حرف ومهن الانبياء

حرف ومهن الانبياء

حرف ومهن الانبياء موضوع مهمُّ جدًّا، يبرز الخوضُ فيه أهميَّة العمل ويكشف حكمةً بالغة من حِكم الله سُبحانه وتعالى، كما أنَّه يتخطَّى هذه الحدود ليظهرَ لكلِ المشككين وكلِّ الذي يدَّعون ألوهية الأنبياء أنَّ الأنبياء بشر مثلنا، باحتياجاتهم وأعمالهم وشؤونهم جميعها، وفي هذا المقال سنسلِّط الضوء على تعريف الأنبياء أولًا ثمَّ سنسرد حرف ومهن الأنبياء وسنتحدث عن أهمية العمل في حياة الأنبياء وعن الحكمة الإلهية الكبيرة من عمل الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين.

من هم الأنبياء

الأنبياء بالمفهوم العام هم الأشخاص الذين اختارتهم المشيئة الإلهية من البشر، ليكونوا منذري النَّاس وهداتهم إلى الحق والصواب، وهي جمع لكلمة نبي، والنَّبي هو المنبَّأُ من الله -سبحانه وتعالى- والمُخبر منه، أوحى إليه الله بخبر شريعته ليكون للناس هاديًا وبشيرًا ونذيرًا، قال تعالى في سورة التحريم: “وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا”،[1] والنَّبي منبِّئ أيضًا، فهو من ينبئ النَّاس بأمر الله الذي أوحاه إليه، قال تعالى في سورة الحجر: “نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”،[2] والأنبياء والمرسلون كثر، فقد بعث الله في كلِّ أمة نبيًّا منهم، ولكنَّ من وردوا في القرآن الكريم خمسة وعشرون نبيًّا فقط عليهم صلوات الله وسلامه، والله تعالى أعلم.[3]

حرف ومهن الانبياء

تحقيقًا لمبدأ وحقيقة أنَّ الأنبياء -عليهم السَّلام- من البشر، يملكون نفس طباعهم وأعمالهم وحياتهم غير أنَّهم معصومون عن الخطأ والنسيان، فإنَّ الله تعالى جعلَ لكلِّ نبيٍّ مهنة وحرفة يعمل بها ليؤمِّن قوت يومه، فغالبية الأنبياء كانوا من الفقراء الذي يعملون لتأمين احتياجات حياتهم، وفيما سيأتي تفصيل في حرفة ومهنة كلِّ نبيٍّ على حدَة:

مهنة نبي الله آدم

بعدما هبط نبي الله آدم -عليه السَّلام- مع حوَّاء من الجنات إلى الأرض، لم يكن بين يديه أي عمل يحصِّل منه الرزق، فلجأ إلى زراعة الأرض وكسب رزقه مما تجنيه يداه من المحاصيل، أي أنَّه كان فلاحًّا يصنع بيديه الأدوات البسيطة التي يستعين به على زراعة الأرض وجني الرزق.

مهنة نبي الله إدريس

تشير أغلب الدراسات التاريخية أنَّ نبي الله إدريس هو ثاني أنبياء الله تعالى إلى البشر بعد آدم -عليه السَّلام- من حيث الأقدمية، أمَّا عملُهُ فقد ورد فيما جاء من سيرته أنَّه كان يعمل خيًّاطًا يخيط الثياب للناس ولنفسه.[4]

مهنة نبي الله نوح

نبي الله نوح -عليه السَّلام- هو النَّبي الذي ارتبط اسمه بالطوفان، وهو الذي من نسله جاء البشر اليوم، فقد فنى كلُّ من على الأرض بالطوفان العظيم الذي تعرَّضت له الأرض في زمن نبي الله نوح، ولم يبق إلَّا نوح ومن معه من الصالحين، وكان نبي الله نوح -عليه السَّلام- يعمل نجَّارًا، فهو من صنع الفلك التي ركبها ومن مَعَه لينجو من الطوفان العظيم، قال تعالى في سورة هود: “وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ”[5] والله تعالى أعلم.[4]

مهنة نبي الله موسى

ثبت في القرآن الكريم أنَّ نبي الله موسى-عليه السَّلام- كان يعمل راعيًا للغنم، والدليل على صحَّة هذا القول واضح في قول الله تعالى في سورة طه: “وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى”[6] والله تعالى أعلم.[4]

مهنة نبي الله عيسى

ومن حرف ومهن الانبياء مهنة نبي الله عيسى ابن مريم -عليه السَّلام- الذي كان يعمل في الطِّبِّ، والدليل جليٌّ في قول الله تعالى في سورة آل عمران على لسان نبيه عيسى عليه السلام: “وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ”،[7] والله أعلم.[4]

مهنة نبي الله إبراهيم

أمَّا نبي الله إبراهيم -عليه الصَّلاة والسَّلام-خليل الله وأبو الأنبياء فقك ثبتَ أنَّه كان يعمل في البناء، فهو الذي بنى الكعبة المشرفة، وساعده في بنائها ابنه نبي الله إسماعيل عليه السَّلام، قال تعالى في سورة البقرة: “وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”،[8] والله أعلم.[4]

مهنة نبي الله إسماعيل

وفي متابعة الحديث عن حرف ومهن الأنبياء يمكن القول إنَّه قد جاءت بعض الأقوال التي تشير إلى أنَّ نبي الله إسماعيل كان يعمل بصيد السمك من البحار والأنهار ويبيعها للناس في الأسواق، كما أنَّه عمل في صغره مع والده في البناء وهو الذي ساعده في بناء بيت الله الحرام، والله أعلم.

مهنة نبي الله داود

نبي الله داود -عليه السَّلام- من الأنبياء الذين وردتْ حرفتهم ومهنتهم في كتاب الله تعالى؛ فقد ثبت عنه أنَّه كان يعمل حدَّادًا يصنع الدروع، قال تعالى في سورة سبأ: “وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ”،[9] وفي موضع آخر ورد أنَّ صنعة داود هي صنعة لبوس، ولبوس معناها الدروع الحديدية، قال تعالى: “وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ”،[10] والله أعلم.[4]

مهنة نبي الله صالح

إن الاطلاع على قصة نبي الله صالح عليه السلام، يبيِّن أنَّه ربما كان قد عمل في صغره بعمل قومه، وكان قوم نبي الله صالح قد اشتهروا بالبناء، فقد كانوا يبنون بيوتهم في الصخر، وجاء عنه أنَّه عمل في تربية الجِمال وبيعها والاتجار بلبنها وحليبها، والله تعالى أعلم.

مهنة نبي الله إلياس

نبي الله إلياس -عليه السَّلام- واحد من أنبياء الذين وردت عنهم في سيرهم حرفُهم ومهنهم، وما جاء عنه أنَّ كان نسَّاجًا، عليه أفضل الصلاة والتسليم.[4]

مهنة رسول الله محمد

أمَّا آخر الأنبياء والمرسلين رسول الله محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، فسيرته العطرة تبيِّن أنَّ نبي الله محمد عَمِلَ في غير مهنة واحدة وحرفة واحدة، فكان في صغره يرعى الأغنام في قريش، ثمَّ رافق عمَّه أبا طالب في رحلاته في التجارة إلى الشام، ثمَّ امتهن التجارة وعمل بها فترة من عمره، ثمَّ تفرغ للدعوة بعد أن بُعث بإذن الله تعالى، والله تعالى أعلم.[4]

موضوع عن حرف ومهن الانبياء

مقدمة الموضوع: العمل سمة وصفة وخُلق ومبدأ، هو غاية من غايات الإنسان، وأمر جليل يعيش المرء من أجله ويسعى لتحقيقه، فالله تعالى قد خلق البشر في هذه الأرض للعبادة والإعمار والبناء، بغض النظر عن أنَّ العمل هو سبب من أسباب الحياة الكريمة التي تخلِّص الإنسان من مذلة السؤال ومهانة الطلب ولأنَّ الأنبياء من البشر كانوا أولى الناس بالعمل وامتهان المهن التي تكرمهم وترفع من قدرهم بين الناس.

الموضوع: وقد عمل أنبياء الله جميعًا أعمالًا مختلفة، كلٌّ بحسب تربيته ونشأته، وما ورد أنَّ نبي الله آدم كان فلَّاحًا يعمل في الزراعة ويصنع أدواتها بيديه، وأن إدريس كان خياطًا وأنَّ نوح كان نجارًا وهو من صنع سفينة الطوفان، وأنَّ عيسى ابن مريم كان طبيبًا يداوي الناس ويعالجهم، وأنَّ موسى كان راعيًا للغنم، وأن إبراهيم كان بناءً يعمّر البيوت ومثله ابنه إسماعيل، وأنَّ داود كان حدَّادًا يصنع دروع الحرب وأنَّ صالح كان يعمل في تربية الجمال وبيعها وشرائها وأنَّ إلياس كان نسَّاجًا وأنَّ محمد كان يرعى الأغنام ثمَّ عمل في التجارة فيما بعد.

خاتمة الموضوع: كلُّ هذه المهن التي امتهنها الأنبياء تدل على عظمة العمل وأهميته وتشير إلى أنَّ العمل الكريم سيوجب العيش الكريم دون شك، لذلك كان لزامًا على المرء أن يقتدي بالأنبياء وأن يكون عاملًا فيما حلَّل الله تعالى ليؤمن احتياجاته بنفسه.

بحث عن حرف ومهن الانبياء

مقدمة البحث: العمل في حياة الإنسان هدف نبيل ينبغي على كلِّ إنسان أن يسعى لتحقيقه ونيله بالطرق المشروعة، فهو مقياس من المقاييس التي تقيس قيمة المرء بين النَّاس، وهو غاية حميدة، السعي إليها عبادة ومغنم ومكسب.

البحث: لقد جعل الله تعالى عمل أنبيائه دليلًا ملموسًا لمن يدَّعون في الأنبياء ما ليس فيهم من صفات الألوهية التي لا تنبغي لغير الله، والأنبياء جميعًا كانوا من أحسن عملًا في حرفهم ومِهَنِهم، فآدم الفلاح وإدريس الخياط ونوح النجار صانع الفلك وموسى راعي الغنم وعيسى الطبيب وإبراهيم البناء وإسماعيل البناء مع أبيه إبراهيم والصياد أيضًا، وداود الحداد وصانع الدروع وصالح مربي الإبل بائعها وشاريها وإلياس النساج ومحمد الراعي والتاجر، كلُّ هذه الألقاب تدل على أنَّ الأنبياء هم أحسن من قدَّر قيمة العمل وأعطوا العمل قدره فعاشوا حياة كريمة بين جميع الناس.

خاتمة البحث: لا بدَّ لكلَِّ مسلم أن يجعل من أنبياء الله قدوة له، وأن يكون وحسن الاقتداء بهم في كلِّ أفعالهم، وأن يأخذ من حرف مهن الأنبياء أهمية العمل وضرورة السعي في سبيل تأمين لقمة العيش والحياة الكريمة.

أهمية العمل في حياة الأنبياء

العمل من أهم الأمور التي ذُكرت في سير الأنبياء وفي حياتهم، فهو دفع لمذلة السؤال وهوان الطلب من الناس، ولأن الأنبياء قدوة لجميع البشر وهم الضوء الذي ينبغي على الناس أن يستنيروا به في ظلمائهم، كان الأنبياء يمتهنون أنبل المهن التي لا تخل في شرع الله، وكانوا يعملون أعمالهم بطرق لا تمت لما حرَّم الله تعالى بصلة، فمن اتجرَ منهم كانت تجارته قائمة على الصدق في المعاملة ومن باع ومن زرع ومن اشترى، كلُّ أعمالهم وحرفهم ومهنهم كانت مبنية على الصدق وعلى ضوابط الشرع وعلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى.

ولعلَّ أهم ما يظهر أهمية العمل في حياة الأنبياء هو أنَّ العمل عبادة وطاعة، أطاع به الأنبياء خالقهم، وينبغي على البشر أن يكونوا مثلهم، قال تعالى في محكم التنزيل: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، فإذا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ”،[11] والله تعالى أعلم.

الحكمة من عمل الأنبياء

تكمن الحكمة في عمل الأنبياء -عليهم السَّلام- في الإظهار للناس أجمعين أنَّ الأنبياء بشر، اختارهم الله بحكمته ليكونوا أنبياء منذرين ومبشرين للناس أجمعين، وأنَّهم لا يختلفون عن النَّاس في شيء غير أنَّهم معصومون عن الخطأ والنسيان، فلا يجوز لأي طائفة أو فئة أن تضع في أي نبي من أنبياء الله تعالى صفات من صفات الله التي لا تنبغي لغيره، وتكمن الحكمة أيضًا من عمل الأنبياء في جعل الأنبياء قدوة للناس ومنارة يستدلُّ بها التائهون في خضم بحر الحياة ومعترك أمواجه، فلا يجدون من سبيل إلى ضوء الأنبياء ليصلوا إليه محملين بالهدي والصلاح، فيكونون خير من اقتدى بخير قدوة، والله تعالى أعلم.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا المقال الذي تحدَّثنا فيه عن حرف ومهن الأنبياء عليهم السلام، بعد أن سلَّطنا الضوء على الأنبياء ثمَّ حرف ومهن الانبياء بالتفصيل ثمَّ موضوع عن حرف مهن الأنبياء ثمَّ بحث عن حرف ومهن الأنبياء ثمَّ أهمية العمل ثمَّ الحكمة من عمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

المراجع

  1. ^ سورة التحريم , الآية 3.
  2. ^ سورة الحجر , الآية 49.
  3. ^ alukah.net , تعريف النبي والرسول , 19-10-2020
  4. ^ alukah.net , الأنبياء والرسل أصحاب مهنة وحرفة , 19-10-2020
  5. ^ سورة هود , الآية 37.
  6. ^ سورة طه , الآية 17، 18.
  7. ^ سورة آل عمران , الآية 49.
  8. ^ سورة البقرة , الآية 127.
  9. ^ سورة سبأ , الآية 10.
  10. ^ سورة الأنبياء , الآية 80.
  11. ^ سورة الجمعة , الآية 9، 10.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *