الطب الحيوي

الطب الحيوي

الطب الحيوي

يعتبر الطب الحيوي(بالإنجليزية: Biomedical) أحد الحقول العلمية، وأحد المجالات الطبية، التي تتناول بصورة مباشرة دراسة عالم الأحياء على الأرض، وتحديدًا أجسام الكائنات الحية، إذ يولي أهمية خاصة لتقديم الدراسات والأبحاث ولاكتشافات الدورية حول طبيعة بنية الجسم (علم التشريح)، وحول الأنظمة  التي يعمل بها(الفسيولوجيا، وذلك بهدف خلق صورة واضحة حول هذا الجسم، وفهم آلية عمل أعضاءه، بما في ذلك: الرأس، القلب، والشرايين، والأعصاب، والدماغ، وعملياته المختلفة، وغيرها من أعضاء الجسم الخارجية، وأجهزته الداخلية، وعملياته الحيوية، وما إلى ذلك(1).

ينظر الطب الحيوي إلى جسم الإنسان نظرة تكاملية، ويعتبر أنه يعمل ضمن منظومة واحدة كاملة ومشتركة، وكثيرًا ما يتمّ تشبيه جسم الإنسان في هذا الطب بالمركبة أو في السيارة، ففي حال حدوث أي خلل في أحد قطعها أو أجهزتها الداخلية، يؤثر ذلك على آلية سيرها بشكل طبيعي، وهذا حال الجسم، ففي حال تعرضه لأي مشكلة صحية، سواء عدوى بكتيرية أو فايروسية مؤقتة، أم مرض خطير، فسرعان ما تتأثر كافة أعضاءه، ويؤثر ذلك على نشاط الإنسان وعلى حياته ككل، ومن هنا جاء الطب الحيوي بالتوصيات التي تؤكد على ضرورة اعتناء الإنسان بجسده، وبصحته النفسية، والعقلية، والبدنية، وكذلك الفسيولوجية(1).

الطب الحيوي

أهمية الطب الحيوي

تكمن أهمية مجال الطب الحيوي، في كونه أساسًا لمعرفة البشر بأجسادهم، وبالتالي معرفة آلية التعامل مع الجسد والصّحة، وطرق العناية بها، فمع ظهور الطب الحيوي زادة المعرفة والفهم  بشكل أكبر حول الأسباب التيى تكمن وراء الأمراض السارية والمعدية، ومع زيادة التحضر الذي رافق الثورة الصناعية، زادت الأمراض وانتشرت الأوبئة على نطاق واسع، مما أدى إلى زيادة الاهتمام بحركة الصحة العامة، ومن هنا يؤكد مجال الطب الحيوي أنّ هناك رابط بين الصّحة والمرض، وكذلك الرفاهية والعيش المناسب بدون أمراض وأوجاع، يقوم هذا الرابط على أنّ هناك احتكاك مباشر بين الإنسان وبيئته المحيطة، سواء البيئة الطبيعيّة أو الصناعية، وبالتالي ينتج عن ذلك أمراض ومشاكل لا بدّ من فهمها، ومن البحث عن الطرق المناسبة لعلاجها(1).

نظرية الجرثومة في الطب الحيوي

في أواخر القرن التاسع عشر للميلاد، تم خوض تحدي حول أهمية نظرية الصحة العامة، وذلك من خلال نظرية جرثومة المرض  تحديدًأ، والتي أشارت إلى أن جميع الأمراض المعدية في العالم تنتج بشكل رئيسي عن انتشار البكتيريا، وأن كائنًا حيًا دقيقًا معينًا سيكون موجودًا في كل حالة من حالات الإصابة بمرض معين، وقد تم إجراء معظم الأبحاث الطبية ضمن هذا النموذج العلمي، ومن هنا تم اشتقاق نظرية الجرثومة من البحوث المجهرية في القرن التاسع عشر، من قبل لويس باستور، وروبرت كوخ، أثبت باستور وجود الكائنات الحية الدقيقة أيضًا، والتي يمكن أن يتم التخلص منها من خلال النظافة وعن طريق التعقيم واستبعاد الهواء والسطوح الملوثة بالجراثيم(1).

وقد ظلّت نظرية الجرثومة وعلوم المختبرات ذات أهمية كبيرة حتى يومنا هذا، حيث يعتمد الأطباء أكثر فأكثر على الاختبارات المعملية لمساعدتهم على تشخيص ورصد حالات أو أمراض معينة، ومع ذلك، فإن المسببات المرضية المحددة (أي نفس الكائنات الدقيقة المسببة للمرض ذاته) أصبحت أكثر عرضة للبحث وللتساؤل، وخاصة مع حلول منتصف القرن العشرين وما بعد ذلك، حيث كشفت الأبحاث العلمية أنذاك عن مدى أهمية العوامل والمسببات المشتركة والبيئة الخصبة أو المناسبة للنمو، لحدوث الأمراض المختلفة، وفي السبعينيات من القرن الماضي، دعا إنجل إلى “نموذج طبي جديد” أكد فيه على ما يسمى بالعلاقة السببية(1).

تخصص الطب الحيوي

ظهر مؤخرًا وتحديدًا منذ بداية القرن الحالي، اتجاهات عديدة تدعو إلى ضرورة الخوض في المجالات الطبية بشكل عام، وتنصح الطلاب المقبلين على الدراسة في الجامعات، أو في الأبحاث العلمية المختلفة، إلى الاتجاه نحو المجال الطبي، وتحديدًا الطب الحيوي، ومن هنا يظهر لدينا تساؤل، لماذا يجب على الطالب الاتجاه نحو الطب الحيوي، وما أهمية ذلك، ومدى انعكاسه إيجابيًا على مستقبله، وفيما يلي سنحاول استعراض أبرز ما يتعلق بهذا التخصص.

إنّ تخصص الطب الحيوي الجامعي او بكالوريوس الطب الحيوي، هو في المقام الأول مجال أكاديمي خاص بالطلاب المهتمين في العلوم الطبية الحيوية بشكل عام، مما يؤدي بهم في نهاية المطاف إلى مهنة تقديم او توفير الرعاية الصحية المهنية للمرضى في المستشفيات المختلفة(2).

تاريخ الطب الحيوي

ظهر الطب الحيوي كمصطلح لأول مرة في أوائل القرن العشرين، علمًا أنّ مصطلح “الطب الحيوي” له أصول ومسارات مختلفة باللغات حول العال، الإنجليزية والألمانية وكذلك الفرنسية، ولكن له دلالات وأهداف ومعاني متشابهة للغاية، إذ ظهر الطب الحيوي لأول مرة على وجه التحديد في كتابات المؤلفين الأمريكيين والبريطانيين في عشرينيات القرن العشرين، ثم انتشر حول العالم، واتجه العديد من الأشخاص نحو دراسته، والاختصاص والبحث فيه، علمًا أنه من البداية اهتم مجال الطب الحيوي في نوع من الأدوية التي ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالتجارب والمختبرات، وذلك بدلاً من تجارب الأطباء والعيادات، ومن هنا جاء تعريفه بشكل مفصل في القاموس الطبي المصور الأمريكي على أنه “ذلك الطب السريري المستند إلى مبادئ علم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية” بدلاً من الخبرة التي اكتسبها الأطباء من خلال الملاحظة السريرية.

بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح الطب الحيوي يشير بشكل متزايد إلى “الطب الحديث أو الطب المتطور” وذلك استنادًا إلى الاطلاع المسبق او الخبرة في مجال الفحوصات والمختبر والتجارب المخبرية، كبديل رئيسي عن الطرق القديمة أو ما يسمى بالطب التقليدي، والذي بدوره يرتبط بصورة مباشرة في التجربة السريرية والفطنة والذكاء الخاص بكل من الأطباء االأفراد على حدِ سواء، وعلى الرغم من أن المختبر كان بمثابة معيار حشد للمصلحين الطبيين منذ أواخر القرن التاسع عشر، إلا أنه بعد عام 1945 فقط بدأ الطب المعتمد في المختبر ، والذي تم تحديده مع الطب الحيوي.

معلومات أخرى عن الطب الحيوي

نظرًا للتطور الكبير الذي طرأ على جانب أو مجال الطب الحيوي، على جميع الأصعدة، سواء الصعيد الاجتماعي، أو الصعيد السياسي، أو الديني، أو العلمي، أصبح الطب الحيوي عبارة عن طب تطبيقي أو ممارسة سائدة، وأضحى مرتبطًا بـ الطب الأرثوذكسي، وذلك كبديل أو مقابل عن الطب البديل،  والطب العلمي مقابل الطب السريري، أو الطب التقليدي، علمًا أنّ الطب الحيوي كما كان معتمد قديمًا، هو ذلك النهج أو العلاقة التي تربط ما بين بين الدين والشفاء من عدد من وجهات النظر. الأول ينطوي على المعضلات الأخلاقية الحيوية المستنيرة دينياً والتي تنشأ فيما يتعلق باتخاذ القرارات الطبية، وأحيانًا فيما يتعلق بوصفات أو توصيات مذهبية او دينية توصي بضرورة عمل كذا، أو تجنب أو حظر الإجراءات أو المواد بهدف الشفاء من مرض معين.

وبالتالي نجد أنّ الافتراض الرئيسي للطب الحيوي، والذي سنعود لنؤكد عليه، هو أن الفرق الجذري والوحيد بين الحالة الطبيعية والمرضية، هو من الدرجة وليس من النوع، هذا في حد ذاته يمثل تطوراً حديثاً نسبياً في تاريخ الطب ونقطة دخول رئيسية للنهج الطبية الحيوية تجاه المرض أو المشكلة الصّحية(3).

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *