من مصادر تلقي العقيدة عند أهل السنة والجماعة

من مصادر تلقي العقيدة عند أهل السنة والجماعة

القرآن الكريم من مصادر تلقي العقيدة عند أهل السنة والجماعة ؛ فيجب على المُسلم أن يكون على بيّنة من تلك المصادر؛ حتى يعرف من أيْن تُأخذ الأحكام، وبأي شيءٍ يُستدلّ على الحلال والحرام، والعلم الشرعيّ من الواجب على المُسلم أن يتعلّمها حقّ التعلُّم؛ لأنه بها يعرف الله، وما له، ما عليه، وفيما يلي سنتعرّف على مصادر العقيدة عند أهل السنة والجماعة.

تعريف العقيدة الإسلامية

المتأمّل في معاجم اللغة العربيّة يجد أن الجذر اللغوي لكلمة عقيدة يعود إلى عقد، تقول عقد حُكمه عليه أي لزمه، ومنه الفعل اعتقد بمعنى صدّق، وتقول أيضًا: عقد عليه قلبه أي آمن به، وعلى هذه المعاني تدُور كلمة العقيدة على معنيين: الأول منهما يعني الاعتقاد، والتصديق بالمأمور به دون ريبٍ، وأما الآخر فيأتي بمعنى ما يجب أن يعتقد به المرء، وعلى ذلك فالإيمان بالملائكة والرُّسُل من العقيدة؛ لأنهما من الأمور الواجب الاعتقاد بهما.

وأما في الاصطلاح فتعني: هي تصوُّرٌ كليٌّ يقينيٌّ عن ربّ الكون -سُبحانه-، وعن الكون ذاته، وعن حياة الإنسان فيه، وعن الإنسان ذاته، وعن ما سبق الحياة الدنيا وما تبعها، وعن العلاقة بين السّابق واللّاحق، وهي مجموعة من الأمور الدينيّة التي يجب على المسلم معرفتها والإيمان بها[1]، ويُطلق مصطلح العقيدة أيضًا على أصول الإيمان وأمور التّوحيد، وهذا ما يُؤمن به أهل السّنة والجماعة، وأما حُكم تعلّمها؛ فهو فرض عين على كلّ مُسلمِ ومُسلمة، ومعنى فرض العين أي: أنه لو قام به البعض لا يسقط عن الباقين، والدّليل على فرضيّته، قوله -تعالى-:” وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”[2]

موضوعات علم العقيدة

تتمحور موضوعات علم العقيدة في ثلاثة محاور رئيسة، يتفرّع منها عدّة محاور، وتتلخّص المحاور الرئيسة في:[3]

  • ذات الله -عزّ وجلّ- العليا: يندرج تحت هذا العنوان الرئيس عدّة عناوين، وهي: الحديث عن أسماء الله وصفاته، وما يجب في حقّه، وما لايجب، وغيرها من الأمور التي تتعلّق بالذات العليّة.
  • رُسُل الله -عليهم الصلاة والسّلام-: يندرج تحت هذا المحور محاور أخرى تتمثّل في: ما يجوز في حقّ الرسل، وما لايجوز، وما يجب في حقّهم، وما لا يجب، وحكم الإيمان بهم.
  • السّمعيّات: تتمثل في ما ورد في القرآن الكريم أو السّنة النبويّة مما ليس للعقل سبيل إلى معرفتها، وذلك مثل علامات السّاعة، والأحداث التي تحدُث يوم القيامة.

من مصادر تلقي العقيدة عند أهل السنة والجماعة

إن من أشدّ الخطر على الأمة الإسلاميّة هم المتأسلمين الذين يُؤوّلون القرآن الكريم والسنّة النبويّة على حسب أهوائهم، ويأتون بالدّين ما ليس فيه، وقد اتّفق العلماء على المصادر التي من خلالها يتلقّى المُسلم العقيدة الصحيحة، ويمكن تلخيصها كالآتي:

القرآن الكريم

القرآن الكريم هو كلامُ الله – عزّ وجلّ- المُنزّل على رسوله -صلى الله عليه وسلّم- المنقول إلينا بالتّواتر، المتعبّد بتلاوته، وهو ما بين سورتي الفاتحة والنّاس، والذي نُزّل على محمّد مُنجّمًا أي: مُفرّقًا تبع الأحداث والوقائع، وذلك في خلال ثلاث وعشرين سنة، وهو المصدر الأول من مصادر العقيدة، فأول ما يطرأ على المُسلم أو المُسلمة سؤالًا أو أمرًا في العقيدة يلجؤون إلى كتاب الله، وتفسيراته؛ حتى يفهموا مراد الله من كلامه.

وفي ذلك يقول الله -عزّ وجلّ: ” جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ”[4]، وفي هذا دلالة واضحةٌ على أن هذا القرآن نور يهتدي به السائرون في ظلماتهم الحالكة، وهو السبب في إخراج النّاس من ظُلُمات كفرهم إلى نور الإسلام.

السنة النبوية المطهرة

السنة النبويّة هي المصدر الثاني من مصادر تلقي العقيدة الإسلاميّة، والمقصود بالسنّة في معاجم اللّغة العربيّّة: الطريقة المُعتادة، وأما المقصود بالسّنّة النبويّة هي: ما صدر عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، أو صفةٍ خُلُقيّة أو خِلقيّة، والمقصود بالقول: أي الأقوال التي وردت عن الرسول، والفعل: ما كان يفعله النبي في يومه، وهما من قبيل السّنة، وكذلك التقرير، ويعني: لو أن أحد الصّحابة فعل فعلًا أما النبي، ولم يمنعه النبي من ذلك، ولم يرفضه؛ فهذا دليلٌ على أنه أقرّه، وما دام النبي أقرّه؛ فهو في دائرة السّنّة، والاتّصاف، أو التقريب من الاتّصاف بصفات النبي من قبيل السنّة أيضًا.

والسنة النبوية إما: مفصّلة لما جاء به القرآن الكريم، أو مبيّنة ما أُبهم منه، أو ذاكرة لما لم يتمّ ذكره، كعدد ركعات الصلوات الخمس وغيرها؛ ولذا قال النبي : ” إلا إني أوتيت الكتاب ومثله معه”، فالكتاب هو القرآن الكريم، ومثله هو السنة النبوية، وقال: ” وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ..”[5]

الإجماع

الإجماع هو المصدر الثالث من مصادر تلقّي العقيدة[6]، وقد رفضه أهل البدع كالرافضة، والخوارج، والكثير من المعتزلة، فهم لا يُعدّونه من مصادر تلقّي العقيدة، والمقصود بالإجماع في معاجم اللغة: القصد أو الاتّفاق، وأما في الاصطلاح، فالمقصود به: ما اتّفق عليه الصحابة -رضوان الله عنهم-، وتناقله التابعون بعدهم من أصول الدّين والاعتقاد؛ حتى صار بعد ذلك مُقَرّرًا، وقيل إن قول الله -عزّ وجلّ-:” وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا”[7] يدُل على حجيّة أهل السنة بأن الإجماع من مصادر تلقّي العقيدة، فقد توعّد الحقّ -سُبحانه من يُخالف سبيل المؤمنين بأن مثواه جهنّم، وساءت مصيرًا، وللإجماع ثلاثة شروط؛ حتى يتحقّق فيه الأخذ منه، وهي:

  • أن يكون مناط الاتّفاق بين العُلماء، وليس من هم أقلّ منهم، فإن كان من الأقلّ؛ فلا عبرة بخلاف غير العلماء في الراجح من الأقوال.
  • أن يكون مخالفة العالم بالدّليل، فإن لم يكُن هناك دليلٌ على خلافه؛ فلا عبرة منه.
  • أن يوكون مناط الاختلاف في أمرٍ شرعيّ لا في أمرٍ عقليٍّ؛ لأن الأحكام العقليّة لا دخل لها في الإجماع، وكذلك الأحكام الوضعية كالقواعد الثابتة لا إجماع فيها، والأحكام التجريبيّة لا تدخل في إطار الإجماع؛ لأنها تتوقّف على التجربة، والتي تتغيّر بتغيُّر الأحوال.

ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرُّف على مصادر تلقي العقيدة عند أهل السنة والجماعة ، وما هو تعريف العقيدة في اللغة والاصطلاح، وما هي موضوعات العقيدة، وتحدّثنا عن القرآن الكريم من حيث كونه مصدرًا من مصادر تلقي العقيدة، وكذلك السنّة النبويّة، والأدلة التي تُأيّد ذلك من القرآن والسنة، ثم ختمنا بالمصدر الثالث وهو الإجماع، وذكر شروطه.

المراجع

  1. ^ https://web.archive.org/ , العقيدة الإسلامية , 3/9/2020
  2. ^ سورة الزمر , الآية 65 , 3/9/2020
  3. ^ علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة , علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة، محمد يسري، ص. 155. , 3/9/2020
  4. ^ سورة المائدة , الآية (15،16) , 3/9/2020
  5. ^ سورة النحل , الآية 44 , 3/9/2020
  6. ^ https://ar.islamway.net/ , المصادر الأساسية لعقيدتنا الإسلامية , 3/9/2020
  7. ^ سورة النساء , الآية 115 , 3/9/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *