شعر مدح الرجال بالفصحى

شعر مدح الرجال بالفصحى

شعر مدح الرجال بالفصحى الذي اشتهر عبر تاريخ العرب لما فيهم من رجال برزوا وكانوا مثالًا للشرف والأخلاق والبسالة التي تستحق المدح إضافة لميل العرب للتعبير عن الإعجاب من خلال الشعر، لذلك فإننا في هذا المقال نورد معنى هذا اللون من الشعر ومراحل تطوره وأمثلة عليه جميلة جدًا.

شعر مدح الرجال بالفصحى

بدأ شعر المديح حرًا كتعبير صادق من الشاعر للرجل الذي يمدحه ويثني عليه، حيث تنبع الكلمات من القلب دون شرط أو قيد، حتى تناول هذا اللون من الشعر النقاد والمتكلفون، فأخضعوه لشروط تحكمه، وتطبعه بطابع المدح، فيعرف شعر المدح عن غيره، كما يعرف شعر المدح المتامسك القوي دون ألوانًا أخرى من الشعر، فلكي تكتب شعر مدح في رجل مثلًا، عليك أن تلتزم بمدح أربع خصال بعينها بحسب ما يرى “قدامة بن جعفر” وهي:

  • العقل.
  • الشجاعة.
  • العدل.
  • العفة.

ولا يعتبر من يقتصر على بعض هذه الصفات وليس جميعها مخطئًا، بل يقال هو مقتصر، ويكون الاقتصار كذلك بالإفراط في بعض هذه الجوانب أكثر من غيره، ثم تناول النقاد عبر الأجيال هذه الأشعار وزادوا في الخصال التي تستحق المدح في الرجال فأدخلوا فيها أيضًا القناعة والسماحة والحماية والصبر على النوائب وغيرها من الصفات الحميدة، لكن بعضهم أصر على أن هذه الصفات الأخيرة تندرج تحت الأربعة خصال الأولى ولا تزيد عليها.

شاهد ايضًا: كلمات شعر قصيرة

مفهوم شعر المدح

كان شعر المديح أحد ألوان الشعر الجاهلي المنتشرة بكثرة بل أنه كان وسيلة للتكسب ومهنة للشعار، وكان للغساسنة في الشام والمناذرة في الحيرة دور كبير في حفز الشعراء على مديح أمرائهم، وكان أهشر الشعراء المداحين في فترة الجاهلية الذبياني الذي اشتهر بمدح النعمان بن المنذر، وقد صرح أبو عمرو بن العلاء أن النابغة الذيباني كان يأكل ويشرب في آنية الفضة والذهب من عطايا النعمان وأبيه وجده كثمرة لمدحه المستمر لهما، وقد التزم الشاعر الجاهلي في مدح خصال مثل الشجاعة والكرم والحلم ورجاحة العقل ورفعة النسب، حيث ترسم هذه الخصال إذا ما اكتملت شكل الرجل المثالي الذي يستحق المدح، وقد كان الشعراء يستجدون الخير والهبات بالمديح، وكان الشاعر خلال مدحه يضمن مدى تعبه في تأليفها وما أصاب ناقته مثلًا في رحلته حتى وصل إلى الرجل الكريم ومدحه ليزداد من العطاءات والهبات.

شاهد ايضًا: ما هي خصائص الشعر الحر

مراحل تطور شعر المديح

إن شعر المدح شهد تطورًا في مرحلتين أساسيتين، وهذا التطور كان في نوع الخصال التي تستحق المديح عن غيرها أكثر من أنه تطور في اللغة أو في محددات الشعر، وتمثلت هذه المرحلتين بـ: مرحلة الجاهلية، ومرحلة ما بعد الإسلام. فكان شعر المدح في الجاهلية يمدح ما ذكرناه سابقًا من خصال الرجال الشريفة من الشجاعة وإكرام الضيف والنبل وغيرها من الصفات التي تحمد عند الرجل ويتباهى بها العرب، ومع مرور الوقت ودخول الإسلام على العرب اتجه الشعراء إلى المدح عبر إضافة الطابع الإسلامي والخصال التي يحث عليها الإسلام مثل البسالة في الجهاد وتقوى الله والزهد في الدنيا والصبر على الابتلاءات،

شاهد ايضًا: من قائل ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة

من أجمل أشعار المدح

ولأن الكلام عن الشعر لا يمكن أن يصف جماله مهما أسهبنا فيه، فقد أوردنا لكم فيما يلي أمثلة على أشعار المدح جميلة جدًا، نجتزء منها فيما يلي أجمل الكلمات وأروعها:

القصيدة الأولى:

أرى القول يحلو بذكر الرجال

وليس بذكر ذوات الدلال

رجال السياسة والأمر والنهى

أهل الكياسة أمثال عالي

لقد قلت في مطلع القول حسنا

وإذ قلت بالشبه ساء مقالي

لأن الذي رمت بدح علاه

بدا في المعالي بدون مثال

وزير يشد به الملك أزرًا

مشيرًا لأرائه النجح تال

القصيدة الثانية

فخر الرجال سلاسل وقيود

وكذا النساء بخانق وعقود

وإذا غبار الخيل مد رواقه

سكري به لا ما جنى العنقود

يا دهر لا تبق علي فقد دنا

ما كنت أطلب قبل ذا وأريد

فالقتل لي من بعد عبلة راحة

والعيش بعد فراقها منكود

شاهد ايضًا: قصيدة غازي القصيبي حديقة الغروب

نهجية شعر المدح

يقوم شعر المديح بنهج تأثر الشاعر بشخصية الممدوح والتأثر بفضائله ومآثره، فيقوم بصياغة أجمل الأبيات شعرًا ردًا لحق الممدوح إذا ما قدم له ما لا يستطيع رده سوى به، ففي أول الأمر لم يكن للشاعر مطمع وراء مدحه سوى رد جميل أو شكر على معروف، خاصة وأن للعرب قديمًا الكثير من الشمائل التي تستحق المديح والعادات العظيم كأداح حق الجوار والشجاعة والفخر والحماسة، فاتصل نهج شعر المدح بالحياة القبلية، مما كان يدفع الشاعر لمديح قبيلته وأسيادها وفرسانها دون تكلف أو حرج كون الشاعر نفسه أحد أبناء هذه القبيلة فيعود بالمدح على نفسه أيضًا.

شاهد ايضًا: قصيده عن الخوي

شعر مدح النبي

في عصر الإسلام ظهر تيار جديد في المديح، هو مدح النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أوضح نماذجه لأمية كعب عند عفو النبي الكريم عنه، وصارت نموذجًا يحتذى به إلى عصور متأخرة، كما زخرت قصائد حسان بمديحه للنبي أيضًا، وبذلك تحول المدح من التكسب إلى التدين، واكتسب فيما بعد مزيدًا من الصدق والتجرد، بعيدًا عن التكسب فضلًا عن رسم الصورة الإسلامية للفضائل والقيم الخلقية، وفيما يلي نورد أجمل المديح عن النبي صلى الله عليه وسلم:

القصيدة الأولى

أنبئت أن رسول الله أوعدني

والعفو عند رسول الله مأمول

مهلًا هداك الذي أعطاك نافلة

القرآن فيها مواعيظ وتفصيل

لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم

أذنب ولو كثرت عن الأقاويل

لقد أقوم مقامًا لو يقوم به

أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل

لظل يرعد إلا أن يكون له

من الرسول بإذن الله تنويل

ما زلت أقتطع البيداء مدرعًا

جنح الظلام وثوب الليل مسبول

القصيدة الثانية

نبي أتانا بعد يأس وفترة

من الرسل والأوثان في الأرض تعبد

فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا

يلوح كما لاح الصقيل المهند

وأنذرنا نارًا وبشر جنة

وعلمنا الإسلام فالله نحمد

وأنت إله الخلق ربي وخالقي

بلك ما عمرت فيا لناس أشهد

تعاليت رب الناس عن قول من دعا

سواك إلهًا أنت أغلى وأمجد

شاهد ايضًا: هل غادر الشعراء من متردم

شعر مديح الرجال

نورد لكم تاليًا مجموعة من الأبيات الشعرية الجميلة جدًا التي قيلت في مدح الرجال وهي نماذج عن هذا اللون الجميل من الشعر تجدونها تاليًا:

القصيدة الأولى

الطاهرون كأنهم ماء السما.. لم يلتصق درن بهم وعيوب

إنا وقد جزنا المدى وتقاربت.. آجالنا وأمضنا التجريب

وتحالفت أطوارنا وتمازجت.. ونبا بنا التقريع والتأنيب

وتخاذلت خطواتنا من فرط ما.. جد السرى والشد والتقريب

فنراكم المثل العلي لأمة.. ترمي إلى أهدافها وتصيب

القصيدة الثانية

بصير بترك الجود في مستحقه.. وما كل من يعطي الجزيل جواد

لقد زدت هذا الدهر حسنًا وهيبة.. كأنك في صدر الزمان نجاد

فلو صور الله البرية واحدًا.. لصورهم جسامًا وأنت فؤاد

شاهد ايضًا: قصيدة مدح في رجل شهم

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال شعر مدح الرجال بالفصحى حيث استعرضنا مفهوم شعر المديح ومراحل التطور لهذا اللون وأمثلة في قمة الروعة عنه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *