَكُم))، فقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم- أصحابه بأن يقول الواحد منهم بعد أن يعطس: “الحمد لله” فيرد عليه صاحبه: “يرحمك الله”، فيعود العاطس فيقول: “يهديكم الله ويصلح بالكم”، وهذا من المواقف التي ترسخ التماسك والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم.

حكم قول “يهديكُم الله ويُصلِحُ بَالَكُم” لغير المسلم

من الجائز أن يدعو المسلم لغيره بهذا الدعاء الجميل، ففيه معنى الهداية وراحة البال، وهذا شيء لا يتعارض مع مبادئ الإسلام الذي يتمنى للجميع بالهداية وصلاح البال، فكما جاء في الحديث الصحيح عن أبي موسى: ((كانت اليهودُ يتعاطسون عند النبي – صلى الله عليه وسلم – رَجَاءَ أَن يقول لها: يَرحَمُكُم الله، فكان يقول: يهديكُم الله ويُصلِحُ بَالَكُم)).

تعرفنا في هذا المقال على ما هو البال حيث عرفنا هو ما يجول من خواطر بالنفس والقلب والعقل، وليس له عضو في الجسم، وقد تعرضنا للبال في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية الشريفة، والكثير من المعلومات التي تطرقنا إليها في هذا المقال.