من الأسباب الشرعية لرفع الوباء

من الأسباب الشرعية لرفع الوباء

من الأسباب الشرعية لرفع الوباء هو عنوان هذا المقال الذي سيبيّن أهم الأسباب الشرعية لرفع البلاء وفق ما وردت في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، فقد جعل الله تعالى الحياة الدنيا دار اختبار وجعل انتشار الأوبئة والأمراض أحد امتحانات الحياة، وإنَّ من واجب المسلم التعرّف على كيفية التعامل مع الوباء وفق الشريعة الإسلامية، وفي هذا المقال سنبيّن ذلك كما سنذكر  أسباب البلاء والحكمة منه، وفضل الدعاء في رفع البلاء، وبعض الأدعية المأثورة لرفع البلاء.

الحكمة من الابتلاء

ما من خير يُصيب الإنسان إلّا من عند الله تعالى، وما من بلاء ينزل عليه إلّا له سبب وحكمة، وإنَّ في إنزال الوباء والبلاء على الناس في الحياة الدنيا حكمة إلهية، ويمكن أن تكون أسبابه واحدة من الأسباب التالية:[1]

  • للتكفير عن ذنوب المسلم ومحو خطاياه، فإنّ الصبر على البلاء سبب لزوال السيئات والذنوب.
  • يُمكن أن يكون البلاء سببًا في رفع درجات المؤمن عند الله تعالآ، ومثال ذلك ما حلَّ على الأنبياء -عليهم السلام- من الابتلاء.
  • كما يمكن أن يكون البلاء وسيلة للتفريق بين المؤمنين والمنافقين، فيظهر في البلاء المؤمن الصابر ويظهر المنافق وعديم الصبر.
  • وقد يكون الابتلاء من الله تعالى بسبب الذنوب والآثام التي يرتكبها الناس، فيُنزل الله فيهم البلاء عقابًا لهم.

من الأسباب الشرعية لرفع الوباء

إنَّ من الأسباب الشرعية لرفع البلاء كما ورد في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة:[2]

  • الاستغفار: إنَّ من أهم أسباب رفع البلاء عن المسلمين هو الاستغفار وقد ورد ذلك في قوله تعالى: ” وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ”[3]؛ وذلك لأنَّ من أبرز أسباب البلاء هي الذنوب وإنّ في الاستغفار الدائم وطلب المغفرة من الله تعالى زوال للذنوب والآثام، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: “وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ”[4].
  • الإكثار من الذكر والعبادة: فيجب على المؤمن أن يُكثر من ذكر الله تعالى والدعاء والصلاة في الوباء، وذلك لما وصّى بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قوله حين خُسفت الشمس: “إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، لا يَخْسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، فإذا رَأَيْتُمْ ذلكَ، فادْعُوا اللَّهَ، وكَبِّرُوا وصَلُّوا وتَصَدَّقُوا[5]، فإنَّ الإكثار من العبادة والدعاء أحد أسباب زوال الوباء عن الناس.
  • أداء الصدقات: فإنَّ الصدقات من الأسباب التي ترفع البلاء عن المجتمع، والتي تُبعد الإنسان عن النار، وقد وصّى بها الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كثيرًا، وأخصَّ بها النساء في قوله: “يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فإنِّي أُرِيتُكُنَّ أكْثَرَ أهْلِ النَّارِ[6].
  • تحصين النفس بالأذكار: فإنَّ الأذكار في الصباح والمساء من الأمور التي تحمي الإنسان من الضر وتدفع عنه البلاء، وقد ورد في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه قال: ” ما من عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءِ كلِّ ليلةٍ بسمِ اللهِ الذي لا يضرُّ مع اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ وهو السميعُ العليمُ ثلاثَ مراتٍ فيضرُّه شيٌء[7]، وفي الحديث السابق دليل على أنَّ الأذكار من الأمور التي تحمي الإنسان من الضر والبلاء.

وعلى ذلك فإنَّ كل ما يحصل مع الإنسان في الحياة الدنيا من بلاء ووباء ومشكلات هو بمثابة اختبار للعبد على صبره وإيمانه، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”[8]، فإنَّ الفائز من صبر وتوجه حين البلاء إلى الله تعالى وعبادته، والله أعلم.

شاهد أيضًا: حكم تعليق تميمة من غير القران واعتقاد أنها تدفع البلاء

دعاء رفع البلاء

إنَّ الدعاء من أبرز الأسباب التي تُزيل البلاء وترفع الكرب مهما كان عظيمًا، وإنَّ دعاء النبي أيوب من أهم الأمثلة على أنَّ الدعاء سبب في رفع البلاء، وقد ورد ذلك في قوله تعالى: “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ[9]، ومن أبرز الأدعية التي وردت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-  وأنّه كان يقولها حين يشتدّ البلاء نذكر:[10]

  • كانَ مِن دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: “اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ”[11].
  • كان يدعو -صلّى الله عليه وسلّم- فيقول: ” اللهمَّ إنِّي أسألُك من الخيرِ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمتُ منه وما لم أعلمُ ، وأعوذُ بك من الشرِّ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمتُ منه وما لم أعلمُ . اللهمَّ إنِّي أسألُك من خيرِ ما سألَك به عبدُك ونبيُّك ، وأعوذُ بك من شرِّ ما عاذ به عبدُك ونبيُّك . اللهمَّ إنِّي أسألُك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ ، وأعوذُ بك من النارِ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ ، وأسألُك أنْ تجعلَ كلَّ قضاءٍ قضيتَه لي خيرًا”[12].
  • وقد ورد أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، عَادَ رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ قدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الفَرْخِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: “هلْ كُنْتَ تَدْعُو بشيءٍ، أَوْ تَسْأَلُهُ إيَّاهُ؟ قالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ ما كُنْتَ مُعَاقِبِي به في الآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لي في الدُّنْيَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: سُبْحَانَ اللهِ لا تُطِيقُهُ، أَوْ لا تَسْتَطِيعُهُ، أَفلا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ قالَ: فَدَعَا اللَّهَ له، فَشَفَاهُ”[13].
  • وكان يقول صلّى الله عليه وسلّم: “تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِن جَهْدِ البَلاءِ، ودَرَكِ الشَّقاءِ، وسُوءِ القَضاءِ، وشَماتَةِ الأعْداءِ[14].

شاهد أيضًا: ما اوجه الشبه بين كل من المرض والوباء والجائحه

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال الذي بيّن من الأسباب الشرعية لرفع الوباء كما وردت في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، كما وضّح الحكمة من الوباء وأسبابه، وذكر أهم الأدعية لرفع البلاء كما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , الحكمة من الابتلاء، وما يشرع فعله عند نزول البلاء , 26-4-2021
  2. ^ alukah.net , الأسباب الشرعية لدفع ورفع وباء كورونا , 26-4-2021
  3. ^ سورة الأنفال , الآية 33.
  4. ^ سورة الشورى , الآية 30.
  5. ^ صحيح البخاري , عائشة أم المؤمنين، البخاري، 1044، صحيح.
  6. ^ صحيح البخاري , أبو سعيد الخدري، البخاري، 304، صحيح.
  7. ^ صحيح ابن ماجه , عثمان بن عفان، الألباني، 3134 ، صحيح.
  8. ^ سورة البقرة , الىيات 155، 156.
  9. ^ سورة الأنبياء , الآية 84.
  10. ^ islamweb.net , أدعية مأثورة يستدفع بها البلاء , 26-4-2021
  11. ^ صحيح مسلم , عبد الله بن عمر، مسلم، 2739، صحيح.
  12. ^ صحيح الجامع , عائشة أم المؤمنين، الألباني، 1276، صحيح.
  13. ^ صحيح مسلم , أنس بن مالك، مسلم، 2688، صحيح.
  14. ^ صحيح البخاري , أبو هريرة، البخاري، 6616، صحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *