هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب

هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب
هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب

هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب ؟ هو من الأسئلة التي يتحرّى المسلمون إيجاد إجابتها، فالدعاء هو عصب العبادة، وعلى المسلم أن يجتهد ما استطاع في الإلحاح والطلب من الله عزّ وجل بدعائه له، لعلمه أنّ الله الواحد الأحد هو وحده المتصرّف في سؤون الخلق جميعها، قيُقبل على ربّه يرجوه ويطلب منه حاجات الدنيا وجنّة الآخرة، فعند وصول المؤمن لهذه الدرجة من التذلل لملك الجبّار يكون قد وصل بنفسه لمقام العبودية السامي، فلكما تذلل العبد لربّه سبحانه وتعالى كان ذلك أدعى لاستجابة دعائه.

سورة البقرة

قبل أن نجيب عن السؤال: هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب، فسورة البقرة هي أطول سور القرآن الكريم، ويبلغ عدد آياتها ستّ وثمانون ومائتا آية، وهي السورة الثانية بعد سورة الفاتحة أم الكتاب، وسورة البقرة هي سورة مدنيّة، نزلت آياتُها في المدينة المنورة، عدا الآية التي نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع في مكة المكرّمة وهي قوله تعالى: “وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ”[1]، وقد احتوت سورة البقرة على قصص بني إسرائيل في جُلّ آياتها، كما وردت فيها آية الدَّين أطول آيات الذكر الحكيم، كما وردت فيها آية الكرسي ذات الفضل العظيم، فهل صحّ أنّ الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب.[2]

هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب

لا ننكر فضل سورة البقرة العظيم الذي جاء في السنّة النبويّة الشريفة، كما أنّ لقراءة القرآن بمجمله فضل ٌ عظيم وهو من أهم العمل الصالح، وعلى الإنسان أن يقوم بالأعمال الصالحة التي توسل الله تعالى بها ويدعوه في أمور الدنيا والآخرة، فذلك أرجى في قبول الدعاء، والأحاديث الشريفة والآيات الكريمة عن ذلك كثيرة، ولكنّ تخصيص سورة معينة كسورة البقرة يكون بعدها الدعاءُ مستجابًا فليس لذلك أصل في الشريعة الإسلاميّة، وأمّا استحباب العلماء الدعاء بعد تلاوة القرآن الكريم فذلك لأنّه مظنّة إجابة، وقد يستجيب الله تعالى للمشرك الذي يدعوه في جوف البحر من قلبه وهو مضطرٌ وملتجأ إلى ربّه التجاء تامًا، والله أجلُّ وأعلم.[3]

فضل سورة البقرة

إن القرآن الكريم شفاء وعلاج لما يجده المسلم من أمراض نفسية أو جسدية، وفيه سورة خصّها الله بالفضل العظيم، فلسورة البقرة فضل في تيسير الأمور للمسلم، كما لها فضل في حفظ نفسه وبيته، وإضافة إلى ذلك ما لها من فضل يوم القيامة، وقد ثبت كلّ ذلك بأحاديث صحيحة عن النبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم كما الآتي:[4]

فضل قراءة سورة البقرة

هناك الكثير من الأحاديث النبويّة التي تحثّ على قراءة سورة البقرة كل يوم، وما سيكون لقارئها من الأجر العظيم،  ومن ذلك حديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحثّ على قراءة سورة البقرة وتعلُّمها يقول فيه: “تَعلَّموا سورةَ البَقَرةِ؛ فإنَّ أخْذَها بَرَكةٌ، وتَرْكَها حَسْرةٌ، ولا يَستَطيعُها البَطَلةُ”[5]، وفي هذا الحديث يتبيّن أنّ تعلّم سورة البقرة هو سنّة مؤكدة لما فيها من فضل كبير، وفي تركها حسرة لما في ذلك من فوات مغانم كثيرة، ومعنى قول رسول الله “أخذها بركة” أيّ أنّ المحافظة على تلاوة سورة البقرة باستمرار والعمل بما جاء فيها من أحكام وأوامر هو بركة وزيادة ونماء للمسلم.

فضل سورة البقرة في حفظ النفس

في سورة البقرة آية الكرسي التي خصّها الله تعالى لتكون لحفظ النفس من الشيطان، فهي حافظة وكافية من شياطين الأنس والجن ودليل ذلك حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقص الحديث فقال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وقال النبي صلى الله عليه وسلم صدقك وهو كذوب ذاك شيطان”.[6]

فضل سورة البقرة في حفظ البيت

إنّ لسورة البقرة فضلٌ في حفظ البيت من الشياطين ومن شرورهم، وممّا جاء في ذلك حديث رواه سهيل بن سعد رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “إنَّ لكلِّ شيءٍ سَنامًا وإنَّ سَنامَ القُرآنِ سورةُ البقرةِ مَن قرَأها في بيتِه ليلًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثَ ليالٍ ومَن قرَأها نهارًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثةَ أيَّامٍ”،[7] والمقصود من هذا الحديث أنّ المسلم إذا قرأ سورة البقرة في مكان سكنه، أكان بيتًا أو غيره فإنَّ الشيطان لا يدخل هذا المكان لمدَّة ثلاث ليال بسب الإحاطة والحفاظ الحاصلين من قراءة سورة البقرة.

فضل سورة البقرة يوم القيامة

بعد الإجابة عن هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب، سنتحدث عن فضائل سورة البقرة في يوم القيامة ومما جاء في ذلك حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول فيه: “اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما”[8]، فلقارئ سورة البقرة مغانم لا تخفى، ومعها سورة آل عمران؛ أنّهما يأتيان يوم القيامة على صورة سحابتين، أو ظِلُ سحابتين، أو يأتيان على شكل جماعة من الطير متصافة مع بعضها بعضًا بصفٍ واحد، فتقفان فوق رأس من كان يقرؤهما في الدنيا فتظلّانه من حرِّ الشمس في الموقف العظيم، كما أنّ بقراءتهما دفع للعذاب  في الآخرة، ونيل الشفاعة عند الله عزّ وجل، ومن فضلهما في الدنيا خوف أعداء قارئهما منه وابتعادهم عنه.

أحاديث نبوية في فضل خواتيم سورة البقرة

بعد الإجابة عن هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب، فقد جاء في فضل الآيات الخاتمة لسورة البقرة أحاديث نبويّة كثيرة، رواها الصحابة الكرام عن النبيّ عليه أفضل الصلاة والسّلام، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:

  • حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنّ جبريل عليه السلام كان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فسمع النبي صوتًا، فأخبره جبريل أنّ بابًا من السماء فُتِح لأوّل مرةٍ وأنّه نزل منه ملَك لم ينزل من قبل، وقال: “أَبْشِرْ بنُورَيْنِ أُوتِيتَهُما لَمْ يُؤْتَهُما نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بحَرْفٍ منهما إلَّا أُعْطِيتَهُ”[9].
  • حديث أبي مسعود عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ”[10]، فإنّ من قرأهما في ليلته سواءً في صلاته أو على فراشه كَفتاهُ شرور تلك الليلة وقيامها، وقد أوصى أهل العلم عُموم المسلمين بقراءة هاتين الآيتين، لما فيهما من أصول الاعتقاد والإيمان، وما جُمع فيهما من خير الدعاء في الدنيا والآخرة.

وبهذا نكون قد أجبنا عن السؤال هل الدعاء بعد قراءة سورة البقرة مستجاب،  وعرفنا فضل سورة البقرة في تسيير الأمور وحفظ النفس والبيت، وفضل قراءة سورة البقرة في كل يوم، وفضل خواتيم سورة البقرة كما جاء في السّنّة النبويّة الشريفة.

المراجع

[1]سورة البقرةالآية 281
[2]marefa.orgسورة البقرة11-03-2021
[5]تخريج المسندبريدة بن الحصيب الأسلمي،شعيب الأرناؤوط،22950،حديث حسن
[6]صحيح الترغيبأبو هريرة،الألباني،610،حديث صحيح
[7]صحيح ابن حبان سهل بن سعد،ابن حبان،780،صحيح
[8]صحيح مسلمأبو أمامة الباهلي،مسلم،804،حديث صحيح
[9]صحيح مسلمعبدالله بن عباس،مسلم،806،حديث صحيح
[10]صحيح البخاريأبو مسعود عقبة بن عمرو،البخاري،5009،حديث صحيح