عقوبة من يجادل بغير علم .. والفرق بين المجادلة المذمومة والمحمودة

عقوبة من يجادل بغير علم

ما هي عقوبة من يجادل بغير علم ؟ حيث قدر الله -سبحانه وتعالى- على الكافر منذ الأزل أن يجادل في الله بغير علم، حال كونه لاوي عنقه للإعراض عن الحق، والاستكبار، وقد قدر الله تعالى عليه ذلك حتى يجعله ضالًا مضلًا. وله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة في ذلك. وبذلك فإن الجدال بغير علم مذموم لما يتبعه من الآثار والمفاسد.

عقوبة من يجادل بغير علم

يعد إكثار الكلام من الأمور التي لا خير فيها، حيث أن كثرة الكلام تؤدي إلى زيادة الخطأ، فمن كثر كلامه كثر لغطه، وقد أخرج الإمام مالك في الموطأ أنه بلغه أن عيسى بن مريم عليه السلام كان يقول: “لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فتقسو قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، وإنما الناس مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية”.[1]

كما نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن المراء في الدين، والجدال في الدين ينبغي أن يكون بعلم، فإن جادل الإنسان بغير علم يكون عاصيًا قطعاً، فالله -سبحانه وتعالى- يقول: “قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ”.  [2] فالجدال بغير علم من أكبر الكبائر، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة قولهم: [الله أعلم] إذا اشتبه الأمر عليهم، فالإنسان خُلق جهولاً، وليس الجهل بحكم مسألة عيباً، بل إن العيب أن يجادل فيها بالباطل. وعلى الإنسان أن يسعى إلى التعلم، فلا يتكلم فيما لا يحسن، وقد كان أهل العلم يحرصون على رد العلم إلى الله سبحانه وتعالى في المسائل كلها.[1]

انواع الجدال المذموم

هناك أنواع متعددة للجدال المذموم أذكرها فيما يأتي: [3]

  • الجدال في الله بغير علم: هو أخطر أنواع الجدال على العباد وعلى الدين، ويكون من خلال رد ما أثبته الله لنفسه من الصفات، سواء بتأويل أو تشبيه أو تعطيل، وكذلك وصف الله -سبحانه وتعالى- بما لم يصف به نفسه بتجسيم أو تكييف، ومنه أيضًا نسبة ما ليس من دين الله إليه، مثل تحريم الحلال وتحليل الحرام وتحريم البحيرة، والسائبة، والوصيلة والحام.
  • الجدال في القرآن: من خلال الطعن في آيات الله بتتبع ما تشابه من آياته ابتغاء الفتن، وضرب القرآن بعضه بعضًا. وقد قال المناوي: “أي شك في كونه كلام الله كفر أو أراد الخوض فيه بأنه محدث أو قديم أو المجادلة في الآي المتشابهة المؤدى إلي الجحود فسماه كفرا باسم ما يخاف عاقبته”.
  • الجدال بالباطل لدحض الحق: وهو من الجدال المذموم، من خلال الجدل بالباطل لدحض الحق.
  • الجدال بغير علم: فقد قال ابن كثير رحمه الله: “هذا إنكار على من يحاج فيما لا علم له به، فإنَّ اليهود والنصارى تَحَاجوا في إبراهيم بلا علم، ولو تحاجوا فيما بأيديهم منه علْم مما يتعلق بأديانهم التي شرعت لهم إلى حين بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لكان أولى بهم، وإنما تكلموا فيما لم يعلموا به، فأنكر الله عليهم ذلك، وأمرهم بردّ ما لا علم لهم به إلى عالم الغيب والشهادة، الذي يعلم الأمور على حقائقها وجلياتها”
  • الجدال في الحق بعد ظهوره: من خلال دفع الحق والاعراض عنه.

الفرق بين المجادلة المذمومة والمحمودة

الجدال ينقسم إلى نوعين، جدال لإظهار الحق ودحض الباطل وهذا يرجى نفعه وتؤمن آفته، وهو جدال محمود، والقسم الآخر جدال بالباطل أو بغير علم وهذا لا يرجى نفعه أو تكون مفسدته أعظم من المصلحة فيه فهو جدال مذموم. [4]

والجدال إذا كان بقصد إظهار الحق ورد الباطل واتبع فيه الأسلوب الحسن وكان جداله بالتي هي أحسن، وكانت المصلحة من الجدال راجحة على مفسدته، وأمن المجادل العجب والفخر ونحوه من الآفات يعتبر جداله محمود، أما إن كان فيما لا ينفع أو كان قصد صاحبه الغلبة أو كان بالمخاشنة وبطريقة فظة، لا على الوجه المأمور به أو أن المجادل خشي ترتب مفسدة راجحة على مصلحته فهذا جدال مذموم.[4]

فضل ترك المجادلة

بين الانتصار للنفس وحظوظها والانتصار للحق شعرة دقيقة جداً، ولهذا هذا فإن فيها مدخلًا من مداخل الشيطان، فهو يثير من خلاله العداوات، وكذلك يقطع المودات، وربما حمل كل من المتجادلين على الانتصار لرأيه حتى إن كان باطلاً، ودفع رأي الخصم وإن كان محقاً فإن علاج ذلك ترك الجدال والمراء حتى لو كان المجادل يرى نفسه على حق ومن فعل هذا فقد ضمن له النبي صلى الله عليه وسلم بيتاً في ربض الجنة.[3]

فعَنْ أَبِى أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” أنا زعيمٌ ببَيْتٍ في رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَن ترَك المِراءَ وإنْ كان مُحِقًّا، وببَيْتٍ في وسَطِ الجَنَّةِ لِمَن ترَك الكَذِبَ وإن كان مازحًا، وببَيْتٍ في أعلى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُه”.[5]

ذكرنا فيما سبق عقوبة من يجادل بغير علم ، كما بينا الفرق بين الجدال المذموم والمحمود وأهم أقسام الجدال المذموم وما يترتب عليه من المفاسد، كما تطرقنا لذكر فضل ترك الجدال المذموم.

المراجع

  1. ^ ar.islamway.net , ذم الجدال وكثرة الكلام , 30/10/2020
  2. ^ سورة الأعراف , الآية 33
  3. ^ alukah.net , أقسام الجدال المذموم وفضل تركه , 30/10/2020
  4. ^ islamweb.net , الفرق بين المجادلة المذمومة والمحمودة , 30/10/2020
  5. ^ تحقيق رياض الصالحين , أبو أمامة الباهلي، النووي، 264، صحيح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *