حكم زواج المسيار في الاسلام

حكم زواج المسيار

حكم زواج المسيار من الأحكام المهمة التي تطرقت إليها الشريعة الإسلامية، حيث يُعرف زواج المسيار بأنّه عقدٌ شرعي بين ذكر وأنثى وشروطه تامة ومستوفاة، وأركانه وشروطه كعقد الزواج الصحيح؛ ولكن يختلف عنه أن المرأة تتنازل في هذا العقد عن حقها في السكن والنفقة بكامل إرادتها وبرضاها التام، ويعرف الزّواج بصورة عامّة بأنّه عقد اتفاق بين رجل وامرأة بشروط وضعها الإسلام، ويُسمَّى هذا العقد في الشرع بعقد النكاح، وتكمن أهمية الزواج في كونه يُحافظ على استمرارية النَّسل البشري على الأرض، وقد حثَّت الشريعة الإسلامية الناس على الزواج فهو سنة من سنن الأنبياء والصالحين.

حكم زواج المسيار في الاسلام

انقسم حكم زواج المسيار إلى ثلاثة أقوال، وفيما يأتي بيانها:[1]

القول الأول

أنه زواجٌ جائز لكنه مكروه، ودليلهم في ذلك أنّ عقد الزواج مستوفي الأركان والشروط ولا يوجد فيه ما يؤدي إلى الحرام كغيره من أنواع الزواج كالمتعة ونحوه، ففي هذا الزواج يقع اتفاقٌ بين الزوجين بإرادتهما على عدم وجود حق المبيت للزوجة أو القسم أو النفقة أو غير ذلك، واستدلوا بأنَّ أم المؤمنين سودة بنت زمعة -رضي الله عنها- أعطت يومها عندما كبرت في العمر إلى أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فكانت تنال يومين يومها ويوم سودة رضي الله عنهما، فهذا دليلٌ واضح على أنّه يحق للزوجة أن تتنازل عن حقها المشروع كالمبيت أو النفقة.

القول الثاني

حرام، مستدلين بأنه يخالف الأسس التي جاء بها التشريع الإسلامي من تحقيق الهدف الأسمى للزواج؛ كبناء بيت فيه مودة ورحمة وسكن والمحافظة على استمرار النسل، وقيام الزوج بواجباته تجاه زوجته وأسرته كما يخالف مقاصد الزواج النفسية والاجتماعية واستدلوا على هذا بالقاعدة الفقهية التي تقول أن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.

القول الثالث

توقف العلماء في الحكم على هذا الزواج، ممّا يعني عدم التوسع في البحث عن حكمه وتفصيلاته، فهو لا يسلم من المخاطر التي قد تدفع للقول بأنّه مكروه أو حرام.

صور زواج المسيار في الاسلام

عند القول عن حكم زواج المسيار في الإسلام، تجدر الإشارة إلى أنَّ هذا الزواج يكون على صورتين وفيما يأتي بيانهما:[2]

  • الصورة الأولى:  الزواج في هذه الصورة يكون عقده كاملًا أي كامل الشروط والأركان، فيكون في هذا العقد مهر وولي وشهود ولكن يضع الزوج قيدًا بعدم مطالبته بتأمين النفقة أو المسكن لزوجته، فتسكن الزوجة في بيتها أو عند أهلها ويأتي الزوج إليها، وهذا النوع من الزواج إذا كان بإرادة الزوجة التي لم يتسنّى لها رجلًا ترضى بالزواج به من قبل، وكانت أساسها أن تعفّ نفسها من الحرام وأن تنجب أبناءً لها بالحلال، فهو عقد وزواج صحيح ولا يكون إسقاط الزوجة بعض حقوقها مانعًا أو مخلًّا في الزواج لأنّ إسقاط الشروط ليس من الأركان المانعة من إتمام العقد، فالزوجة عندما تزوجت بهذه الطريقة تكون قد قدّمت مصلحة أعلى من غيرها.

الصورة الثانية: ألَّا يضع الزوج شرطًا في إسقاط النفقة على زوجته ولكن يشترط أن لا يبقى معها في سكن واحد، وهذا النوع من زواج المسيار منتشر بين الناس، حيث يكون الزوج في هذا العقد متزوجًا لكن هدفه إخفاء زواجه الثاني عن زوجته الأولى وأولاده، فيمتنع عن المبيت في سكن الزوجة الثانية على أن يستمرّ بالإنفاق عليها، وهذا أيضًا أباحه أهل العلم، فالحسن البصري كان يجيز الشرط في النكاح ما دام النكاح أو الزواج قائم على الإشهار، تجدر الإشارة إلى أنَّ زواج المسيار فيه حفظ للأعراض والحماية من الفساد ولا سيّما عند النساء اللواتي لم تتيسر سبل الزواج لديهنِّ، ولا بدَّ من القول إلى أنَّ بعض العلماء لم يجز زواج المسيار وحرَّمه بسبب ما يؤول عنه من نزاعات في شؤون الإرث والحقوق المادية ولا سيما بعد موت الزوج، ولكنَّ الرأي العام، هو أنَّه لا حرمة في هذا الزواج بسبب عدم وجود دليل على عدم جوازه، وبسبب اكتماله شروط وأركان الزواج الصحيح الذي نصت عليه الشربعة الإسلامية.

شروط صحة زواج المسيار

وبعد أن تم بيان حكم زواج المسيار على أنّه صحيح، لا بُدّ من بيان شروطه:[3]

  • لا بُدّ من إعلان الزواج ، والمقصود بذلك عند جمهور العلماء وجود كافة الشروط والأركان في العقد.
  • إعطاء المهر الكامل للزوجة وتسميته في العقد، وإذا لم يُسمّ في العقد فتأخذ مهر المثل؛ كبنات الخالات والعمات أو العشيرة ونحوه.
  • أن لا تتنازل المرأة عن الحقوق الشرعية الواجب كالجماع أو الإصرار في المبيت، وفي حال وجود هذه الشروط في العقد فإن العقد سائر  مع بطلان الشرط، وقال آخرون ببطلان ذات العقد أيضًا.
  • أن لا يكون من شروط العقد عدم وجود المهر وتسليمه، فإن وجد هذا الشرط فيفسد عند جمهور الفقهاء، واختلفوا في صحة العقد وقال أكثر الفقهاء ببطلان العقد.
  • أن تتمكّن المرأة بتراجعها عن بعض الشروط التي وضعتها كعدم النفقة عليها من قبل زوجها وعدم تأمين المسكن لها؛ لأنّ ذلك يعدّ من حقها في الشرع.

شروط انعقاد زواج المسيار

لا بُدّ من بيان شروط زواج المسيار ولا سيّما بعد أن تم بيان حكم زواج المسيار على أنه صحيح كونه مستوفٍ للشرط، وفيما يأتي الشروط المتفرعة لزواج المسيار:[4]

  • أن يكونا الزوجين معينين، أي تسيمة الزوجين وبيانهما عند الإيجاب والقبول.
  • أن يتم القبول من كلا الزوجين، ممّا يعني عدم صحة الزّواج القائم على الإكراه.
  • وجود الولي أثناء العقد، فلا يصح العقد إلاّ بولي رجل عاقل وراشد وحر، فالرّسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “لا نكاح إلا بولي”.[5]
  • يشترط وجود الشهود أثناء العقد، على أن يكونا رجلين بالغين عاقلين حرين وعدلين، وعدم وجود المانع من شهادتهما، ووجوب حضور الشاهدين يدل عليه قول الرسول -عليه السلام-:  “لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل”.[6]
  • خلو الزوجين من موانع إتمام عقد الزواج؛ كوجود الأمراض المانعة من الزواج، سواء كانت أمراض نفسية أو جسدية أو عقلية.

اسباب ظهور زواج المسيار

في العصور السابقة كان الزواج سهل وميسّر لا تعقيد فيه، ولكن بعد تغير الأبعاد الاجتماعية والقيم والوازع الديني، أصبح الزواج معقّدًا بعض الشيء، لذلك ارتفعت نسبة العنوسة بالنسبة للنّساء، أو الخوف من هذه الخطوة بالنسبة للرجال، فأصبحت النّاس تلجأ لهذا الزواج لعدّة أسباب، وفيما يأتي بيانها:[7]

  • الارتفاع الكبير في نسبة  النساء غير المتزوجات والمطلقات، والأرامل.
  • كثرة المغريات في المجتمع، وعدم قدرة الرجل على النفقة على الزوجة الثانية، وصعوبة الحياة الاقتصادية.
  • إنّ غالبية النساء يرفضن التعدد، وقد تحدث منازعات مع أزواجهن ويوجد منهنّ من يتركن أبنائهنّ، ممّا يؤدّي إلى اللّجوء إلى زواج المسيار.
  • رغبة بعض الرجال في التعفف والحفاظ على أنفسهم من خلال العلاقة التي حللها الشرع مع من يتوافق مع ظروفهم وهدفهم.
  • عدم تحبب البعض في الخضوع بالمسؤوليات الحياتية الواجبة على الزوج، ومرهقاتها والتكاليف المادية التي تنتج عنها، ومن الجدير بالذّكر أنّ الذين يلجؤون إلى زواج المسيار، هم صغار السّن، كونهم لا يحبون تحمل مسؤوليات الحياة الزوجية.

إلى هنا نكون قد بينا حكم زواج المسيار في الإسلام ، كما بينا العديد من الأمور المتعلقة بهذا الحكم، كبيان شروط انعقاده والأسباب التي استدعت ظهوره، ممّا يعني أنّ الحكم العام لهذا الزواج هو الجواز بالشروط التي تمّ بيانها سابقًا، حيث لا يوجد أي دليل شرعي يدلّ على حرمة هذا الزواج.

المراجع

  1. ^ www.al-maktaba.org , الاشتراط في عقد النكاح , 27-11-2020
  2. ^ www.islamweb.net , زواج المسيار جائز إذا استوفى شروط صحة النكاح , 27-11-2020
  3. ^ www.al-maktaba.org , زواج المسيار , 27-11-2020
  4. ^ www.al-maktaba.org , زواج المسيار , 27-11-2020
  5. ^ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم:4075، أخرجه في صحيحه
  6. ^ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم:4075، أخرجه في صحيحه
  7. ^ www.al-maktaba.org , حكم نكاح المسيار , 27-11-2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *