هل يجوز فصل الدين عن الحياة

هل يجوز فصل الدين عن الحياة
هل يجوز فصل الدين عن الحياة

فصل الدين عن الحياة هي من المصطلحات التي بدأت تظهر جليًا في الآونة الأخيرة، وقد جرب الناس كل النظريات المختلفة، ولكنهم لم يجدوا ضالتهم إلا بالإسلام، فهو صالح لكل مكان ووقتٍ وزمان، وفي مقالنا التالي سوف نتعرّف فيما إذا كنا نستطيع فصل الدّين عن الحياة والسياسة.

فصل الدين عن الحياة

فصل الدين عن الحياة لا يجوز فصل الدين عن الحياة، ومحاولة فصل الدين عن الدولة وعن الحياة العامة هو كفرٌ واضحٌ صريح منافٍ لإعلاء كلمة الله تعالى، وهو عَدَاء موجّه إلى الدّين الإسلامي في الصميم، فمن لا يرضى بقضاء الإسلام، خارج عن عقيدة الإسلام، منفصل عن الشريعة وعن جماعة المسلمين، قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[1]، فالكفر ببعض الكتاب هو كفر بالجميع مخرجًت عن الملة، وأما الساكت من أهل الشأن من المسؤولين وأصحاب الكلمة عن تأييد الحق في مثل تلك الأقوال فإنه شيطان أخرس ساكت عن الحق.[2]

شاهد أيضًا: الحضاره الاسلاميه اعم واشمل من الحضارات السابقه وذلك بسبب

ما هي العلمانيّة

العلمانيّة هي: مذهب ينادي بفصل الدّين عن الحياة العامة كلّها وإبعاده عنها، أو هي: إقامة الحياة على غير دين، إما بإبعاده قهرًا ومحاربته علنًا كالشيوعيّة، وإما بالسماح به وبضدّه من الإلحاد كما هو الحال في الدول العربيّة التي تسمّي العلمانيّة حرية وديمقراطيّة وتديّن شخصي، بينما هو حرب على الدّن والتديّن، لأن حصر الدّين في نطاق فردي بعيدًا عن حكم المجتمع وإصلاح شؤونه هو مجتمع غير ديني، لأنه أقام حياته الاجتماعيّة والثقافيّة وجميع معاملاته وشؤونه على مبدأ إقصاء الدّين، وهذا حال الحضرة الغربيّة الجديدة، ولا عبرة لهم في زعمهم أنهم يرعون التديّن، فهي مجرّد خداع للمتدينين، وتسميتهم للإلحاد علمًا هو من باب معرفتهم لظاهر من الحياة الدنيا، ولكن أين هم من السعادة في الدنيا والآخرة.[3]

شاهد أيضًا: كم عدد الملحدين في السعودية

أسباب قيام العلمانيّة

من أهم الأسباب التي أدّت إلى قيام العلمانيّة هي:[4]

  • الطغيان الكنيسي، فالكنيسة طَغت وتجبرت، وأصبحت تفرض على الناس عقائد باطلة لا تتفق مع النقل ولا العقل، كما أنها أصبحت تحلل وتُحرم حسب أهواء رجال الدّين، وادّعت امتلالكها لحقوق لا يملكها إلا الله تعالى مثل حق الغفران، وحق الحرمان وغير ذلك.
  • الصراع بين الكنيسة والعلم، فقد كانت الكنيسة هي المصدر الوحيد للمعرفة، فلما ظهرت الحقائق العلميّة التي تخالف ما تقرره الكنيسة، هنا حصل الصراع بين الكنيسة والعلم، فاصطدمت حقائق العلم بزيف الكنيسة، فقامت الكنيسة بالقبض على العلماء وتكذيبهم ومحاربة أفكارهم.
  • الاضطرابات والثورات في أوروبا، ومنها الثورة الفرنسيّة، وغيرها من الثورات التي تعدّ سبب رئيسي لقيام  العلمانيّة.
  • شيوع المذاهب والأنظمة الاجتماعيّة والنظريات الهدّامة كنظريّة التطوّر وغيرها.
  • الفراغ الروحي عند الأوروبيين، لأن النصرانيّة لا تعترف بحق الروح، ولا تهتم بشأنها، ولا تجيب أتباعها إجابات واضحة ووافية عن الخلق والكون والإله.
  • تقصير الأمة الإسلاميّة في أداء رسالتها تجاه البشريّة.
  • المكر اليهودي الذي يحرص على بناء المذاهب الهدّامة، رغبة منهم في إفساد البشريّة جمعاء وتسخيرها لخدمتهم.

صور العلمانيّة

للعلمانيّة صورتان رئيسيتان يمكننا تلخيصهما فيما يلي:[5]

  • العلمانيّة المُلحدة: وهي التي تنكر الدين كلّه، وتنكر أيضصا وجود الله تعالى، ولا تعترف بشيء من ذلك أبدًا، بل وتحارب هذه العلمانية كل من يدعو إلى الإيمان بالله تعالى، ولها خطر عظيم على المسلمين من حيث محاربة الدّين، ومعاداة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالقتل أو التعذيب أو السجن.
  • العلمانيّة غير المُلحدة: وهي العلمانيّة التي لا تنكر وجود الله تعالى، وتؤمن به إيمانًا نظريًا، ولكنها تنكر تدخل الدّين في شؤون الحياة جميعها، ونادي بعزل الدّين عن الحياة، وهي أشد خطرًا من العلمانية الملحدة من حيث التظليل والتلبيس على المسلمين، فلا يستطيع المسلمين تبيّن ما فيها من الكفر لقلة علمهم ومعرفتهم بالدّين، وأكثر الأنظمة الحاكمة اليوم في بلاد المسلمين هي من العلمانيّة، وغالبية المسلمين لا يعرفون بذلك مع الأسف.

شاهد أيضًا: ما معنى الالحاد في اسماء الله وصفاته

حكم العلمانيّة

العلمانيّة بجميع صورها وأشكالها كفرٌ واضحٌ لا شك به أبدًا، ومن آمن بأي صورة منها، فقد خرج من ملّة الإسلام، وذلك لأن الإسلام له في كل جانب من جوانب الإنسان الروحيّة، والنفسيّة، والسياسيّة، والإقتصاديّة، والاجتماعيّة، منهج واضح كامل ومتكامل، ولا يقبل ولا يُجيز أن يشاركه فيه منهجٌ آخر، والعلمانيين ارتكبوا ناقضًا من نواقض الإسلام، يوم أن اعتقدوا أن هدي غير النبي أكمل من هديه، وأن حكم غيره أفضل من حكمه، ويدخل في ذلك من العلمانية من يظن أن الأنظمة والقوانين التي يسنّها الناس أفضل من شريعة الإسلام، أو أن الإسلام ونظامه لا يصلح لتطبيق في القرن العشرين، أو أنه كان سببًا في تخلّف المسلمين، أو أنه يحصر الإسلام في علاقة الشخص وربه، دون التدخّل بشؤون الحياة الأخرى.[6]

في نهاية مقالنا تعرفنا على فصل الدين عن الحياة لا يجوز فصل الدين عن الحياة، ومحاولة فصل الدين عن الدولة وعن الحياة العامة هو كفر صريح منافٍ لإعلاء كلمة الله تعالى، وهو عداء موجه إلى الدين الإسلامي في الصميم.