سبب نزول سورة الكهف وفضلها .. مضامين سورة الكهف

سبب نزول سورة الكهف

سبب نزول سورة الكهف وفضلها معلومات من علوم القرآن الكريم، فسورة الكهف إحدى سور القرآن الكريم التي يكثر المسلم من قراءتها، لا سيَّما يوم الجمعة، لما ورد في فضلها من أحاديث عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتضمنت سورة الكهف مجموعة من القصص القرآنية التي تزوّد المسلم بالكثير من العبر والعظات، فعلى المسلم الفطن الإكثار من قراءة سورة الكهف، والتفكر في معانيها، وتفسير آياتها بدقة، ليطبق ما ورد فيها من الأحكام ويتَّعظ بما حوته من العِبر.

سورة الكهف

كان زمن نزول سورة الكهف قبل الهجرة في مكة المكرمة، وهذا ما اتفق عليه المفسرون، أما عن السنة التي نزلت فيها فهي غير معروفة، لكن يقول بعض المفسرين إنها نزلت قبل الهجرة إلى الحبشة؛ في الوقت الذي زاد فيه الظلم والاضطهاد على الصَّحابة الكرام رضوان الله عليهم،[1] وهي من السور المدنية المتأخرة؛ لأن نزولها تأخر في مكة المكرمة، فلم ينزل بعدها إلا ثلاثة عشرة سورة، وهذا الذي ذكره السيوطي في كتابه الاتقان في علوم القرآن، وترتيب سورة الكهف هو الثامن والستون في نزول القرآن المكي، فقد نزلت بعد سورة الغاشية وقبل سورة الشورى، أما ترتيبها في المصحف فهو الثامن عشر، وتُعدُّ سورة الكهف من السور المئين؛ أي تلك التي يصل عدد آياتها إلى مئة أو يزيد قليلًا، حيث إن عدد آياتها مئة وعشر آيات.[2]

سبب نزول سورة الكهف

أورد السيوطي في كتابه الدر المنثور ملخصًا لسبب نزول سورة الكهف فقال : “عن ابن عباس: أَن قُريْشًا بعثوا خَمْسَة رَهْط -مِنْهُم عقبَة بن أبي معيط، وَالنضْر بن الْحَارِث- يسْأَلُون الْيَهُود عَن رَسُول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- ووصفوا لَهُم صفته، فَقَالُوا لَهُم: نجد نَعته وَصفته ومبعثه فِي التَّوْرَاة، فَإِن كَانَ كَمَا وصفتم لنا، فَهُوَ نَبِي مُرْسل، وَأمره حق فَاتبعهُ ، وَلَكِن سلوه عَن ثَلَاث خِصَال فَإِنَّهُ يُخْبِركُمْ بخصلتين وَلَا يُخْبِركُمْ بالثالثة ان كَانَ نَبيا، فَإنَّا قد سَأَلنَا مُسَيْلمَة الْكذَّاب عَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاث فَلم يدر مَا هِيَ.

فَرَجَعت الرُّسُل إِلَى قُرَيْش بِهَذَا الْخَبَر من الْيَهُود فَأتوا رَسُول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلَّم- فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أخبرنَا عَن ذِي القرنين الَّذِي بلغ الْمشرق وَالْمغْرب، وَأخْبرنَا عَن الرّوح ، وَأخْبرنَا عَن أَصْحَاب الْكَهْف؟،  فَقَالَ: أخْبركُم بذلك غَدا ، وَلم يقل إِن شَاءَ الله، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل خَمْسَة عشر يَوْمًا فَلم يَأْته لترك الِاسْتِثْنَاء، فشق ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أَتَاهُ جِبْرِيل -عَلَيْهِ السَّلَام- بِمَا سَأَلُوهُ فَقَالَ: يَا جِبْرِيل أَبْطَأت عَليّ. فَقَالَ: بتركك الِاسْتِثْنَاء، أَلا تَقول: إِن شَاءَ الله قَالَ: “وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله”، ثمَّ أخبرهُ عَن حَدِيث ذِي القرنين، وَخبر الرّوح، وَأَصْحَاب الْكَهْف. ثمَّ أرسل إِلَى قُرَيْش فَأتوهُ فَأخْبرهُم عَن حَدِيث ذِي القرنين وَقَالَ لَهُم: الرّوح من أَمر رَبِّي يَقُول: من علم رَبِّي لَا علم لي بِهِ ، فَلَمَّا وَافق قَول الْيَهُود أَنه لَا يُخْبِركُمْ بالثالث ” قَالُوا: سحران تظاهرا ” تعاونا – يَعْنِي التَّوْرَاة وَالْفرْقَان – وَقَالُوا: إِنَّا بِكُل كافرون، وَحَدَّثَهُمْ بِحَدِيث أَصْحَاب الْكَهْف”، والله تعالى أعلم. [3]

سبب نزول الاية 24 من سورة الكهف

قال الشَّافِعِي -رحمه الله- في سبب نزول هذه الآية: “ثم جاءه قوم، فسألوه عن أصحاب الكهف وغيرهم، فقال: أعلمكم غداً، يعني: أسأل جبريل ثم أعلمكم، فأنزل اللَّه عزَّ وجل: “وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ”[4] وقال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم: معناه: إذا نسيت الاستثناء ثم ذكرت فاستثنِ.[5]

سبب تسمية سورة الكهف

سميت سورة الكهف لتناولها قصة أصحاب الكهف العجيبة التي وردت ضمن الآيات من الآية 9 إلى الآية 26″، مما يعدُّ دليلًا حاسمًا وملموسًا على قدرة الله الباهرة، فهي مثلٌ عال ورمز للتضحية بالوطن والأهل والأقارب والأموال في سبيل الحفاظ على العقيدة، فقد فرّ هؤلاء الفتية المؤمنون بدينهم من بطش الملك الوثني، واحتموا في كهفٍ في الجبل، فأنامهم الله، ثم بعثهم ليقيم دليلًا حسِّيًّا للناس على قدرته على البعث.[6]

مضامين سورة الكهف

تضمنت سورة الكهف العديد من الدروس والعبر خلال ما ورد فيها من القصص التي لا بُدَّ لنا من الاعتبار منها، ولقد تحدَّثتِ السورة عنِ المواضيع الآتية:[6]

  • استهلال السورة ببيان وصف القرآن بأنه قيم مستقيم لا اختلاف فيه ولا تناقض في لفظه ومعناه، وبيان دوره في أنه جاء لتبشير المؤمنين وإنذار العاصين.
  • لفت النظر إلى ما في الأرض من زينة وجمال وعجائب تدل دلالة واضحة على قدرة الله تعالى.
  • احتواء السورة على قصص من روائع قصص القرآن وأولها قصة أصحاب الكهف.
  • بيان لأمر النبي -صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم- بالتواضع، ومجالسة الفقراء المؤمنين، وعدم الفرار منهم إلى مجالسة الأغنياء لدعوتهم إلى الدين.
  • تهديد الله تعالى الكفار بعد إظهار الحق، وذكر ما أعده لهم من العذاب الشديد في الآخرة، وقارن ذلك بما أعده من جنات عدن للمؤمنين الصالحين.
  • ورود قصة موسى -عليه السَّلام- مع الخضر، كانت مثلًا للعلماء في التواضع خلال طلب العلم، وأنه قد يكون عند العبد الصالح من العلوم في غير أصول الدين وفروعه ما ليس عند الأنبياء، بدليل قصة خرق السفينة، وحادثة قتل الغلام، وبناء الجدار.
  • إيراد قصة ذي القرنين، فهي عبرة للحكام والسلاطين، حيث إن هذا الملك تمكن من السيطرة على العالم، ومشرق الأرض ومغربها، وبنائه السد العظيم بسبب ما اتصف به من التقوى والصلاح.
  • تضمنها لقصة أصحاب الجنتين، التي تتجلى بها المقارنة بين الغني المغتر بماله، والفقير المعتز بنفسه.
  • ذكر مثل الحياة الدنيا، لإنذار الناس بفنائها وزوالها. وتلاها إيراد بعض مشاهد القيامة الرهيبة من تسيير الجبال، وحشر الناس في صعيد واحد، ومفاجأة الناس بأعمالهم.
  • إيراد قصة إبليس وإبائه السجود لآدم، من أجل الموازنة بين التكبر والغرور، وما أدى إليه من طرد وحرمان، بالإضافة إلى تحذير الناس من شرِّ الشيطان، كما بيّن أنَّ العبودية لله والتواضع له.
  • بيان عناية القرآن بضرب الأمثال للناس لأخذ العظة والذِّكرى، وإيضاح مهام الرسل في الدعوة والإنذار، والتحذير من الإعراض عن آيات الله.
  • اختتام السورة بموضوعات ثلاثة؛ أولها: هو إعلان تبديد أعمال الكفار وضياع ثمرتها في الآخرة، وثانيها: البشرى للمؤمنين الذين عملوا الصالحات بالنعيم الأبدي الأخروي، وثالثها: فهو بيان أنَّ علم الله تعالى لا يحده حد ولا نهاية له.

فضل قراءة سورة الكهف

لسورة الكهف فضل عظيم وقد وردت أحاديث كثيرة على فضل قراءتها بشكل عام، وفضل قراءتها يوم الجمعة على وجه الخصوص؛ فعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه قال: “كانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ، وإلَى جانِبِهِ حِصانٌ مَرْبُوطٌ بشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وتَدْنُو وجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أصْبَحَ أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له فقالَ: تِلكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بالقُرْآنِ”[7] وجاء في صحيح الإمام مسلم: “مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ”،[8] وفيما يأتي فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة:

فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

لقد ورد في بعض الأحاديث استحباب قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها، فقد أُدرج في فيض القدير للمناوي ما يأتي: “يندبُ قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها”، كما نص عليه الشافعي، ومن الأحاديث التي وردت في ذلك:[9]

  •  قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين”.[10]
  • قيل في رواية عند الحاكم أنه -صلّى الله عليه وسلَّم- قال: “من قرأَ سورةَ الكهفِ كما نزلتْ كانت لهُ نورًا يومَ القيامةِ من مقامِهِ إلى مكةَ ومن قرأَ عشرَ آياتٍ من آخرِها ثم خرجَ الدجالُ لم يُسَلَّطْ عليهِ ومَن توضأَ ثم قال سبحانَكَ اللهمَّ وبحمدِكَ لا إلهَ إلا أنتَ أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ كُتِبَ في رِقٍّ ثم طُبِعَ بطابعٍ فلم يُكْسَرْ إلى يومِ القيامةِ”.[11]

تحدثنا فيما سبق عن سبب نزول سورة الكهف وفضلها، وفضل قراءتها وخاصةً يوم الجمعة، كما ذكرنا ما ورد من حديث النبي من أن حفظ عشر آيات منها يعصم من فتنى المسيح الدجال، فسورة الكهف سورة عظيمة تضمن العديد من الدروس والعبر التي لا بد لنا من ادراكها وفهمها الفهم الصحيح، والاطلاع على ما ورد من نفائس في تفسيرها.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , معنى كون سورة الكهف مكية ومتأخرة في النزول , 16-10-2020
  2. ^ islamweb.net , تاريخ نزول سورة الكهف المباركة , 16-10-2020
  3. ^ islamqa.info , حول صحة ما ورد أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكهف والروح وذي القرنين , 16-10-2020
  4. ^ al-maktaba.org , تفسير الإمام الشافعي/ تفسير الاية 24 من سورة الكهف , 16-10-2020
  5. ^ khaledalsabt.com , من قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} الآية 23 إلى قوله تعالى: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} الآية 26 , 16-10-2020
  6. ^ al-maktaba.org , التفسير المنير للزحيلي , 16-10-2020
  7. ^ صحيح البخاري , البراء بن عازب، البخاري، 5011، حديث صحيح
  8. ^ صحيح مسلم , أبو الدرداء، مسلم، 809، حديث صحيح
  9. ^ islamweb.net , قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة , 16-10-2020
  10. ^ كشاف القناع , أبو سعيد الخدري، البهوني، 2/23، إسناده حسن
  11. ^ إرواء الغليل , أبو سعيد الخدري، الألباني، 3/94، إسناده صحيح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *