كم عدد المصادر التي يؤخذ منها التشريع الاسلامي

كم عدد المصادر التي يؤخذ منها مصادر التشريع الاسلامي

لنعرف كم عدد المصادر التي يؤخذ منها التشريع الاسلامي لا بد لنا من ذكرها أولا، ومعرفة ماذا نعني بمصادر التشريع الاسلامي. فأحكام الله تعالى وشريعته جاءت لهداية الناس وإرشادهم إلى ما فيه الخير، وهذه الأحكام الشرعية لها أدلة تدل عليها، ومصادر تؤخذ منها، لتكون مطابقة لإرادة الله تعالى، ومتجنبة حكم الطواغيت والأهواء والشهوات والقوانين الوضعية.

مفهوم مصادر التشريع الاسلامي

لا بد لنا في البداية للتطرق إلى مفهوم أدلة ومصادر التشريع الاسلامي؛ حيث أن كلمة أدلة: جمع دليل، وهو في اللغة: المرشد إلى الشيء، سواء كان حسيًّا أو معنويًّا، وفي الاصطلاح: ما يمكن بالنظر فيه التوصل إلى إدراك حكم شرعي على سبيل العلم أو الظن، فالطرق التي نتوصل بها إلى معرفة حكم الله تعالى تسمى الأدلة الشرعية أو أدلة التشريع.

وتسمى أيضًا أصول الشرع، أو أصول التشريع؛ لأن الأصل في اللغة: هو ما يبنى عليه غيره، ويستند إليه في تحقيق العلم ويرجع إليه، أو هو الدليل عند الفقهاء وعلماء الأصول، كما تسمى هذه الأدلة مصادر التشريع؛ لأن المصدر ما يتفرع عنه غيره، وتنبع منه الأشياء، فمصدر التشريع هو ما نأخذ منه الأحكام الشرعية. وقد رجحت التسمية الأخيرة لحصرها في الدلالة على المطلوب.[1]

كم عدد المصادر التي يؤخذ منها التشريع الاسلامي

مصادر الدين الأصلية التي ترجع إليها جميع العقائد والمقاصد والأحكام تتمثل في الوحيين؛ الكتاب والسنة. وذلك مقتضى ربانية الدين الإسلامي، أن جميع أركانه مبنية على نصوص معصومة منزلة من السماء، تتمثل في آيات القرآن الكريم، ونصوص السنة النبوية الصحيحة. ثم استنبط العلماء من هذين المصدرين أصولًا أخرى يمكن بناء الأحكام عليها، أطلق عليها بعض العلماء  اسم  مصادر التشريع الإسلامي، وهي : الإجماع والقياس.

حيث قال ابن تيمية رحمه الله : “إذا قلنا الكتاب والسنة والإجماع ، فمدلول الثلاثة واحد ، فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له ، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة ، فليس في المؤمنين إلا من يوجب اتباع الكتاب ، وكذلك كل ما سنَّه الرسول صلى الله عليه وسلم فالقرآن يأمر باتباعه فيه ، والمؤمنون مجمعون على ذلك ، وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون، فإنه لا يكون إلا حقا موافقا لما في الكتاب والسنة”.

مصادر التشريع الاسلامي المختلف في حجيتها

وهناك مصادر غير هذه المصادر الأربعة اختلف العلماء في حجيتها وصحة الاستدلال بها، وقيل في بحجيتها  أنها تابعة للكتاب والسنة وراجعة إليهما، وتتمثل هذه المصادر بقول الصحابي، والاستحسان، وسد الذرائع، والاستصحاب، والعرف، وشرع من قبلنا، والمصالح المرسلة، وغيرها.  وبالتالي فإن مصادر التشريع الأساسية اثنان هما القرآن والسنة، والمصادر التي اتفق العلماء على حجيتها أربعة بضم القياس والاجماع، وباقي المصادر المختلف في حجيتها فهي كثيرة، وقد تصل إلى نيف وعشرين مصدرًا.

ولا بد من التنبيه إلى أن المصدر الحقيقي هو مصدر سماوي لا وضعي، وأن مصدر التشريع الوحيد بإجماع المسلمين هو الله سبحانه وتعالى، ولا مشرع سواه، {إِنِ الْحُكْمُ إلا لِلَّهِ} [الأنعام: 57]، ويتجلى هذا المصدر السماوي بالقرآن الكريم، وبما أشار إليه القرآن الكريم، وإن بقية المصادر متابعة للقرآن الكريم، أو مبينة وكاشفة لحكم الله تعالى، وليست منشئة للحكم، فالمسلم لا يقبل إلا حكم الله تعالى. [2]

أهمية الالتزام بالتشريع الاسلامي

  •  التشريع مقوم أساسي من مقومات المجتمع، فلا بد لأي مجتمع من قانون يضبط علاقاته، ويعاقب من انحرف عن قواعده،  فالضمائر والدوافع الذاتية لا تكفى وحدها لعموم الخلق، والحفاظ على سلامة الجماعة، وصيانة كيانها المادي والمعنوي، وإقامة القسط بين الناس، ولهذا أرسل الله رسله وأنزل كتبه لضبط مسيرة الحياة بالحق كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}.
  • عدم الاكتفاء بكون القوانين الوضعية متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية؛ لأنه مجرد هذا الاتفاق نشأ بالمصادفة فلا يمنح هذه القوانين الصبغة الإسلامية، ولا يضفي عليها الشرعية الإسلامية. إنما الواجب أن ترد إلى الشريعة، بحيث ترتبط بالإسلام، وبالمقاصد الكلية للشريعة، وتستند إلى الأدلة الشرعية الجزئية في مختلف مواد الأحكام في شتى القوانين، وفق الأصول عند فقهاء المسلمين؛ وبهذا يكون لهذه القوانين شرعيتها وقدسيتها لدى الفرد المسلم، والمجتمع المسلم، وينقاد لها طواعية واختياراً، لأنه يتعبد له تبارك وتعالى بقبولها والخضوع لها.
  • الشريعة الإسلامية كل لا يتجزأ، ولا يجوز أخذ بعضها وترك بعضها، فقد قال الله تعالى لرسوله: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}؛ وذلك لأن الذي يتنازل عن البعض القليل يوشك أن يتنازل عن الكل، وقد أنكر القرآن أبلغ الإنكار على بنى إسرائيل في تجزئتهم للدين، وأخذهم لبعض أحكام كتابهم وإعراضهم عن البعض الآخر.
  • التشريع الإسلامي المنشود هو الذي يقوم على أساس اجتهاد عصري سليم، ولكن لا يجوز أن نكون من فئة الذين يريدون أن يطوعوا الإسلام للعصر، ويجعلوه عجنية قابلة للتشكيل، ولا يقفوا عند قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قياس. ولا من فئة الذين يريدون أن يجمدوا الإسلام في قوالب حجرية. [3]

مما سبق عرفنا كم عدد المصادر التي يؤخذ منها التشريع الاسلامي، وهو أربعة مصادر معتمدة والكثير من المصادر المختلف في حجيتها، وأننا لا بد لنا من الالتزام بالتشريع الاسلامي للحفاظ على تماسك المجتمع الاسلامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *