حكم التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة
جدول المحتويات
حكم التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة، هو أحد الأحكام المهمّة التي لا بدّ أن يعرفها المسلمون، فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، من أقامها فقد أقام الدِّين ومن تركها فقد ترك الدِّين، فهي أعظم أمور الإسلام، وأول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، لذلك على المؤمن أن يُراعي أحكام الصلاة جميعها، فيقوم بها على الوجه الأكمل.
حكم التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة
حكم التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة هو غير جائز فإنْ تَقدَّمَ عليه في جِهتِه،وفي أثناءِ صلاتِه بطَلَتْ، وهذا رأي جمهور العلماء من شافعيّة وحنابلة وحنفية، ودليلهم في ذلك من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حديث ابن عباس الذي قال فيه: “بتُّ عند خالتي ميمونةَ، فقام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من اللَّيلِ فتوضَّأَ من شَنٍّ معلَّقٍ وضوءًا خفيفًا -فجعل يَصفُه وجعَل يُقلِّله- قال ابنُ عبَّاس: فقمتُ فصنعتُ مِثلَ ما صنَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم جئتُ فقمتُ عن يَسارِه، فأَخْلَفني فجَعَلني عن يمينِه فصلَّى”[1]، ووجه الدلالة أن رسول الله عليه الصلاة والسلام أدارَه مِن وراءِ ظَهرِه، وكانت إدارتُه من بين يَديه أيسرَ؛ فدلَّ على عدمِ جوازِ تقدُّمِ المأمومِ على الإمامِ، فالالتمام والاتباع ومن يتقدّم لم يعدّ تابعًا، والله أعلم.[2]
شاهد أيضًا: حكم موافقة المأموم للإمام في الصلاة
آداب الإمامة في الصلاة
بعد معرفة حكم التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة، سنعرف آداب الإمامة في الصلاة سواءً للإمام أو المأموم فيما يأتي:[3]
آداب الإمام في الصلاة
لا بدّ للإمام بأن يتحلّى بعدّة آداب سنذكر بعضًا منها فيما يأتي:
- تخفيف القراءة في الركعة الثانية من الصلاة بالنظر إلى القراءة في الركعة الأولى؛ فقد ورد عن أبي سعيد الخدري: “لقَدْ كانَتْ صَلاةُ الظُّهْرِ تُقامُ فَيَذْهَبُ الذّاهِبُ إلى البَقِيعِ فَيَقْضِي حاجَتَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ. ثُمَّ يَأْتي ورَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى ممَّا يُطَوِّلُها”.
- توجُّه الإمام إلى المُصلّين يميناً ويساراً؛ لِما ثبت في الصحيح عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنهما: “لا يَجْعَلْ أحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شيئًا مِن صَلَاتِهِ يَرَى أنَّ حَقًّا عليه أنْ لا يَنْصَرِفَ إلَّا عن يَمِينِهِ لقَدْ رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عن يَسَارِهِ”.
- التخفيف في الصلاة؛ وذلك بعدم إطالة القراءة، والتخفيف على المُصلّين؛ إذ يحضر الصلاة مختلف أنواع المُصلّين؛ من كبيرٍ، ومريضٍ، وصغيرٍ، وعاجزٍ، وغيرهم، وقد وردت عدّة أدلةٍ في السنّة تؤكّد على التخفيف في الصلاة، ومنها ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عقبة بن عمرو: “قَالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ في الفَجْرِ ممَّا يُطِيلُ بنَا فُلَانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ما رَأَيْتُهُ غَضِبَ في مَوْضِعٍ كانَ أَشَدَّ غَضَبًا منه يَومَئذٍ، ثُمَّ قالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنكُم مُنَفِّرِينَ، فمَن أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فإنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ والكَبِيرَ وذَا الحَاجَةِ”.
- مُراعاة أحوال المُصلّين، والتيسير عليهم بما لا يخالف السنّة النبويّة؛ فقد ورد عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه: “والعِشَاءَ أحْيَانًا وأَحْيَانًا، إذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وإذَا رَآهُمْ أبْطَؤُوا أخَّرَ”.
- الدعاء للمسلمين كافّةً، وعدم اختصاص الإمام نفسه فقط بالدعاء.
آداب المأموم في الصلاة
بعد معرفة حكم التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة لا بدّ لمأموم بأن يتحلّى بعدّة آداب سنذكر بعضًا منها فيما يأتي:
- الدخول في صفوف الصلاة، ثمّ إدراك الإمام بفِعْل الصلاة؛ لِما أخرجه البخاريّ في صحيحه: “أنَّهُ انْتَهَى إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أنْ يَصِلَ إلى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا ولَا تَعُدْ”
- الذهاب إلى صلاة الجماعة بطمأنينةٍ، ووقارٍ، وسكينةٍ؛ إذ ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام قال: “إِذَا سَمِعْتُمُ الإقَامَةَ، فَامْشُوا إلى الصَّلَاةِ وعلَيْكُم بالسَّكِينَةِ والوَقَارِ، ولَا تُسْرِعُوا، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا”.
- إيصال صوت الإمام إلى باقي المُصلّين إن تعذَّر عليهم سماعه، كما فَعل أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي بالنَّاسِ وأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمُ التَّكْبِيرَ”.
- الفتح على الإمام إذا استغلقتْ عليه القراءة أو أخطأ فيها، ويكون ذلك بأنْ يقرأ المأموم بالقدر الذي يُنبّه فيه الإمام على موضع الخطأ أو النسيان؛ ففي الحديث عن المسور بن يزيد الأسدي -رضي الله عنه- قال: “شهدتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقرأُ في الصلواتِ فترك شيئًا لم يقرأْه، فقال له رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، إنَّه كذا وكذا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: هلَّا أذكرتَنِيها”.
شاهد أيضًا: رتب الشرع الأحق بالإمام بين الناس فيؤمهم
وهكذا نكون قد عرفنا حكم التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة، وعرفنا كذلك آداب الإمامة في الصلاة، سواء كانت هذه الآداب تخصّ الإمام في الصلاة، أو تخصّ المأموم في الصلاة، ولا بدّ من مراعاتها.