كيفية اغتنام العشر الأواخر من رمضان

كيفية اغتنام العشر الأواخر من رمضان

اغتنام العشر الأواخر من رمضان من الأمور التي تهمُّ المسلم الذَّكي المحنك والذي يعرف أوقات اغتنام الطَّاعات والأجور المضاعفة من الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى دائمًا ما يدعو العبد إلى النتاجرة معه من أجل جنّضة عرضها السَّموات والأرض، ومن المواطن التي يجب إكثار العبادة فيها هي العشر الأواخر من رمضان.

فضل العشر الأواخر من رمضان

لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر ما يُرى على عبادة في العشر الأواخر من رمضان، وقد وصفته السَّيدة عائشة رضي الله عنها فقالت: كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ”،[1] فكان يكثر من العبادات فيه، وما ذلك الفضل لهذه الأيام المباركة إلَّا لأنَّها اختصَّت باحتضان ليلة القدر، تلك اللية المباركة التي تحدَّث عنها القرآن الكريم بأنَّها ليلة سلام وتوزيع للأقدار ويكفيها شرفًا أنَّ القرآن قد نزل بها، وهي ليلةٌ يتنزَّل بها ملائكةٌ لا حصر لهم.[2]

شاهد أيضًا: حديث اذا دخلت العشر الأواخر من رمضان

كيفية اغتنام العشر الأواخر من رمضان

انقضت أيام شهر رمضان المبارك تباعًا ولم يبق منه إلَّا العشر الأواخر، وقد اتَّفق العلماء وأهل السُّنة والجماعة على أنَّها من أكثر الأيام بركةً وفضلًا في رمضان، فقد جاء عن النَّبي عليثه الصَّلاة والسَّلام أنَّه كان يجتهد بالعبادة في هذه العشر الأواخر، وذلك بعدَّة أمورٍ هي كالآتي:[3]

  • إحياء الليل: فقد كان عليه الصَّلاة والسَّلام يحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان، ويوقظ أهل بيته من أجل إحيائه أيضًا، فقد قال ابن رجب بأنَّ حال النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام كانت إحياء الليالي وحثّ أهله على إحيائها أيضًا لما فيها من مكرمات.
  • قراءة القرآن الكريم: ففي العشر الأواخر كانت ليلة القدر وهي الليلة التي نزل بها القرآن الكريم، فكان عليه الصَّلاة والسَّلام يُكثر من قراءة القرآن الكريم ومدارسته، وللمسلمين أسوةق حسنةٌ بفعل نبيهم.
  • الاعتكاف: وهو من العبادات المسنونة والمستحبَّة في العشر الأواخر من رمضان، فقد كان عليه الصَّلاة والسَّلام دائم الاعتكاف في هذه الأيام إلى أن توفَّاه الله سبحانه وتعالى، فالاعتكاف هو التزام مكان في المسجد للعبادة والانقطاع عن الدُّنيا وشهواتها والعزوف عنها.
  • تحري ليلة القدر: وما كانت عبادة الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام في العشر الأواخر من رمضان؛ إلَّا لأنَّ إحدى لياليها هي ليلة القدر المباركة، فقد قال تعالى في حقِّ هذه الليلة: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ}،[4] وقد قال ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى”.[5]

شاهد أيضًا: دعاء العتق من النار في العشر الأواخر من رمضان

الأحاديث الواردة في فضل العشر الأواخر من رمضان

ولقد ورد العديد من الأحاديث النَّبويَّة التي تحثُّ المسلم على القيام والعبادة في العشر الأواخر من رمضان، ومن تلك الأحاديث ما يأتي:[6]

  • قال أبو هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.[7]
  • قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اعْتَكَفَ العَشْرَ الأوَّلَ مِن رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ العَشْرَ الأوْسَطَ، في قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ علَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، قالَفأخَذَ الحَصِيرَ بيَدِهِ فَنَحَّاهَا في نَاحِيَةِ القُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا منه، فَقالَ: إنِّي اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوَّلَ، أَلْتَمِسُ هذِه اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ، فقِيلَ لِي: إنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ معهُ، قالَ: وإنِّي أُرِيتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ، وإنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا في طِينٍ وَمَاءٍ فأصْبَحَ مِن لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ قَامَ إلى الصُّبْحِ، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ، فأبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ، فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِن صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِما الطِّينُ وَالْمَاءُ، وإذَا هي لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ“.[8]

وهكذا قد ألمَّ المقال كيفية اغتنام العشر الأواخر من رمضان، وكيف كان هديه عليه الصَّلاة والسّلام في هذه الأيام المباركة، وقد أشرنا إلى سبب فضل العشر الأواخر من رمضان.

المراجع

  1. ^ صحيح مسلم , مسلم، عائشة أم المؤمنين، 1174، صحيح.
  2. ^ saaid.net , فضل العشر الأواخر وليلة القدر , 29/03/2024
  3. ^ islamweb.net , اغتنام العشر الأواخر من رمضان , 29/03/2024
  4. ^ القدر , الآيات 1-5
  5. ^ صحيح البخاري , البخاري، عبد الله بن عباس، 2021، صحيح.
  6. ^ ar.islamway.net , بركة ليلة القدر وأحاديث في فضل العشر رابط المادة: http://iswy.co/e158qq , 29/03/2024
  7. ^ صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 2014، صحيح
  8. ^ صحيح مسلم , مسلم، أبو سعيد الخدري، 1167،صحيح