تفسير ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم

ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم

ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم من التعبيرات التي يرغب الكثير من النّاس في معرفتها، وخاصّة المُنشغلين بتفسير القرآن الكريم، وقد كثُر في القرآن التعبيرات التي إذا ما فُتّش عن مكنونها؛ حظي بالفيوضات الإلهيّة التي استودعها الله في كلماته، وفيما يلي سنتعرّف على تفسير قوله -تعالى- إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم.

ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم

قد بتساءل البعض، ويقولون: كيف لا يُغيّر الله ما بقومٍ؛ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم، والله -تعالى- بيده ملكوت كلّ شيءٍ، وهو القادر على هذا التغيير، وللإجابة على هذا السّؤال لا بد من استحضار: أن الله -عزّ وجلّ- قد مكّن عباده من الأدوات والوسائل التي من خلالها يستطيعون أن يُميّزوا بين الجيّد والرديء، وبين الحلال والحرام، ومن أهم تلك الأدوات هو العقل؛ فقد ميّز الله الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل، وبه يكون الإنسان مُخيّرًا لا مُسيّرًا؛ فطريقا الخير والشرّ أمامه، وعليه أن يختار لنفسه أيّ هذين الطريقين؛ فإن اختار طريق الخير؛ لقي الثواب الجزيل في الدُّنيا والآخرة، وإن سلك طريق الشرّ، لم يُرزق فلاحًا ولا توفيقًا.[1]

تفسير ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم

القرآن الكريم هو كلام الله المعجز المُنزّل على رسوله-صلى الله عليه وسلّم- المُـعبّد بتلاوته المنقول إلينا بالتّواتُر، وقد وُضعت كلّ كلمةٍ في موضعها الأخصّ الأشكل بها، وقد ورد في سورة الله الرّعد، قوله-تعالى-:” إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ”، وتفسير هذه الآية: أن الله -تعالى- لا يُغيّر أحوال القوم من حال إلى حالٍ إلّا بتغييرهم ما بأنفسهم، فيُغيّر الله حالهم من الشّدة إلى الرّخاء؛ إذا ما أرادوا بالنّاس خيرًا، وأخلصوا لله في كل أقوالهم وأفعالهم، وعلى النقيض؛ إذا أضمروا الحقد والحسد لغيرهم، ولم يُخلصوا ما يقُومون به إلى الله وحده؛ امتحنهم الله بالنّكبات في حياتهم؛ فإذا ما اتّعظوا؛ رفع الله عنهم الوباء والبلاء، وإذا لم يتّعظوا؛ لقوا عذابًا فوق عذابهم، فالله -سُبحانه- ليس بظلّامٍ للعبيد.[2]

قصص عن إن الله لا يغير ما بِقَوْمٍ حَتَّى

قد ذخرت كُتُب السّير بالكثير من القصص التي تُبيّن وتُوضّح أن الله -تعال- لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم، ومن أفضل القصص التي وردت في ذلك هي:[3]

قصة ثلاثة نفر من بني إسرائيل

كان هناك ثلاثة نفر من بني إسرائيل، أحدهم أقرع، والثاني أبرص، والثالث أعمى؛ فأرسل الله إليهم ملكًا؛ فأتى إلى الأقرع، وقال له: أي شيءٍ أحبّ إليك؛ فقال: أن يُزيل الله عنّي هذا -أي القرع-؛ فأزال الله عنه فقال له: أي المال أحبّ إليك، قال: الإبل والبقر؛ فأعطاه الملك ما شاء الله له أن يأخُذ، ثم جاء إلى الأبرص، وقال له: أي شيءٍ أحبّ إليك، قال: قال أن يُزيل هذا الله عني الذي يُعايرني الناس به-وأراد البرص-؛ فشفاه الله عز وجلّ، فقال له: أي المال أحبّ إليك؛ فقال: الإبل والبقر؛فأعطاه الله ما شاء أن يُعطيه، ثم جاء إلى الأعمى: وقال له أيّ شيءٍ أحبّ إليك؛ قال: أن يرُدّ الله عليّ بصري، فردّ الله عليه بصره، ثم قال له أي المال أحبّ إليك، قال: الغنم؛ فأعطاه الله ما شاء له أن يُعطيه.

مثال تطبيقي على إن الله لا يغير ما بقوم

ثم جاء إليهم الملك مرّةً أخرى-في صورة إنسان- مُحتاج؛ فذهب إلى الأقرع، وذكر له حاله، فقال: لقد ورثت هذا كابرًا عن كابرٍ، والاحتياجات كثرة؛ فقال له: إن كنت كذلك؛ ردّك الله على ما كُنت عليه؛ فرُدّ إلى ماكان عليه، وذهب إلى الأبرض؛ فقال له مثل ما قال الأقرع؛ فردّه الله إلى ما كان عليه، وحينما ذهب إلى الأعمى، قال له: مثل ما قال للأبرص والأقرع، ولكن موقفه كان مُتغيّرًا؛ فقد قال له: لقد كنت أعمى؛ فردّ الله عليّ بصري، وكنت فقيرا؛ فأغناني الله؛ فخُذ ما شئت، فقال له: امسك عليك مالك، فإن الله أراد أن يبتليكم؛ فرضي عليك، وسخط على الآخرين، وهذا مثال تطبيقيّ على إن الله لا يُغيّر ما بقوم؛ حتى يُغيّ{وا م بأنفسهم.

خطبة عن إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

الحمد لله الذي زيّن قلوب أوليائه بأنوار الوِفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابًا لذيذ المذاق، وألزم قُلوب الخائفين الوجل والإشفاق؛ فلا يدري الإنسان في أي الفريقين يُساق، فإن شاء فبفضله، وإن شاء؛ فبعدله، ولا اعتراض على الملك اخلّاق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وحبيبه، بلّغ الرّسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة؛ فكشف الله به الغُمّة، وبعد؛

فإن من كمال حكمة الله -عزّ وجلّ- على عباده أن جعل لهم وسائل يستطيعون من خلالها أن يُفرّقوا بين ما هو نافعٌ؛ فيتّبعونه، وما هو ضارٌّ؛ فيجتنبونه، وهذا حتى يُقيم الحُجّة عليهم يوم القيامة؛ فقد أرسل لهم الرّسُل مبشّرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرُّسُل؛ فقد مكّن الإنسان أن يختار ما يروق له من الطُّرُق، وحذّره من سلوك الطُّرق المعوجّة التي تودي بصاحبها إلى جهنّم وبئس المصير، ورغّبه في طريق الخير الذي يصل به إلى جنّاتٍ عرضها السموات والأرض، ومن هنا: إذا أخلص الإنسان لله في كلّ ما يقوم به؛ نال الثواب الجزيل من ربّ العالمين وإلا حظى بنكبات وعقباتٍ كثيرة في حياته.

ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرف على ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ، وماهو تفسير قوله -تعالى- في سورة الرّعد:” إن الله لا يُغيّر ما بقومٍ..”، وكذلك الإجابة على سؤالٍ مُلحّ هو كيف أن الله لا يُغيّر ما بقومٍ؛ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم، والله -تعالى- بيده ملكوت السموات والأرض، وخطبة عن هذا التعبير القرآنيّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *