من هم الموريسكيون في الأندلس

من هم الموريسكيون في الأندلس

من هم الموريسكيون في الأندلس ؟ يحكى عن آخر الملوك العرب من بني الأحمر، الذين حكموا الأندلس، وسلم مفاتيح قصر الحمراء إلى الإسبان، وهو الملك أبو عبد الله محمد الصغير. أنه في أثناء رحيله عن الأندلس، قام بالصعود على تلة مرتفعة، مطلة على كامل مدينة غرناطة، فأطال النظر إليها بتحسّر بعد أن جثى باكيًا على ركبتيه، وزفر زفرةً طويلةً. قاطعتها كلمات أمه عائشة إذ قالت: “أجل، ابك مثل النساء مُلكًا مضاعًا، لم تحافظ عليه مثل الرجال”. ومازال هذا الموضع يحمل باللغة الإسبانية اسم (زفرة العربي الأخيرة) Puerto del Suspiro del Moro. لتبقى الأندلس في الذاكرة العربية جرحًا يئن ولا يلتئم.

من هم الموريسكيون في الأندلس

الموريسكيون في الأنجلس هم من السكان الإسبان من أصول عربية من المسلمين. كذلك ومعنى كلمة موريسكي أيضًا، يشير إلى المسلمين الذين فضلوا البقاء في شبه الجزيرة الإيبيرية، وقبلوا بالعيش تحت حكم الممالك الإسبانية، ولا يزال قسم منهم يقيم في إسبانيا إلى يومنا هذا. بالإضافة إلى المسلمين الذين طردوا منها بعد سقوطها في يد الإسبان، وانتهاء سيطرة الحكم العربي فيها. وتوجهوا للاستقرار في دول المغرب العربي، في شمال إفريقيا لأنها الوجهة الأقرب إلى الأندلس.وفي بلاد الشام وتركيا. كما أن كلمة (موريسكو) مشتقة من كلمة (Maurus) وهي مصطلح، يحمل في طياته احتقارًا وانتقاصًا للموروس.

شاهد أيضًا: من هم العرب المستعربة

الموريسكيون في الأندلس نبذة تاريخيه

سقطت الأندلس نهائيًا على يد آخر ملك أندلسي، وهو أبو عبد الله محمد بن أبي الحسن. الملقب بأبو عبد الله الصغير محمد النصري الذي قام بتسليم مفاتيح غرناطة عام 1492 م. وهو ما نتج عنه أزمة حقيقية، ذهب ضحيتها المسلمين واليهود وعدد من الطوائف المسيحية. تحت الحكم الإسباني، وقد يتساءل البعض اين ذهب المسلمون بعد سقوط الأندلس؟

في سنة 1609 م، غادرت اسبانيا فئة كبيرة من الموريسكيين في الأندلس، وتحديدًا من سكان مدينة غرناطة ومدينة أراغونا، وجنوب بلنسيا، نحو دول الشمال الإفريقي. وكان عدد الذين توجهوا إلى المغرب يزيد عن حوالي 40 ألفًا من المورسكيين. كما واستقر عدد كبير منهم في العاصمة المغربية الرباط، في حي قصبة الأوداية، وصمموا فيها منازلهم على الطراز الأندلسي. بينما من هاجر منهم، من منطقة هورناتشوس، فاستقروا في مدينتي الرباط وسلا. كذلك وأسسوا جمهورية أبي رقراق، نسبة إلى نهر البورقراق الذي يفصل بين المدينتين. كما وتميز الموريسكيون في المغرب بالانفتاح الفكري والديني، واختلافهم في عاداتهم وتقاليدهم عن أهل المغرب. الذين اتهموهم بالالحاد، الأمر الذي عرضهم إلى الاضطهاد والملاحقة. في حين صودرت وأتلفت كتب علمائهم. كذلك وتعرض بعضها إلى الحرق. كما حدث مع الفيلسوف ابن رشد، والشاعر لسان دين ابن الخطيب في مدينة فاس.

تأثير الموريسكيون في المغرب

من خلال التعريف بمن هم الموريسكيون في الأندلس، فإن قسمًا منهم ممن هاجروا إلى شمال المغرب، كانوا قد استقروا في مدينتي تطوان وشفشاون. كما وتصاهر المورسكيون مع أهالي مدينة تطوان التي لقبوها ببنت غرناطة، فحافظوا على أسلوب العيش، والعادات والتقاليد الأندلسية، فامتزجت الثقافة الأندلسية بالمحلية، وأعادوا تأسيس مدينة شفشاون التي لقبوها غرناطة الصغرى، ويبدو تأثير العمارة الأندلسية فيها واضحًا، في طرازها العمراني المدينة، الذي يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ، شكل أحياء مدنهم الأندلسية في غرناطة وإشبيلية وقشتالة وغيرها. كذلك ونحضر الأندلس في الدستور المغربي اليوم كأحد الروافد الثقافية البارزة والمؤثرة في المملكة. من خلال المادة التي جاء فيها: “المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”.

شاهد أيضًا: أين تقع الأندلس وما هو تاريخها وأصل تسميتها

معلومات عن الموريسكيين في الأندلس

احتفظ الموريكسيون في الأندلس بلغتهم الخاصة التي تدعى (ألخميادو)، التي تستخدم الأحرف العربية لكتابة الكلمات الإسبانية، وسنعرض بعض المعلومات الخاصة حول من هم الموريسكيون في الماضي والحاضر:

  • بعد سقوط غرناطة آخر معاقل الحكم الإسلامي في الأندلس، في عهد الملكة إيزابيلا وزوجها الملك فرناندو، تمّ نقد الوعد بمنح الأمان للموريسكيين من الأصول العربية، ممن بقوا في الأندلس، وفرض عليهم تغيير ألقابهم وأسمائهم، وتم منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية، والاحتفالات بالأعياد، والتكلم باللغة العربية، وألزمتهم اسبانيا بالتخلي عن الأزياء العربية، ضمن حملة هدفها دثر الثقافة والتراث العربي.
  • كما أقيمت بحق الموريسكيين محاكم التفتيش في غرناطة عام 1478 م، مارست كل أنواع التمييز العنصري بحقهم. كما وقاوم الموريسكيون في الأندلس هذه الممارسات عبر ثورات وانتفاضات، أبرزها انتفاضة حي البيازين في غرناطة عام 1499 م، وثورة عام 1500 م، التي امتدت شرارتها إلى كل من جبال البشارات ومنطقة ألماريا، واستمرت حتى عام 1571 م. في حين أصدرت السلطات الإسبانية بحق حوالي 300 ألف موريسكي، قرارًا بالطرد عام 1609 م، وتوجهوا نحو العالم العربي والإسلامي. لتسجل تلك الممارسات من الفصول المأساوية، لما تضمنته من عمليات التصفية والتهجير في تاريخ أوروبا، في العهد الإسباني.
  • يطالب أحفاد المورسكيين المغاربة بالحصول على الجنسية الإسبانية، وذلك كتعويض عن طرد إسبانيا لأجدادهم وآبائهم منها. كما ويطالبون الحكومة الإسبانية بتقديم اعتذار، يتضمن حقهم بالاعتراف بهم وبتاريخهم وبهويتهم الإسبانية الأصل. أسوةً باليهود (السفارديم) الذين طردوا بدورهم من الأندلس. ممن يتقنون لغة اللادينو (لغة اليهود في القرن الخامس عشر في الأندلس). بينما خاطب الملك فيليب الخامس، ممثلي الجاليات اليهودية بعبارة: ” إن إسبانيا قد اشتاقت لكم”. ليحصل الآلاف من اليهود على الجنسية الإسبانية.
  • ينتشر الموريسكيون الأندلسيون في الجزائر بأعداد كبيرة، وأيضًا في وتونس وليبيا.
  • بلغت أعداد الموريسكيين في عام 1609 م، حوالي 325.000 نسمة في إسبانيا من مجموع عدد السكان الذي كان 8.5 مليون نسمة. كما وبلغت نسبتهم حوالي 3.5 % من العدد الكلي للسكان. وتركزت أعدادهم في تاج أراغون، وكانت نسبتهم فيها نحو 20 % من السكان، وفي بالينسيا سجلت نسبتهم نحو 33 % من السكان. وتجدر الإشارة إلى ارتفاع النمو السكاني للمورسكيين من غيرهم. ففي بلنسيا مثلًا، ارتفع معدل النمو السكاني لدى المورسكيين إلى نسبة 69.7 % حيث توزعوا الضواحي الفقيرة من المدن وفي الأرياف.
  • سجلت أعداد المورسكيين المسلمين الذين اعتنقوا المسيحية نحو مليون شخص. وقد اعتمدت الأسر الموريسكية ذات الأصول اليهودية والإسلامية أسماء مسيحية جديدة.
  • وفي غرناطة، قتل بعض المورسكيين من قبل المسلمين، بسبب رفضهم التخلي عن المسيحية فيما بعد. كما وتشير الإحصائيات أنه حوالي 7 % – 10.6 % من الإسبان اليوم، ينحدرون من أسر مسلمة تحولت إلى المسيحية.
  • من أبرز العائلات المغربية ذات الأصول الأندلسية، و نذكرمنها مثلًا: عوائل الغرناطي، قشتلو، القشتالي، القرطبي، الطريس، الرندي، بلكاهية، برادة، القباج، الأندلسي، الفاسي الفهري، الطيطلي، الأحمر، المالقي، الماروري، الفلنسي، شماعو، بنطوجة، الدقاق، كيليطو، طريدانو، فنيش، دينيا، ابن شقرون.

هذا و بعد التعريف بمن هم الموريسكيون في الأندلس ؟ ففي الواقع يفضل العديد من الموريسكيين في دول المغرب العربي ألا يطلق عليهم لقب موريسكيون، وإنما يفضلون الاستعاضة عنه بلقب أندلسيون. وذلك إشارة واضحة إلى تمسكهم بهويتهم الأصلية، وحنينهم إلى فردوسهم المفقود. في حين تناول الكاتب الإسباني الشهير ميغيل دي سرفانتيس أوضاع الموريسكيين في روايته الشهيرة (دون كيشوت أو دون كيخوته) في القرن السابع عشر، من خلال عدة شخصيات في روايته. الأمر الذي يوثَّق، كإثباتٍ حقيقي يضاف إلى هوية الموريسكيين الأندلسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *