ما حكم التوكل على الله وما معناه

حكم التوكل على الله

حكم التوكل على الله هو الموضوع الّذي سيتناوله هذا المقال. فالله -تبارك وتعالى- هو خالق كلّ شيء، وهو القيوم والمدّبر لشؤون الكون وشؤون خلقه دون سواه. وهو رازق البشر والطّير والحيوانات وجميع الكائنات. والله -جلّ وعلا- هو مسيّر الأمور بانتظام وتوازن بقدرته العظيمة المطلقة. فكلّ الكائنات ذوات قدراتٍ محدودةٍ وضئيلةٍ ولا تستطيع فعل هذه الأمور إطلاقاً. ويساعدنا موقع محتويات في بيان معنى التوكل على الله تعالى ومفهومه، وكذلك معرفة أحاديث رسول الله والآيات الذتي تحدّثت عنه.

ما حكم التوكل على الله وما معناه

إنّ حكم التوكل على الله -سبحانه وتعالى- واجبٌ على كلّ مسلمٍ، ويجب عليه أن يعتمد عليه في كلّ أمور حياته ونواحيها. وإنّ التوكل على الله من أهمّ الدّلائل على الإيمان الكامل بالله تعالى. وقد ذكر الله تعالى الأمر بالتّوكلّ عليه في جميع نواحي الحياة في الكثير من الآيات القرآنيّة الكريمة. كما تحدّث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن مسألة التّوكل وشرح معناه وحقيقته. وإنّ معنى التّوكل على الله تعالى، هو أن يعتمد قلب المؤمن على الله تعالى في جميع الأموروالمسائل. و كذلك أن يثق به بأنّه الكافي والحسيب لعباده.[1]

وقد أمر الله تعالى أوّلاً أنبياءه ورسله بالتوّكل عليه -جلّ وعلا- في دعوتهم لأقوامهم إلى عبادته. وكذلك فإنّ كلّ إنسانٍ بحاجةٍ لله تعالى وتوفيقه ورضاه في كلّ لحظةٍ تمرّ. و كذلك مع كلّ نفس ٍيأخذه. كما لا يجوز لأي ّإنسانٍ التّوكل على غير الله تعالى في أيّ شيء ٍمهما كان أمراً بسيطاً، فذلك يعدّ شعبةً من شعاب الكفر والشّرك والعياذ بالله. ولا ينال به الإنسان إلّا البلاء والضرّ والفشل وكلّ سوء. أمّا من حقّق المعنى الكامل للتوكل على الله تعالى فذلك قد كمُل إيمانه. وصدق في شهادة وعبادته وإخلاصه لله سبحانه وتعالى. كما سينال بتوكّله كل ّالفضل والخير والعواقب السّليمة والخواتيم الحسنة لأعماله، والله أعلم.[1]

مفهوم التوكل

إنّ الله تعالى هو الكافي للعباد، وهو حسبيهم، وهو القيّوم على شؤونهم ومدبّر أمورهم في اللّيل والنّهار وكلّ لحظةٍ من حياتهم، وما شاء لهم أن يكون كان، وما لم يشأ لهم لم ولن يكن، وكلّ أمر يسير بمشيئة الله -سبحانه وتعالى- لا بمشيئة الإنسان أو أيّ مخلوقٍ آخر،  ومفهوم التوكل وحقيقته هو أنّ يخلص العبد نيّته لله تعالى، يؤمن ويصدّق بأنّ نجاح أعماله وعاقبة الخير مرتبطةٌ بتوفيق الله تعالى له في أمره، فيعتمد عليه اعتماداً كاملاً، ويثق به ثقةً تامّةً ومطلقة، ويؤمن بأنّ تحصيل الخيرات والفوائد ودفع الضرّ والشّرّ والبلاء بيده سبحانه وتعالى، سواءٍ كان ذلك في أمورٍ دنيويّةٍ أو أمورٍ أخرويّة.[1]

كما أنّ التوكل على الله تعالى شعبةٌ من شعب الإيمان الكامل الخالص بالله تعالى. وصفة وجبت على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ أن يمتثلها ويتّصف بها. و كذلك من واجب المسلم أن يقطع أمله من عباد الله -جلّ وعلا- فهم لا يملكون له ضرّاً ولا نفعاً. وليس لهم إرادةٌ في تسيير أمورهم أو أمور غيرهم. والله أعلم.[1]

شروط التوكل على الله

ينبغي على مسلمٍ توكلّ على الله تعالى، أن يكون توكّله كاملاً ومحقّقاً لمعناه الحقيقيّ. وليس مجرّد كلام وحسب. بل لا بدّ له من تحيق وتطبيق شروط التوكل كاملةً ليكون أمره صحيحاً سليماً من كلّ ذنبٍ أو إثم أو منكر. وإنّ شروط التوكل على الله هي:[2]

  • أن يكون توكلّ العبد على الله -تبارك وتعالى- دون غيره، لئلّا يقع في الشّرك والعياذ بالله.
  • كذلك أن تكون ثقة العبد بالله تعالى مطلقة، ونيّته خالصةٌ لله تعالى في كلّ أموره.
  • وأن يؤمن العبد بالقضاء والقدر وأنّ الخير والشّرّ بيد الله سبحانه وتعالى.
  • كما يجب أن يشعر العبد بضعفه وقلّة حيلته أمام قدرة الله -جلّ وعلا- والتّلسيم لعظمته ومقدرته في تدبير الأمور والقيام على الشّؤون.
  • أن لا يقنط العبد من رحمة الله تعالى، وأن لا ييأس إن طال عليه الأمد. فيما توكّل به على ربه تبارك وتعالى.
  • و كذلك أن يأخذ العبد بالأسباب والوسائل المسخّرة لينال ما أراده وابتغاه.

التوكل على الله والأخذ بالأسباب

إنّ الأخذ بالأسباب من أهمّ الرّكائز الّتي يقوم عليها المعنى الصّحيح للتّوكل على الله تعالى، وهو من أهمّ شروطه، وقد قيل عن أهل العلم بأنّ التوكل على الله تعالى، من أعمال القلب، وأنّ عمل القلب وتوكّله على الله –تبارك وتعالى- ينعكس على الجوارح فتعمل بذلك أيضاً، وكذلك أنّ الأخذ بالأسباب والتوكل على الله هما طرفيّ معادلةٍ متناسبة ٍومترابطةٍ مع بعضها البعض، ولا يمكن العمل بطرفٍ دون الآخر، فيصبح ناتجها غير صحيح ولا يمكن تحقيق المبتغى والهدف بها، لذلك الأخذ بالأساب وبذلها مهما كانت ضعيفة ًوغير مهمةٍ لا ينافي التّوكل، فالتّوكل عمل القلب، والأخذ بالأسباب هو انعكاسه على الجوارح.[1]

وإنّ تعطيل الأسباب وتركها فيه مخالفةٌ لأمر الله تعالى، ومعارضةٌ لمعنى التوكل على الله، ومن غير الجائز إطلاقاً الاعتماد على الأسباب وحدها دون التّوكل على الله في القلب، وذلك إثمٌ وذنبٌ كبير، ومن صور اتّخاذ الأسباب والعمل بها مع التّوكل على الله في القلب، ما روي في قصّة النّبيّ أيّوب -عليه السّلام- عندما دعا الله -تبارك وتعالى- أن يشفي مرضه ويخلّصه من السّقم والبلاء، فأمره الله تعالى بأن يضرب الأرض يقدمه، فتنشّقٌ الأرض فيخرج منها ماءٌ يُشفى بها نبيّ الله، وهذا من أعظم الدّروس في التّوكل للمؤمنين، فضرب الأرض بالقدم لا يضرّ الإنسان ولا ينفعه في الحالة الطّبيعيّة، لكنّ نبيّ الله أيّوب، وثق بالله تعالى في قلبه، وأخذ بالسّبب الّذي بين يديه رغم ضعف هذا السّبب، فشاء الله تعالى أن ينجّيه ويشفيه،وكذلك وجب على الإنسان أخذ الأسباب جميعها وعدم أهمال الضّعيف منها حتّى والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: هل التوكل على الله ينافي الأخذ بالأسباب

من الأذكار المأثورة في التوكل

ورد في سيرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من الأحاديث الّتي تناولت مسألة التوكل على الله تعالى. كما ورد ايضاً أدعيةٌ وأذكار تناولت التوكل على الله. كان يعلّمها النّبيّ لأصحابه رضي الله عنهم. ومن هذه الأذكار:[3]

  • روي عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: ” إذا أتَيْتَ مضجَعَكَ فتوضَّأْ وُضوءَكَ للصَّلاةِ، ثمَّ اضطجِعْ على شِقِّكَ الأيمَنِ، وقُلِ: اللَّهمَّ أسلَمْتُ وجهي إليكَ، وفوَّضْتُ أمري إليكَ، وألجَأْتُ ظَهْري إليكَ، رَهْبةً ورَغْبةً إليكَ، لا مَلجأَ ولا منجَى منكَ إلَّا إليكَ، آمَنْتُ بكتابِكَ الَّذي أنزَلْتَ، وبنبيِّكَ الَّذي أرسَلْتَ . قال: فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفِطرةِ، واجعَلْهنَّ آخِرَ ما تقولُ”.[4]
  • كذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن قال في كلِّ يومٍ حينَ يُصبِحُ وحينَ يُمْسي: حَسبيَ اللهُ لا إلهَ إلَّا هو، عليه تَوكَّلْتُ، وهو ربُّ العَرشِ العَظيمِ، سَبعَ مراتٍ، كَفاه اللهُ ما أهَمَّه من أمرِ الدُّنيا والآخِرةِ”.[5]
  • وينبغي على كلّ مسلمٍ اتّباع سنّة رسول الله، واتّباع هداه، والعمل بما وصّى وأمر به والله أعلم.

التوكل في القرآن الكريم

قد ذكر التوكل على الله تعالى في القرآن الكريم في الكثير من المواضع والآيات الكريمة. و كذلك بيّنت كلّ آيةٍ موقفاً مختلفاً في التوكل على الله. ومن الآيات ما قصّت ذكراً عن الصّالحين وتوكلّهم على الله في أمورهم. كما ذكرت أمر الله تعالى لأنبيائه بالتوكل عليه. ومن هذه الآيات:[6]

  • قال تعالى في سورة هود: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.[7]
  • كذلك قوله جلّ وعلا في سورة التوبة: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}.[8]
  • قال تعالى في سورة آل عمران: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.[9]
  • كما قال الله تعالى في سورة آل عمران: {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.[10]
  • كذلك قوله تبارك وتعالى في سورة الأنفال: {نَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون}.[11]
  • وهذه الآيات هي بعضٌ من الّذي ذكره القرآن الكريم عن التّوكل على الله تعالى، وتسليم الأمور إليه في شتّى نواحي الحياة، والله أعلم.

شاهد أيضًا: ما معنى حسبي الله ونعم الوكيل فيك

حكم التوكل على الله مقالٌ فيه تمّت الإشارة إلى أنّ التوكل على الله تعالى من معاني العبادة وركائزها العظيمة، وهو تعبيرٌ عن الثّة بالله وتعالى، ودليلٌ على الإيمان الكامل به وبقدرته العظيمة المطلقة، وينبغي لكلّ مسلمٍ أن يتوكلّ على الله -تبارك وتعالى- في جميع أمور حياته، الكبيرة منها أو الصّغيرة، وأن يقطع آماله من النّاس فأمورهم كلّها بيد الله تعالى، وإليه مصير كلّ عبدٍ وكلّ مخلوق.

المراجع

  1. ^ saaid.net , التوكل على الله , 24/03/2021
  2. ^ ahlalhdeeth.com , حقيقة التوكل على الله , 24/03/2021
  3. ^ wikiwand.com , توكل , 24/03/2021
  4. ^ سنن أبي داود , أبو داود/البراء بن عازب/5046/سكت عنه
  5. ^ تخريج زاد المعاد , شعيب الأرناؤوط/أبو الدرداء/342/2/إسناده صحيح
  6. ^ alukah.net , آيات عن التوكل على الله , 24/03/2021
  7. ^ سورة هود , الآية 123
  8. ^ سورة التوبة , الآية 129
  9. ^ سورة آل عمران , الآية 173
  10. ^ سورة آل عمران , الآية 159
  11. ^ سورة الأنفال , الآية 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *