كلام العلماء في حكم الاحتفال برأس السنة

كلام العلماء في حكم الاحتفال برأس السنة من الأمور التي يبحث عنها الكثير من المسلمين، وذلك نظرًا لاقتراب موعد حلول رأس السنة الميلاديـة، حيث تقام في هذه المناسبة الكثير من الاحتفالات بمختلف أنواعها وأشكالها، وتجد بعضًا من المسلمين يحتفلون كذلك في هذا اليوم، لذا يهتمّ موقع محتويات عبر هذا المقال ببيان هل يحتفل المسلم براس السنة الميلادية ، وما هي أبرز أقوال العلماء في ذلك.

حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية للمسلمين

قبل كلّ شيء وقبل الخوض في تقديم كلام العلماء في حكم الاحتفال برأس السنة لا بدّ من بيان الحكــم الشرعيّ للاحتفــال برأسِ السنــة الميلاديّـة للمسلمين، حيث أوضحت الشريعة الإسلاميّة أنّه لا يجوز للمسلم أن يحتفل في أعياد المشركين، فقد أوجبت الشريعة للمسلمين أعيادًا خاصّة بهم، واستدلّ أهل العلم بذلك على بعض الأحاديث التي وردت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومنها:[1]

  • ورد في الثابت من الحديث أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “من تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم“.[2]
  • عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “دَخَلَ أبو بَكْرٍ وعِندِي جَارِيَتَانِ مِن جَوَارِي الأنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بما تَقَاوَلَتِ الأنْصَارُ يَومَ بُعَاثَ، قالَتْوليسَتَا بمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقالَ أبو بَكْرٍ: أمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ في بَيْتِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وذلكَ في يَومِ عِيدٍ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبَا بَكْرٍ، إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وهذا عِيدُنَا“.[3]

شاهد أيضًا: كم باقي على نهاية السنة 2021 .. عداد تنازلي لموعد راس السنة 2022

كلام العلماء في حكم الاحتفال برأس السنة

بعد الخوض في ذكر الحكم الشرعيّ للاحتفـال برأس السنــة الميلاديّـة لا بدّ من تقديم كلام العلماء في حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية فيما يأتي:[4]

  • يقول الشيخ عبد الله بن جبرين: “لا يجوز الاحتفال بالأعياد المبتدعة كعيد الميلاد للنصارى ، وعيد النيروز والمهرجان ، وكذا ما أحدثه المسلمون كالميلاد في ربيع الأول ، وعيد الإسراء في رجب ونحو ذلك ، ولا يجوز الأكل من ذلك الطعام الذي أعده النصارى أو المشركون في موسم أعيادهم ، ولا تجوز إجابة دعوتهم عند الاحتفال بتلك الأعياد ، وذلك لأن إجابتهم تشجيع لهم ، وإقرار لهم على تلك البدع ، ويكون هذا سبباً في انخداع الجهلة بذلك ، واعتقادهم أنه لا بأس به ، والله أعلم”.
  • كذلك يقول الشيخ محمد صالح العثيمين: “وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ،أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من تشبّه بقوم فهو منهم } . قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : ” مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء ” . انتهي كلامه يرحمه الله ، ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم “.
  • يقول ابن القيم -رحمه الله- في كتاب أحكام أهل الذمة: “وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول: عيد مبارك عليك ، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه”.
  • الشيخ عبد الوهاب الطريري: “أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة؛ فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإن إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، قال الله –تعالى-: “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين”.
  • يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “موافقة الكفار في أعيادهم لا تجوز من طريقين: الدليل العام، والأدلة الخاصة:
    أما الدليل العام: أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا، ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي تركه مصلحة مخالفتهم، لما في مخالفتهم من المصلحة لنا، لقوله – صلى الله عليه وسلم – (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا، وكذلك قوله (خالفوا المشركين)، وأعيادهم من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم، الباطل.
    وأما الأدلة الخاصة في نفس أعياد الكفار، فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار دالة على تحريم موافقة الكفار في أعيادهم.
    أما الكتاب فقوله – تعالى -: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) قال محمد بن سيرين (لا يشهدون الزور) هو الشعانين – وهو من أعياد النصارى – وعن الربيع بن أنس قال: هو أعياد المشركين، وجاء عن غيرهم من السلف نحو ذلك.
    وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها، الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل، الذي هو عمل الزور لا مجرد شهوده.
    وأما السنة: الحديث الأول عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر) فوجه الدلالة أن اليومين الجاهليين لم يقرهما رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل قال إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين، والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه “.

شاهد أيضًا: الفرق بين السنة الهجرية والميلادية

حكم الاحتفال بعيد أول السنة الميلادية الكريسماس

إنّ الخوض في تقديم كلام العلماء في حكم الاحتفال برأس السنة يدفع البعض إلى التساؤل حول الحكم الشرعي للاحتفال كذلك في الكريسماس، وقد بيّن أهل العلم أنّ احتفال المسلم بالكريسماس لا يجوز كما هو الحال في الاحتفال برأسِ السنــة والله ورسوله أعلم.

أعياد المسلمين

إنّ الأعياد التي شرعها الله -عزّ وجلّ- للمسلمين هما عيدان: عيد الفطر بعد انقضاء شهر رمضان، وكذلك عيد الأضحى في ختام العشر من ذي الحجة، ولعلّه يمكننا تسمية عيد ثالث للمسلمين، ألا وهو يوم الجمعة المبارك، وقد قال الابن الأعرابي في معنى العيد: “سُميَ العِيدُ عيدًا لأَنه يعود كل سَنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد، قال ابنُ منظور: العِيدُ: كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه مِن عاد يَعُود، كأَنهم عادوا إِليه، وقيل: اشتقاقه مِن العادة لأَنهم اعتادوه، والجمع أَعياد”، والحكمة من مشروعيّة هذه الأعياد في الدين الإسلامي، هو الفرحة والسرور والمكافأة للمسلمين على عبادتهم وصبرهم، والله ورسوله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: متى ندخل 2022 ومتى يكون الاحتفال برأس السنة الميلادية

كلام العلماء في حكم الاحتفال برأس السنة مقالٌ فيه تمّ تقديم الحكم الشرعيّ لما ورد في الاحتفال برأس السنة الميلادية، وما ورد في أقول العلماء فيه، كما بيّن المقال ما شرع للمسلمين من الأعياد.

المراجع

  1. ^ alukah.net , هل يحتفل المسلم برأس السنة الميلادية؟ , 21/12/2021
  2. ^ مجموع فتاوى ابن باز , ابن باز/-/25/292/ثابت
  3. ^ صحيح البخاري , البخاري/عائشة أم المؤمنين/952/صحيح
  4. ^ majles.alukah.net , أقوال و فتاوى أهل العلم في حكم الإحتفال برأس السنة الميلادية , 21/12/2021
  5. ^ alukah.net , أعياد المسلمين وحكمة مشروعيتها , 21/12/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *