ما هي المذاهب الاربعه

ما هي المذاهب الاربعه

ما هي المذاهب الاربعه هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، حيث قسّم الدّين الإسلاميّ الحنيف إلى مذاهب مختلفة من بعد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يسير على نهج أئمتها المسلمون، وهذه المناهج لا تخرج عن ضوء فهم الكتاب والسنّة النبويّة الشريفة والاختلاف بين هذه المذاهب يكون بطريقة لا تمسّ الدّين الحنيف ونهجه القويم، ويهتمّ موقع محتويات عبر هذا المقال ببيان ما هي المذاهب الأربعة وذكر تاريخ ظهورها وتقديم نبذة مختصرة عن كلّ مذهب.

المذاهب الفقهية الإسلامية

قبل كلّ شيء وقبل الخوض في بيان ما هي المذاهب الأربعه لا بدّ من التعريف بماهيّة المذاهب الفقهية الإسلاميّة، حيث مرّ الفقــه الإسلامــيّ بالعديد من مختلف المراحل والأدوار التي أدّت إلى ظهور المذاهب المختلفة في مطلع القرن الثاني الهجري، حيث اجتهد الأئمة العظام وأسسّوا مذاهبهم الفقهيّة الخاصّة بهم بناءً على ما فهموه من الأحكام الفقهيّة في ضوء الكتاب الكريم والسنّة النبويّة الشريفة.

شاهد أيضًا: من المذاهب الأربعة التي اشتهر عندهم الفقه الإفتراضي

ما هي المذاهب الاربعه

إنّ المذاهب الاربعه هي المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبليّ، حيث نسبت هذه المذاهب بتسمياتها إلى الأئمّة الأربعة المتبوعين في مذاهبهم، وهم من المسلمين الذين عرفوا بعلمهم الوفير وفضلهم الكبير، وكانوا ذوي ورعٍ وأصحاب دين، والتفّ النّاس من حولهم لطلب العلم والتفقّه في الدّين، فدوّنوا آراءهم وتفاسيرهم وشرحهم، وبذلك عرفت تلك المذاهب بالنسبــة إليهم.[1]

المذهب الحنفي

وهو المذهب الذي نشأ على يد الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت التيمي الكوفي -رحمه الله- وهو أحد الفقهاء وأهل العلم من العراق، والذي ولد على حياة صغار الصحابة الكرام، واجتمع بالصحابيّ الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- في الكوفة، والمذهب الحنفيّ هو أحد المذاهب الأربعــة المشهورة التي يتبعها المسلمون في كلّ مكان، وهو أوّل المذاهب إنشاءً بين البقيّة، وأمّا عن الرأي والقيــاس فلم يأخذ عن هواه وما تشتهيه نفسه، إنّما كان مبنيًّا على الدليل والقرائن ومتابعة الأصول الشرعية العامة.[2]

المذهب المالكي

كذلك المذهب المالكي من المذاهب الأربعة في الفقه الإسلامي، ويعدّ الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- هو الإمام المؤسس لهذا المذهب، فقد انتشر هذا المذهب في آفاق الأمّة الإسلاميّة بجهود تلامذة الإمام المجتهد، ويقول الدكتور عبد الكريم زيدان في هذا المذهب:[3]

جماع أصول مذهب مالك – بناء على ما صرح به أو أشار إليه أو استنبطه فقهاء المذهب من الفروع المنقولة عنه ، والآراء المدونة في موطئه – هي – أي هذه الأصول – كما صرح بها الإمام القرافي المالكي : الكتاب ، السنة ، الإجماع ، إجماع أهل المدينة ، القياس ، قول الصحابي ، المصلحة المرسلة ، العرف والعادات ، سد الذرائع ، الاستحسان ، الاستصحاب .

ومن هذه الأصول يتبين لنا خصوبة المذهب وسعته ، وإمكان تخريج الأحكام على أصوله الملائمة لكل عصر ومكان ، لا سيما على أصل المصلحة المرسلة الذي سيطر على جميع فقه مالك في كل المسائل التي لا نص فيها ، حتى قرن اسم المصالح المرسلة بمذهب مالك . كما أنه يتبين لنا من كثرة هذه الأصول مقام الإمام مالك في فقه الرأي ، فقد اشتهر به على خلاف المعهود من فقهاء مدرسة الحجاز ، وأكثر من الأخذ بهذا الأصل حتى صار قوام اجتهاده بالرأي يقوم على أساس المصلحة . وربما أخذ بالقياس أو المصلحة وترك خبر الآحاد بناء على أن مخالفة الخبر للمصلحة ، أو للقياس الثابت المبني على قواعد الشريعة – دليل على ضعف الخبر وعدم صحته ، ومن ذلك عدم أخذه بخبر المصراة لمخالفته – في نظره – للقياس القطعي المبني على قواعد الشريعة الثابتة.

المذهب الشافعي

كذلك الخوض في بيان ما هي المذاهب الاربعه يقتضي التعريف بالمذهب الشافعي، فهو ما كان من الاجتهادات في الأصــول والفــروع من الإمام الشافعي رحمه الله، حيث ضمن تلاميذه نقل الجهود العلميّــة التي بذلها في الفقه والأصول والقواعد التي قدّمها بناءً على ما فهمه وفسّره في ضوء الكتاب الكريم والسنّة النبويّة الشريفة، والإمام الشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع، كنّي بأبي عبد الله المطلبي الشافعي، عالم العصر وناصر الحديث فقيه الملّة، ولد في مديتة غزّة في دولة فلسطين، ونشأ وترعرع في مكّة المكرّمة.[4]

شاهد أيضًا: اين ولد الامام الشافعي

المذهب الحنبلي

أمّا عن المذهب الحنبلي فهو ما نقل عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله من القياس والرأي في ضوء الكتاب الكريم والسنّة النبويّة الشريفة، وقد سمّي أتباع هذا المذهب بالحنابلة، نسبةً لاسم المذهب الأساسيّ، وكان الحنابلة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحاربون البدع، فوقفوا في وجه الروافض والمعتزلة والأشعرية، وعرف عنهم أنّهم كانوا من أشدّ النّاس التزامًا بالنصّ الشرعيّ، وقال فيهم شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله:[5]

وَالْعَجَبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ إذَا اُحْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ مِنْ الصِّفَاتِ قَالَ : قَالَتْ الْحَنَابِلَةُ : إنَّ اللَّهَ : كَذَا وَكَذَا بِمَا فِيهِ تَشْنِيعٌ وَتَرْوِيجٌ لِبَاطِلِهِمْ وَالْحَنَابِلَةُ اقْتَفَوْا أَثَرَ السَّلَفِ وَسَارُوا بِسَيْرِهِمْ وَوَقَفُوا بِوُقُوفِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ.

شاهد ايضًا: اين ولد الامام احمد بن حنبل

تاريخ ظهور المذاهب

بعد بيان ما هي المذاهب الاربعه على أنّها الأحمديّة أو الحنبليّة إشارةً إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، والشافعيّة إشارةً إلى مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله، والمالكية إشارةً إلى مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله، والحنفيّة نسبةً إلى مذهب النعمان بن ثابت أبي حنيفة رحمه الله تعالى، لا بدّ من بيان متى ظهرت هذه المذاهب، حيث انتشرت مع بداية القرون المتأخرة، فقد ظهرت في غالبيتها مع بداية القرن الثالث الهجريّ، فيما عدا مذهب أبي حنيفة ومذهب المالكية فقد ظهرا في القرن الثاني للهجريّ، والله ورسوله اعلم.[6]

أسباب الاختلاف بين المذاهب الأربعة

أمّا عن أسباب الاختلاف بين المذاهب الفقهية الأربعة ورد فيه العديد من الأقوال والأسباب نذكر منها ما يأتي:[7]

  • ما قاله العلامة بدر الدين الزركشي: “اعلم أن الله تعالى لم ينصب على جميع الأحكام الشرعية أدلة قاطعة؛ بل جعلها ظنية قصداً للتوسيع على المكلفين لئلا ينحصروا في مذهب واحد لقيام الدليل عليه”.
  • كما قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: “اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة”.
  • وفي ذلك قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “إن مجموع سنة رسول الله من أقواله وأفعاله وإقراره لا يوجد عند رجل واحد أبداً، ولو كان أعلم أهل الأرض، فإن قيل: فالسنة قد دونت وجمعت وضبطت وصار ما تفرق منها عند الفئة الكثيرة مجموعاً عند واحد، قيل: هذه الدواوين المشهورة في السنن إنما جمعت بعد انقراض عصر الأئمة المتبوعين، ومع هذا فلا يجوز أن يدعى انحصار سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دواوين معينة، ثم لو فرض انحصار السنة في هذه الدواوين فليس كل ما فيها يعلمه العالم، ولا يكاد يحصل ذلك لأحد أبداً؛ بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة وهو لا يحيط علماً بما فيها، بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين كانوا أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير لأن كثيراً مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول أو بإسناد منقطع أو لا يبلغنا بالكلية، وكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين”.
  • كما قال ابن القيم: “اشتراط بعضهم في خبر الواحد العدل شروطاً يخالفه فيها غيره، كاشتراط بعضهم أن يكون فقيها إذا خالف ما رواه القياس، واشتراط بعضهم انتشار الحديث وظهوره إذا كان مما تعم به البلوى”.

أدب الاختلاف بين أصحاب المذاهب

كذلك الخوض في بيان ما خي المذاهب الاربعه يدفع إلى الحديث عن أدب الاحتلاف بين أصحاب المذاهب، حيث  إنّ الشريعة الإسلاميّة لم تمنع الاختلاف، وذلك ما أخذناه عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمّا أقرّ الصحابة يوم بني قريظة، ولم يعنّف أيًّا منهم على اجتهاده في الأمر، وفي ذلك روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: “قَالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الأحْزَابِ: لا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلَّا في بَنِي قُرَيْظَةَ. فأدْرَكَ بَعْضُهُمُ العَصْرَ في الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا نُصَلِّي حتَّى نَأْتِيَهَا، وقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذلكَ، فَذُكِرَ ذلكَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ واحِدًا منهمْ“.[8] وهو من الدلائل على أنّ الاختلاف سيقع لا محالة في مسائل تختلف فيها الأفهام والمــدارك، وعلى ذلك فإنّ الاختلاف بين الأئمة لم يكن سببًا في إثارة العداوة فيما بينهم، ولم يفرقهم الخلاف بل كان سببًا في عزّتـهم ونماء فكرهــم، ومن صور الأدب في علاقاتهم فيما بينهم:[9]

  • قال الإمام الشافعي حينما زار قبر الإمام أبي حنيفة رحمه الله: 

لقد زان البلاد ومن عليها    إمام المسلمين أبو حنيفة
بأحكامٍ وآثار وفـقـهٍ            كآيات الزبور على الصحيفة
فما بالمشرقين له نظير     ولا بالمغربيـن ولا بكوفة
فرحمة ربنا أبداً عليه        مدى الأيام ما قرئت صحيفة

  • كما قال الإمام أحمد بن حنبل عن الإمام الشافعي:

ما صليتُ صلاة منذ أربعين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي. فيقول له ابنه عبدالله: أي رجل كان الشافعي حتى تدعو له هذا الدعاء؟ قال: يا بني: كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن، فانظر هل لهذين من خلف؟

  • كذلك قال الشافعي في الإمام مالك:

إذا ذُكر العلماء فمالك النجم. ويقول: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة.

سبب اعتماد المذاهب الأربعة دون غيرها في الإسلام

إنّ سبب انتشار المذاهب الأربعة بين المسلمين دون سواها هو أنّ الخالق عزّ وجل رزق أتباع الأئمة الأربعة تلامذة لهم ينقلون كلّ ما فسّروه وعلموه لهم من الفقه باستفاضة، وكان ذلك مقبولًا من الأمّة الإسلاميّة، واعتبرتهم أهل السنّة والجماعة مذاهب رسميّة لها لقبول الأمّة كلها لها، ولأنّها متفقة في الجملة على أصول الشريعة الإسلاميّة، والله تعالى أعلم.[10]

الحكمة من الاختلاف في المذاهب الأربعة

كذلك الخوض في بيان ما هي المذاهب الاربعه يدفع إلى ذكر الحكمة من الاختلاف في المذاهب، حيث بيّن أهل العلم أنّ الاختلاف الفقهي سنّة من سنن الله -عزّ وجلّ- في خلقه، وقد ورد أنّ الاختلاف كان كذلك بين الأنبياء، كما أخبرنا الله عزّ وجل عن نبيّ الله دواد ونبي الله سليمان عليهما السلام في الغنم التي أكلت حرث القوم، قال تعالى في سورة الأنبياء: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمً}،[11] وكذلك اختلف الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ومن بعده أئمة السلف الصالح.[12]

ما هي المذاهب الاربعه مقالٌ فيه تمّ ذكر نبذة مختصرة عن المذاهب الفقهية الأربعة، كما قدّم المقال بعض المعلومات التي تخصّ تاريخ ظهورها والأسباب والحكمة في الاختلاف الفقهي لدى أئمة المسلمين.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , تعريف بمذاهب أهل السنة الفقهية الأربعة , 22/01/2022
  2. ^ islamqa.info , نبذة عن مذهب الإمام أبي حنيفة , 22/01/2022
  3. ^ islamqa.info , أقوال العلماء في خصائص مذهب المالكية , 22/01/2022
  4. ^ alukah.net , التعريف بالشافعية ومؤلفاتهم , 22/01/2022
  5. ^ islamqa.info , نبذة مختصرة عن الحنابلة وتاريخهم , 22/01/2022
  6. ^ binbaz.org.sa , صحة المذاهب الأربعة وتاريخ نشأتها , 22/01/2022
  7. ^ islamweb.net , الاختلاف في الأحكام الشرعية... حكمته..وأسبابه , 22/01/2022
  8. ^ صحيح البخاري , البخاري/عبد الله بن عمر/4119/صحيح
  9. ^ aliftaa.jo , أدب الاختلاف .. وفوضى الواقع , 22/01/2022
  10. ^ alukah.net , سبب اعتماد المذاهب الأربعة دون غيرها , 22/01/2022
  11. ^ سورة الأنبياء , الآية 78،79
  12. ^ islamweb.net , الاختلاف الفقهي سنة من سنن الله في خلقه , 22/01/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *