ما هما الميتتان اللتان يجوز أكلهما بدون إثم ؟

ما هما الميتتان اللتان يجوز أكلهما بدون إثم ؟

ما هما الميتتان اللتان يجوز أكلهما بدون إثم ؟ هو من الأسئلة التي تقود إلى جهةٍ أخرى وهي لماذا حرَّم الله -سبحانه وتعالى- أكل الميتة حتَّى استثنى منها هاتان الميتتان اللتان يستطيع الإنسان أكلهما من غير اكتساب ذنب سيتحدَّث عنهما المقال فيما يأتي.

لماذا حرم الله أكل الميتة

لقد أنزل الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم آيةً شاملةً عن الأطعمة المحرمة والمباحة، فقد قال تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}،[1] وتعدُّ الميتة هي أمُّ الخبائث التي حرَّم الله -سبحانه وتعالى- أكلها، وذلك لأنَّ الطّب الحديث قد اكتشف أنَّ الحيوانات التي تموت من غير أن تذبح بطريقةٍ شرعيَّةٍ مشبعة بالجراثيم والطُّفيليات، وذلك لأنَّها تنتشر بشكلٍ سريعٍ من خلال الدِّماء المحتبسة في شرايين الحيوان الميت والذي لم تسفح دماؤه، وبالتَّالي تنتشر تلك الجراثيم باللحم.[2]

ما هما الميتتان اللتان يجوز أكلهما بدون إثم ؟

لقد نزلت الآيات القرآنيَّة لتحرِّم الميتة بشكل قاطعٍ لا نقاش فيه، ولكن جاءت بعدها الأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة لتخصص ميتتان يجوز أن يأكلهما الإنسان بدون حرجٍ أو إثم، وللإجابة عن سؤال ما هما الميتتان اللتان يجوز أكلهما بدون إثم ؟ سيرد فيما يأتي بعض الأحاديث التي تتحدَّث عن تلكما الميتتان وهما الجراد والسَّمك:[7]

  • قال ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُحِلَّتْ لنا مَيتَتانِ ودَمانِ، فالمَيتَتانِ السمكُ والجَرادُ، والدمَانِ : الكَبِدُ والطِّحالُ”.[3]
  • قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:هوَ الطَّهورُ ماؤُهُ الحلُّ ميتتُهُ”.[4]
  • قال عبد الله بن أبي أوفى: غَزَوْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الجَرَادَ. قالَ أَبُو بَكْرٍ في رِوَايَتِهِ: سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وقالَ إسْحَاقُ: سِتَّ، وقالَ ابنُ أَبِي عُمَرَ: سِتَّ، أَوْ سَبْعَ”.[5]
  • وقد ثبت في الصَّحيح القصَّة الطَّويلة التي حدثت مع الصَّحابة، والتي رواها جابر بن عبد الله ” بَعَثَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِن تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ، فَكانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، قالَ: فَقُلتُ: كيفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بهَا؟ قالَ: نَمَصُّهَا كما يَمَصُّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ المَاءِ، فَتَكْفِينَا يَومَنَا إلى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بعِصِيِّنَا الخَبَطَ، ثُمَّ نَبُلُّهُ بالمَاءِ فَنَأْكُلُهُ، قالَ: وَانْطَلَقْنَا علَى سَاحِلِ البَحْرِ، فَرُفِعَ لَنَا علَى سَاحِلِ البَحْرِ كَهَيْئَةِ الكَثِيبِ الضَّخْمِ، فأتَيْنَاهُ فَإِذَا هي دَابَّةٌ تُدْعَى العَنْبَرَ، قالَقالَ أَبُو عُبَيْدَةَمَيْتَةٌ، ثُمَّ قالَ: لَا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وفي سَبيلِ اللهِ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا” وفي تتمَّة القصة عندما أخبروا الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- أخبرهم بأنَّها حلال وإن كان معهم فليطعموه.[6]

ولكن اختلف فقهاء الأمَّة الإسلاميَّة في هاتين الميتتين ببعض الأمور سيرد ذكرها فيما يأتي:[7]

  • ميتة السَّمك: لقد أجمع علماء الشَّريعة على إباحة ميتة السَّمك وأنَّه ليس بحاجة للذَّبح على الطَّريقة الإسلاميَّة، ولكن اختلفوا في السَّمك الطَّافي على وجه الماء على قولين اثنين:
    • جمهور الفقهاء: أباحوا أكل جميع السَّمك وحتَّى ما طفى منه على وجه البحر ميتًا، وذلك لعموم الأحاديث.
    • أبو حنيفة: أباح ميتة السَّمك، إلَّا أنَّه استثنى من ذلك السَّمك الطَّافي على وجه البحر، واستندوا بقولهم هذا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ألقَى البحرُ، أو جزرَ عنهُ فَكُلوهُ، وما ماتَ فيهِ وطفا، فلا تأكُلوهُ”،[8] إلَّا أنَّ هذا الحديث ضعيف ولا يمكن الأخذ به.
  • ميتة الجراد: أجمع العلماء والفقهاء على إباحة أكل ميتة الجراد وعلى عدم الحاجة إلى تذكيته أو ذبحه، ولكن اختلفوا فيه على قولين اثنين هما كالآتي:
    • جمهور الفقهاء: قالوا بإباحة أكل الجراد الميت وحتَّى لو كان ميت من  تلقاء نفسه بدون سبب، وذلك لعموم الأحاديث التي وردت فيه.
    • المالكيَّة: ذهبوا إلى تحريم أكل الجراد الذي مات من دون سبب.

شاهد أيضًا: الصيد في حكم الميتة المحرمة إذا قتله الصائد

شروط جواز أكل الميتة

لقد جاءت الآيات القرآنيَّة لتحرِّم الميتة بشكلٍ قطعيٍّ لا شكَّ فيه، ولكن جاء الاستثناء الرَّباني في آخر الأيات لتعلِّم الإنسان أنّ هذا الدِّين دين يسر، والضَّرورات تبيح المحظورات والمحرمات ولكن على قدر الضَّرورة، فقد قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}،[9] وقد استند العلماء إلى هذه الآية ليبيحوا أكل الميتة في حال الاضطرار إليها وعلى حرمانيتها في حال الاستغناء عنها ووجود بدائل أخرى، ولكن لأكل الميتة شروط سترد فيما يأتي:

  • وقوع الضَّرورة: وذلك بأنَّه في حال عدم أكله من تلك الميتة سيهلك ويشارف على الموت.
  • عدم القدرة على السؤال: وقد أجمع الفقهاء إلى أنَّه يجب أن يحاول دفع أكل الميتة بسؤال النَّاس، ومن هنا ذهب الإمام أحمد إلى أنَّ الاضطرار يكون في حالة السَّفر فقط، ولكن ذهب بقيَّة الفقهاء إلى أنَّ الآية عامة في السَّفر والحضر، كأن يمرَّ النَّاس بسنة مجاعة مثلًا.[10]

شاهد أيضًا: ماذا تسمى الميته التي تقع من مكان مرتفع ؟

أنواع الميتة التي يحرم أكلها

لقد حرَّم الله سبحانه وتعالى جميع الأغذية والأطعمة المستقذرة وجُمعت في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}،[11]و قد صنَّفها العلماء في المجموعات الآتية:[12]

  • المنخنقة: وهي البهائم التي ماتت خنقًا بالضَّغط على الرَّقبة باليدين أو حتَّى عندما  يُستخدم الحبل في خنقها وذلك بلفِّه حول رقبتها.
  • الموقوذة: وقد أطلق عليها الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- اسم الوقيذه وهي التي تُرمى بحجرٍ ثقيلٍ أو خشبةٍ أو طرف رمحٍ مما سبب موتها.
  • المتردية: وهي الشَّاة التي تسقط من جبل أو مكان مرتفع فتموت أو حتَّى تسقط في بئر فيؤدي إلى موتها.
  • النَّطيحة: وذلك بأن تتناطح شاتان أو بقرتان فيؤدي إلى موت أحدهما، ولكن إن استطاع الإنسان أن يُدرك المترديَّة والنَّطيحة والموقوذة فيذبحها ذبحًا شرعيًّا ويذكيها، فعندها تصبح من الأطعمة المحللة.
  • ما أكل السَّبع: وهي الشاة أو البقرة التي ماتت إثر عضَّة من ناب سبع أو ذئب، وحتَّى هذا النَّوع إن استطاع الإنسان تزكيته قبل موتها، فيصبح من الأطعمة الحلال.

وقد بينا في مقال ما هما الميتتان اللتان يجوز أكلهما بدون إثم ؟ أنَّ هاتان الميتتان هما السَّمك والجراد على اختلاف الفقهاء في بعض الأمور الثَّانويَّة، و تمَّ التَّحدث عن الحكمة الرَّبانيَّة في سبب تحريم أكل الميتة مع تحديد أنواع هذه الميتة والحديث عنها.

المراجع

  1. ^ الأعراف , الآية 157
  2. ^ islamweb.net , أضرار الميتة ولحم الخنزير اكتشفها العلم مؤخرا , 30-04-2-21
  3. ^ المجموع , النووي، زيد بن أسلم، 2/560، صحيح
  4. ^ تهذيب التهذيب , البخاري، أبو هريرة، 4/42، صحيح
  5. ^ صحيح مسلم , مسلم، عبدالله بن أبي أوفى، 1952، صحيح
  6. ^ صحيح مسلم , مسلم،جابر بن عبدالله، 1935، صحيح،
  7. ^ al-eman.net , .الحكم الثاني: ما هو حكم الميتة من السمك والجراد؟ , 30-04-2-21
  8. ^ ضعيف أبي داود , الألباني، جابر بن عبد الله،3815، ضعيف
  9. ^ البقرة , الآية 173
  10. ^ islamweb.net , متى يباح أكل الميتة للمضطر؟ , 30-04-2-21
  11. ^ المائدة , الآية 3
  12. ^ binbaz.org.sa , تفسير قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة ..} , 30-04-2-21

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *