حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم

حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم

حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم من الحقوق الواجبة على الإنسان، ومن الحقوق التي يجب مراعاتها وحسن أدائها، فلمَّا خلق الله تعالى الإنسان ميَّزه عن سائر الكائنات بالعقل، وأوجب عليه مجموعة من الحقوق وأمره بأدائها، ومن أبرز هذه الحقوق حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حق الله الخالق بالعبادة والطاعة والتضرع، وحق النبي صلى الله عليه وسلم الذي أدى الأمانة وأوصل رسالة السماء من الله تعالى، وفيما سيأتي سيتم الحديث عن مفهوم الحقوق في الإسلام وعن حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم.[9]

مفهوم الحقوق في الإسلام

قبل الحديث عن حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم، جدير بالذكر إنَّ الحق في اللغة العربية هو الشيء الثابت الذي لا يمكن إنكاره أو تبديله، وهو خلاف وعكس الباطل، أمَّا في الاصطلاح فالحقوق في الإسلام هي الأشياء التي نصَّ الدين الإسلامي على وجوب أدائها وعدم التهاون أو التفريط بها أبدًا، ففي أدائها تتحقق جملة من المصالح الدينية الأخروية والدنيوية، والتفريط بها يؤدي إلى التفريط بهذه المصالح، لذلك ينبغي أداء الحقوق المفروضة على المسلم جملة وتفصيلًا سواء كانت هذه الحقوق مع الله أو مع الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم أو مع الناس؟

وإنَّ مما لا شكَّ فيه أبدًا إنَّ أعظم الحقوق في الإسلام وأجدرها بحسن الأداء وأحقُّها بالسعي للتحقيق هو حقُّ الله سبحانه وتعالى، حق الله الخالق الذي فطر السماوات والأرض والذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والأولى أن يؤدي الإنسان حقَّ خالقه قبل حقِّ المخلوقات، قال تعالى في سورة الزمر: “اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ”[1] ومن أهم الحقوق التي يجب أداؤها بعد حقِّ الله تعالى هو حق الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول هو المبعوث من عند رب العالمين، ومن أدى حقوق الرسول فقد فاز برضى الله جلَّ وعلا، ومن لم يؤدِ حقوق خير البشر نال سخطًا وغضبًا من الله تعالى، وفيما سيأتي تفصيل في حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسلام.[2]

اقرأ أيضًا: تعار من الليل .. فوائد من حديث تعار من الليل

حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم

حق الله تعالى

إنَّ أعظم الحقوق وأهمها هو حق الله تعالى الذي خلق الإنسان وأوجده من العدم، والذي أخرجه من ظلمات عوالمه الأولى إلى الحياة الدنيا في أحسن خلق، قال تعالى في القرآن الكريم: “وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”[3] وجدير بالقول إنَّ حق الله تعالى يتلَّخص في العبادة والطاعة، فأن يؤدي الإنسان حقَّ الله اي أن يعبده حقَّ العبادة وألَّا يشرك به شيئًا، وهو أمر إلهي صريح ومباشر، ذكره الله صراحة في قوله: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا”[4] فحقُّ الله على العباد أن يعبدوهُ وأن يطيعوه، وهو حقُّ وفرض واجب على كلِّ إنسان في كلِّ زمان ومكان.

فالعبادة ليست من الأشياء التي يُخيَّر الإنسان بها، بل هي حقُّ وفرض إلهي يجب على الإنسان أن يؤديه، وهو دين ينبغي سداده، وقد جاء في صحيح السنة النبوية الشريفة عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنَّه قال: “كُنْتُ رِدْفَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- علَى حِمارٍ يُقالُ له عُفَيْرٌ، فقالَ: يا مُعاذُ، هلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ علَى عِبادِهِ، وما حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ؟، قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّ حَقَّ اللَّهِ علَى العِبادِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحَقَّ العِبادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يُعَذِّبَ مَن لا يُشْرِكُ به شيئًا، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ أفَلا أُبَشِّرُ به النَّاسَ؟ قالَ: لا تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا”.[5] وأساس العبادة في الإسلام هو التوحيد، لهذا يُعدُّ التوحيد الأساس الأول الذي يؤدِّي من خلاله الإنسانُ حقَّ الله تعالى، فبالتوحيد أنزل الله الرسل وبه أمر الناس، والتوحيد أساس الدين وأوله وآخره وما ظهر منه وما بطن، وبه بدأ الدين وإليه ينتهي، وبالتوحيد يكون المسلم مسلمًا والكافر كافرًا.[2]

ومن مظاهر أداء حق الله تعالى أن ينظر الإنسان لأوامر الله بعين العارف الفاهم الراغب بأداء هذه الأوامر مهما كلَّف أداؤها من عناء ومشقة، وأن ينفذ ما أمر الله به وأن يجتنب نواهيه، وأن يتقرَّب إلى الله تعالى بالفرائض والنوافل، وأن يؤدي العبادات كاملة من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها، وأن يداوم على ذكر الله تعالى في كلِّ وقت وحين، وأن يؤمن بالقضاء والقدر خيره وشرِّه، وأن يجعل الله تعالى ملاذه وأمنه في الشدائد والمصائب وأن يلجأ إليه ويتضرَّع إليه وهو مؤمن وموقن بأنَّ الله تعالى وحده القادر على استجابة الدعاء وتفريج الهم، والله تعالى أعلم.[6]

اقرأ أيضًا: الدعاء للميت .. افضل دعاء للميت مكتوب

حق الرسول صلى الله عليه وسلم

في الحديث عن حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد التفصيل في شرح معنى حق الله تعالى، إنَّ للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- حقوقًا كثيرة ينبغي على كلِّ مسلم أن يَعْلَمَها وأن يحسن أداءها، ومن أشهر حقوق الرسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- الإيمان به ومحبته والأدب في حضرته وطاعته والصلاة عليه وحفظ مكانته وإنزاله في مكانته دون تقصير أو غلو، وفيما يأتي تفصيل في حق الرسول صلى الله عليه وسلم:

الإيمان به

إنَّ من أعظم الحقوق التي يجب على المسلم أن يؤديها تجاه نبيه هي الإيمان به حقَّ الإيمان والإيمان برسالته التي أداها صلَّى الله عليه وسلَّم، فالإيمان برسول الله أمر إلهي ورد في قوله تعالى: “فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”[7] وأن يكون هذا الإيمان مرتبطًا بالعمل، فيسعى الإنسان إلى معرفة سيرة الرسول وشمائله ونشرها وتعليمها للناس، وأن يحقق الإنسان من الإيمان بالرسول غاية المحبة التي تكون بامتلاء القلب بالحب والامتنان للنبي الذي أدى الرسالة على خير وجه وأحسن حال.[8]

اقرأ أيضًا: الايام البيض لشهر شوال 2020

الأدب مع الرسول

ومن حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم الأدب معه، ويكون الأدب بتعزيز الرسول وتوقيره واحترامه مكانه ومنزلته العظيمة، قال تعالى: “لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ”[9] ومعنى التعزيز أي التعظيم والإجلال، والتوقير هو الاحترام والإكرام والعرفان، ولا شكَّ أن رأس الأدب مع الرسول يكون بالإيمان به واتباع أوامره وقَبول وتصديق كلِّ ما جاء به، وتجب الإشارة هُنا إلى أنَّ الأدب مع الرسول بعد وفاته لازم وواجب كما كان واجبًا على الصحابة في حياة الرسول، ومن صور الأدب مع الرسول الصلاة عليه، أي ألَّا يُذكر اسم الرسول إلَّا ويصلِّي عليه من ذكره ومن سمع ذكرَهُ عليه الصَّلاة والسَّلام، وألَّا يُذكر اسم الرسول محمد مجرّدًا، بل أن يذكر بوصف النبوة والرسالة، كأن يُقال: النبي محمد أو الرسول محمد، ولا يُقال: محمد فقط، وهذه من الأمور التي دعا إليها الله تعالى من باب تعظيم الرسول وتكريمه، والله أعلم.[8]

اقرأ أيضًا: ما هو فضل الاستغفار ونتائجه كما ورد في القران والسنة النبوية

إنزال الرسول مكانته دون تقصير أو مبالغة

في ختام الحديث عن حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن القول إنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وخير خلق الله تعالى أجمعين، سيد الناس في الأولين والآخرين، صاحب المقام العظيم والمرتبة الرفيعة والمنزلة العالية عند الله تعالى؛ لذلك إنَّ من أعظم حقوق الرسول إنزاله مكانتَه وعدم التقصير فيها وعدم الغلو بها أيضًا، فالرسول في النهاية بشر لا يملك للناس ولا لنفسه ضرًا ولا نفعًا، فلا ينبغي وصفه بصفات إلهية والعياذ بالله، كأن يُقال عن الرسول إنَّه يعلم الغيب، ولا يعلم الغيب إلَّا الله تعالى، فمن حق الرسول أن يتم تكريمه بلا غلو ولا نقص، والله تعالى أعلم.[8]

وفي الختام نكون قد أشرنا للعديد من المعلومات حول حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم، وأهم ما جاء عن هذا الموضوع من آيات وأحاديث، وذلك بعدما قدمنا بتعريف الحقوق في الإسلام بشكل عام.

المراجع

  1. ^ الزمر , الآية 62،63
  2. ^ www.alukah.net , حق الله تعالى على عباده (1) , 22-07-2020
  3. ^ النحل , الآية 78
  4. ^ النساء , الآية 36
  5. ^ صحيح البخاري , البخاري/معاذ بن جبل/2856
  6. ^ binbaz.org.sa , باب حق الله على العباد وحق العباد على الله , 22-07-2020
  7. ^ التغابن , الآية 8
  8. ^ www.islamweb.net , من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم , 22-07-2020
  9. ^ الفتح , الآية 9
  10. ^ www.almrsal.com , حق الله وحق الرسول , 22-07-2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *