ما سبب غزوة مؤتة

ما سبب غزوة مؤتة

ما سبب غزوة مؤتة، وهي إحدى الغزوات التي حدثت في عهد النبيّ عليه الصلاة والسّلام، وكانت الدوافع والأسباب الرئيسة في غزوات الرسول صلّى الله عليه وسلّم هي رد عدوان من كانوا يكيدون للدولة الإسلامية ويحاربونها، ويعدّون العدة للقضاء عليها، وتأمين المؤمنين الذين يحاول الكافرون فتنتهم عن دينهم، ومن الأسباب أيضًا الدفاع عن الوطن، والدين، والأهل، والنفس، وحماية الدعوة الإسلامية حتى تصل إلى الناس كافة، وتأديب من ينكثون عهودهم، والجهاد نوعان، جهاد طلب، وجهاد دفع.

ما سبب غزوة مؤتة

إنّ سبب غزوة مؤتة هو مقتل رسول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى قيصر الروم، فقد اتبع النبي صلى الله عليه وسلم كافة الأساليب من أجل نشر الإسلام وإبلاغه إلى الناس أجمعين ومنها مكاتبة الملوك والأمراء والأباطرة والقياصرة في كافة الأنحاء داعيًا إياهم إلى الإيمان بالله وحده ونبذ ما هم عليه من الكفر، فأراد النبي الكريم إرسال تلك الرسالة الدعوية إلى قيصر عظيم الروم فاختار لتلك المهمة الصحابي الجليل الحارث بن عمر الأزدي، وفي الطريق اعترضه عاملٌ من عُمّال قيصر الروم في بلاد الشام يُدعى شرحبيل بن عمرو الغسّاني واقتاده معه مكبلًّا بأصفاده ثم قتله، وتعتبر جريمة قتل الرُّسل والمبعوثين والسفراء من أكثر الجرائم بشاعةً وإيذانًا بإعلان الحرب على الجهة القاتلة وهذا ما حدث فعلًا، إذ قرر الرسول صلى الله عليه وسلم الحرب على قاتلي سفيره إلى قيصر الروم وكان القرار بغزوة مؤتة.[1]

شاهد أيضًا: ما هي اخر غزوة غزاها الرسول

أحداث غزوة مؤتة

بعد معرفة النبيّ عليه الصلاة والسّلام بأنّ رسوله قد قُتل، أمر بتجهيز جيش من ثلاثة آلاف مقاتل، وعين زيد بن حارثة قائدًا على الجيش، وإن قُتل يستلم القيادة جعفر بن أبي طالب، فإن قُتل جعفر فيأخذ القيادة عبد الله بن رواحة، وأمرهم أن يذهبوا حيث قُتل الحارث، ويعرضوا الإسلام على الناس فإن رفضوا الدخول فيه أن يقاتلوهم، وأوصاهم عليه الصلاة والسلام قائلًا: ” اغزوا باسم الله وفي سبيل الله وقاتلوا من كفر بًالله اغزوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا”، وعندا انتهى تجهيز الجيش التف الناس حول المجاهدين لوداعهم وعلى وجه الخصوص القادة الثلاثة الذين عينهم نبي الله على الجيش، نظر الناس لهم نظرة الفراق الأخيرة وانطلق الجيش.[2]

انطلق الجيش نحو الشمال ونزلوا بمعان في الشام، ولكن المسلمين لم يواجهوا جيوش الروم من قبل، ولم يقاتلوا أعدادًا هائلة من الجند كأعداد جنود الروم، فاجتمعوا وتشاوروا في أمر القتال واقترحوا بأن يكتبوا لرسول الله أن يجمع المزيد من الجند ويبعث إليهم بالمدد، لكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأي وشجعهم على متابعة المسير نحو الهدف المنشود من هذه الغزوة حيث قال: “يا قوم والله إن التي تكرهون لَلَّتِي خرجتم تطلبون، الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة”، واستقر الرأي على ما قاله عبد الله بن رواحة، ومضى المسلمون للقاء العدو والتقوا بجموع الروم في قرية من قرى البلقاء تُدعى شارف، وعسكر المسلمون في قرية مؤتة التي كانت فيها معركة مؤتة، وتجهزوا للقتال فكان في ميمنة الجيش قُطبة بن قتادة العُذري، وعلى ميسرة الجيش عبادة بن مالك الأنصاري، وفي مؤتة التقى الجيشان وبدأ القتال بين المسلمين والروم ، ثلاثة آلاف مقاتل مسلم يواجهون مائتي ألف مقاتل من الروم، وبدأ القتال واستلم راية المسلمين زيد من حارثة وقاتل بكلِّ شجاعة وبقي يقاتل حتى أصابته رماح الروم وسقط شهيدًا رضي الله عنه، وأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وقاتل بضراوة وشجاعة فهاجمه أحد جنود الروم وضربه ضربةً قطعت يده اليمنى، فحمل الراية بشماله، وظلَّ يحملها حتى قُطعت شماله، فأخذها بعضديه، ولم يزل حاملًا لراية الإسلام حتى قُتل رضي الله عنه، وأصبح من بعد ذلك رضي الله عنه ذا الجناحين فقد أبدله الله بذراعيه جناحين في الجنة، وقِيل عنه جعفر الطيار، وبعد استشهاد جعفر استلم الراية عبد الله بن رواحة وقاتل حتى قُتِل رضي الله عنه.[2]

بعد مقتل عبد الله بن رواحة أخذ الراية رجل يُدعى ثابت بن أقرم، وقال: “يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم”، فطلب منه المسلمون أن يستلم القيادة فرفض، فاستقر رأي الناس على خالد بن الوليد فأخذ الراية وقاتل مع الجنود بكلِّ شجاعة وبسالة، ولكن القوة بين المسلمين والروم غير متكافئة ومهما كانت شجاعة المسلمين فلن يحصل الانتصار لثلاثة آلاف أمام مائتي ألف، ففكر خالد بن الوليد في طريقة لينسحب مع جيش المسلمين بسلام، ويعود إلى المدينة، رأى بأن يعمل على إثارة الخوف في قلوب الرومان، حتى يستطيع الانسحاب دون أن يطارده جيشهم، فأمر مجموعة من المسلمين في اليوم الثاني بأن يثيروا الغبار خلف الجيش، وأن يطلقوا ألسنتهم بالتكبير والتهليل وبدل الرايات وبدل أوضاع الفرق في الجيش، فلما رأى الروم هذه المجموعة ظنّوا أنّ المدد جاء للمسلمين، فأصابهم الرعب، وبدأ القتال بين الجيشين حتى وصل الروم إلى خيمة قائدهم، فأخذ خالد يتراجع بالمسلمين رويدًا رويدًا بطريقة منتظمة، ولم يطارده الرومان ظننًا منهم بأنها مكيدة من المسلمين، لإيقاعهم بكمين ما، كان خالد في هذه الأثناء قد انسحب مع جيشه عائدًا إلى المدينة المنورة، وعاد الروم إلى بلادهم بعد أن اكتشفوا أن المسلمين قد انسحبوا من بينهم بأمان.[2]

شاهد أيضًا: متى وقعت غزوة بدر وما سببها وأحداثها ونتائجها

الدروس المستفادة من غزوة مؤتة

خاض المسلمون في غزوة مؤتة معركة فاصلة في تاريخ الإسلام، فهي أول معركة حدثت بين المسلمين والروم وحقّق فيها المسلمون غايتهم بتوجيه ضربةٍ قاسية للإمبراطورية الرومانية والتي كانت تعدّ واحدة من أقوى إمبراطوريتين في العالم في ذلك الوقت، ورغم قلة عدد المسلمين إلا أنَّهم كبَّدوا الروم وأتباعهم خسائر كبيرة ورجعوا سالمين إلى المدينة المنورة، فكانت غزوة مؤتة من المعارك التي حملت الكثير من الدروس والعبر والتي يصعب حصرها في بضعة أسطر، وفيما يأتي سيتمُّ ذكر بعض أهم الدروس والعبر المستفادة من غزوة مؤتة:[3]

  • لقد بيَّنت غزوة مؤتة القوة والبسالة التي كان يتحلى بها المسلمون والتي يجب أن يتحلوا بها على الدوام، فقد وصلوا إلى مستوى عالٍ من التضحية التي لا مثيل لها، حيث صمدَ ثلاثة آلاف مقاتل مقابل مئتي ألف مقاتل من الروم ومن ومعهم صمودًا أسطوريًّا، ولم يكتفِ جيش المسلمين بالصمود لكنَّه لقَّن الكافرين درسًا قاسيًا بعد أن قتلوا الرسول الذي بعثه رسولُ الله إليهم وغدروا بالمسلمين.
  • النصر بيد الله تعالى وحده، ورغم أهمية العدد والعدة لكنَّ الأساس هو الإيمان بنصر الله تعالى والتوكل عليه والاعتماد عليه بالكلية بغضِّ النظر عن التجهيزات المادية.
  • وتشيرُ هذه الغزوة إلى أنَّ الأمَّة الإسلامية أمَّة ولَّادة حيَّة، كتبَ الله عليها أنها لا تموت ولا تفنى، فقد عيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةُ أمراء على الجيش بالتناوب كلما قتل واحد خلفه الذي يليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أصيب زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة”، وبعد أن قتل الثلاثة لم يعدم المسلمون قائدًا فذًّا يقودهم إلى برِّ الأمان فاجتمعوا على خالد بن الوليد رضي الله عنه وكان نعم القائد، فكلما مات من المسلمين قائدٌ خرج قائد وهكذا، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لن يبرح هذا الدين قائمًا يقاتل عليه عِصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة.
  • ومن الدروس المستفادة أيضًا من غزوة مؤتة أن علاقة المسلمين يجب أن تبقى مع الله تعالى، لا أن يتعلق المسلمون برسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من البشر، لذلك لم يخرج معهم رسول الله بل جهَّزَ الجيش وبقي في المدينة، لأنَّه يريد منهم أن يوثِّقوا علاقاهم مع خالقهم جل وعلا.
  • على المسلمين دائمًا أن يكونوا على مستوى التضحية، فيمكن أن نستخلص دروسًا في التضحية والفداء والشجاعة من غزوة مؤتة ومن باقي الغزوات الإسلامية، وعلى المسملين أن يسيروا على خطى أولئك الرجال الصادقين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.

وهكذا نكون قد أجبنا على السؤال ما سبب غزوة مؤتة، وهي اللقاء الأول بين جيش المسلمين وجيش الروم، وتعدّ هذه المعركة بدايةً للفتوحات الإسلامية في أرض الروم.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com , غزوة مؤتة , 22-06-2021
  2. ^ alukah.net , معركة مؤتة , 22-06-2021
  3. ^ alukah.net , دروس وعبر من غزوة مؤتة , 22-06-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *