علماء اللغة العربية المشهورين

علماء اللغة العربية المشهورين

علماء اللغة العربية المشهورين غيروا مسار اللغة العربية عبر العصور، ففي الحقب التاريخية الطويلة عاش العربي في الصحراء، مستخدمًا لغته العربية متغنيًا بها في الحداء، متذوقا دقة الوصف فيها وجمال التعبير في تراكيبها. وبعد أن كان العرب يتحدثون على سجيتهم في العصر الجاهلي وصدر الإسلام، تسرب واللحن والضعف إلى اللغة، لكن الفطنين أدركوا أنهم من أجل الحفاظ على نقاء اللغة لا بد الهم من الإبقاء على المعرفة والإحاطة بقوانين النحو والصرف والبلاغة، فهرعوا إلى وضع قواعد تضبط مخارج الصوت وتحافظ على روح الأدب. ونحن الآن نقترب من يوم اللغة العربية ويكثر الاهتمام بالتعرف على كل ما يخصها من معلومات[1]

علماء اللغة العربية المشهورين

انصب اهتمام العلماء خلال دراسة اللغة العربية حول ماهية اللغة ونشأتها وأصلها، وقد برع عدد من العلماء في نظم قواعد اللغة العربية ووضعها في قوالب خاصة تجذب الألباب وتحرك العقول، ومن أكثر علماء اللغة العربية شهرة ما يأتي:

أبو الأسود الدؤلي

هو أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل، الدؤلي الكناني،، ولد في الجاهلية، وأسلم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان من سادات التابعين، صحب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وشهد موقعة صفين، وقد كان من أكمل الرجال رأيًا وعقلًا، كما أنه كان من الفقهاء والأمراء والشعراء والأعيان والفرسان، وفي أكثر الأقوال أنه كان أول من نقط المصحف، ومن المعروف أنه أول من وضع علم النحو والقواعد النحوية. وعلى الأرجح أنه توفي في البصرة بمرض الطاعون عام 69 هـ، وكان عمره حينها خمس وثمانون سنة. [2]

الجوهري

اسمه إسماعيل بن حمَّاد الجوهري، التركي الأُترَارِيُّ -حيث أن أترار: مدينة فاراب- اللغويُّ، وهو أحد أهم أركان اللغة العربية، وهو ابن أخت أبي إسحاق الفارابي صاحب ديوان الأدب. ولم يجد المؤرخون أيًّا من كتب التراجم على الرغم من كثرة ما ترجم له عيَّنت تاريخ ولادته. كان الجوهري يحب السفر، فقد دخل العراق وسافر إلى الحجاز، ولما فرغ من الطواف، عاد إلى خراسان، ثم نزل في نيسابور، فبقي فيها فترة يقيم على التدريس والتأليف، وتعليم الخط، وكتابة المصاحف والدفاتر. في العراق قرأ علم العربية على أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي، ثم سافر إلى الحجاز وشافه العرب العاربة، ثم اخترق البدو والحضر، وطاف بلاد ربيعة ومضر، وأجهد نفسه في طلب العلم.[2]

ويعد الجوهري في صحاحه مبتكرًا في ترتيب المعاجم، وهو من أعلام اللغة المبدعين، أدرك ما يقاسيه الباحث في معجم العين، وفي جمهرة ابن دريد التي أراد صاحبها أن يخفف عن القارئ فيها فأثقل عليه، ومن هنا فقد صبَّ الجوهري جهده في معجمه، ليتمكن القارئ من الحصول على ما يريد بما لا ينقص ولا يزيد. واهتم بإيراد الصحيح من كلام العرب واقتصر على ذلك، وكان هذا سببًا في تسمية كتابة بالصحاح. [2]

الخليل بن أحمد الفراهيدي

اسمه أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي، كان من أئمة اللغة والأدب، وهو واضع علم العروض، وقد طرأت بباله فكرة علم العروض حين كان يسير في سوق الصفارين، فكان لصوت دقدقة المطارق نغم مميز، وعلم العريض هو ما يعتمد عليها الشعر العربي، وقد عكف على قراءة الأشعار ودرس الإيقاع، ثم قام بترتيب الأشعار حسب أنغامها وجمع كل مجموعة متشابهة منها معًا، فاستطاع أن يضبط أوزان خمسة عشر بحرًا من بحور الشعر. [3]

ابرز علماء اللغة العربية القدماء

منذ قديم الأزمان اهتم العلماء باللغة العربية وفي وضع قواعد محددة لها، وفي حفظ نظمها ونحوها وبلاغتها وعلومها المختلفة، وقد بدا ذلك واضحًا من خلال ظهور العديد من العلماء الذين عرفت أسماؤهم منذ العصور المتوغلة في القدم، وسنذكر لكم عددًا منهم فيما يأتي:

الأصمعي

اسمه عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي، ولد سنة 121 هـ،  أشهر رواة الشعر العربي، وكان حافظًا لآداب العرب الذين سبقوه وهو أحد أئمة اللغة العربية، وكان يجمع ما يقع بين يديه من كلام العرب، ويتفكر فيه ويوازن بينه، ومن الجدير بالذكر أنه لم يكن من النقاد ومؤرخي الأدب في عصره من يستطيع أن يغلبه بالحجة، وقد كان عالمًا بفنون النحو؛ السبب الذي سهل عليه مهمته الأدبية.  [3]

الجاحظ

اسمه أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الليثي الكناني البصري، ويلقب بالجاحظ؛ والسبب في ذلك جحوظ عينيه، ولد عام 159 هـ، ويعد مؤسس علم النقد الأدبي على الرغم من أن هناك من سبقه إليه، ولكن محاولاتهم كانت غير مكتملة، فقد كان الجاحظ هو أول من انتهج منهجًا نقديًا خالصًا، وأسلوبًا بحثيًا متمكنًا، يقال فيه: إنه منهج البحث العلمي المنضبط والدقيق، فهو يبدأ بالشك لكي يعرض على النقد، ثم يمر بالاستقراء في طريقه للتعميم والشمول بطريقة عقلانية بحتة. [3]

المبرد

اسمه أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر، ولد عام 210 هـ، وهو أحد الجهابذة في علوم البلاغة والنحو والنقد، تلقى علمه في البصرة على يد عدد من أعلام عصره في اللغة العربية والأدب وعلى رأسهم المازني، وقد كان يرى المبرد أنه أعلم الناس بالنحو بعد سيبويه، ثم بعد وفاة المازني أصبح المبرد زعيم النحويين وإمام عصره، واختصه العديد من الأعيان لتأديب أبنائهم. وعلى الرغم من أنه عاصر تسعة خلفاء عباسيين إلا أنه لم يتصل سوى بواحد منهم هو  الخليفة المتوكل. لكن رغم غزارة مؤلفات المبرد لم يصل إلى عصرنا منها إلا القليل، وكان ذلك يعود إلى الحروب التي ضربت بغداد على يد التتار، وتدميرهم لمظاهر الحضارة كلها بما فيها المؤلفات، ولعلّ أعظم ما تركه من الكتب هو “الكامل” في اللغة والأدب. [2]

علماء اللغة العربية الفصحى المسلمين

كان اهتمام العلماء المسلمين في اللغة العربية كبيرًا، ولا ريب أن السبب الأكبر في أهمية اللغة العربية هو كونها اللغة التي نزل فيها القرآن الكريم، فقد خشي المسلمون منذ عصور قديمة على القرآن الكريم من فشو اللحن والخطأ فيه فعكفوا على دراستها والاعتناء بها، وسنذكر بعضهم فيما يأتي:

ابن منظور

اسمه محمد بن مكرّم بن علي بن أحمد، الأنصاري الرويفعي الإفريقي المصري، ويعرف بابن منظور، الأديب والإمام اللغوي الحجة. وهو يُعدّ من أحفاد الصحابي الجلال رويفع بن ثابت الأنصاري، عامل معاوية على طرابلس الغرب، ولد في مصر سنة ثلاثين وستمائة للهجرة. وهو والد القاضي قطب الدين بن المكرم، كاتب الإنشاء الشريف في مصر. غلب على ابن منظور في مؤلفاته الاختصارات للكتب التي سبقت عصره. ومن أهم مصنفاته؛ مختار الأغاني الكبير، ومختصر زهر الآداب للحصري، ومختصر يتيمة الدهر للثعالبي، وأيضًا لطائف الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، وغيرها الكثير. [2]

ابن سيده

اسمه علي بن إسماعيل، أبو الحسن، اللغوي الأندلسيّ المُرْسيّ، إمام اللغة وآدابها، وكان أحد من يضرب بذكائه المثل. نشأ  في بيت علم ولغة، وقد كان أبوه من النحاة وممن اشتهروا بالمعرفة والذكاء، وقد صقل ابنه صغيرًا وشبّعه بحب اللغة العربية، والعجب ليس في أن أباه كان ضريرًا، بل في أن الابن أيضًا (ابن سيده) كان ضريرًا، وعلى الرغم من عمى بصره فقد كان نيّر القلب مثل أبيه، فقد رزقه الله عوضًا عن فقدان بصره حافظة قوية وذهنًا متقدًا. [2]

كان ابن سيده ملمّ بعلوم اللغة العربية وآدابها ومفرداتها، فكان إمامًا في العربية حافظًا للغة، وله في الشعر حظ كبير، هذا وإن ابن سيده لم يقتصر في العلوم على اللغة العربية، شأنه في ذلك شأن أغلب علماء المسلمين المتقدمين؛ فقد كان أيضًا ملمًا بعلوم الحكمة والمنطق، التي كانت ذائعة الصيت آنذاك.[2]

القلقشندي

اسمه القاضي شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن عبد الله الشهاب بن الجمال أبي اليمن الفزاري القلقشندي، وُلِد في خمسينيَّات القرن الثامن الهجري، فأدرك بذلك عصرين من عصور التاريخ المصرى؛ عصر المماليك البحرية وعصر المماليك الجراكسة، وهو فقيه، مؤرِّخ، أديب، بحَّاثة، ومصنف. والقلقشندي من أصل عربي؛ يرجع في نسبه إلى بني بدر بن فزارة من قيس عيلان، وكان بنو فزارة من الذين هاجروا إلى مصر خلال الهجرات العربية إلى مصر أيَّام الفتح الإسلامي وبعده، وأقاموا بإقليم القليوبيَّة.[2]

ترك القلقشندي مؤلَّفاتٍ متعددة مهمَّة، أشهرها: “صبح الأعشى في صناعة الإنشا”، و”مآثر الإنافة في معالم الخلافة”، و”نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب”، والكثير من الكتب الخاصة باللغة العربية، كما كانت له شروحٌ على كتبٍ في الفقه، مثل كتاب “الغيوث الهوامع في شرح مختصرات الجوامع”، وهذا شرح لجامع المختصرات في فروع الفقه الشافعي لكمال الدين النشائي، و”شرح كتاب الحاوي الصغير” في الفروع لنجم الدين القزويني، وغيره من الكتب التي لا تقل أهمية.[2]

اهم علماء اللغة العربية من غير العرب

انتشر الاسلام من خلال الفتوحات الإسلامية في الكثير من الدول والأمصار غير العربية، فبدأ كل من دخل في الإسلام من غير العرب بتعلم اللغة العربية من أجل إتقان لغة القرآن الكريم وانتشر ذلك العلم، وسنذكر من هؤلاء العلماء عددًا فيما يأتي:

ابن جني الموصلي

اسمه أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، وهو من أصل رومي، اشتهر بعلم النحو وقد كان إماماً في علم العربية وفق “وفيات الأعيان”، كما أجمع مصنفو الأدب على أنه من أئمة الأدب والنحو. وقد وضع ابن جني وضع كتباً متعددة أشهرها كتب “اللمع في العربية” و”الخصائص” و”المنصف” و”سر صناعة الإعراب”، بالإضافة إلى عدد من الكتب الأخرى التي لم تبلغ شهرة هذه الكتب نحو “المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة” وكتاب “عقود الهمز” وغيرهما الكثير. وقد توفي عام 392 من الهجرة.[4]

الزمخشري

اسمه أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمرو الخوارزمي الزمخشري، وهو مؤلف مصنف “الكشاف” و”أساس البلاغة” و”المفصل في النحو ” و”متشابه أسماء الرواة” وغيرها الكثير. ويعتبر الزمخشري من الأئمة في علوم اللغة والنحو والحديث، وقد قيل بأنه لم يكن ثمة أحد أعلم منه في بين علماء عصره، وقد توفي الزمخشري عام 538 للهجرة، في خوارزم، حسب ما ورد في “وفيات الأعيان”.[4]

سيبويه

اسمه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، كان في الفترة (148 هـ – 180 هـ)، وهو إمام النحاة، وأول من بسّط علم النحو العربي، تلقى النحو والأدب عن الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب وغيرهما، وقد ذهب إلى بغداد وتحدى الكسائي، وكان في عصره من أجل علماء اللغة والنحو، ذلك على الرغم من أنه مات شابا في الثاني والثلاثين من عمره، إلا أنه ترك خلفه إرثًا لغويًا عظيمًا، ومن أشهر مؤلفات اللغة على الإطلاق كتابه “الكتاب”، وكان سيبويه قد بدأ حياته بتلقي علوم الفقه والحديث، وأصبح سيبويه أبا النحو كما أطلق عليه العلماء.[4]

اشهر علماء اللغة العربية في العصر الحديث

استمر تعلم اللغة العربية بين العلماء إلى العصور الحديثة، رغبة منهم في الحفاظ على اللغة خاصة مع انتشار اللهجات العامية التي اختلطت مع اللغة العربية الفصحى، فأدت إلى ضعفها لدى الناس، ومن علماء اللغة في العصر الحديث ما يأتي:

السباعي

الأستاذ علي السباعي عاش في الفترة (1893 -1974)، وقد كان علمًا بين أعلام اللغة العربية، انتهت إليه قيادة العربية التقليدية في عصره، وقد كان بارزًا في علوم النحو والصرف والعروض، وفي متن اللغة وأصولها. وقد وصف بأنه كان هرقل اللغة في عصره، فقد كانت معرفته باللغة قوية، وكان تعبيره عنها قويًا، وقد كان السباعي يوظف هذا السلوك المتميز، حتى يثبت بطريقة علمية وعملية حقيقة أن الإعراب فرع المعنى. [5]

عبد الرحمن ناتشونغ

ولد عبد الرحمن ناتشونغ عام 1910 مـ، في بلدة تونغ هاي في مقاطعة يونان الواقعة جنوبي الصين، تلقى علمه في مدرسة العربية الصينية الثانوية في كونمنينغ ، ثم سافر إلى مصر عام 1931 لمن أجل الدراسة في جامعة الأزهر، وبعد أن تخرج وعاد إلى الصين تولى مناصبًا تعليميةً في مدرسة مينغ ده في يونان، وكان رئيس التحرير في مجلة تعنى بنشر الثقافة الإسلامية. [2]

كما قام بتدریس اللغة العربية والتاريخ العربي في عدد من الجامعات الصينية، كما انتقل إلى جامعة الدراسات الأجنبية في بكين، وعمل فيها بروفيسورًا وعميدًا للكلية ومشرفًا على طلبة الدكتوراه. وقام بنشر ما يزيد عن عشرين كتابًا بين التأليف والترجمة، منها «تاريخ العرب العام»، و«الحضارة العربية بين التوريث والتمازج»، و«فجر الإسلام». نال الاستاذ عبد الرحمن جوائز متعددة في الصين وخارجها، منها جائزة الشارقة للثقافة العربية عام 2001، من منظمة اليونسكو وحكومة إمارة الشارقة، وقد تقلد عددًا من المناصب السياسية والعلمية المهمة. [2]

أحمد الإسكندري

تخرَّج الأستاذ أحمد الإسكندري في دار العلوم عام 1898م، عمل في التدريس في المدارس الأميريَّة، ثم عُيِّن عام1907م في دار العلوم من أجل تدريس مادتي الإنشاء والأدب العربي، فقام بإحداث تغيير في مناهج الأدب العربي، فاتَّبع طريقةً للمساعدة في تنمية ملكة البحث لدى الطلَّاب، وهي أن يُدرِّس للطلاب تراجم لأعلام كلِّ عصرٍ دراسةً تفصيليَّة تحليليَّةً، تكون له مثالًا ينتهجه إذا حاول البحث. وكان أوَّل من اقترح فكرة تدريس فقه اللُّغة في مدرسة دار العلوم، وقد تقدَّم لعمل المنهج، وكان هو أوَّل من درسه وألف فيه، وكانت لطريقته أثرٌ على الطلَّاب الذين تخرَّجوا على يديه. [2]

صور علماء اللغة العربية

فيما يأتي نضع لكم قائمة من الصور لأشهر علماء اللغة العربية:

الجاحظ
الجاحظ

سيبويه

سيبويه

أبو الأسود الدؤلي
أبو الأسود الدؤلي

الأصمعي
الأصمعي 

الفراهيدي
الفراهيدي 

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال، وقد ذكرنا فيه عددًا من علماء اللغة العربية المشهورين عبر العصور، كما وضحنا أبرز الأسماء التي عرفت بالاهتمام باللغة العربية في العصور الإسلامية القديمة والحديثة، فضلًا عن ذكرنا لعدد من العلماء من غير العرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *