قصة النبي ابراهيم عليه السلام

قصة النبي ابراهيم عليه السلام

قصة النبي ابراهيم عليه السلام هي أحد القصص التي تحمل في طياتها الكثير من العبر والمواعظ والحِكم، فإنَّ النبي ابراهيم الخليل هو من أعظم الأنبياء وأفضلهم، وهو أحد أولو العزم من الأنبياء، وقد يجد الكثير من الناس في قصته والمواقف التي خاضها القدوة والأسوة الحسنة في الإيمان والصبر والثبات على الحق عند الشدائد، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على قصة النبي ابراهيم عليه السلام، كما سنذكر نسبه وعائلته، وصفاته وفضله، بالإضافة لتعداد أهم العبر المستفادة من قصته.

النبي ابراهيم عليه السلام

نشأ النبي ابراهيم -عليه السلام- في قوم تفشَّى فيهم الكفر والجهل، وامتلأت عقولهم بالشرك والوثنية، فلاقى ابراهيم -عليه السلام- منهم أشد الرفض والمعاداة حين دعاهم للتوحيد، وعلى الرغم من ذلك صبر وثبت واستمر يدعوا الناس إلى دين الحق، دون أن يخاف من الباطل والشرك، وفيما يلي سنوضح من هو ابراهيم وأين ولد وعاش حياته.

نسب ابراهيم عليه السلام

هو ابراهيم بن آزر بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام، وله أخوين هما ناحور وهاران والد النبي لوط عليه السلام، وينحدر من ذريته عدد كبير من الأنبياء والرسل عليهم السلام جميعًا.

مولده وموطنه

ولد النبي ابراهيم –عليه السلام- في أرض الكلدانيين، في أرض بابل في العراق، وخرج منها مع أبيه إلى أرض الكنعانيين، وأقاموا بحرّان، ثم بعد ذلك كانت حياه في حالة تنقّل بين ثلاث بلاد وهي بيت المقدس في فلسطين ومصر والحجاز.[1]

شاهد أيضًا: ما هي قصة مقام ابراهيم

قصة النبي ابراهيم عليه السلام

إنَّ النبي ابراهيم أحد الأنبياء أولو العزم الذين عانوا في نشر دعوة التوحيد بين أقوامهم، والذين شهدوا الكثير من أنواع العذاب والعداء من قبلهم، وقد ذُكر في القرآن الكريم العديد من القصص التي توضح حياة سيدنا ابراهيم عليه السلام، من بداية دعوته إلى نهايتها وعلاقته مع قومه وأبيه، ومع أسرته وأبنائه، ويمكن تقسيم قصته كما وردت في القرآن الكريم إلى عدد من المنارات والقصص.

قصة ابراهيم مع النمرود

النمرود هو ملك بابل، وكان متمردًا كافرًا وجبارًا، وقد حاجَّ النمرود ابراهيم -عليه السلام- في الله تعالى، وأنكر وحدانيته، فناقشه ابراهيم بالحجج الواضحة الدالة على وحدانية الله تعالى، فقال إن الله تعالى هو القادر على التصرف بكافة شؤون العبادة والتحكم بها، فهو الذي يحيّ ويميت، فقال النمرود أن يقدر على ذلك، وأحضر رجلين وأمر بقتل أحدهما وترك الآخر حيًا، فأجابه ابراهيم أن الله تعالى هو الذي يسير الشمس كيفما يشاء، فلو كان قادرًا كما يدعي فليجعل الشمس تظهر من الغرب، فبهت النمرود، وانقطعت حجته، وغُلب الباطل أمام الحق ووضوحه.[2]

قصة ابراهيم مع قومه

كان قوم ابراهيم يشركون بالله تعالى، ويعبدون القمر والنجوم والكواكب، فجاء ابراهيم -عليه السلام-ليدعوهم إلى التوحيد بمختلف الوسائل والطرق، وحاول أن يهديهم إلى الصواب بالمحاورة والإقناع، عن طريق جعلهم يستخدمون عقولهم للتفكر والتدبر، فذهب إلى مسايرتهم في مرة حين كانوا يعبدون الكواكب، فقال إن ربه هو الكوكب الذي يعبدوه وبعد فتره غاب الكوكب، فرفض براهيم أن يكون الكوكب ربه، فهو يذهب ويعود ولا يستحق الألوهية، وانتقل إلى القمر الذي بدوره غاب عند شروق الشمس، فأثبت لهم بالعلم والحجة الواضحة أن هذه ليست صفات إلهية، ولكنهم أصروا على عندهم وضلالهم.[3]

قصة إلقاء ابراهيم في النار

أصر قوم ابراهيم على طغيانهم وعندهم وعبادتهم للكواكب والأصنام، واتخذوها آلهةً دون الله تعالى، في نفس الوقت الذي كان ابراهيم –عليه السلام- لا يزال يدعوهم إلى الحق والتوحيد، حتى ذهب ذات يوم إلى بيت يضعون في أصنامهم، فحطمها جميعها ما عدا صنم كبير، فلما رأوا قومه ما حل بأصنامه سألوا ابراهيم إن كان قد فعل هذا، فأجابهم أن ذلك من عمل الصنم الكبير، فليسألوه ويتأكدوا، وذلك ليأكد لهم أن هذه الأصنام لا تنفعهم ولا تقوى على فعل شيء، فعرفوا أنهم مخطئون، ولكن عقيدتهم الباطلة كانت راسخة في عقولهم، فاجتمعوا على حرقه في النار نصرةً لآلهتهم، فأمر الله تعالى النار بألا تؤذي ابراهيم -عليه السلام- وأن تكون بردًا وسلامًا عليه، فلم تضره النار أبدًا وخرج منها سالمًا بفضل الله تعالى.

قصة ابراهيم مع أبيه

كان آزر والد ابراهيم -عليه السلام- على دين قومه، كافرًا ومشركًا يعبد الأصنام، وكان هو أول من ابتدأ ابراهيم -عليه السلام- بدعوته، فهو أحق الناس بالنصيحة والهداية، فدعا أباه بالكلام اللين والحسن، وبالحجج الراسخة، ولكن أبيه لم يؤمن له، فأعتزل ابراهيم ما كان يعبده أبيه وقومه من باطل، وظلَّ يستغفر الله تعالى لأبيه حتى تبيّن له أنه عدو لله عز وجل فتبرأ منه.

قصة ابراهيم مع إحياء الطير

كان ابراهيم -عليه السلام- مؤمنًا بربه، واثقًا من ألوهيته ووحدانيته، ولكنه أراد أن يزداد يقينًا وإيمانًا، فطلب من ربه أن يرى كيف يحيي الموتى، مع يقينه أن الله تعالى قادر على ذلك، ولكن ليطمئن قلبه أكثر، فاستجاب الله عز وجل لطلبه، وأمره أن يأخذ أربع طيور ويقطعهم ويخلط أجزاهم مع بعض، ويضع أجزاءهم على أربع جبال مختلفة متباعدة، ثم يدعوا هذه الطيور إليه، فجاءته هذه الطيور تطير إليه مسرعة، وتجمعت أجزاء الطيور من جديد، فكانت الدليل الواضح لابراهيم -عليه السلام- على قدرة الله -عز وجل- على الإحياء، وقدرته على كل شيء.

قصة هجرة ابراهيم بزوجته وابنه إسماعيل

حين كان إسماعيل -عليه السلام- لا يزال طفلًا، هاجر به ابراهيم مع أمه هاجر إلى أرض الحجاز، وتركهم هناك مع القليل من الماء والطعام، وعاد راجعًا إلى دياره، استغربت هاجر من ترك ابراهيم لهم في مكان مهجور، فسألته إن كان الله تعالى أمره بذلك فأجب بنعم، فاطمأنت وتوكلت على الله تعالى، وعلمت أن الله تعالى لن يضيعهما، ودعا ابراهيم ربه أن يتكفل بهم، وبمأكلهم ومشربهم، بعد أن نفذ الغذاء والماء من عند السيدة هاجر وابنها، راحت تبحث عن طعام لهم، فصعدت إلى جبل الصفا علها تجد شيئا، ثم صعدت إلى جبل المروة، وظلت تذهب بين الجبلين حتى استكملت سبعة أشواط، ثم دعت ربها وطلبت رحمته ورأفته بهم، فجعل الله تعالى الأرض الجافة تنشق وتخرج الماء لهم وتروي ظمأهم جزاء على صبرها.[4]

قصة بناء ابراهيم للكعبة الشريفة

بعد أن أخرج الله تعالى الماء من الأرض القاحلة لإسماعيل وأمه، أتى إليهم قوم من العرب، استأذنوا ليسكنوا عند الماء، فأقاموا هناك، وشبَّ إسماعيل عليه السلام وتعلم منهم العربية، ثم جاء في مرة أبيه ابراهيم ليزور، وأخبره أن الله تعالى أن يبني الكعبة الشريفة، وتعاونا على ذلك، فإسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني البيت، ويدعوان الله تعالى أن يتقبل منهما عملهما.[5]

قصة ذبح ابراهيم لابنه إسماعيل

حياة النبي ابراهيم -عليه السلام- مليئة بالاختبارات والتحديات التي خاضها بعزم وثبات، وأكد من خلاله إيمانه الخالص لله تعالى، وأحد الامتحانات العظيمة التي مرَّ بها ابراهيم حين رأى في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل، ورؤيا الأنبياء وحي وأمر من الله تعالى، فلما أخبر ابنه بما رأى، كان إسماعيل -عليه السلام- أيضًا صابرًا مستعدًا للامتثال لأوامر الله تعالى مهما كانت، وبذلك كان ابراهيم قد صدق الرؤيا، وأثبت إخلاصه لله تعالى، ففداه الله تعالى بذبح عظيم، وصار من العبادات المهمة التي يؤديها المسلمون في عيد الأضحى.

قصة ابراهيم مع الملائكة

في أحد الأيام جاء رجال إلى ابراهيم -عليه السلام- فأكرمهم، وقدمهم لهم عجلًا سمينًا، لكنهم لم يقتربوا منه ولم يأكلوا، فخاف منهم، فطمأنوه بأنهم ملائكة، ومرسلون من الله تعالى إلى قوم لوط ليعذبوهم، وأنهم قادمون ليزفوا البشرى العظيمة له ولزوجته سارة، ويخبروه أنهما سيرزقان بإسحاق وسيكبر ليرزق بيعقوب عليهما السلام، فاستغربت زوجته أن تلد وهي عجوز عقيم، ولك الله تعالى قادر على كل شيء.

شاهد أيضًا: قصة النبي يونس مختصرة

صفات النبي ابراهيم عليه السلام

امتلك ابراهيم -عليه السلام- العديد من الصفات التي اكسته مكانته ومنزلته، وجعلته يستحق لقب خليل الله عز وجل، ومن الصفات العظيمة والأفعال التي واظب عليها سيدنا ابراهيم -عليه السلام- أنَّهُ كان:[6]

  • قانتًا حنيفًا: فقد كان خاشعًا لله تعالى، مطيعًا له في كل أوامره، متجنبًا نواهيه، مائلًا عن الشرك إلى التوحيد.
  • وفيًا: حيث قام بجميع ما أمره الله تعالى به، ووفى ما عليه من واجبات، فقد قال تعالى عنه: “وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى”[7].
  • أواه منيب: أي كان كثير الدعاء والتضرع لله تعالى، كثير الذكر والاستغفار، يرجع إلى الله تعالى بكل محبة وإقبال.
  • كريمًا سخيًا: ويتجلى كرمه في قصة الملائكة المرسلين إلى قوم لوط، حيث نزلوا ضيوفًا عنده، فذبح لهم عجلًا سمين.
  • صبورًا: فهو من الرسل أولي العزم الذين صبروا الصبر الجميل، وثبتوا على الدعوة إلى الدين الحق.
  • شكورًا: فقد كان ابراهيم يُقدر نعم الله تعالى ويشكره عليه، كما في قول الله تعالى: “شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”[8].

فضائل ابراهيم عليه السلام

ورد ثناء الله تعالى في كتابه الكريم على خليله ابراهيم في آيات عديدة، يتوضح من خلالها فضل ابراهيم -عليه السلام- ومكانته العظيمة، فقد جعله الله تعالى إمامًا للناس، ومثالًا يُحتذى به، حيث كان يؤدي أوامر الله تعالى على أحسن وجه، ووصفه الله تعالى بأنه أمة، أي يجمع الخير كله، وحنيفًا مائلًا عن الأديان والمعتقدات الباطلة إلى الدين الحق، وإمامًا يقتدي به الناس في الطاعات، ويسيرون على طريقه، فيحصل على الأجر العظيم، والثناء الدائم، والمنزلة العظيمة.[9]

شاهد أيضًا: من اول الانبياء الذي نطق لسانه بالعربية

ألقاب ابراهيم عليه السلام

بعد أن عرَّفنا بقصة النبي ابراهيم عليه السلام سننتقل لذكر الألقاب التي عُرف بها، فقد كان له بعض الألقاب التي لٌقِّب بها وهي:

  • أبو الأنبياء: يُلقب ابراهيم عليه السلام بأبي الأنبياء لأنَّ كل الأنبياء الذين جاءوا من بعده ينحدرون من ذريته، وجميع الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم من ذريته إلا ثمانية.
  • خليل الله: ومعنى الخليل في اللغة الصديق، والمحب الذي ليس في محبته خلل، وقد وصف الله ابراهيم -عليه السلام- بخليله في كتابه الكريم بقوله: “وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا”[10]، فلم يكن في قلب ابراهيم كمحبة الله عز وجل أي شيء آخر.

زوجات ابراهيم عليه السلام

كان لابراهيم -عليه السلام- أربع زوجات، زوجته الأولى هي سارة، لم تنجب له، ولكنها لما رأت من رغبة ابراهيم بأن بكون له ذرية قررت أن تهبه جاريتها ليتزوجها وتنجب له ولدًا، فتزوج من جاريتها هاجر وأنجبت له إسماعيل عليه السلام، وبعد وفاة سارة تزوج قنطورا بنت يقظان، وتزوج بعدها حجورا بنت أزهير، وكلتاهما كانتا من نساء العرب.[11]

أبناء ابراهيم عليه السلام

عاش ابراهيم -عليه السلام- فترة طويلة من عمره بدون أن يكون له أولاد وذرية، ثم جاءته البشرى بولادة ابنه البكر إسماعيل -عليه السلام- من زوجته هاجر، وعمر ابراهيم في ذلك الوقت ست وثمانون عامًا، وهو نبي ورسول، ثم بشره الملائكة المرسلون لقوم لوط بابنه الثاني إسحاق -عليه السلام- من زوجته سارة، وأيضًا كان نبيًا، وذُكر كلاهما في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، أثنى بها الله تعالى عليهما، وكان من ذريتهما الأنبياء والرسل اللاحقين، فيما ولدت له زوجتيه الباقيتين بقية أولاده، وجميعهم ذكور، ليكون مجموع أولاده ثلاثة عشر ولدًا بحسب ما يذكر الطبري.[12]

ابراهيم عليه السلام في القرآن الكريم

ذُكر ابراهيم -عليه السلام- في القرآن الكريم في مواضع مختلفة، منها آيات كانت تحكي عن قصصه في الدعوة إلى الله تعالى، كما ورد في سورة الأنعام والأنبياء والشعراء، وفي آيات أخرى يذكر فيها ابراهيم وأولاده وذريته من الأنبياء والرسل، ويثني عليهم، وذلك كما في قول الله تعالى: “أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا”[13]، وفي آيات أخرى يذكر الله تعالى صفات ومحاسن ابراهيم -عليه السلام- كما في قول تعالى: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ *شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ”[14].

ابراهيم عليه السلام في الحديث الشريف

الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء به الرسول الكريم هو ذاته الدين الحنيف الذي كان يدعو ابراهيم إليه، ويتشابه مع النبي في العديد من الجوانب، فقد اَّتبع الرسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- ملَّة النبي ابراهيم، وقد قال عن ابراهيم حين رآه في حادثة الإسراء والمعراج: “ورَأَيْتُ إبْراهِيمَ صَلَواتُ اللهِ عليه، فإذا أقْرَبُ مَن رَأَيْتُ به شَبَهًا صاحِبُكُمْ[15] يقصد نفسه، ويؤكد النبي على فضل ابراهيم ومكانته العظيمة، فحين جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: “يا خَيْرَ البَرِيَّةِ”، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: “ذَاكَ إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ”[16].

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي تدفق الماء من بين أصابعه

العبر المستفادة من قصة ابراهيم

جميع قصص الأنبياء التي ذُكرت في القرآن فيها النفع والعبرة للناس، وكذلك قصة النبي ابراهيم عليه السلام، حيث بالتدبر والتفكر والتأمل في أحداثها يستخرج المسلم عدد كبيرًا من الأفعال والأحداث التي تُيسر أمره في الدنيا، وتكسبه رضا الله تعالى، ونذكر منها:[17]

  • الدعوة إلى الحق: فابراهيم -عليه السلام- ثابر على دعوة قومه وأبيه، مستخدمًا كل الوسائل التي يقوى عليها، كالكلام اللين، والحكمة، واستخدام البراهين والاثباتات العلمية في سبيل إقناعهم، وهذا واجب المسلم أيضًا، إذ عليه نصح الأقربون إليه بالأسلوب الصحيح، ودعوتهم لما فيه خير وصلاح لهم.
  • الصبر: إذا لاقى ابراهيم -عليه السلام- الكثير من المصاعب والأذى من قومه الذين أجمعوا على حرقه، وأبيه الذي هدد بالهجر والرجم إن لم ينتهي عن دعوته، ولكنه صبر عليهم، وواصل مهمته الشريفة في الدعوة، والمسلم هو من يصبر في الصعاب، ويثبت عند الحق، إيمانًا بالله تعالى، واحتسابًا.
  • الهجرة في سبيل الله: هاجر ابراهيم -عليه السلام- عدة مرات من أرض الكفر إلى أرض أخرى يدعوا فيها إلى الله تعالى، وكذلك هاجر المسلمون من مكة مرتين، مرة إلى الحبشة ومرة إلى المدينة المنورة مع الرسول الكريم، فإنَّ من واجب المسلم ترك البلاد التي ينتشر فيها الفساد والكفر، واعتزال الفاسدين والكفار، والانتقال إلى بلد يُعبد فيها الله تعالى، وينتشر فيها الصالحين، ليعينوه على صلاح أمره في الدنيا والآخرة.
  • التوكل على الله تعالى: فحين أمر الله نبيه ابراهيم أن يترك زوجته وابنه إسماعيل في أرض مقفرة، اتكل ابراهيم على الله وعلم أنَّه لن يضيعهم، ومع علم السيدة هاجر أنَّ ابراهيم تركهم بأمر من الله تعالى، وأن الله سيتولى أمرهم، ألا أنها لم تجلس وتنتظر أن يرزقهم الله من السماء، بل راحت تبحث عن طعام وماء، بكل جهد وعزم، فالتوكل على الله تعالى مع الأخذ بالأسباب هو واجب كل مسلم.
  • العبادة: تُعطي العبادات المختلفة كالصلاة والاستغفار الكثير من الطمأنينة لمؤدّيها، وكان ابراهيم -عليه السلام- كثير الدعاء والاستغفار، يُناجي ربه في كل كربٍ يُواجهه، ويدعوه عند المصائب، ويشكره في النعم، ويستغفره كل حين، وهذا شأن كل الأنبياء والرسل، الواجب من المسلمين اتباعهم، والسير على خطاهم.

أولو العزم من الرسل

هم الرسل الذين لاقوا أشدّ المعارضة والأذى من أقوامهم حين دعوا إلى الدين الحق، ولكنهم صبروا وثبتوا واستمروا على طريق الدعوة الذي أمرهم الله تعالى به، وقد أشاد الله تعالى بصبرهم في قوله في كتاله الكريم: ” فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ”[18]، وهم خمس رُسل وإبراهيم -عليه السلام- واحد منهم، بالإضافة إلى نوح وموسى وعيسى عليهم السلام جميعًا، وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلّى الله عليه وسلّم.

شاهد أيضًا: من هو النبي الاكثر ذكرا في القران

وبهذا نكون وصلنا إلى ختام المقال الذي بيَّن قصة النبي ابراهيم عليه السلام، مع ذكر صفاته وأخلاقه، وبيان فضله ومنزلته، وذكر نسبه وعائلته وألقابه، وما ورد عنه في القرآن الكريم والسنة الشريفة، بالإضافة لذكر أهم العبر والدروس المستنبطة من قصته.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , قصة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام , 9-6-2021
  2. ^ islamstory.com , قصة نبي الله إبراهيم مع جبابرة الأرض في زمانه , 9-6-2021
  3. ^ alukah.net , قصة بعثة إبراهيم عليه السلام , 9-6-2021
  4. ^ islamway.net , قصة نبي الله إبراهيم وآل إبراهيم , 9-6-2021
  5. ^ islamway.net , قصة إسماعيل عليه السلام وأمَّه هاجر المصرية القبطية رضي الله تعالى عنها وبناء البيت العتيق الكعبة , 9-6-2021
  6. ^ islamqa.info , صفات إبراهيم عليه السلام التي استحق من أجلها أن يكون خليل الرحمن , 9-6-2021
  7. ^ سورة النجم , الآية 37.
  8. ^ سورة النحل , الآية 121.
  9. ^ islamway.net , إن إبراهيم كان أمة - (13) صفة إبراهيم عليه السلام وبعض فضائله , 9-6-2021
  10. ^ سورة النساء , الآية 125.
  11. ^ islamweb.net , زوجات إبراهيم عليه السلام , 9-6-2021
  12. ^ alukah.net , الأبوية في حياة إبراهيم عليه السلام , 9-6-2021
  13. ^ سورة مريم , الآية 58.
  14. ^ سورة النحل. , الآيات 120، 121.
  15. ^ صحيح مسلم , جابر بن عبد الله، مسلم، 167، صحيح.
  16. ^ صحيح مسلم , أنس بن مالك، مسلم، 2369، صحيح.
  17. ^ islamway.net , بعض الدروس المستفادة من حياة نبي الله إبراهيم عليه السلام , 9-6-2021
  18. ^ الأحقاف , الآية 35.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *