من هو الشيخ جراح

من هو الشيخ جراح

من هو الشيخ جراح الذي تسمى على اسمه أحد أبرز الأحياء المقدسية في فلسطين المحتلة والذي تصدر اسمه عناوين نشرات الأخبار العالمية والعربية في الآونة الأخيرة ، نظراً للأحداث الدامية والاشتباكات التي تجددت بين الشعب الفلسطيني والصهاينة . كما ويقطن هذا الحي نحو 2800 نسمة، وينقسم إلى جزأين، أحدهما راقٍ ويضم المطاعم والقنصليات والفنادق الفخمة . وفي الواقع أن الآخر فقير يعاني سوء البنية التحتية والخدمات، ويقطنه العرب الفلسطينيون في بيئة مزرية لا تخلو من المعاناة .

من هو الشيخ جراح

الشيخ جراح هو الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، الطبيب الخاص بالقائد الناصر صلاح الدين الأيوبي محرر القدس ، وقد عرف (بالجراح) . لذلك تسمى الحي المقدسي على اسمه قبل نحو 800 سنة خلت. نشأ حيّ الشيخ جرّاح ضمن الأحياء التي نمت خارج أسوار البلدة القديمة في القدس ونذكر من بين هذه الأحياء حي القطمون. وهو الحيّ الذي عاش ودفن فيه الشيخ حسام الدين الجرّاحي طبيب صلاح الدين الأيوبي.

اقرأ أيضاً: كم مره تحررت فلسطين

تاريخ حي الشيخ جراح

كان حي الشيخ جراح مقصداً لعائلات القدس في القرن الـثامن عشر كمصيف خارج أسوار القدس القديمة، وكان من أرقى أحياء المدينة. وهو غني بالحقول الزراعية . لاسيما كروم العنب والزيتون . كما وتطورت لتشمل قصوراً حقلية من طابقين، ومن أبرزها قصر (كرم المفتي) الذي بناه الشيخ طاهر الحسيني والد الحاج أمين الحسيني عام 1840م، ثم تحوّل لاحقاً إلى فندق (شيبرد)، واستولى عليه الاحتلال بعد النكسة بحجة قانون أملاك الغائبين وأقام فيه المستوطنات. كما أن حي الشيخ جراح كان أفخم أحياء القدس، وفيه سلسلة مبان تعود لعائلات الحسيني والنشاشيبي والغاوي وغوشة وجار الله، ومن أشهرها بيت رباح الحسيني (1860 الأميريكان كولوني اليوم)، وبيت إسماعيل الحسيني (1877 بيت الشرق اليوم) وبيت سعيد الحسيني (1902 متحف دار الطفل العربي اليوم)، وبيت إسعاف النشاشيبي أحد أعلام اللغة العربية، والمؤرخ العربي الكبير جورج أنطونيوس.

الوجود اليهودي في حي الشيخ جراح

وصل إلى مدينة القدس في عام 1880 م اليهودي يوسف بن رحاميم هارباً من أوروبا نتيجة الاضطهاد الذي طال اليهود هناك. فسارع ابن حيّ الشيخ جرّاح المقدسي عبد ربه خليل بن إبراهيم واستقبله وأجّره قطعة من أرضه لنجدته، بحيث يدفع ثمن الإيجار سنوياً على مدار 90 عاماً، وبحسب القانون الشرعي والأنظمة المتبعة في عهد السلطة العثمانية يسمى هذا الاستئجار (التحكير) إذ يتيح تأجير اليهود الأرض ويمنع بيعها لليهود.

 المطامع الإسرائيلية في الحي

قامت ” إسرائيل” عام 1948 م باحتلال حيّ الشيخ جراح . وذلك لأهمية موقعه الذي يربط بين شرق القدس وغربها. بالعودة إلى تاريخ حي الشيخ جراح، يتبيّن سبب الاهتمام به والتركيز عليه، فعدا عن موقعه الاستراتيجي المطل على شمال البلدة القديمة والقريب من باب سور القدس الرئيس (باب العامود). فهو ينفرد بطبيعة هادئة ومناخ معتدل، كما ويعتبر نقطة رصد استراتيجيّة مهمة للكيان الإسرائيلي. كونه تشرف عليه الجامعة العبريّة الواقعة على جبل المشارف في القدس. في الواقع لم تستطع إسرائيل احتلال الحيّ إلا بعد النكسة عام 1967م، حيث منعت اتصال الأحياء المقدسيّة ببعضها وفصلتها ببناء وحدات استيطانيّة. وتهجير بعض العائلات الفلسطينية وطردهم من منازلهم. كذلك خضع أهل الحي لفروض المستوطنين اليهود الموجودين في الحي مثل وضع كاميرات المراقبة، واحتجاز السكان الأصليين فيما يشبه السجن. لا سيما في المناسبات والأعياد اليهودية

حي الشيخ جراح المقدسي

ورد في العديد من الكتب سبب تسمية حي الشيخ جراح وسبب تسميته ومكان موضع الحي، وسنورد بعضاً منها فيما يلي:

  • بحسب كتاب (الأُنس الجليل في تاريخ القدس والجليل) لمجير الدين (الحنبلي)، فإن الحي سمي نسبةً لأحد أمراء صلاح الدين الأيوبي، وهو الأمير الطبيب حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي الذى حمل لقب الشيخ جراح.
  • كما أضاف مجير الدين، (الحنبلي) أن الجراحي المذكور، هو أحد أمراء الملك صلاح الدين الأيوبي، محدداً وفاة صاحب الوقف الجراحي، سنة 598 للهجرة، مؤكداً أنه دفن فى تلك الزاوية، وأن هناك عدداً من المدفونين في جهتها القبلية، قد يكونوا من جماعة الجراحي “والله أعلم”. كما ختم صاحب الأُنس الجليل. وفي المرجع نفسه في الصفحة 399، أن الشيخ جراح توفى في عام 598 هجري. ودفن في “الزاوية الجراحية” الموجودة حالياً في الحي المقدسي الذي بات يحمل اسم حي الشيخ جراح.
  • ورد اسم الجراح ، عند الشيخ الجليل عبد الغني النابلسي (1050-1143) للهجرة، الموافق (1641-1731) للميلاد، في كتاب رحلته إلى القدس، الذي سماه: (الحضرة الأنسية في الرحلة المقدسية). في حين فاجأ النابلسي قراءه، بأن قبر الجراح، أصبح مزاراً، وأن اسم صاحبه، شيخ، بعدما ذكره الحنبلي، بأنه أمير، فيقول النابلسي : ” فوصلنا إلى مزار الشيخ جراح، فوقفنا هناك وقرأنا الفاتحة” ويضيف : “هذا المزار، في المدرسة الجراحية” مستشهداً بما ذكره الحنبلي في تاريخه. دون أن يتطرّق إلى أن الحنبلي كان قد وصفه بالأمير عند صلاح الدين الأيوبي.

اقرأ أيضاً: لماذا إسرائيل احتلت القدس

معلومات عن حي جراح في القدس

فيمايلي نستعرض بعض المعلومات الخاصة بحي الشيخ جراح وخصائصه في مدينة القدس:

  • على خلفية نكبة فلسطين عام 1948م التي جزأت القدس، فقدت مئات العائلات الفلسطينية منازلها، حيث كانت المدينة تحت حكم الأردن.
  • جرى اتفاق آنذاك مع وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، على أن تتعهد الحكومة الأردنية بتوفير مساحة الحي من الأراضي ومنحها هبة إلى العائلات الفلسطينية وعددهم 28 عائلة.
  • على أن يكون دور وكالة “الغوث” في بناء وتشييد 28 منزلاً. ذلك مقابل مبلغ مالي رمزي يتم دفعه بشكل دوري. ليتم تمليك كافة المنازل خلال سنوات.
  • في الوقت الذي انتقلت 28 عائلة منها إلى حي الشيخ جراح عام 1956م، وبدأت فيه حياة جديدة.
  • كانت مساحة المنزل الواحد حوالي 800 متر. تنقسم 200 منها على عائلتين وباقي المساحة يتم زراعتها وتزيينها.
  • تفنن الفلسطينيون في بناء وهندسة منازلهم. فأنشأوا منازل بطابع معماري خاص، فضلاً عن المساحات الخضراء التي كست الحي وزادته بهاء.
  • وحين اندلعت حرب 1967م تغيرت الأمور، وسيطرت إسرائيل على الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس. وبقيت العائلات التي زادت عن 38 عائلة دون سند ملكية للأرض. وهو ما يعرضهم للتهجير منها في أي وقت، لتبدأ مرحلة جديدة من محاولة إثبات ملكيتها.
  • في عام 1972م، لجأت طائفة السفارديم، ولجنة كنيست إسرائيل “اليهود الأشكناز”، إلى ساحات القضاء وادعوا ملكيتهم للأرض منذ عام 1885م وأن العائلات الفلسطينية تملكت الأرض بوضع اليد، إلا أن القضاء دحض افتراءاتهم. كما وأنصف العائلات الفلسطينية آنذاك.
  • عام 1983م أعادت عائلات إسرائيلية رفع دعوى قضائية ضد 12 عائلة حول تملك أراضي منازلهم، وقدموا ثبوتيات مزورة. لذا عمد الفلسطينيون إلى محامي إسرائيلي ليترافع عنهم أمام القضاء الإسرائيلي. إلا أن المحامي خدعهم واعترف بشكل ضمني بحق المستوطنين الإسرائيليين في الأرض. مع الحفاظ على حق الوجود الفلسطيني بعقد “مستأجر محمي”، يدفع بموجبه الفلسطينيون أموال للإسرائيليين.
  • استمر السجال القانوني بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدار عقود من الزمن. وبقي الحال على ما هو عليه. لكن في عام 2008م أصدرت المحكمة الإسرائيلية قراراً بتمكين إحدى العائلات الإسرائيلية لأحد المنازل التابعة لعائلة الشيخ الكرد. أعقب ذلك قراراً آخر 2009م. كما وتم إخلاء منازل عائلتي (حنون والغاوي)، ومن حينها يعاني نحو 12 عائلة أخرى من خطر التهجير. لوجود قضايا قانونية يتم النظر فيها داخل المحاكم الإسرائيلية.

أصل مشكلة حي الشيخ جراح

تبلغ مساحة حي الشيخ جراح 808 دونماً .كما ويقع في الجانب الشرقي من البلدة القديمة في مدينة القدس تعود مشكلة حي الشيخ جراح بحسب وكالة (ب .ب .سي) للأنباء إلى تأجيل المحكمة العليا الإسرائيلية لجلسة استماع بشأن إخلاء عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، والتي كان من المقرر أن تنعقد يوم الإثنين. كما وستحدد موعداً جديداً لها خلال 30 يوماً. وكانت محاكم إسرائيلية قد أصدرت قرارات بأحقية مجموعة من المستوطنين. في المنازل التي تمّ بناؤها على أراض كان يملكها يهود قبل عام 1948م. وأصبحت قضية الشيخ جراح محور الاضطرابات التي تشهدها القدس الشرقية مؤخراً. في حين شهد الحي اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين. الذين يتعرضون باستمرار للاستفزازات من قبل مستوطنين إسرائيليين.

من خلال ما أوردناه من معلومات حول من هو الشيخ جراح ، نجزم أنه لم يخطر في بال عبد ربه بن خليل بن إبراهيم الرجل المقدسي. الذي دفعته مروءته إلى تحكير قطعة من أرضه في حي الشيخ جراح . ليأوي فيها يهودي مضطهد فار، ستتحول إلى نقمة على أحفاده الذين وجدوا أنفسهم اليوم مطرودين من أرضهم من أحفاد ميوحاس اليهودي . وما هي إلا واحدة من القصص التي تهدد حي الشيخ جراح بالتهويد. من طرف جماعات يهودية تدّعي زوراً وبهتاناً ملكيتها أراضٍ في هذا الحي، لفصل القدس القديمة عن امتدادها الشمالي عبر حزام استيطاني. يبدأ من هذه الأرض ، مروراً بكرم المفتي وفندق “شبرد”. وصولاً إلى الجامعة العبرية التي ستصبح مرتبطة بالقدس الغربية. على حساب هدم وسلب عشرات المنازل الفلسطينية في هذا الحي الذي أصبح الأكثر استهدافاً من جانب المستوطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *