حكم النياحة على الميت

حكم النياحة على الميت

حكم النياحة على الميت ، هو عنوان هذا المقال، ومعلومٌ أنَّ هذه الدنيا هي دار ابتلاءٍ، وإنَّ من أشد الابتلاءاتِ على المرءِ أن يفقد عزيزً على قلبه، وتتنوع ردودَ أفعال البشرِ عند إصابتهم بهذا المصاب، فمنهم من يصبر ومنهم من يجزع ومنهم من يكتفي بالبكاءِ ومنهم من يبدأُ بالنياحةِ، وفيه هذا المقالِ سيتمُّ بيانَ حكمِ النياحةِ على الميِّتِ مع تعريفِ النياحةِ، كما سيتمُّ بيان حكمِ البكاءِ من غير صوتٍ أو جزع، بالإضافةِ إلى بيام ما يسنُّ للمسلمِ قوله عند سماع خبر موتِ عزيزٍ عليه، ثمَّ سيتمُّ بيا أقوال أهل العلمِ في مسألة عذاب الميِّت ببكاءِ أهله عليهِ من عدمها.

حكم النياحة على الميت

نهى الشرع الحنيف عن النياحةِ على الميِّت، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لَيسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، أوْ شَقَّ الجُيُوبَ، أوْ دَعا بدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ”،[1] إذ أنَّ المصيبةَ مقدرةٌ من عند الله -عزَّ وجلَّ- وعلى المسلم أن يرضة بقضاءِ الله وقدره، ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ هذا الحكمَ يعمُّ الرجال والنِّساء، والنياحة تعرَّف على أنَّها رفع الصوتِ عند الميِّت بالصراخِ والندب ونحوِ ذلك.[2]

شاهد أيضًا: هل الأموات يتزاورون

حكم البكاء على الميت

إنَّ البكاءَ على الميِّت من غيرِ صوتٍ أو صراخ جائزٌ في الشريعة الإسلامية؛ إذ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بكى على ابن ابنته، ووصف هذا البكاء بالرحمةِ، ودليل ذلك ما رُوي عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- حيث قال: “فَفاضَتْ عَيْنا النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ له سَعْدٌ: ما هذا يا رَسولَ اللَّهِ؟! قالَ: هذِه رَحْمَةٌ وضَعَها اللَّهُ في قُلُوبِ مَن شاءَ مِن عِبادِهِ، ولا يَرْحَمُ اللَّهُ مِن عِبادِهِ إلَّا الرُّحَماءَ”.[3][4]

شاهد أيضًا: الصحابي الجليل الذي صلى بالناس في مرض الرسول صلى الله عليه وسلم هو

ما يسنُّ قوله عند سماع خبر الموت

يسنُّ للمسلمِ عن وقوعِ مصيبةَ الموتِ أن يسترجع أي أن يقول إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهمَّ أُجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.[5][6]

شاهد أيضًا: هل الميت يشعر بمن يبكي عليه

هل يعذب الميت بنياحة أهله عليه

تباينت آراء أهلِ العلم في ذلك، فذهبت السيدةُ عائشة -رضي الله عنها- إلى أنَّ الميَّت لا يُعذب بنياحةِ أهله ولا ببكائهم عليه، مستدلةً بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[7] وذهب بعض أهلِ العلمِ إلى أنَّ الميَّت يُعذَّب ببكاء أهله عليه، مستدلين بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “المَيِّتُ يُعَذَّبُ في قَبْرِهِ بِما نِيحَ عليه”،[8] وأنَّ ذلك لا يتعارض مع الآية الكريمة، حيث تمَّ توجيه الحديث الشريف إلى عدة طرق، وفيما يأتي بيانها:[9]

  • أنَّ الميِّت يُعذب ببكاء ونياحةِ أهله عليه إذا كانت النياحةُ من سنته التي كان عليها في هذه الدنيا، وكان قد أقرَّ أهله عليها حال حياته.
  • أنَّ الميِّت يعذَّب ببكاءِ ونياحةِ أهله عليه إن كان قد أوصى قبل موته بذلك.

 

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّ فيه بيان حكم النياحة على الميت ، مع بيانِ تعريفِ النياحةِ والفرقِ بينها وبين البكاءِ من حيث الحكمِ، كما تمَّ بيان الجملة التي يسنُّ لمن سمع خبر موتِ عزيزٍ بترديدها، وفي ختام هذا المقال تمَّ بيان أقوال أهل العلمِ في مسألةِ عذابه بنياحةِ أهله عليه وبيان مسالك العلماء في ذلك.

المراجع

  1. ^ صحيح مسلم، مسلم، عبدالله بن مسعود، 103، حديث صحيح
  2. ^ شرح عمدة الأحكام لابن جبرين، ص13 , https://al-maktaba.org/book/7723/450 , 8/9/2021
  3. ^ صحيح البخاري، البخاري، أسامة بن زيد، 5655، حديث صحيح
  4. ^ islamweb.net , البكاء على الميت.. المشروع منه والممنوع , 8/9/2021
  5. ^ البقرة: 155-157
  6. ^ dorar.net , ما يُشْرَعُ عند نزولِ مُصيبةِ المَوتِ، وما يُباحُ، وما يَحْرُمُ , 8/9/2021
  7. ^ فاطر: 18
  8. ^ صحيح البخاري، البخاري، عبدالله بن عمر، 1292، حديث صحيح
  9. ^ islamqa.info , معنى تعذيب الميت ببكاء أهله عليه , 8/9/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *