من هو أول صحابي استلم الحجر الأسود
من هو أول صحابي استلم الحجر الأسود ؟ هو أحد الأسئلة المهمّة التي لا بدّ من الإجابة عنها، فالحجر الأسود هو هو حجر له قداسة كبيرة في عقيدة الإسلام، يوجد في الجهة الخارجية من الركن الجنوبي الشرقي للكعبة؛ وهي قبلة المسلمين في صلاتهم ومقصدهم في موسم الحج؛ ويبدأ الحجيج نسك الطواف حول الكعبة من جهة ذلك الحجر، وينتهون عنده، وهو بيضوي الشكل، قطره 30 سم، يرتفع عن الأرض مترًا ونصف المتر، أُحيط بإطار من الفضّة الخالصة صونًا له، وهو أسود اللون مائل إلى الحمرة في ظاهره، أمّا بقية جرمه فذات لون أبيض كما كان في أصله، ويرجع سبب سواده لذنوب الناس.
من هو أول صحابي استلم الحجر الأسود
أول صحابي استلم الحجر الأسود هو الصحابيّ الجليل عبد الله بن الزبير بن العوام، وهو أول من استلم الحجر الأسود من الأئمة وكان أول من ربط الحجر الأسود بالفضّة، وعبد الله بن الزبير هو الصحابيّ الجليل ابن حواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبوه الزبير بن العوام، وأمّه أسماء بنت أبي بكر الصدّيق، وخالته هي السيدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، وهو أحد العبادلة الأربعة الذين هم من علماء الصحابة، وهو واحد من شجعان المسلمين الذين كُتِبَت في فضائلهم صفحات كثيرة، ولد في عام الهجرة، وكانت خالته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها تتعهّده بالرّعاية والعناية حتّى كُنّيَت بأمّ عبد الله لأنّها لم تُنجِب ولدًا، وقد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبع سنين، وممّا يميز شخصيّته كثرة عبادته، فكانت لياليه ثلاثًا: ليلةٌ يقضيها قائمًا حتى الصباح، وليلة يقضيها راكعًا، وليلة يقضيها ساجد.[1]
شاهد أيضًا: الذي وضع الحجر الأسود مكانه بعد تساقط الكعبة وإعادة بنائها هو
قصة الحجر الأسود
ترتبط قصة الحجر الأسود بقصة بناء النّبي إبراهيم للكعبة؛ لتكون أول بيت مبارك في الأرض، يُجمع فيه الناس لعبادة الله، وقد أمر الله نبيه إبراهيم ببنائها، ودلّه على مكانها، ثم شرع إبراهيم وولده إسماعيل بالبناء، وأوحى له الله بمكان الحجر الأسود، فوضعه في ركنها الشمالي الشرقي، وقد اختلفت الروايات التي تحدثت عن قصة الحجر الأسود، وطريقة نزوله من السماء، وتتفق جميعها على صحة نزوله من الجنة، وقد أدرك الناس منذ القدم قيمة هذا الحجر؛ لكونه من ياقوت الجنة ما جعله في عيونهم حجرًا نفيسًا نادرًا ذا قيمة وقداسة لا تُقدّر بثمن، وصار مع الوقت محطّ أطماع الكثيرين، ولذلك فإن قصة الحجر الأسود لا تخلو من الأحداث الفريدة والغريبة، ومن أبرزها تسجيل عدّة محاولات للسرقة، أولها محاولة عمرو بن حارث بن مضاض الجرهمي الذي أراد دفن الحجر في زمزم، لكن محاولته باءت بالفشل عندما شاهدته امرأة من بني خزاعة، فأخبرت قومها، فأعادوا الحجر إلى مكانه، ومن أبرز أحداث قصة الحجر الأسود أيضًا قبل ولادة النبي عليه الصلاة والسلام تجرؤ التبّع على مهاجمة الكعبة؛ يريد أخذ الحجر إلى اليمن، وحينها لم يلق إلا الصّدّ من قبل خويلد أبو خديجة أم المؤمنين رضى الله عنه، وقد آزره جماعة من قريش.[2]
ومما يُذكر في أحداث قصّة الحجر الأسود عملية ترميم الكعبة وإعادة البناء التي قامت بها قريش زمن النبي بعدما أصابها على طول السنين من الوهن والتداعي، وكان ذلك قبل بعثة النبي بنحو خمس سنوات، فشاركهم النبي في نقل أحجارها، وفي أثناء عملية البناء وقع خلاف كبير بين سادة قريش في أمر من يرفع الحجر الأسود، كاد يؤدّي لنشوب اقتتال بينهم، فرضي النّاس بالاحتكام إلى أول شخص يدخل الحرم، فدخل عليهم محمد، فشرحوا له الأمر، فنادى برداء، ووضع الحجر عليه، واقترح عليهم أن يأخذ رئيس كلّ قوم منهم بطرف الرداء؛ ليشارك الجميع في الرفع، فهدأت نفوسهم، وقبلوا بالحل الذي حقن الدماء، ثم تعاونوا على رفع الحجر، وقام عليه الصلاة والسلام بتثبيته في مكانه.[2]
وفي عام 64 هـ رُميت الكعبة بالمنجنيق من قبل قائد جيش يزيد وهو الحصين بن النمير في فترة الحرب بين الأمويين وبين عبد الله بن الزبير؛ الذي ربط الحجر الأسود بالفضة بعد تلك الحادثة؛ لحفظه من أيّ مكروه، ثم تعرضت الكعبة للحريق مرة أخرى عام 73هـ، إلى أن جاء الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي نقب الحجر الأسود بالألماس وأفرغ عليه الفضة تحصينًا له، ويُعدّ ما فعله القرامطة من أسوء أحداث قصة الحجر الأسود عندما سرقوه وأخفوه 22 سنة، وحدث ذلك على يد أبو طاهر القرمطي حين غزى مكة 317هـ، وقام بنهب الحجر، ووضعه في قرية الجش بالإحساء، وأمر الناس في القطيف بالحج إليه، وقاتلهم لرفضهم، ودام ذلك الحال إلّا أن نقل الحجر إلى الكوفة سنة 330هـ، ثم أعيد بعد ذلك مرةً أخرى حسب قول ابن كثير في ذي القعدة من العام المبارك 339هـ، الذي فرح فيه المسلمون فرحًا كبيرًا لعودة الحجر إلى مكانه، وسُجّل في قصة الحجر الأسود بعد ذلك عدّة محاولات للتحطيم وإلحاق الأذى به عمدًا من بعض الأشخاص، وآخر حدث سجل في قصة الحجر الأسود 1351هـ عندما اقتلعت قطعة من الحجر الأسود فأعدّ بعض المختصين مركبًا كيمائيًا أضافوا عليه المسك والعنبر، وقام الملك عبد العزيز برفعه وتثبيته في مكانه.[2]
شاهد أيضًا: اسم يطلق على الحجر الاسود
الدعاء عند الحجر الأسود
للحجر الأسود قدّسيّته الخاصّة به عند المسلمين، بدءًا من النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم فالحجر الأسود هو منطلق الطّواف للطائف ومنتهاه، وفيما يتعلّق بالدعاء عند الحجر الأسود، فمن السّنّة أنَّ الطّائف إذا بدأ طوافه أن يستلم الحجر ويقبّله إنْ أمكن له ذلك ويقول:[3]
- “بسم الله، والله أكبر” وإن زاد قال: “اللَّهمَّ إيمانًا بكَ وتصديقًا بكتابِكَ واتِّباعًا سنَّةَ نَبيِّكَ محمّد، صلّى الله عليه وسلّم”، ودليل ذلك ما رُوي عن ابنِ عمرَ أنّه كان إذا استلم الركنَ قال: “بسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ”، وعن علِيٍّ: أنَّه كان إذا استَلَم الحَجَرَ قال: “اللَّهمَّ إيمانًا بكَ وتصديقًا بكتابِكَ واتِّباعًا سنَّةَ نَبيِّكَ”.
- وقد ثبت عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان يقول بين الرُّكنِ اليَماني والحَجرِ: “اللَّهمَّ آتِنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذابَ النَّارِ”.
- وقد قال بما تمّ بيانه من الذّكر والدّعاء عند الحجر الأسود كثير من علماء الأمّة: وقال ابن باز رحمه الله تعالى: يشرع التّكبير عند استلام الحجر الأسود وتقبيله، وإذا تعذّر الوصول إليه أشار إليه وكبّر، وقال ابن عثيمين رحمه الله: يقول عند أول مرة: باسم الله والله أكبر، اللّهمّ إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتّباعًا لسنّة نبيّك محمّد، صلّى الله عليه وسلّم.
وهكذا نكون قد اجبنا على السؤال من هو أول صحابي استلم الحجر الأسود، وعرفنا قصّة الحجر الأسود كاملة، وما يستحبّ من الدعاء عند الحجر الأسود، أشرف حجر وجد على سطح الأرض، حيث أنزله الله تعالى من الجنّة لحكمة لا يعلمها إلا هو، فيسنّ استلام الحجر الأسود والمسح عليه وتقبيله إن أمكن أو تقبيل يده التي لامسته إن لم يستطع تقبيله أو الإشارة إليه والتّكبير إن لم يستطع الوصول إليه.