ما هو الفن الذي تم استحداثه في الاندلس

ما هو الفن الذي تم استحداثه في الاندلس

ما هو الفن الذي تم استحداثه في الاندلس ؟ من أكثر الاسئلة التي تدور بين محبي الفنون والتاريخ واللغة العربية أيضًا، حيث تعتبر جميع أنواع الفنون لها تأثير بالغ على نفوس الناس، لذلك يدفعهم الفضول لمعرفة أول فن قد أستحدث في بلاد الأندلس، وفي هذا المقال سوف نقوم بمعرفة هذا الفن مع مزيد من التفاصيل فتابعوا معنا.

ما هو الفن الذي تم استحداثه في الأندلس

أول فن تم استحداثه في الأندلس هو الموشحات وتم استحداثها في القرن الثالث الهجري، ومثل أي فن يتم استحداثه كانت الموشحات غير واضحه المعالم ولم يتم تحديد من أول من قام بصنعها أو السنة التي ظهرت فيها هذا الفن، وقال ابن بسام ان محمد ابن محمود القبري هو من قام باكتشاف وابتكار هذا الفن بينما قال ابن خلدون أن مكتشف الموشحات ومبتكرها هو مقدم ابن معافى الفريري في عهد الامير عبد الله ابن محمد المرواني.

وقد قام مؤرخي الأدب القدماء بالاتفاق على أن أهل الأندلس هم أول من قاموا باكتشاف فن الموشحات، وهم من قاموا بوضع قواعد هذا الفن وأصوله، وفتحوا الطريق لمن يأتي بعدهم لينسجوا الشعر فيه، حيث أن فترة الازدهار التي شهدها الشعر في العصر الأندلسي كانت بدأت عندما قلدوا شعراء المشرق وأسلوبهم الفريد في وصف بلادهم وطبيعتها، وقد نتج عن ذلك مظاهر جديدة في الشعر الأندلسي جعلت فيه الشاعر يفضل التجديد والتحرر من الأوزان القديمة التي غير قادرة على تبني مشاعر الشعراء الأندلسيين القوية، وعدم استطاعتهم التعبير عن عاطفتهم، لذا فكان من الضروري ايجاد فن شعري جديد فظهر فن الموشح فهي من أحد الفنون الهامة التي تم استحداثها في بلاد الأندلس.

ما هي الموشحات

تعرف الموشحات عند أهل اللغة بـ “أنّها كلام منظوم على وزن مخصوص”، وتم تسميها بهذا الاسم نسبة إلى الوشاح الذي يعلوه الزينة والزخارف الملونة التي تخطف الأنظار من شدة جمالها، وشبه الموشحات بالوشاح ليستدلوا على تغيير القصيدة العربية في بلاد الأندلس من حال إلى حال آخر مختلف وأفضل منه، وقاموا بتعريفها في علم الاصطلاح بأنها هي شكل جديد من أشكال الشعر قام أهل الاندلس باستحداثه لرغبتهم في الخروج عن النظام التقليدي للقصيدة والتجديد في شكلها وحتى يتلاءم هذا النوع الجديد من الشعر مع شكل حياتهم الاجتماعية في ذلك العصر، وامتاز هذا النوع من الشعر بعدة مميزات هي انفراد اللغة والخصوصية في البناء، وارتباط فنهم بالغناء والموسيقى، واختلاف الايقاع، وقد التزموا ببعض القواعد، مثل استخدام اللغة المنتشرة او اللغة الأعجمية، وقد كان لهذا النوع من الأدب اهتمام وتقدير من الامراء والملوك، مما أثر في وجوده وانتشاره بشكل كبير خاصة في عهد المرابطين.

وقد قام المؤرخ بوصف الموشحات بأنها شعبية، حيث أنها قد نشأت في الأوساط الشعبية لنيل رضا الناس والرغبة في امتاعهم، وحيث أن من نصوص هذا الفن قد نظم البعض منها باللغة الشعبية العامية، مما جعل بعض الشعراء يعترضون في بداية نشأة هذا الفن عن التأليف على طريقته، لأنهم اعتبروا هذا التأليف منزله عامة الناس وكان في رأيهم أن الموشح مستواه أقل من الشعر التقليدي، ومع تغير الزمن وتطوره تغيرت لك النظرة عن الموشح، حيث أعطوا له أهمية كبيرة، وبدئوا يتبعون طريقته في تنظيم شعرهم.[1]

شاهد أيضًا: متى ظهر الفن التشكيلي في السعوديه

نشأة الموشحات

أن الموشح يعتبر ظاهرة من الظواهر الأدبية القليلة في الأدب العربي فبعدما انتشر الشعر التقليدي في بلاد الأندلس في القرنين العاشر والحادي عشر الميلادي الذي امتاز بالتقيد في القافية والوزن، ظهر من الشعراء جيل جديد نشأ في الأندلس وترعرع بين طبيعتها ومجالس الموسيقى والطرب ومظاهر الترف، فقامت هذه الاجواء بالتأثير عليهم وعلى طريقتهم في الشعر، وأصبحت قصائدهم تظهر في مجالس الطرب غير ملتزمة بوزن وقافية واحدة، حيث يتنقل الشعراء بين قافية الشعر وأوزانه وبحوره، مما أدى إلى تداخل الموسيقى مع هذا الفن الجديد الذي يختلف عن القصيدة التقليدية من خلال تميزه بأكثر من وزن وقافية وبحر عروضي.

إضافة على ذلك قد تظهر الموشح أيضًا نتيجة لوجود ظاهرة اجتماعية تظهر في اختلاط العرب والإسبان بين بعضهم مباشرة، وقد نتج عن هذا الاختلاط مزيج لغوي تمثل في معرفة الشعب الأندلسي للغة العامية والعربية واللاتينية، ونتيجة هذه الثنائيات اللغوية قد ظهرت الموشحات التي يتم تنظيمها بـ اللغة العربية الفصحى ما عدا الفقرة الأخيرة منها والتي أطلق عليها اسم “الخرجة” التي كان يتم تنظيمها باللغة العامية الأندلسية، وهي عامية العربية التي كانت تأخذ الفاظ من اللغة اللاتينية.

وكانت في ذلك الحين يتألف الموشح من فقرتين وهي فقرة المنشد وفقرة ترد بها الجوقة وظهر هذا النوع في عهد الامير عبد الله بن محمد (275-300 هـ) فيقول ابن سعيد أن الحجاري وقد ذكر في كتاب المسهب في غرائب المغرب أن مخترع الموشح في جزيرة الاندلس مقدم بن معافر القبري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني وقد وراسها عنه ابو عمر ابن عبد ربه وهو من أكابر الشعراء في الأندلس.

تطور الموشحات

كان الموشح في بدايته يتكون من أشطاراً تشبه القصيدة، لكنه كان مهمل عارض ويختلف الموشح عن الشعر في أن له قافلة ختامية تسمي الخرجة ويكون عامّياً أو أعجميّاً، وهذا ما قد فعله القبر، وكان في بداية الموشحات يخلو من الأسماط، وكان يوجد ظهور أخر متطور للموشحات في العصور المتأخرة، فكانت تحمل مضامين مغيرة تمامًا وكان في جُلِّها معربةً فصيحة، والتي لم يكن الأندلسيون ملتزمون فيها بالشروط الدقيقة للفن أبرزها التصوف، والموشحات الزهدية المُكفّرة، والمدائح النبوية .

وبعد فترة من نشأة الموشحات كانت قد تطورت تطورات عديدة، ومن أهم تلك التطورات التطور الذي حل بها في القرن الخامس الهجري في عهد ملوك الطوائف، ثم ظهر تطور آخر سمى هذا التطور بالزجل، حتى أصبح هذا الاتجاه من الفن يتكون من لونين لون الموشحات والتي أصبحت تكتب باللغة الفصحى كلها ولون الأزجال وقد أصبحت تكتب باللغة العامية كلها. وقد انتقل هذين اللونين من الأندلس إلى المشرق لذلك كثر فيه الوشاحين والزجالين، وكذلك قد عرفهم الأدب الأوروبي فتأثر بهم الشعراء في جنوب فرنسا الذين يطلقون عليهم التروبادور، وكذلك تأثر به الكثير من الشعراء الإسبان الغنائيين، وانتقل ذلك التأثير إلى الشعر الايطالي وتمثل في عدة مظاهر منها النوع الديني المسمى (لاودس)، والنوع الغنائي المسمى (بالآتا) وتطورت بمرور الأعوام والسنين.[2]

وفي نهاية المقال، نكون قد عرفنا ما هو الفن الذي تم استحداثه في الاندلس ؟، فإن الموشحات تختلف عن القصائد التقليدية المعروفة في الوزن والقافية وهي من أعظم الفنون التي تم استحداثها في بلاد الاندلس، وقد اشتهرت الأندلس بأنها هي التي استحدثت فن الموشح، والذي يقال أنه تم استحداثه منذ زرياب في عهد عبد الرحمن الأوسط.