اين ولد الشاعر الاعشى

اين ولد الشاعر الاعشى

اين ولد الشاعر الاعشى ؟ هذا الشاعر الذي تربع على عرش الشعر الجاهلي، وحمل ألقاب عديدة، منها أبا بصير. كما كان حَسَن الصوت ويغني من شعره فتطرب له الآذان. لذلك لقب بصنّاجة العرب. في حين تهافت عليه عليّة القوم كي يمدحهم. وفي الواقع، لم يكن يمدح قوماً إلاّ ورفعهم، ولم يهجُ قوماً إلاّ ووضَعهم. وذلك لأنه من أيسر الناس شعراً و أغزرهم وأعظمهم فيه حظاً. علاوة على ذلك، فأنه الشاعر الوحيد الذي سمح له الملك كسرى أن يغني من شعره في بلاطه. في حين أن عبد الملك بن مروان كان يحثّ الناس على أن ينشدوا من شعره.

اين ولد الشاعر الاعشى

ولد الشاعر الأعشى في نجد، في شبه الجزيرة العربيّة، وتحديداً في منفوحة، وهي قرية حضرية تقع على ضفاف وادي حنيفة، حيث ولد في عام 570 ميلادي. وقد كانت ديار  مضارب قبائل بكر،  واليوم هي تتبع لمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية. لاسيما أن فيها داره، وبها أيضاً قبره. كما وحمل أحد الشوارع في منفوحة اسم الأعشى، وذلك تخليداً لذكره . تتلمذ الأعشى على يد خاله الشاعر المسيّب بن علس. كما نبغ في الشّعر، وذاع صيته في الأرجاء منذ حداثته. في حين اتصل بكبار القوم، حيث كان يمدح ويهجو مقابل المال.

نبذة عن حياة الشاعر الأعشى

الشّاعر الأعشى الذي ولد في شبه الجزيرة هو ميمون بن قيس، بن جندل، بن شراحيل، بن عوف، بن سعد، بن ضبيعة، بن قيس، بن ثعلبة، بن وائل، بن قاسط ،بن هنب، بن أفصى، بن دعمي ، بن جديلة ، بن أسد، بن ربيعة ،بن نزار من بني بكر. في الواقع كان يتكنّى بأبي بصير، وذلك لأنه كان ضعيف البصر، فاشتهر بلقبه الذي أصبح علماً عليه: الأعشى، دون سائر الأعشين. في حين أن أبوه قيس بن جندل ولقبه قتيل الجوع، وذلك لأنه لجأ إلى غار في يوم شديد الحرارة، فوقعت صخرة كبيرة؛ و سدّت عليه مدخل ذلك الغار، فمات من الجوع.

الشعراء الذي حملوا لقب الأعشى

ولد الشاعر الأعشى على حبّ الشّعر ونَظمه، لذلك كانت الحروف والكلمات عنده كرقاقات الذهب، فبالإضافة إلى العديد من الألقاب التي حملها كصنّاجة العرب، وأبا بصير، وأعشى قيس، والأعشى الأكبر، يبقى لقبه الأعشى هو الأبرز والأوسع انتشاراً. وذلك لمرضٍ كان يعاني منه وهو ضعف البصر في اللّيل. تماشياً مع ذلك، فقد تكنى بلقب الأعشى العديد من الشعراء، ونذكر منهم على سبيل المثال:

  • أعشى باهلة، وهو عامر ابن الحارث بن رباح.
  • الأعشى بكر بن وائل.
  • الأعشى ربيعة بن يحيى.
  • وأعشى بني ثعلبة.
  • الأعشى بني ربيعة.
  • الأعشى عبد الله بن خارجة.
  • أعشى همدان.
  • أعشى بني سليم.

الأعشى شاعر المعلقات

ولد الشاعر الأعشى في بيئة تفننت في ضروب الشعر وفنونه. إلاّ أن المعلّقات – وهي القصائد المطولة التي لا تقل عن 60 بيتاً من الشعر – تفردّت بها النخبة من الشعراء في الجاهلية. في حين تعود تسمية المعلقات بهذا الاسم إلى العديد من الآراء. وفي الواقع، ترجّح إحداها أنَّ هذه القصائد كانت تَعْلَق في ذهن القارئ لجمال معانيها وحسن صياغتها. كما وأن هذه القصائد تمّت كتابتها بماء الذهب، وعلقوها على أستار الكعبة في الجاهلية، وهذا ما جنحت له بعض الآراء في تسميتها. تماشياً مع ذلك نورد أسماء شعراء المعلقات:

  • زهير بن أبي سلمى.
  • الحارث بن حلزة اليشكري.
  • امرؤ القيس.
  • عمرو بن كلثوم.
  • طرفة بن العبد.
  • الأعشى.
  • عنترة بن شداد.
  • لبيد بن ربيعة.
  • النابغة الذبياني.
  • عبيد بن الأبرص.

لمحة عن شعر الأعشى

يمكننا القول إن الشّاعر الأعشى قد ولد يقرض الشعر بالفطرة، حيث تناول كل الأغراض الشعرية في أبياته من الوصف، والغزل، والفخر، والحكمة، وتعديد المناقب الحميدة، والشيم العربيّة الأصيلة التي نشأ عليها. ولكنه لمع في الغزل والمدح والهجاء؛ فلم يكن يمدح قوماً إلاّ ورفعهم، ولم يهج قوماً إلاّ وضعهم. كما وتكسّب من وراء ذلك ، حيث قال :

وقد طفت للمال آفاقه

عمان فحمص فأروى شلمِ

أتيت النجاشيّ في أرضه

وأرض النبيطِ وأرض العجم

الغزل عند الأعشى

ولد الشاعر الأعشى ونشأ على حبّ المال والخمر والنساء، وذلك باعترافه. ولقصائده الغزليّة وقعاً يطرب الآذان، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر بعض هذه الأبيات  التي قال فيها:

بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها رابا

وَأَحدَثَ النَأيُ لي شَوقاً وَأَوصابا

وَأَجمَعَتْ صُرمَنا سُعدى وَهِجرَتَنا

لَمّا رَأَت أَنَّ رَأسي اليَومَ قَد شابا

أَيّامَ تَجلو لَنا عَن بارِدٍ رَتِلٍ

تَخالُ نَكهَتَها بِاللَيلِ سُيّابا

المدح عند الأعشى

مدح الأعشى عدد من ملوك الفرس والأمراء الغساسنة من آل جفنة ملوك الشام، وأشراف اليمن، وسادة نجران، واليمامة. ومن أبرز الذين تعدّدت فيهم قصائده قيس بن معد يكرب، وسلامة ذي فائش، وهوذة بن علي الحنفي، وشريح بن السموْءَل. الذين أجزلوا له العطايا وعاد مدحهم عليه بالأموال والخيرات الوفيرة. وقالوا أنه مدح المحلّق الكلابي وكان فقيراً وعنست بناته، فكان الأعشى سبباً في تزويج بناته الثمانية، بعد أن ذبح له ناقته الوحيدة ليكرمه. وفي سوق عكاظ مدحه الأعشى بأبيات من الشعر قال فيها:

لعمري لقد لاحت عيونٌ كثيرةٌ

إلى ضوءِ نارٍ باليفّاع تحرَّقُ

تشبُّ لمقرورَين يصطليانها

وباتَ على النارِ الندى والمحلّقُ

فما انقضى العام بعد أن شاعت  القصيدة، حتّى كانت بنات المحلّق قد تزوّجن كلّهن ومهر كلّ منهن بلغ مئة ناقة.

اقرأ أيضاً: من أهم موروثات الشعر المعلقات السبع

الهجاء في شعر الأعشى

لقد ولد الشاعر الأعشى مدّاحاً. كذلك هو هجّاء من الطراز الأول. كما وكانت العرب تهاب لسانه الصليت. ولأنّ شعره كان يطير وينتشر كشرر النار في الهشيم، ويتردد بين القبائل. وتماشياً مع ذلك، فقد جرّ عليه الهجاء كثيراً من المتاعب؛ فقد تمّ أسره بعد أن هجا رجلاً من قبيلة كلب. وذات يومٍ أغارَ الكلبيّ على قومٍ كان الأعشى ينزل عندهم، فأسرَهُ وهو لا يعلم أنّه الأعشى الشاعر. فبينما الأعشى عنده مرّ شُريح ابن السموْءَل الشاعر المعروف، فعرفه؛ فذهب شريح وطلب الأعشى من الكلبيّ فأعطاه إيّاه، وعندما علم الكلبيّ بأمره وهَمَّ يطلبه كان قد فرّ. وقد قالت العرب أنّ أقوى الأبيات في الهجاء جاء في معلّقته، ذلك الذي أصبح مثلاً، كناية عن حماقة كلّ من يتصدّى ويتطاول على من يفوقه قوةً وصموداً. وكما سنرى، يقول فيه:

كناطح صخرة يوماً ليوهنها

فلم يضرها، وأوهى قرنه الوعل

المعلقة وقصائد الأعشى

نظراً لأن الشاعر الأعشى ولد في شبه الجزيرة العربية ، موئل الشعر العربي الفصيح والمحكي. كما وترعرع فيها فقد نبغ في الشعر. في حين اشتهر بالقصائد الطويلة وكتب المعلقات، ومنها معلقته الشهيرة بلامية الأعشى، والتي نورد مطلعها فيما يلي:

ودِّع هریرةَ إنَّ الرکبَ مرتحلُ

وهل تطیقُ وداعاً أیُّها الرجلُ

غراء فرعاء مصقولٌ عوارضها

تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل

كأن مشيتها من بيت جارتها

مر السحابة لا ريثٌ ولا عجل

تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفت

كما استعان بريحٍ عشرقٌ زجل

ليست كمن يكره الجيران طلعتها

ولا تراها لسر الجار تختتل

كما تجدر الإشارة أنّه تَرجم بعض قصائده المستشرق الألماني “غاير”، كقصيدته المعلقة، والقصيدة الثانية “ودع هريرة”. وقد اهتم بشرحها مطولاً، و تم إدراج معلقته في كتاب: المعلقات العشر. ونذكر من قصيدته (هيفاء مثل المهرة) الأبيات التالية:

صَحَا القَلبُ مِن ذِكرَى قُتَيلَةَ بَعدَمَا

يَكُونُ لَهَا مِثلَ الأَسِيرِ المُكَبَّلِ

لَهَا قَدَمٌ رَيَّا، سِبَاطٌ بَنَانُهَ

قَدِ اعتَدَلَت فِي حُـسنِ خَلقٍ مُبتَّلِ

وَسَاقَانِ مَارَ اللَّحمُ مَوراً عَلَيهِما

إلَى مُنتَهَى خَلخَالِهَا المُتَصَلصِلِ

إذَا التُمِسَت أُربِيّتَاهَا تَسَانَدَت لها

الكَفُّ فِي رَابٍ مِنَ الخَلقِ مُفضِلِ

إلَى هَدَفٍ فِيهِ ارتِفَاعٌ تَرَى لَهُ

مِنَ الحُسنِ ظِلاً فَوقَ خَلقٍ مُكَمَّلِ

الأعشى يمدح النبي محمد

حاول الشاعر الأعشى الذي ولد في شبه الجزيرة العربيّة أن يتّصل بالنبي (ص) ويمدحه في قصيدة رائعة. إلاّ أنه لم يقابله، وكان مطلعها:

أَلَم تَغتَمِض عَينـاكَ لَيلَةَ أَرمَــدا

وَعـادَكَ ما عـادَ السَليـمَ المُسَهَّـدا

أَجِدَّكَ لَم تَسمَــع وَصــاةَ مُحَمَّــدٍ

نَبِــيِّ الإِلَهِ حينَ أَوصى وَأَشهَدا

إِذا أَنتَ لَم تَرحَل بِزادٍ مِنَ التُقى

وَلاقَيتَ بَعدَ المَوتِ مَن قَد تَزَوَّدا

نَدِمتَ عَلـــى أَن لا تَكــونَ كَمِثلِـــهِ

وَأَنَّـــكَ لَم تُرصِد لِما كانَ أَرصَدا

وَلا تَعبُــدِ الأَوثــانَ وَاللَهِ فَاِعبُـــدا

وَصَــلَّ عَلى حينِ العَشِيّاتِ وَالضُحى

وَلا تَحمَــدِ الشَيطـــانَ وَاللَهَ فَاِحمَــدا

وفاة الشاعر الأعشى صناجة العرب

في آخر أيامه قصد الشاعر الأعشى الذي ولد في منفوحة الحجاز، وهو يحمل معه القصيدة التي يمدح فيها الرسول؛ فخاف مشركو قريش أن يزيد مدح الأعشى للرسول في سرعة انتشار الإسلام. حيث ساومه أبو سفيان على أن يدفعوا إليه بمئة جمل، إذا هو ترك إنشاد هذه القصيدة بين يدي الرسول. وقبل الأعشى بهذا العرض وعاد أدراجه. ولكن الأعشى لم يكد يصل إلى درنة منفوحة حتّى فارق الحياة، حين سقط عن ظهر ناقته، وكان ذلك في آخر سنة 7 ه‍ أوائل عام 629 م.

أقوال في الشاعر الأعشى

تعدّدت الأقوال التي أشارت إلى الشاعر الأعشى الذي ولد في الجاهلية، حيث وصفته وقيمت شعره.كما نذكر منها على سبيل المثال:

  • حين سألوا حسّان بن ثابت عن أشعر الناس كقبيلة لا كشاعر بعينه فقال: ” الزّرق من بني قيس بن ثعلبة”.
  • كما قال أبا عمرو بن علاء عنه: “مثله مثل البازي، يضرب كبير الطير وصغيره”.
  • في حين أشار حمّاد الرواية حين سأله أبو جعفر المنصور عن أشعر النّاس، فقال: “نعم ذلك الأعشى صنّاجها “.
  • بينما أبي زيد القرشي في جمهرته قال: “الأعشى أمدح الشعراء للملوك، وأوصفهم للخمر، وأغزرهم شعراً وأحسنهم قريضاً”.
  • كما وعند سؤال يونس عن أشعر الناس،  قال: “امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وزهير بن أبي سلمى إذا رغب، والأعشى إذا طرب”.

بهذا نكون قد عرفنا اين ولد الشاعر الاعشى ، هذا الشاعر الذي لم يمنعه ضعف البصر من أن يمتلك قوة البصيرة. لذلك، كان كالكثيرين من الشعراء والأدباء الذين لم يتوقفوا عند حدود ما ينقصهم ، بل تخطوه وسجلوا أسماءهم في التاريخ نبوغاً وإبداعاً. متل  الأعشى، وبشار بن برد، وأبو العلاء المعري. بينما في العصر الحديث، يأتي في المقدمة عميد الأدب العربي طه حسين.

المراجع

  1. ^ almerja.com , الأعشى ميمون بن قيس , 23/4/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *