خطوات البحث العلمي مع مثال توضيحي
خطوات البحث العلمي مع مثال من الأشياء الهامة جدًا في حياة الباحثين والأكاديميين والتي لا بُد من إتقانها بشكل كامل، ولا سيما أن كافة العلوم بمختلف المجالات قائمة اليوم على البحث والاستكشاف في بواطن الأمور من أجل التوصل إلى الحقائق والاكتشافات والابتكارات وغيرهم؛ وذلك عبر إجراء التجارِب والاستقصاءات والاستبيانات وغيرها من أدوات البحث العلمي، وفيما يلي؛ من خلال الفقرات التالية الذكر؛ سوف يتم التطرق بالتفصيل إلى تعريف البحث العلمي وخطوات البحث العلمي مع عرض مثال توضيحي مبسط بالتفصيل.
تعريف البحث العلمي
إن البحث العلمي (وبالإنجليزية: Scientific Research) يعبر عن مجموعة من الدراسات والأبحاث والتجارب والأسئلة التي يتم من خلالها التعمق في واحدًا من الموضوعات الهامة، ومن ثَم؛ التوصل إلى المزيد من المعلومات والاكتشافات والاستنادات والحقائق والحلو المتعلقة بمشكلة البحث أو السؤال الرئيس في البحث، ولا يتم إجراء البحث العلمي بشكل عشوائي، وإنما هو يطلب اتباع مجموعة من السمات والإرشادات والخطوات لكي يكون بحثًا صحيحًا قائمًا على أساس علمي ومنطقي.
خطوات البحث العلمي مع مثال
في صميم علوم الأحياء والعلوم البيولوجية على وجه التحديد؛ فإن حل المشكلات خاصتها؛ يتم نعتها بالبحث العلمي أو الطريقة العلمية؛ أشارت العديد من المراجع العلمية التي قد خطها كبار العلماء والباحثين إلى أن خطوات البحث العلمي الأساسية إنما تشمل عدة خطوات أساسية ورئيسة لا يُمكن الحياد عنها في أي بحث علمي دون استثناء، بالإضافة إلى خطوة أخيرة إضافية خاصه بالتغذية الراجعة، وإلى جانب توضيح هذه الخطوات؛ يُمكن فهم خطوات البحث العلمي عبر تطبيقها على واحدة من المشكلات اليومية من أجل فهمها بشكل كامل، كما يلي[1][2]:
إجراء الملاحظة
إن الخطوة الأولى في أي بحث علمي ناجح وصحيح؛ هي إجراء ملاحظة على العالم من حوله قبل البَدْء في وضع الفرضيات أو إجراء التجارِب، حيث يجب أولًا أن يُركز الباحث ويفكر في أحد الظواهر، وإذا لم يجد ما يفسرها ويُعطي إجابة شافية أو ح نهائي لها؛ فهنا يقوم باستخدام الطريقة العلمية لسبر أغوار تلك الظاهرة، وبذلك؛ فإن في بداية البحث العلمي يجب أن يلاحظ الباحث شيئًا محيرًا لا حل لا إجابة له في المقام الأول.
المثال: لنفترض على سبيل المثال، أن شخص ما لديه قطعتين من الخبز، وعندما وضعهم بالفرن، لم يتم تحميصها (ملاحظة عدم التحميص).
طرح سؤال البحث
بناءً على الملاحظة؛ يجب على المرء هنا أن يسأل نفسه سؤالًا منطقيًا ناتجًا عن ما تمت ملاحظته، مثل أن يقول: ماذا حدث هذا الشيء؟ كيف حدث هذا الشيء؟ لماذا أو كيف يحدث ذلك بهذه الطريقة؟، ويُعد طرح السؤال هو النقطة الفاصلة في بناء البحث العلمي؛ لأن هذا السؤال سوف يكون محور الدراسة والذي سوف يتم إتمام باقي الخطوات الأخرى من أجل الوصول إلى إجابة وافية له.
المثال: بعد ملاحظة عدم تحميص الخبز، السؤال المنطقي هنا؛ سوف يكون: لماذا لم تتحمص قطع الخبز؟
اقتراح ووضع فرضية البحث
وضع فرضية البحث العلمي يكون قائم على مدى إدراك وذكاء الباحث، حيث أنه في ضوء ما قرأه وما تعلمه وما قد لاحظه من البداية؛ يُمكنه أن يضع بعض الفرضيات التي يُمكن من خلالها تفسير الظاهرة أو السؤال الذي قد تم طرحه بشكل رئيس عبر البحث، وبشكل مختصر؛ فيمكننا تعريف فرضية البحث على إنها تعبر عن إجابة مقترحة لسؤال البحث.
المثال: في حالة مثال عدم تحميص الخبز؛ فيُمكننا تصور أن قطع الخبز لم تتحمص داخل الفرن؛ نظرًا إلى انقطاع مصدر الطاقة والكهرباء عن هذا الفرن؛ وبالتالي؛ إذا تم توصيله بمصدر طاقة آخر ربما يعمل الفرن.
إجراء التجارِب
الفرضية التي يطرحها البحث؛ هي مجرد إجابة مقترحة يرى الباحث أنها هي الأقرب إلى الجواب الصحيح؛ ولكن ليس بالضرورة أن تكون صحيحة بنسبة مئة بالمائة، ولذلك؛ يتم الانتقال إلى خطوة البحث العلمي التالية ألا وهي إجراء التجربة بعد تكوين الفرضية لاختبار صحة تلك الفرضية، ودائمًا ما تتضمن التجربة على:
- متغير مستقل: شيء تتم معالجته بواسطة الباحث صاحب التجربة (مثل المجموعة الضابطة أو الكنترول).
- متغير تابع: وهو شيء يتم قياسه بواسطة الباحث، ويتأثر بالمتغير المستقل.
ولا بُد في أثناء إجراء التجربة من التحكم في كافة المتغيرات الأخرى المحيطة؛ لكي لا تؤثر على دِقَّة نتائج البحث.
المثال: يتم هنا فعليًا توصيل الفرن بمصدر الطاقة الآخر من أجل معرفة هل الفرضية كانت صحيحة وسبب عدم تحميص الخبز هو انقطاع مصدر الطاقة أم لا.
جمع البيانات
في أثناء إجراء التجارِب؛ يتم جمع بيانات البحث، وتلك البيانات هي عبارة عن مجموعة من القيم التي رُبما تكون كَمّيَّة Quantitiative يتم تقديرها بالأرقام، وربما تكون نوعية Qualitative يتم استنتجاها بالوصف أو تعميم النتائج، ولا بُ من التحلي بالدقة الكاملة في أثناء جمع البيانات.
تحليل البيانات
بعد إجراء التجارِب وجمع البيانات؛ لا بُد هنا أن يتم تحي هذه البيانات، ودائمًَا ما يتم الاعتماد على البرامج الإحصائية من أجل إيجاد العَلاقة بين البيانات، وفي حالة إجراء تجارِب أبسط؛ يتم تحديد مدى ارتباط هذه البيانات بالتغير في المتغير المستقل، وهكذا.
المثال: إذا اشتغل الفرن وتم تحميص الخبز؛ فإن فرضية البحث في الأغلب تكون صحيحة، بينما إذا لم يتم تحميص الخبز؛ فهذا يُعني فرضية البحث على الأرجح خاطئة.
الخاتمة والاستنتاج
الخطوة الأخيرة في البحث العلمي هي تكوين الاستنتاج؛ حيث أنه إذا كانت النتائج تدعم فرضية البحث؛ فهناك احتمال كبير أن تكون الفرضية هي السبب الحقيقي وراء حدوث هذه الظاهرة، ومع ذلك؛ لا بُد من إجراء المزيد من التجارِب التأكيدية للتثبت من هذا الأمر، إلى جانب أهمية التأكد من حجم عينة البحث، والملاحظات كي لا يكون هناك أي انحراف في بيانات البحث، في حين أنه إذا كانت نتائج تجاربك لا تدعم فرضيتك؛ بعد التأكد من صحة التجارِب، فهذا يفتح الباب أمام وضع فرضيات جديدة.
المثال: في حالة تحميص الخبز عند توصيل الفرن بمصدر كهرباء آخر؛ فإن هذا الأمر يتطلب استخدام الفرن اكثر من مرة وتجربته على أكثر من مصدر طاقة للتأكد أن الخلل كان في مصدر الطاقة الأول مثل توضيح أسباب حدوث عطل به، أما إذا تعارضت النتيجة مع الفرضية ولم يعمل الفرن؛ فهنا يجب وضع المزيد من الفرضيات الأخرى المحتملة لعدم تحميص الخبز داخل الفرن مثل وجود سلك مقطوع داخل الفرن أو غير ذلك.
الخطوات الصحيحة لعمل بحث علمي
أما طريقة كتابة البحث العلمي؛ فهي أيضًا تتطلب اتباع مجموعة من خطوات البحث العلمي مع مثال والنقاط الأساسية، من أجل تقديم ورقة بحثية سليمة تجمع بين كافة شروط البحث العلمي الناجح والخصائص والسمات الخاصة بالأوراق العلمية البحثية أيضًا، ومن ثًم؛ يكون البحث مرجعًا موثوقًا يُعتمد عليه، وتأتي خطوات كتابة وعمل بحث علمي على النحو التالي:
كتابة اسم البحث (العنوان)
العنوان هو البوابة الأولى للعبور نحو البحث؛ وبالتالي؛ لا بُد كن اختيار عنوان شيق ودقيق وصحيح في نفس الوقت، ولا بُد عند اختيار عنوان البحث أن يكون متعلقًا بتخصص دراسة الباحث ولديه خبرة جيدة وقدر ليس بالقليل من المعلومات في هذا التخصص أيضًا.
مقدمة البحث
مقدمة البحث تتناول الحديث بوجه عام عن البحث حيث يتم البَدْء بتوسع ثم التضييق تدريجيًُا حتى يتم الوصول إلى المشكلة الأساسية في البحث، ويجب توضيح أهمية هذا البحث وما توصل إليه الباحثون السابقون في هذا الموضوع عبر المقدمة، وهي يجب ألّا تتعد صفحة واحدة أو صفحتين.
تحديد مشكلة البحث
مشكلة البحث هي الموضوع الأساسي الذي سوف يدور حوله هذا البحث وباقي الخطوات الأخرى به، حيث يتم توضيح المشكلة الأساسية أو الظاهرة التي قد لاحظها الباحث ولا يوجد لها تفسير أو حل والتي تُعد السبب الرئيس الذي قد دفع الباحث أيضًا إلى المُضي قُدمًا في إجراء وإعداد هذا البحث.
طرح أسئلة البحث
يتم وضع مجموعة من الأسئلة التي يرغب الباحث في الوصول إلى إجابة شافية ودقيقة عليها عند الانتهاء من هذا البحث، مثل: ماذا حدثت هذه الظاهرة؟ كيف تحدث هذه الظاهرة، ماذا حدثت المشكلة بهذه الآلية؟ وهكذا، من الأسئلة الأخرى التي تُفسر أسباب إجراء البحث.
هدف وأهمية البحث
يتم الإشارة إلى أهداف هذا البحث التي سوف تُجيب على الأسئلة المطروحة سابقًا، والتأكيد على أهمية إجراء هذا البحث من أجل وضع حدودًا وتأطيرًا للمشكلة خاصة البحث، وفي بعض الأوقات؛ يقوم الباحث بالتطرق إلى أهمية البحث في المقدمة أو في جزء مستقل من البحث من أجل لفت نظر المطلع عسه إلى أهمية المنشودة من الدراسة أو البحث.
وضع الفرضيات المقترحة
يتم وضع فرضية واحدة أو اكثر يرى الباحث أنها الأقرب إلى الإجابة على السؤال الخاص بالبحث، وفي ضوء هذه الفرضية سوف يقوم الباحث بإجراء التجارِب وجمع البيانات عبر إرفاق أي معلومات يتم جمعها أثناء البحث العلمي ووضع الاستنتاجات التي سوف تتفق أو تتعارض مع هذه الفرضية في ضوء نتائج التجارِب كُلََّها.
عرض خُطَّة البحث
على الباحث في الجزء الخاص بخطة البحث؛ أن يقوم بتوضيح المنهج العلمي الذي سوف يتبعه، إلى جانب توضيح آلية جمع البيانات وكيفية إجراء التجارِب والجدول الزمني لها، مع توضيح آلية تحيل البيانات وطبيعة المتغير المستقل والمتغير التابع والوسائل والأجهزة المستخدمة في البحث إن وُجدت.
تحديد عينة البحث
يجب على الباحث أن يقوم بتحديد عينة البحث ونوعها في ضوء نوع ومجال وتخصص البحث، حيث ربما تكون العينة أفراد عشوائية، أو أفراد ذو مرحلة سنية محددة، أو مجموعة من المرضى المصابين بمرض محدد أو بعض أنواع حيوانات التجارِب أو الخلايا أو غيرهم وفقًا نوع كل بحث.
إجراء التجارِب
يتم البَدْء في إجراء التجارِب الخاصة بالبحث والتي يتم من خلالها إما تأكيد صحة فرضية البحث بشكل مبدئي أو إثبات خطئها، وفي كلتا الحالتين هناك بعض من الخطوات الإضافية التي يجب على الباحث القيام بها، سواء توضيح السبب في حالة صحة الفرضية الأولى، ووضع المزيد من الفرضيات الأخرى في حالة التعارض مع الفرضية الأولى.
تحليل البيانات والاستنتاج
بعد الانتهاء من التجارِب وجمع البيانات؛ يتم البَدْء في وضع الاستنتاجات التي توصل إليها الباحث حول مشكلة وأسئلة البحث، حيث أنه إذا توافقت النتائج مع رؤية الباحث، فعليه هنا أن يقوم بعمل بعض التجارِب التأكيدية الإضافية للتأكد على صحة ما توصل إليه من استنتاجات، بينما إذا كان هناك تعارض، فعليه التأكد من خطوات التجارِب، والبحث عن إجابات وفرضيات أخرى في حالة خطأ الفرضية الأولى تمامًا.
خاتمة ومقترحات وتوصيات البحث
في النهاية يقوم الباحث بتوضيح النتيجة النهائية التي قد توصل إليها بوضوح مع وضع الاقتراحات التي من شأنها أن تعزز من فائدة وإيجابية نتائج هذا البحث، وأهم التوصيات التي يرى الباحث أيضًا أهمية أخذها في الاعتبار عند استكمال البحث والدراسة في النقطة أو المشكلة محل البحث.
المصادر والمراجع
بطبيعة الحال؛ فإن التوثيق في البحث العلمي يُعد أداة لا يستهان بها في تقديم بحث قوي ومقبول وصحيح، ولذلك؛ لا بُد من توضيح المراجع والمصادر في قسم خاص بها في نهاية الدراسة أو البحث، مع أهمية أن تتم كتابة المراجع بطريقة صحيحة واتباع تنسيق واحد كافة المراجع أيضًا.
ختامًا؛ في نهاية موضوعنا اليوم؛ نكون قد تناولنا بالتفصيل خطوات البحث العلمي مع مثال توضيحي مصور من الحياة اليومية يُساعد على فهم خطوات البحث العلمي بِرُمَّتها بسهولة فائقة وخصوصًا لمن هم حديثي العهد في العمل في بيئة البحث العلمي وبحره الواسع الذين يكونون في حاجة إلى فهم ماهية وخطوات البحث العلمي والطريقة العلمية بشكل صحيح سهلًا وكاملًا.