كم عدد فروض الوضوء

كم عدد فروض الوضوء سؤالٌ لا بدّ أنّه يجول في خاطر الحريصين على دينهم، وعلى أداء ما كان عليهم من الفروض والوجبات الشرعيّة بما فيها الوضوء، فقد فرض الله سبحانه وتعالى الوضوء على عباده قبل كلّ صلاة، وعلى من أراد الطواف حول الكعبة ونحو ذلك، والحكمة في ذلك هي تحقيق الطهارة لأبدانهم، كما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ“،[1] وللوضوء فرائض وسنن وفضائل كثيرة، سيتمّ ذكرها تباغًا في المقال.[2]

معنى الوضوء

قبل الخوض في إجابة سؤال كم عدد فروض الوضوء لا بدّ من توضيح مفهوم الوضوء وتعريفه، فالوضوء من الوضاءة، ويقال في تعريف الوضاءة أنّها النظافة والبهجة والحسن، والوُضوء بضمّ الواو هي فعل الوضوء ذاته، أمّا بفتح الواو فهو ما يكون من الماء الذي يعدّ للوضوء، وقد وردت بعض التعريفات المتقاربة في اصطلاح الفقهاء للوضوء، نذكر منها تعريف الوضوء عند كلٍّ من:[3]

• الحنفية: وهو ما كان من غسلٍ للأعضاء الثلاثة يرافقه المسح لربع الرأس.
• الشافعيّة: وهو ما يكون من استخدام المياه على الأعضاء المخصوصة بالوضوء مع الاستفتاح بالنيّة.
• المالكيّة: وهو ما يكون من المسح والغسل على الأعضاء المخصوصة بالوضوء ليرفع العبد عن نفسه الحدث إن وقع فيه.
• الحنابلة: وهو ما يكون من استخدام العبد للماء الطاهر على الأعضاء المخصوصة بالوضوء ولكن على صفةٍ مخصوصةٍ أيضًا.

كم عدد فروض الوضوء

بعد التعريف بالوضوء لدى مختلف أهل العلم، وبيان كونه فريضةٌ على المسلم قبل الصّلاة وطواف الكعبة ونحوهما، قد يجول في خاطر المرء سؤالٌ مفاده كم عدد فروض الوضوء ؟ والإجابة تتلخّص في أنّ فروض الوضوء هي ستّة فروض، وهي: النيّة، ثمّ غسل الوحه، وكذلك غسل اليدين إلى المرفقين، كما يتبعه مسح الرأس، ومن ثمّ الرجلين إلى الكعبين، وآخر فرضٍ هو الترتيب فيما ذُكر، وعلى الرّغم من ذلك فقد اتّفق العلماء على تحديد بعض الفرائض واختلفوا في بعضها، وسيتمّ ذكر كم عدد فروض الوضوء المتفق عليها والمختلف فيها.[4]

فروض الوضوء المتفق عليها

الخوض في تحديد فرائض الوضوء كما ذكرتها الشريعة الإسلاميّة يقتضي الخوض في الفروض المتفق عليها، والسؤال الذي يفرض ذاته هو: كم عدد فروض الوضوء المتفق عليها؟ والإجابة على ذلك تتلخص في ما نزل من القرآن الكريم في قوله تعالى ف في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}،[5] فغسل الوجه وكذلك غسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين، هي فروض الوضوء المتفق عليها.[6]

فروض الوضوء المختلف فيها

إنّ ذكر فروض الوضوء المتفق عليها يقتضي كذلك ذكر الفروض التي اختلف فيها أهل العلم، وهذه الفروض المختلف فيها قد عدّها بعض العلماء من السنن وبعضهم عدّها فرضًا، وهي:[6]

• النيّة: وقد استندوا على ذلك بحديث النبيّ صلّى الله عليه وسلم، حينما قال: “إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ“.[7]
• التسمية: وقد استندوا على ذلك أيضًا بالحديث الضعيف للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حينما قال: “لا صلاةَ لِمَن لا وضوءَ له، ولا وضوءَ لِمَن لم يذكُرِ اسم الله عليه، ولا صلاةَ لِمن لا يصلِّي على النبي، ولا صلاةَ لمن لا يحِبُّ الأنصار”.[8]
• المضمضة والاستنشاق: وذهبوا إلى ذلك استنادًا لما رواه لقيط بن صبرة: “قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أخبِرْني عن الوُضوءِ، قال: أسبِغِ الوُضوءَ، وخلِّلْ بين الأصابِعِ، وبالِغْ في الاستنشاقِ، إلَّا أنْ تكونَ صائمًا“.[9]
• الترتيب بين الأعضاء: وهو ما ذهب إليه الإمام الشافعي والإمام أحمد مستدليّن بالحديث الصحيح الذي رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه: “قالَ: رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذا، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مَن تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذا ثُمَّ قامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ“.[10]

سنن الوضوء في الإسلام

كم عدد فروض الوضوء سؤالٌ تمّت إجابته فيما سلف من المقال، ولكنّه يفتح لنا أبوابًا واسعةً عن الوضوء لا بدّ من ذكرها والخوض فيها، ومن هذه الأمور هي سنن الوضوء التي ذكرت في الشريعة الإسلامية، وسنن الوضوء هي ما كان من الأشياء التي تسن للمرء فعلها عند الوضوء ويؤجر عليها ويثاب على فعلها، وهذه السنن هي:[11]

• التسمية وذكر اسم الله على الوضوء.
• كما يعدّ السواك من الأمور المستحبّة للمتوضئ.
• وكذلك غسل الكفيّن لثلاث مرّات.
• كما تعدّ المبالغة في كلٍّ من المضمضة والاستنشاق للمرء غير الصائم.
• ومن سنن الوضوء أيضًا تخليل اللحى الكثيفة بالمياه.
• وكذلك تخليل ما بين الأصابع بالمياه.
• كما يعدّ البدء في الأعضاء اليمينيّة ثمّ اليساريّة من سنن الوضوء.
• غسل الأعضاء لثلاث مرّات.
• أن يشغل المرء لسانه بالذكر بعد الانتهاء من الوضوء، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ما مِنكُم مِن أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فيُبْلِغُ، أوْ فيُسْبِغُ، الوَضُوءَ ثُمَّ يقولُ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ؛ إلَّا فُتِحَتْ له أبْوابُ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةُ يَدْخُلُ مِن أيِّها شاءَ”.[12]

فضائل الوضوء في الإسلام

بعد الخوض في بيان مفهوم الوضوء و ذكر كم عدد فروض الوضوء المتفق عليه والمختلف فيها، بالإضافة إلى ذكر سنن الوضوء كما أخبر عنها أهل الاختصاص من العلماء، كان لا بدّ من ذكر فضائل الوضوء في الإسلام، وسيتمّ ذكر بعضها فيما سيأتي:[13]

• الوضوء هو شطرٌ من الإيمان، وهو ما رواه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إسباغُ الوُضوءِ شَطرُ الإيمانِ”.[14]
• كما أنّ الوضوء يعدّ مكفرًا للذنوب والمعاصي.
• وكذلك تكون المداومة على الوضوء والمحافظة عليه من علامات أهل الإيمان يوم القيامة.
• وكما أنّ الوضوء يعدّ سببًا رئيسًا  لدخول المؤمن إلى الجنّة والتحليّ بحليّها.

كم عدد فروض الوضوء مقالٌ فيه تمّ بيان مفهوم الوضوء وذكر الاصطلاحات الشرعيّة التي ذكرها العلماء في الوضوء، وذكر الفروض المتفق عليها والمختلف فيها، كما تمّ ذكر بعضًا من سنن الوضوء التي ذكرتها الشريعة الإسلاميّة، والخوض في ذكر فضائل الوضوء التي تعود بالنفع على المسلم في الدّنيا والآخرة.