حكم التنمر في الاسلام

حكم التنمر في الاسلام

حكم التنمر في الاسلام هو أحد الأحكام الشرعية والفقهية التي بيَّنها دين الإسلام، والذي سنقوم بذكره توضحه، فقد بينَّ الله تعالى لعباده بأنَّه لا فرق بين عبد وآخر ولا فضل لشخص على آخر إلا بما زاد من التقوى والعمل الصالح، وبيَّن أنَّ أساس التفاضل هو تمام الإيمان، ومن خلال هذا المقال سنقوم بالتعريف بما هو التنمر، وما حكمه في الإسلام، كما سنذكر عقوبته والأدلة الشرعية التي وردت فيه.

التنمر

التنمر هو القيام بالاعتداء والإساءة من قبل شخص أو عدد من الأشخاص أو جماعة على شخص أو عدد من الأشخاص، والتي تكون في غالب الأحيان مجموعة ضعيفة جسديًا أو نفسيًا، ويكون هذا الاعتداء بأشكال وأساليب مُختلفة ومتعددة قد تكون لفظية عن طريق الشتم والاستضعاف والتقليل من الشأن، وقد تكون جسدية عن طريق الضرب والتحرش وغير ذلك، كما يُمكن أن يكون على هئات وأشكال متعددة مثل الإيماءات التي تعني السخرية وغيرها، وهو فعل يترك أثر نفسي سلبي عميق في نفس المُُتنمر عليه.[1]

حكم التنمر في الاسلام

إنَّ حكم التنمر في الاسلام هو مًحرَّم وغير جائز، فقد رفع دين الإسلام من شأن الإنسان وبيَّن حقوقه، وأوجب على المُسلم أن يحترم هذه الحقوق وفلا يتعدَّى على ذلك بأي شكل من الأشكال، وإنَّ التنمر بأشكاله وصوره المتعددة هو إساءة للآخر تُنقص من قدره ومكانته، وتنتهك حقوقه وخصوصيته، وهي أمور مُحرَّمة في الإسلام ومُنكرة، وعلى من أقدم على فعل مثل هذه الأمور أن يتوجه إلى الله تعالى بالتوبة ويُقلع عنها لما لذلك من الإثم والذنب العظيمين، والله أعلم.[2]

آيات عن التنمر

ورد في القرآن الكريم عدد من الآيات التي تنهى عن التنمر أو السخرية من الآخرين، وتأمر بحسن معاملتهم، ومن هذه الآيات الكريمة نذكر:

  • قوله تعالى في سورة الحجرات: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”[3].
  • قوله تعالى في سورة التوبة: “الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”[4].
  • قوله تعالى في سورة الحجرات: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”[5].

أحاديث عن التنمر

بيَّن لنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من خلال أحاديثه الشريفة الأخلاق التي يجب على المُسلم التحلي بها، والأخلاق التي يجب الابتعاد عنها، وفيما يلي نذكر بعض الأحاديث الشريفة التي تناولت موضوع التنمر أو السخرية من الناس:

  • قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: “المسلمُ من سلم الناسُ من لسانه ويدهِ، والمؤمنُ من أمنه الناسُ على دمائهم وأموالهم”[6].
  • الحديث الشريف الوارد عن عبد الله بن مسعود: “أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ انْكَشَفَتْ ساقُه، وكانت دقيقةً هزيلةً، فضَحِكَ منها بعضُ الحاضِرِينَ، فقال النبيُّ: أَتَضْحَكُونَ من دِقَّةِ ساقَيْهِ! و الذي نفسي بيدِه لَهُمَا أَثْقَلُ في الميزانِ من جَبَلِ أُحُدٍ”[7].
  • قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: “لا تَحاسَدُوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هاهُنا ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ”[8].

عقوبة التنمر في الإسلام

إنَّ الإساءة من الآخرين والسخرية منهم هو من عظم الذنوب وأشدها ف الإسلام، فإنَّه في اعتداء على حقوق الغير، إلا أنَّه لم يرد في ذلك حد أو عقوبة دنيوية شرعية، لكنَّه أمرٌ يُؤثم فاعله وله الكثير من الوزر في الآخرة، كما إنَّ فعل التنمر للآخرين يُؤدي إلى تمكينهم يوم القيامة وقدرتهم على الأخذ من ميزان حسنات الشخص الذي تنمر عليهم، فإن لم يوجد لديه شيء من الحسنات، أثقلوا ميزان سيئاته من خلال وضع أوزارهم وسيئاتهم، والله أعلم.[9]

حكم التنمر والسخرية بقصد المزاح

إنَّ السخرية من الآخرين مهما كان هدفها أو القصد منها هو أمرٌ مُحرّضم ومنكر في الإسلام، فإنَّ الإشارة إلى الآخرين من خلال عيوبهم يترك أثرًا سيئًا في قلوبهم، وكذلك فإنَّ أساس التفاضل بين الناس هو التقوى وحُسن الإيمان، ولا يجوز للإنسان أن يذكر عيوب غيره والاستهزاء به سواء أكان أثناء وجوده أو في غيابه، وكذلك لا يجوز له الإشارة له بحركات أو إيماءات غير لائقة أو وصفه بأسماء وألقاب يكرهها، والله أعلم.[10]

شاهد أيضًا: حكم ترويع المسلم وحكم ترويع غير المسلم

بعد بيان حكم التنمر أو السخرية من الآخرين بهدف المزاح نكون قد وصلنا إلى ختام المقال الذي عرَّف ظاهرة التنمر، وذكر حكم التنمر في الاسلام ، كما ذكر العقوبة الشرعية للتنمر في الدين الإسلامي، والأدلة على تحريم التنمر في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com , تنمر , 03/02/2022
  2. ^ islamweb.net , الترهيب من السخرية بالناس في غيبتهم , 03/02/2022
  3. ^ سورة الحجرات , الآية 11.
  4. ^ سورة التوبة , الآية 79.
  5. ^ سورة الحجرات , الآية 13.
  6. ^ صحيح النسائي , أبو هريرة، الألباني، 5010، صحيح.
  7. ^ غاية المرام , عبد الله بن مسعود، الألباني، 416، صحيح.
  8. ^ صحيح مسلم , أبو هريرة، مسلم، 2564، صحيح.
  9. ^ islamweb.net , حكم الاستهزاء والسخرية من الآخرين , 03/02/2022
  10. ^ islamweb.net , السخرية بدعوى المزاح , 03/02/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *