متى نزل الوحي على رسول الله
جدول المحتويات
متى نزل الوحي على رسول الله، هو عنوان هذا المقال، ومن المعلوم أنَّ من اصطفاه الله -عزَّ وجلَّ- لهداية النَّاس يُرسل عليه وحيًا ليكون واسطةً بينه وبين أنبيائه، وفي هذا المقال سيتمُّ تخصيص الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسيتمُّ بيان وقت نزول الوحي عليه، كما سيتمُّ بيان أحداث نزوله، كما سيتمُّ الحديث عن هيئات نزول الوحي على رسول الله، وفيما يأتي ذلك:
متى نزل الوحي على رسول الله
إنَّ نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان بعد أربعين سنة مضت من عمره صلى الله عليه وسلم كما هو حال كثير من الأنبياء، وقد حدد المباركفوري رحمه الله في كتاب الرحيق المختوم نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم فقال: “وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد يوم نزول الوحي بأنه يوم الإثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلا ويوافق 10 أغسطس سنة 610 م وكان عمره إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية وستة أشهر و12 يوما وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و12 يوما”، وترجع الحكمة من نزوله عليه في عمر الأربعين، أنَّها مرحلة النضج وكمال العقل وحصول التجربة في الحياة ومعاملة الناس.[1]
شاهد أيضًا: معنى الوحي في الاصطلاح ومصادر الوحي بالتفصيل
أحداث نزول الوحي على رسول الله
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخلو في غار حراء تعبدًا لله -عزَّ وجلَّ- وقد كانت عبادته آنذاك على دين أبيه إبراهيم -عليه السلام- وبينما هو كذلك في الغار جاءه جبريل بالبشرى وأخبره بأنَّه رسول الله إلى النَّاس كافة، ثمَّ أمره بالقراءة، فقال رسول الله: “ما أنا بقارئ”، ثمَّ أخذه فغطَّه بالنمطِ حتى تعب النبيُّ ثمَّ أرسله جبريل وقال له: إقرأ، فردَّ رسول الله: “ما أنا بقارئ، ثمَّ غطه ثانيةً وقال له إقرأ، فردَّ النبيُّ: “ما أنا بقارئ” ثمَّ غطه ثالثةً ثمَّ أرسله، فقال له: {قْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ}،[2] فرجع بها عليه الصلاة والسلام يرجف فؤاده ممّا ألمّ به من الرّوع، فدخل على زوجته خديجة، فقال: زمّلوني، زمِّلوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الرّوع فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي؛ لأن الملك غطّه حتى كاد يموت، ولم يكن له عليه الصلاة والسلام علم قبل ذلك بجبريل ولا بشكله، وحينها بشرته خديجة بأنَّ الله اختاره لهداية قومه.[3]
شاهد أيضًا: متى بدأت بوادر الوحي
هيئات نزول الوحي على رسول الله
لقد تعددت هيئات وصور نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسيتمُّ فيما يأتي بيانها:[4]
- تكليم الله تعالى مباشرة من وراء حجاب، يقظة كما حصل ليلة المعراج، ومناماً ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أنِّي قمتُ منَ اللَّيلِ فتوضَّأتُ فصلَّيتُ ما قُدِّرَ لي فنعَستُ في صلاتي فاستثقلتُ، فإذا أَنا بربِّي تبارَكَ وتعالى في أحسَنِ صورةٍ، فقالَ: يا مُحمَّدُ قلتُ: ربِّ لبَّيكَ، قالَ: فيمَ يختصِمُ الملأُ الأعلى؟ قلتُ: لا أدري ربِّ…”[5]
- النفث في الرُّوع، وهو ما يقذفه الله في قلب الموحَى إليه مما أراد الله تعالى، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي ، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها ، وتستوعِبَ رزقَها ، فاتَّقوا اللهَ ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ”.[6]
- الرؤيا الصادقة، وقد ورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- ما يدلُّ على ذلك حيث قالت: “أَوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ”.[7]
- عن طريق جبريل عليه السلام، وكان يأتيه على هيئاتٍ مختلفة، مثل:
- أن يأتيه على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها، ودليل ذلك ما رُوي في صحيح مسلم: “{وَلقَدْ رَآهُ بالأُفُقِ المُبِينِ}[8]، {وَلقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}[9]؟ فقالَتْ: أنا أوَّلُ هذِه الأُمَّةِ سَأَلَ عن ذلكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: إنَّما هو جِبْرِيلُ، لَمْ أرَهُ علَى صُورَتِهِ الَّتي خُلِقَ عليها غيرَ هاتَيْنِ المَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّماءِ سادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ ما بيْنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ”.[10]
- أن يأتيه في مثل صلصلة الجرس، ودليل ذلك ما ورد في السنة النبوية المطهرة: “أنَّ الحَارِثَ بنَ هِشَامٍ سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: كيفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ؟ فَقالَ: أَحْيَانًا يَأْتِينِي في مِثْلِ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وَهو أَشَدُّهُ عَلَيَّ، ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُهُ”.[11]
- أن يتمثل له رجلاً، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “وَأَحْيَانًا مَلَكٌ في مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ، فأعِي ما يقولُ”.[12]
شاهد أيضًا: كم مرة رأى الرسول جبريل
متى نزل الوحي على رسول الله، مقال تمَّ فيه الحديث عن وقت نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثمَّ تمَّ ذكر كيفية نزوله عليه، وفي ختام هذا المقال تمَّ بيان الهيئات التي كان ينزل بها على رسول الله مع الدليل من السنة النبوية المطهرة.