صحة حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه

صحة حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه مسألة فقهية مهمة ولا بدَّ من التأكد منها والتفصيل فيها؛ فكثيرة هي الأحاديث التي تنتشر في المجتمعات الإسلامية وتكون هذه الأحاديث حاملة لحكم شرعي أو مسألة فقهية مهمة ولكنَّها مغلوطة، وفي هذا المقال سوف نتحدَّث عن حديث أتاكم رمضان شهر يغشاكم وسوف نتحدَّث على مدى صحة هذا الحديث والطرق التي روي منها.

حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه

يُعدُّ حديث أتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه من الأحاديث المنتشرة بكثرة في المجتمعات الإسلامية، خاصة قبل دخول شهر رمضان المبارك، وفيما يأتي نذكر نص هذا الحديث كما ورد بالطرق التي ورد بها عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو عن عبدة بن الصامت أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “أتاكم رمضانٌ ، شهرُ بركةٍ ، يغشاكم اللهُ فيه ، فَيُنزِلُ الرحمةَ ، ويَحُطُّ الخطايا ويَستجيب فيه الدعاءَ ، وينظر اللهُ تعالَى إلى تنافُسِكم فيه ، ويُباهي بكم ملائكتَه ، فأَرُوا اللهَ من أنفُسِكم خيرًا ، فإنَّ الشَّقِيَّ من حُرِمَ فيه رحمةَ اللهِ عزَّ وجلَّ”[1] وفيما سيأتي سوف نتحدَّث عن مدى صحة هذا الحديث.

شاهد أيضًا: ما صحة حديث رمضان اوله رحمة وأوسطه مغفرة

صحة حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه

جاء في صحة حديث أتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه أنَّ هذا الحديث حديث مكذوب موضوع على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد أخرج هذا الحديث مجموعة من علماء الحديث عبر التاريخ الإسلامي، أشهرهم الطبراني في مسند الشاميين، والشامي في مسنده، والحسن الخلال في أماليه، كما أخرجه البيهقي في القضاء والقدر، وقد جاء هذا الحديث بسند عن طريقِ محمد بن قيس وعن عبارة بن نُسِيٍّ وعن جُنادة بن أبي أميَّة وعن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أنَّه قال في يوم من الأيام عندما حضر شهر رمضان المبارك: “أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ ، فِيهِ خَيْرٌ يَغْشَاكُمُ اللَّهُ فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةَ وَيَحُطُّ فِيهَا الْخَطَايَا ، وَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الدَّعْوَةُ ، يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ وَيُبَاهِيكُمْ بِمَلَائِكَةٍ ، فَأَرُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسَكُمْ خَيْرًا ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللَّهِ”.

وفي سند الحديث علَّة واضحة، وهو محمد بن قيس، فهذا الراوي كاذب كما ثبت عن السلف، واسمه الكامل محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي المعروف بالمصلوب، وقد قال الحافظ برهان الدين الناجي في حديثه عن الراوي محمد بن قيس: “وشيخنا الحافظ ابن حجر أفاد بخطه على حاشية نسخته بمجمع الهيثمي: أن محمدًا المذكور هو المصلوب، وهو محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي الشامي، روى له الترمذي وابن ماجة، كذا نسبه في تهذيب الكمال وتهذيبه وتقريبه”، وقيلَ أيضًا: “محمد بن أبي قيس هذا: هو محمد بن سعيد المصلوب، وهو متروك متهم بالكذب”، أي أنَّ سبب الضعف والكذب هو محمد بن قيس أحد رواه هذا الحديث، والله تعالى أعلم.[2]

شاهد أيضًا: صحة حديث اذا بلغت الناس بشهر رمضان حرمت عليك النار

حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان

بما أنَّ حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه يتحدَّث عن التهنئة بشهر رمضان المبارك، لا بدَّ من القول إنَّ حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك حلال ولا ضير فيها ولا حرمة، فقد ثبت في السنة النبوية الشريفة أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يهنئ أصحابه بدخول شهر رمضان المبارك، فيستبشرون ويهنئ بعضهم بعضًا، ولم ترد صيغة محددة للتهنئة بهذا الشهر الفضيل، وإنَّما كل دعاء بالخير وكل كلمة طيبة صدقة، وتصلح أن تكون تهنئة بهذا الشهر الفضيل، والله تعالى أعلم.[3]

إلى هنا نصل إلى نهاية هذا المقال الذي تحدَّثنا فيه عن صحة حديث اتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه وسلَّطنا الضوء فيه على نص هذا الحديث أيضًا، وتحدَّثنا عن حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك.