اين يقع سهل عكا

اين يقع سهل عكا

اين يقع سهل عكا أحد أشهر السهول في الوطن العربيّ والعالم، والذي حظي بشهرةٍ واسعة نسبةً إلى مدينة عكا الواقعة فيه، والمعروفة بأسوارها التي صمدت أمام زحف نابليون وجيشه الفرنسيّ الذي حاصرها، وأمطرها بقذائف المدفعيّة والرصاص الحيّ مدّة أربع وستين يوماً، وقال فيها عبارته الخالدة: “تحطّمت أحلامي على أسوارك يا عكا، سلاماً لا لقاء بعده”، وانسحب منها.

اين يقع سهل عكا

يقع سهل عكا في أقصى الجهة الشماليّة لدولة فلسطين المحتلّة، ويحاذي ساحل البحر الأبيض المتوسّط، بطول يقدّر بحوالي 42 كيلو متراً، بين جبل الكرمل في الجنوب إلى رفح، وحتّى الحدود الفلسطينيّة اللبنانيّة في الشمال، عند منطقة رأس الناقورة الحدوديّة، ويتراوح عرضه بين 6 إلى 12 كيلو متراً، ويشغل مساحة تبلغ حوالي 316 كيلو متر مربع، في حين أنّ ارتفاعه عن مستوى سطح البحر يقدّر بين 100 إلى 150 متراً، ويعرف أيضاً باسم سهل الجليل الغربي، وأهمّ مدنه هي مدينة عكا. [1]

تسمية سهل عكا

يقع سهل عكا في بقعةٍ جغرافيّة هامّة، لذلك شهدت أرضه على نشوء عدّة حضارات قديمة، تعود لعام 3000 قبل الميلاد، كالكنعانيّين (الجرشانيّين) الذين جعلوا منه مركزاً لتجارتهم مع الجوار، وهم من أطلقوا تسمية (عكو) التي تعني بلغتهم (الرمل الحار)، ومن بعدهم حكمها الإغريق، في عهد الملك بطليموس الثّاني فيلادلفيوس، وأطلق عليها اسم بطولومايس المشتقّ من اسمه، وفي العهد البيزنطي أطلقوا عليها اسم سامريتيكا نسبةً إلى السّامرة، بينما في عهد الحكم الصليبيّ فسُميّت سان جون داكر، حتّى حرّرها المماليك وأعادوا لها اسمها القديم عكا، وفي وقتنا الحالي يُطلق اسم سهل عكا على السّهل الواقع شرق حيفا فقط. [1]

التقسيمات الإدارية في سهل عكا

تنتشر في سهل عكا عدّة قُرى ومدن، نذكر منها: الكابري، الزيب، البصّة، التلّ والنهر، الغابسية، أبو سنان، السميريّة، عمقة، المنشيّة، الدامون، وعكا. [1]

تاريخ عكا

من أهم المدن الواقعة في سهل عكا هي (مدينة عكا) الموغلة في القِدَم، وقد كانت عبر تاريخها مطمعاً للغُزاة، فقد ذُكرت من بين المدن التي استولى عليها الفرعون تحتمس الثّالث، وفي سجلّات كلٍّ من رعمسيس الثّاني، وآشور بني بعل عام 650 قبل الميلاد، كما غزاها الكسندر المقدونيّ، والبطالمة في القرن الرّابع للميلاد، وتعرّضت لغزو الفرنجة والفرس والصليبيّين، وحرّرها من قبضتهم السّلطان المملوكيّ الأشرف خليل بن قلاوون سلطان مصر، في موقعةٍ تُعرف تاريخيّاً بـ(فتح عكا) في عام 1291م، وأقام فيها الخليفة معاوية بن أبي سفيان عام 20 للهجرة مقرّاً لصناعة السّفن الحربيّة، وحكمها الشيخ ظاهر العمر الزيداني وأبنائه في القرن الثّامن عشر، وبنى أسوارها الشهيرة، وحكمها أحمد باشا الجزّار، وخضعت للانتداب البريطانيّ، الذي أعدم فيها ثلاثة رجال من زُعماء المقاومة الفلسطينيّة في 17 حزيران/ يونيو من عام 1930 م، وهم: (محمد جمجوم، فؤاد حجازي، عطا الزير)، وهي اليوم ترزح تحت الاحتلال الإسرائيليّ الذي شرّد العديد من أهلها. [1] [2]

معالم عكا التاريخية

يقع سهل عكا في منطقة غنيّة بالمعالم التاريخيّة، وأبرزها تلك الموجودة في مدينة عكا، ونذكر منها: [1]

  • حدائق البهجة: وفيها يقع ضريح مؤسّس الديانة البهائيّة (بهاء الله).
  • سور الجزّار: ويبعد 15 متراً عن سورها الداخليّ، ويحتوي على 9 أبراج للمراقبة، كبرج الكومندار، وبرج السلطان، وبرج كريم، وعليها مرابض مدفعيّة لنحو 250 مدفعاً.
  • مقام النبيّ صالح: ويقع في جنوبها، وتحديداً في المقبرة الإسلاميّة.
  • بالإضافة للمدينة القديمة التي بناها الصليبيّون، والتي أُدرجت من قِبَل منظّمة اليونسكو على قائمة المناطق الخاصّة بحفظ التراث الثقافيّ العالميّ، فإنّه يوجد فيها أيضاً السّوق الأبيض، وحمّام الباشا، وخان العمدان الذي بناه الظاهر عمر وفيه قصره، والقلعة، وجامع الجزّار، والممرّ الألماني، وبناء السرايّ القديم، ومسجد الميناء، والزيتونة، والمنارة، وكنيسة القدّيس يوحنّا، وكنيسة القدّيس جوارجيوس.

أدباء ومفكرون من عكا

خرجت من عكا عدّة أسماء لمفكرين وأدباء أثروا النهضة الفكريّة والأدبيّة العربيّة، ونذكر منهم: الصحفيّ والكاتب الروائيّ الفذّ غسّان كنفاني، والأديبة سميرة عزّام رائدة القصّة القصيرة في فلسطين، ويعقوب حجازي المؤلّف والكاتب القصصيّ، وصاحب دار نشرِ ومجلّة الأسوار، كما تنحدر منها الكاتبة والمفكّرة والأديبة المُعاصرة حنان بَكير، التي لا توفّر فرصةً إلّا وتعرب فيها عن حنينها وانتمائها، لفلسطين الوطن السّليب أولاً، ولمسقط رأسها عكا ثانيّاً، وما روايتها التي حملت عنوان (أجفان عكا) إلاَّ دليلاً على ذلك، ويُذكر أنّ الشاعر الكبير محمود درويش أمضى فيها فترة طويلة من حياته، وقال فيها: “عكا… أجمل المدن القديمة، أقدم المدن الجميلة). [2]

مميزات سهل عكا

يقع سهل عكا في موقعٍ استراتيجيّ خصّه بعدّة ميّزات، نذكر منها: [1] [2]

  • يعتبر سهل عكا واحداً من أربعة سهول رئيسيّة في فلسطين وهي: سهل عكا، سهل الكرمل، السهل الساحلي الجنوبيّ، سهل مرج ابن عامر.
  • ذُكر موقع عكا في الكتب السماويّة، في التوراة، وفي الإنجيل في سفر أعمال الرسل، وفي رحلات بولس الرسول التبشيريّة.
  • في العهد الرومانيّ احتلّها هيرودس، وزارها يوليوس قيصر، وحوّلها نيرون لمدينةٍ مستقلّة، وجعل فيها عدداً من الحمّامات التي عُرفت بحمّامات أفروديت.
  • بحسب مخطوطة ليوسف فلافيوس، فقد تمّ العثور في رمال نهر النعمان في عكا على الرمل الزجاجيّ الذي استخدمه الإغريق في صنع الأواني الزجاجيّة.
  • استخرج الفينيقيّون الأصبغة الحمراء والأرجوانيّة الزرقاء من أصداف البحر في سواحل عكا.
  • دخلها العرب بقيادة شرحبيل بن حسنة، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان عام 636 م، وكانت في عهد معاوية مركزاً لصناعة السفن الحربيّة، ومن ساحلها انطلق بأسطوله لفتح قبرص.
  • عمل هشام بن عبد الملك على توسيع بنائها، وجعل له فيها قصراً فخماً.
  • يقع سهل عكا في منطقة زراعيّة خصبة، ويُشتهر أهله بالزراعة، ومن المحاصيل الزراعيّة في السهل أشجار الحمضيّات والكروم، ومن الحبوب القمح والشعير، إضافة إلى أشجار النخيل، وأشجار الزيتون، والخضار، والفاكهة وفي مقدّمتها الموز.
  • تمّ تحويل العديد من المستنقعات في السهل إلى أحواضٍ لتربية الأسماك، وخصوصاً عند المجرى الأدنى لنهر النعامين.
  • قامت قوّات الاحتلال بتغيير أسماء معظم أحياء عكا العربيّة، في محاولةٍ لتهويد المدينة، ونذكر منها: عكا القديمة، كريات ولفسون، حي مناحيم بيغن، نفيه ألون، حي بن غوريون، البحر السليم…
  • يقدّر عدد سكانها بحوالي 46000 نسمة، ونسبة الفلسطينيّين منهم فقط 17000 نسمة.
  • تعمل غالبيّة السكان في سهل عكا في صيد السمك، وفي المهن الحرّة، وفي قطاعات التجارة والخدمات، والصّناعة الكيميائيّة والنفطيّة، بسبب وجود مصفاة النفط في خليج عكا.
  • من ضمن محاولات سكان عكا في الحفاظ على الهُويّة واللّغة العربية للمنطقة، تُنظّم فيها العديد من المهرجانات الثقافيّة، كمهرجان (لغتي هويتي)، (اليوم الوطنيّ للثقافة الفلسطينيّة في عكا)، ومهرجان العروض المسرحيّة (مسرحيد).
  • تنحدر من عكا العديد من العائلات التي هاجرت إلى دول الجوار، كسوريا ولبنان والأردن، ونذكر منها: عائلات بيضون، الخازن، حوّا، خمّار، خبّاز، عوّاد، عيد، قطران، فرّان، خوّام، وطوبى، واشتُهر معظمهم في صناعة المصوغات الذهبيّة.

وما أجمل أن أنهي مقالتي هذه عن عكّا أميرة مدن السهل، التي تحطّمت على أسوارها أحلام الغُزاة، وكما ابتدأتُها، أين يقع سهل عكا في فلسطين، بقولٍ لنابليون بونابرت، أختمها أيضاً بقولٍ آخر له، حينما خلع قبّعته وألقاها أرضاً صارخاً: “لولا هذه العقبة الكأداء، لملكت الشرق الأوسط”.

المراجع

  1. ^ aljazeera.net , عكا , 27/2/2021
  2. ^ shasha.ps , عكا .. بيروت.. عشق المدن , 27/2/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *