بحث عن سورة البقرة

بحث عن سورة البقرة

بحث عن سورة البقرة من أهم التساؤلات الدينيّة التي يسعى إليها الكثير من روّاد علوم القرآن، وغيرهم من طُلّاب العلم الشرعيّ، لما في سُور القُرآن الكريم الكثير من الإعجاز العلميّ، واللغويّ، وما فيه من تماسك تراكيبه وترتيبها من الإشارات المُنبئة عن أن هذا الكتاب إنما هو من عند الله -عز وجل-، وأنه المعجزة الخالدة التي أُنزلت على خير البشَر -صلى الله عليه وسلَّم-، والذي تحدى به الإنس والجنّ، وما كان منهم إلا أنهم عجزوا عن أن يأتوا بسُورة من مثلة.

التعريف بسورة البقرة بالتفصيل

القُرآن الكريم من أعظم الوسائل التي بها يتقرّب العبدُ من ربّه، وهو الوسيلة التي يُنجّى بها المُسلم من سيّئات نفسه، وسورة البقرة من أعظم سُور القرآن الكريم؛ فلذا نُقدم بحث عن سورة البقرة .

وسورة البقرة تحتل المرتبة الثانية من ترتيب سور القرآن الكريم، وقد جاء ترتيبها بعد سورة الفاتحة، أما من حيث النزول فإنها تحتلّ المرتبة الأولى في ترتيب السّور المدنية، والسور المدنية هي التي نزلت بعد الهجرة، ولو كانت في غير مدينة رسول الله-صلى الله عليه وسلّم-.

وهي من السبع الطّوال التي ذكرها الله -عز وجلّ- في قوله:” ولقد ءاتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم”؛ فقد فسّر بعض المفسّرين أن السبع المثاني السبع سور الأطول في القرآن، وتبدأ بسورة البقرة.

معلومات عن سورة البقرة

كما أن سورة البقرة بها أكبر آية ذُكرت في القرآن الكريم، وهي آية الدّين، والتي يبتدئ فيها ربّ العزّة -سُبحانه- بقوله: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا..”(البقرة:282).

واستودعها الله كذلك أفضل آية في القرآن، وهي آية الكُرسيّ التي يقول فيها -تعالى-:”اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ “(البقرة:255).

كما أن آخر آية نزلت في القرآن الكريم هي آية:” وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ” (البقرة: 281)، قد نزلت قبل موت النبي -صلى الله عليه وسلّم- بثمان ليالٍ فقط.

وقد حفظها عُمر بن الخطّاب بفقه آياتها ومواضيعها في اثنتي عشر عامًا، أما ابنه عبد الله بن عُمر؛ فقد تعلّمها في نحو ثمان سنوات.

أما من حيث عدد الآيات؛ فهُناك خلاف بين العدد الكوفي والعدد المدني؛ فأهل الكوفة قد عدّوا سورة البقرة بأنها مائتان وستة وثمانون آيةً(286)، أما المُصحف المدني، وبالأخص قراءة ورش قد عدّ تلك السُّورة بمائتين وخمس وثمانين آيةً، وقد جاء اختلاف العدد هذا من اختلاف عدّ فواتح السّور؛ فمُصحف ورش لا يعُد( آلم) آيةً، أما المصحف الكوفي فإنه يعُد فواتح السّورة آيةً.

شاهد أيضًا: كم عدد ايات سورة البقرة

سبب تسمية سورة البقرة بهذا الاسم

ذُكرت الكثير من الأسباب لماذا سميت سورة البقرة بهذا الاسم، ولعل من أقرب الأقوال إلى الصّواب:-

ما ورد فيها من قصة سيدنا موسى -عليه السلام- وموقف قومه من قتل رجلٍ لم يعرفوا من هو قاتله، فأمر الله -عز وجل- سيدنا موسى أن يأمر قومه بذبح بقرة؛ فشدّدوا على أنفسهم؛ فشّدّد الله عليهم، ففي بداية الأمر دعوا سيدنا موسى أن يُبيّن لهم أوصافها، وفي ذلك يقول-تعالى- حكايةً عن حالهم:”وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (البقرة:67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ” (البقرة:.68)

فلما أن ارادوا أن لا يُطيعوه؛ فقالوا: نُريد أوصافًا لها أكثر، وفي هذا مماطلة لموسى -عليه السّلام-؛ وفي ذلك يقول -تعالى-:” قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)، فأحيا الله-عز وجل- هذا القتيل مرةً أُخرى، وأعلمهم بمن قتله؛ فمن هنا كانت تسمية سورة البقرة بهذا الاسم.

بحث عن سبب نزول سورة البقرة

لقد أنزل القرآن الكريم مُنجّمًا حسب الوقائع والأحداث، وقد قال بعض المُفسّرين: “إن سورة البقرة قد أُنزلت على عدّة مرّات، وليس على مرّةٍ واحدةٍ، وفي ذلك إشارةٌ إلى أنه لا سبب محدّد لنزول السّورة، وإنما ذُكر لبعض آياتها سبب نزول، ولم يُذكر لمجموع آياتها.

ومن تلك الآيات: الآيات الأولى من السُّورة؛ فقد ذُكر في سبب نزولها:” عن مجاهد أنه قال: أربع آيات من أول سورة نزلت في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين” فالآيات من واحد إلى أربع قد نزلت وصفًا للمؤمنين، وما سيكونوا عليه من النّعيم المقيم، إذا اتّبعوا ما أُنزل على خير البشرية، والآيتان الخامسة والسادسة؛ قد تحدّثتا عن مصير الكافرين، وما في انتظارهم من العذاب الأليم في الدنيا والآخرة

أما الثلاث عشرة آية التي تتبعها قد تحدّثت عن المنافقين وأحوالهم، وهذا إن دلّ فإنه يدُل على شدّة خطورة المنافقين، بل إن خطورتهم قد تتعدّى خطورة الكافرين، وذلك لأن الكافرين دومًا تأخذ الحذر منهم؛ فتأمن مكرهم، أما المنافق؛ فلن تستطيع أن تُحدّد كيف يطعنك، ومتى؟؛ لأنه يُظهر لك الحُبّ، ويُبطن عنك البُغض.

وقد ذكر ابن عباس وابن مسعود في سبب نزول قوله -تعالى-:” إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا…” (البقرة:26): “لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين يعني قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) وقوله تعالى: (أو كصيب من السماء) قال المنافقون: الله أجل وأعلى من أن يضرب هذه الأمثال”، فأنزل الله تعالى الآيتين (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا..).

شاهد أيضًا: آخر آيتين من سورة البقرة

فضل سورة البقرة

السُّور القرآنية لها من الفضل عند الله -عز وجلّ- ما لا يُحصيه عقلٌ، ولا يصفه لسانٌ، ولكن إذا اقترنت قراءة المُسلم بتدبُّره وتفكُّره، ولسورة البقرة فضلٌ عظيمٌ يحظى به من دوام على قراءتها، لذا كان لزامًا تقديم بحث عن سورة البقرة .

وممّا قيل في فضل سورة البقرة ؛-.

  • أنها تحفظ المُسلم وتقيه ممّا يُدبّره له شياطين الإنسن والجنّ، ومما ورد في ذلك: “عن أبي هريرة -رضي الله عنه- حينما قال: (وكلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فقص الحديث، فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وقال: النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقك وهو كذوب ذاك شيطان).
  • أنها تُعدّ من السُّور التي تطرُد الشياطين، ومما يُستدل به على ذلك: (لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ)؛ فمفهوم منطوق هذا الحديث يدُل دلالة واضحة على أن من يُداوم على قراءة سُورة البقرة في بيته؛ يُحصّنه من الشّياطين، وإن كانت موجودة؛ يطرُدها منه، وهذا من فضل الله -عز وجلّ- على عباده.
  • أنها تشفع لمن يقرؤها يوم القيامة، ومما يدُلّ على ذلك: حديث أبي إمامة أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلّم، قال: (اقرؤوا القرآنَ؛ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِه، اقرؤوا الزهْرَاوينِ: البقرةَ وآلَ عمرانَ، فإنَّهما يأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامَتانِ أو غيايتانِ، أو كأنَّهما فِرْقَانِ من طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عن أصحابِهما، اقرؤوا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أخْذَها بركةٌ، وترْكُها حسرةٌ، ولا تستطيعُها البطَلَةُ”، وفي هذا إشارةٌ على مدى تأثير سورة البقرة في الشّفاعة للمُسلم يوم العرض على رب العزة-سُبحانه-.
  • تُعدّ أحد أسباب دخول الجنة، وخصوصًا آية الكرسي، وقد ثبت ذلك عن النبي-صلى الله عليه وسلّم-، ففي الحديث، يقول المُصطفى:” (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت)

أسرار سورة البقرة

امتلأت سورة البقرة بالكثير من الأسرار البلاغية، وأسرار الإعجاز العلمي، وغيرهما، ولعلّ من أهم تلك الأسرار:-

قوله -تعالى-:” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا..” يُمثل الآية رقم مائة وثلاثة وأربعين من سورة البقرة، ولو تأمّلنا مليًّا؛ لوجدنا أن عدد آية السُّورة مائتان وستّ وثمانون آيةً، فهذه الآية تقع في مُنتصف السورة، وقد ذكر الله -عز وجلّ- فيها أنه قد جعل تلك الأمة أمة وسطًا؛ فهذا يُعدّ من إعجاز تلك السُّورة، وهذه اجتهادات من العُلماء قد تكون صحيحةً، وقد يكون فيها نظرٌ.

شاهد أيضًا: سورة البقرة مكتوبة

ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرف على بحث عن سورة البقرة ، كما يُمكننا التعرف على فضائل سورة البقرة مؤيّدة بالأدلّة من السُّنّة النبوية، كما علمنا ما هي سورة البقرة، وكم عدد آياتها، وهل هي مكية أم مدنية؟، وما السرّ في تسميتها بهذا الاسم، وما هو سبب نزول تلك السّورة على اختلاف أقول العُلماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *