هل صوم يوم عرفه واجب

هل صوم يوم عرفه واجب
هل صوم يوم عرفه واجب

هل صوم يوم عرفه واجب؟ معلومٌ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد رغَّب بصيامِ يومِ عرفةَ، وحثَّ عليهِ، لكن هل الترغيبُ هنا للوجوبِ؟ وهل يختلف حكمُ صيامِ عرفةَ في حقِّ الحاجِّ عن غيرِ الحاجِّ؟ وما هو فضلُ صيامِ يومِ عرفة على وجهِ الخصوص؟ وما هو فضل صيامه على وجه العموم، كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليه في هذا المقال الذي يطرحه موقع محتويات.

هل صوم يوم عرفه واجب

لقد حثَّ الشرعُ الحنيفُ على صيامِ يومِ عرفةَ، ورغَّب النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على صيامه لغيرِ الحاجِّ، لكن الترغيبَ بصيامهِ للاستحبابِ لا للوجوبِ، وبناءً على ذلك فإنَّ صيامَ يومِ عرفةَ غيرُ واجبٍ،[1] أمَّا حكمُ صيامه بالنسبةِ للحاجِّ، فقد تباينت فيه آراءُ أهلِ العلمِ، وفيما يأتي بيان ذلك:

رأي جمهور أهل العلم

ذهب المالكية والشافعية في الجديدِ من مذهبهم والحنابلة إلى عدمِ استحبابِ صيامِ يومِ عرفةَ للحاجِّ، مستدلينَ على ذلك بعددٍ من الأدلة الشرعيةِ، وفيما يأتي ذكر بعضها:[2]

  • الحديث الذي روته أمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث، حيث قالت: (نَّ النَّاسَ شَكُّوا في صِيَامِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ عَرَفَةَ، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ بحِلَابٍ وهو واقِفٌ في المَوْقِفِ، فَشَرِبَ منه والنَّاسُ يَنْظُرُونَ).[3]
  • الحديث الذي رواه الصحابي الجليل عقبة بن عامر، حيث قال: (يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ وهي أيَّامُ أكلٍ وشربٍ).[4]
  • الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر، حيث قال: (حَجَجتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فلم يَصُمهُ، ومعَ أبي بَكْرٍ فلم يَصُمهُ، ومعَ عمرَ فلم يَصُمهُ، ومعَ عُثمانَ فلم يَصُمهُ، وأَنا لا أصومُهُ، ولا آمُرُ بِهِ، ولا أَنهى عنهُ).[5]

شاهد أيضًا: حديث يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام

رأي الحنفية

ذهب جمهورُ أهل العلمِ إلى استحباب صيامِ يومِ عرفةَ للحاجِّ، إن كان صيام هذا اليومِ لا يَُعفه عن العبادةِ، وقد استدلَّ الحنفيةُ على هذا القولِ بحديثِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ ، والسنةَ التي قبلهُ)،[6] أمَّا إذا أضعفه الصيامُ عند أداء الشعائرِ في هذا اليومِ فيُكره له الصيامُ، والله تعالى أعلى وأعلم.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز افراد الجمعه بالصيام للقضاء وما حكم صيام يوم الجمعة قضاء

فضل صيام يوم عرفة

لقد رتَّب الشرعُ الحنيفُ فضلًا عظيمًا على صيامِ يومِ عرفةَ، حيث بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه سببٌ في تكفيرِ ذنوبِ سنتينِ من ذنوبِ العبدِ، حيث قال: (صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ ، والسنةَ التي قبلهُ)،[8] وهذا على وجهِ الخصوص، أمَّا على وجهِ العمومِ، ففيما يأتي بيانُ فضائله:

  • أنَّ صيامَ يومٍ في سبيلِ الله -عزَّ وجلَّ- سببٌ من أسبابِ إبعادِ العبدِ عن النارِ سبعينَ خريفًا، ودليل ذلك قوله: (مَن صامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا).[9]
  • أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- قد نسبَ الصيامَ إلى نفسه، وبيَّن أنَّه وحده الذي يجزي به، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).[10]
  • أنَّ الصيامَ يعدُّ من أفضلِ الأعمالِ عند الله -عزَّ وجلَّ- ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ قالَ عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ قالَ عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه).[11]
  • أنَّ الصيامَ سببٌ من أسبابِ الشفاعةِ لصاحبه يومَ القيامةِ، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ منه أحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أحَدٌ).[12]

شاهد أيضًا: حكم صيام يوم عرفة يوم الجمعة

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختامِ هذا المقال، وفيه تمَّت الإجابة على هذا سؤال هل صوم يوم عرفه واجب؟ وفيهِ تمَّ بيان أنه غيرُ واجبٍ، بل هو مستحبٌ في حقِّ غيرِ الحاجِّ، وغيرُ مستحبٍ في حقِّ الحاجِّ عند جمهورِ أهل العلمِ، كما تمَّ بيانُ فضلُ صيامِ يومِ عرفةَ على وجهِ الخصوص، ثمَّ بيانُ فضلِ صيامه على وجه العموم.

المراجع

[2]كتاب مجلة البحوث الإسلاميةمجموعة من المؤلفين، (284/59)، بتصرف8/7/2022
[3]صحيح البخاريالبخاري، ميمونة أم المؤمنين، 1989، صحيح
[4]صحيح أبي داوودالألباني، عقبة بن عامر، 2419، صحيح
[5]صحيح الترمذيالألباني، عبدالله بن عمر، 751، إسناده صحيح
[6]سنن الترمذيالترمذي، أبو قتادة الحارث بن ربعي، 749، حسن
[7]كتاب مجلة البحوث الإسلاميةمجموعة من المؤلفين، (281/59)، بتصرف8/7/2022
[8]سنن الترمذيالترمذي، أبو قتادة الحارث بن ربعي، 749، حسن
[9]صحيح البخاريالبخاري، أبو سعيد الخدري، 2840، صحيح
[10]صحيح البخاريالبخاري، أبو هريرة، 5927، صحيح
[11]صحيح النسائيالألباني، أبو أمامة الباهلي، 2222، صحيح
[12]صحيح البخاريالبخاري، سهل بن سعد الساعدي، 1896، صحيح