اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم

اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم

اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم هو الموضوع الذي يدور حوله هذا المقال، فقد أرسل الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل رحمةً للعالمين، وكان رسول الله خاتم النبيين، وهو سيد الخلق أجمعين، اجتباه الله واصطفاه وفضّله على خلقه، وكان صاحب الخلق العظيم والصفات الحميدة، ومن خلال موقع محتويات سيتمّ التعرف كيف كانت أخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

أخلاق العرب قبل الإسلام

إنّ الإسلام جاء ليكمّل الأخلاق ويهذّبها، فاخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام كانت خير أخلاق، والعرب قبل الإسلام بالرّغم من وجود الصّفات السيئة والأخلاق المشينة التي نتجت من أدران الشرك والكفر بالله، وكذلك تزيين الشيطان لهم إلّا أنّهم كانوا يمتلكون أخلاقًا كريمة، فمع انتشار وأد البنات وازدراء الفقراء والعبيد، وأكل القوي الضعيف وغير ذلك من سوء الأخلاق، إلا أنّهم بالمقابل امتازوا بالصّدق والكرم والعزّة وحسن الجوار والشهامة والصبر والشجاعة والوفاء.[1]

شاهد أيضًا: ما هي صفات الرسول صلى الله عليه وسلم

اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم

إنّ النبي صلى الله عليه وسلم هو أحسن الناس أخلاقًا، وهو أكرم الناس والأتقى بينهم، وقد وردت الكثير من الأحاديث المأثورة عن الصحابة الكرام التي يضفون فيها أخلاق النبي، وقال ربّ العزّة في كتابه العزيز: {وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ}.[2] فكان خُلق النبي القرآن، فكان يمتثل لأوامر اللله الواردة في كتابه، فما أمر به أخذه وما نهى عنه تركه فعظم خُلقه وكرم، ومن اخلاقه صلى الله عليه وسلم ما يأتي:[3]

الصدق والأمانة

إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان صادقًا مع الله، صادقًا مع نفسه ومع الناس، وصادقًا مع أهله وأعدائه وأصدقائه، فهو أصل الصدق ومنبعه، حتّى في الجاهلية كانوا يسمّونه الصادق الأمين، وأجمع كلّ من عرفه منذ صباه أنّه لم يكذب قط إطلاقًا، وبالرغم من ذلك ومعرفتهم التّامة لصدقه إلا أنّهم كذّبوه، ورغم تكذيهم إياه شهدوا بين بعضهم بصدق دعوته إلا أنّهم لم يتّبعوه تكبّرًا وجهلًا.[4]

الرحمة

كذلك كلّ من عاصر النبي صلى الله عليه وسلم شهد له برحمته، وشهد الله له بذلك من فوق سبع سموات، وذلك في العديد من المواضع في كتاب الله منها قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.[5] فشملت رحمته كل ما حوله، حتّى أعداءه الذين أذوه وظلموه، منها لمّا نزل جبريل مع ملك الجبال ينتظر أن يأمره النبي فيطبق عليهم الجبلين، فيأبى النبي، ومنها الدعوة المستجابة يوم القيامة، والتي يشفع بها النبي لأمّته صلى الله عليه وسلم.

الحلم

إنّ الحلم خلق وصفةٌ عظيمة اتّصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان مثلًا أعلى في الحلم، فكان واسع الصدر سمح النفس، وهو صاحب الدعوة والرسالة، التي يعاندها الكثير من الناس، بأنواعهم وأشكالهم ودرجاتهم، وكان يقابلهم جميعًا بذات الحلم والصبر، وبحلمه كسب القلوب ومحبة الناس.

العدل

من اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم العدل، فقد كان من أعدل الناس والذي استقى عدالته من التربية الإلهية، فهو المبلّغ للشريعة والقاضي الأول بين المسلمين، بأحكامه يقتدون ولها يطمئنون، فعدله وسع القريب والبعيد، والكافر والمؤمن، ومن صور عدله أنه قال: “وأيمُ اللَّهِ لَو سرَقَت فاطمةُ بنتُ محمَّدٍ لقطَعتُ يدَها”.[6]

الشجاعة

إنّ الشجاعة هي عنوان القوة ومدار العزّة، وهي من أكرم الخصال التي كانت بين اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كان المثل الأعلى في الشجاعة، وقد هربت أمامه الأعداء والكفار والشياطين في المواجهات الحاسمة، وكان يواجه الصعاب بقلبٍ راسخ وعزيمةٍ ثابتة، وكانت شجاعته في سبيل إعلاء كلمة الله وفي سبيل الحق، حتّى أنّ الصحابة إذا حمي الوطيس في المعارك احتموا برسول الله صلى الله عليه وسلم.

التواضع

اتّصف النبي صلى الله عليه وسلم بشدّة تواضعه، فكان مضرب المثل في ذلك، فلم يترك للمتواضعين قولًا، ولم يترك للمتكبرين حجة، فكان يخفض جناحه ويتواضع للكبار والصغار والقريب والبعيد، فكلّ الخلق في نظره سواء، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلقه فقالت: “كان بشرًا من البشرِ ؛ يفلي ثوبَه، ويحلبُ شاتَه، ويخدم نفسَه”.[7] وكان مع الضعاف يسير في أمورهم ويعينهم في كلّ حوائجهم.

الكرم

بالرّغم من أنّ العرب امتازوا بكرمهم وجودهم إلا أنّ كرم النبي وجوده نوعٌ لم تألفه العرب، فلم يكن كرمه لمكسبٍ دنيوي، ولم يكن مباهاة ولا لجلب مدح، إنّما كان في سبيل الله ورضاه، فهو يبذل الكثير والقليل بل كلّ ما يملك في سبيل الله، وكان لا يرد سائلًا ولا يمنع طالبًا، حتّى أنّ أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “ما سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى الإسْلَامِ شيئًا إلَّا أَعْطَاهُ، قالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فأعْطَاهُ غَنَمًا بيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إلى قَوْمِهِ، فَقالَ: يا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لا يَخْشَى الفَاقَةَ”.[8]

الحياء

إنّ الحياء من الأخلاق الرفيعة في الإسلام، به يتجنّب صاحبه القبيح والرذيل من الأعمال، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس حياءً وأشدّهم التزامًا بهذا الخلق العظيم، حتّى أنّ الصحابة الكرام يصفون حياءه بأنّه أشدّ من حياء البنت العذراء في بيت أهلها، ومن صور حيائه أنّه يستحي من الله، وذلك في فرض الصلاة عندما طلب منه نبي الله موسى أن يراجع الله سبحانه وتعالى في تخفيف فرض الصلاة، فجاوبه النبي صلى الله عليه وسلم أنّه يستحيي من الله، وفي حيائه صلى الله عليه وسلم من الناس فقد قال تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}.[9] فكان حياؤه ملازمًا له في كلّ أحواله وأوقاته.[10]

الزهد

كان من اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه من أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة، ومن أسمى صور زهده أنّ الله سبحانه وتعالى قد خيره في أن يكون ملكًا نبيًا أو يكون عبدًا نبيًّا، فاختار الثانية، وقد كان ينام على الحصير وعلى الأرض وعلى الرمال، وفي بيته صلى الله عليه وسلم تمضي الشهور ولا توقد نار، وقد روى الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مالي وللدُّنيا ، ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظَلَّ تحتَ شجرةٍ ، ثم راح وتركَها”.[11]

الصبر

إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس صبرًا على الأذى وقد كان حظّه من البلاء النصيب الأكبر والأوفر، وقد قضى ثلاثًا وعشرين سنة من عمره وهو يدعو الناس لعبادة الواحد القهار، ويتحمّل أذى المشركين واعتداءهم عليه، فضربوه وشتموه وأهانوه وافتروا عليه ولكنّ ذلك لم يزده إلا صبرًا وصمودًا في سبيل رسالته، وهو يسمع قول الله يأمره بالصبر فيكون له مواسيًا: {فَاصْبِرْ كَمَاصَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}.

شاهد أيضًا: متى ولد الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجري

أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام

تتجلّى اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم في كلامه، فلو تكلّم لم يتكلّم إلا بالفصل المبين، فلا كلامه بالسّريع الذي لا يحفظ ولا بالمنقطع الذي لا يُدرك، وهديه هو أكمل الهدي، وكان من أخلاقه أنّه لا يتكلّم فيما لا يعنيه، ولا ينطق إلا بما يرجو منه الثواب، وكان قليل الكلام كثير العمل، ولا يتكلّم بغير حاجة، وكان لا ينطق إلا بالكلام الطيب المبارك، فيثني ويمدح ويأمر بمعروف، ولو نهى كان نهيه بود ورحمة ولين.

شاهد أيضًا: من هم اهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم

أخلاق رسول الله مع زوجاته وأهل بيته

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “خيرُكم خيرُكم لأهلهِ وأنا خيرُكم لأهلي”.[12] فالنبي صلى الله عليه وسلم كان خير الناس خلقًا مع أهله وزوجاته، وذلك في طيب الكلام وحسن المعاشرة بالمعروف، واحترام الأهل، فكان يحسن لأزواجه ويكرمهنّ ويرأف بهن،  ويتلطّف لهن، وفي البيت يعين الأهل في حاجياتهم ويساعدهم، وقد كان يسرّب لأمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها بنات الأنصار ليلعبن معها.[13]

شاهد أيضًا: من هو صاحب راية المسلمين في غزوة بدر

أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع أبنائه وبناته وأحفاده

إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان شديد الرحمة والرأفة والشفقة والتوجيه، فكان يحبّ أولاده وبناته ويعطف عليهم ويربّيهم ويرشدهم، ومن حنوّه وحنانه، عندما توفي ابنه ابراهيم، حزن النبي صلى الله عليه وسلم لموته وبكى عليه، وكان يقول لفاطمة أنّها بضعةٌ منه، ولأحفاده جعل لهم العناية الفائقة فاختار لهم أحسن الأسماء، وكان حبه لأحفاده نابعٌ من حبّه لأولاده، فكان ينزل عن المنبر في خطبته ليحمل الحسن والحسين، وكان يصلي وهو يحمل أمامة بنت زينب رضي الله عنها.[14]

شاهد أيضًا: بحث عن الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة

أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأسرى

إنّ من يطّلع على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم سيعرف أخلاقه مع الأسرى، ففي غزوة بدر انتصر المسلمون وأسروا من المشركين عددًا كبيرًا، فشاور النبي أصحابه فيهم، فتعددت آراء الصحابة الكرام واختلفت، فلم يسيء الرسول للأسرى بل أخذ منهم الفدية، وأحسن التعامل معهم، وعفاهم من القتل، فمن استطاع منهم دفع المال فعل، ومن لم يستطع علّم القراءة والكتابة لغلمان المسلمين، ومنهم من أطلقوا بغير فداء، فكانت عنايته بالأسرى تترك فيهم أثرًا طيبًا يدفعهم للإيمان بالله ورسوله، فلم يعذّب أسيرًا ولم يضربه، وكان يأمر لهم بأحسن الطعام، ويأمر لهم باللين وحسن المعاملة.[15]

شاهد أيضًا: ما يقال عند زيارة قبر الرسول

إلى هنا نصل لختام مقال اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم والذي ذكر أخلاق العرب قبل الإسلام، وذكر صفات النبي وأخلاقه وكيفيّة تعامله مع من حوله من الناس من القريب والبعيد وغيرهم.

المراجع

  1. ^ alukah.net , أخلاق العرب قبل الإسلام , 24/01/2022
  2. ^ سورة القلم , الآية 4
  3. ^ saaid.net , من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم , 24/01/2022
  4. ^ alukah.net , أخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم , 24/01/2022
  5. ^ سورة التوبة , الآية 128
  6. ^ غاية المرام , الألباني/ عائشة أم المؤمنين/ 21/صحيح
  7. ^ تخريج مشكاة المصابيح , الألباني/ عائشة أم المؤمنين/ 5760/صحيح
  8. ^ صحيح مسلم , مسلم/ أنس بن مالك/ 2312/ صحيح
  9. ^ سورة الأحزاب , الآية 53
  10. ^ islamweb.net , حياء النبي صلى الله عليه وسلم , 24/01/2022
  11. ^ صحيح الترغيب , الألباني/ عبد الله بن مسعود/ 3282/صحيح لغيره
  12. ^ شرح كتاب الشهاب , السفاريني الحنبلي/ عائشة وعبد الله بن عباس ومعاوية/ 546/ حسن صحيح
  13. ^ islamweb.net , مواقف نبوية للأزواج , 24/01/2022
  14. ^ islamstory.com , معاملات الرسول مع أولاده وأحفاده , 24/01/2022
  15. ^ islamstory.com , أخلاق رسول الله مع الأسرى , 24/01/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *